دار الشعر بمراكش تفتح ديوانها الخامس
نظمت دار الشعر بمراكش لقاء خاصا، احتفاء بالذكرى الخامسة لتأسيسها، مؤخرا بأحد القاعات الفندقية بمدينة مراكش. وشارك في هذا اللقاء، ثلة من الشعراء والنقاد والإعلاميين المغاربة في سعي لاستقصاء تجربة دار الشعر والشعراء، وتمثل استراتيجيتها وعرض لإحصائيات ومعطيات تخص برمجتها الشعرية والثقافية خلال الخمس سنوات الماضية، وتقديم رؤى وتصورات تستشرف المستقبل .دار الشعر بمراكش، والتي تأسست بتاريخ 16 شتنبر 2017، بموجب بروتوكول تعاون بين وزارة الثقافة والاتصال بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة بحكومة الشارقة، تشكل نموذجا حيا للتعاون الثقافي الخلاق، وجسر ممتد لإعطاء الشعريات المغربية والعربية، دينامية الحضور وألق التفكير والسؤال.
وشهد هذا اللقاء الاحتفائي، تقديم الناقدة الدكتورة حورية الخمليشي للدرس الافتتاحي، الخاص بالموسم الحالي الجديد، حول موضوع “الشعر وحوارية الفنون: من خلال تجربة دار الشعر بمراكش”، تلاها تقديم شهادات ومداخلات لنخبة من النقاد والشعراء والاعلاميين: الناقد الدكتور اسلمية أمرز، الشاعر اسماعيل زويريق، الإعلامية والشاعرة فتيحة النوحو. ليختتم اللقاء بعرض “معطيات وإحصائيات”.. حول تجربة دار الشعر بمراكش (2017-2021)” قدمه الشاعر والإعلامي عبد الحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، ومداخلة للأستاذ رشيد المسطفى، قسم التعاون الثقافي بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، قطاع الثقافة، وفيديو ضم شهادات لمجموعة من الشعراء والنقاد والفنانين والإعلاميين والمثقفين من مختلف أنحاء المغرب والعالم العربي .
ويمثل هذا اللقاء، الانطلاقة الفعلية للبرنامج الشعري الخامس لدار الشعر بمراكش، بعدما أعلنت عن “دخولها الثقافي المبكر” من خلال فقرة “الأبواب المفتوحة” (بين 6 و16 شتنبر) . لقد اختارت الدار، منذ تأسيسها بأيقونة المدن الكونية مراكش، أن ترسخ استراتيجيتها الخاصة من خلال التركيز على خطين أساسيين: وظيفة الشاعر ودوره في النسق الثقافي العام، وحضور الشعر ضمن المنظومة الاجتماعية والثقافية. خطان موازيان يرسمان، ومن خلال البرمجة الشعرية الغنية، جزء من هذا الزخم الإبداعي والنقدي، في مغرب ثقافي مليء بالتحولات. كما يمثلان رافدا أساسيا للاقتراب من غنى التجربة الشعرية المغربية، بزخم متعدد (فصيحاً، زجلاً، أمازيغية، وحسانية)، وأيضا بما تطرحه من أسئلة وقضايا تهم الخطاب النقدي الشعري.
الناقدة حورية الخمليشي تستقرئ الشعر وحوارية الفنون من خلال تجربة دار الشعر بمراكش
توقفت الناقدة الدكتورة حورية الخمليشي، عند موضوع “الشعر وحوارية الفنون”، من خلال تمثلها لتجربة دار الشعر بمراكش، والتي هنأتها على “النجاح والتميّز في نشر الثقافة الشعريّة على نطاق واسع في زمن تسوده قِيَم لاشعريّة، وعلى طرح السؤال الشعري في الفكر والفلسفة والمشترك الإنساني زمن انهيار القيَم الإنسانيّة. وبانفتاح الدار على مختلف التجارب الشعريّة وخاصة فئة الشباب. كما فتحت الدار الأبواب للشعر من خلال فعاليات الأبواب المفتوحة لتوسيع دائرة الشعر بين المتلقّين، وانفتاح الشعر على الفنون من خلال العديد من البرامج التي قدمتها دار الشعر، والتي تجمع بين الشعر والفنون المجاورة كالتشكيل والمسرح والسينما والموسيقى وغيرها من أنماط الفنون”. فعبر العديد من برامجها الشعرية والثقافية، استطاعت الدار أن تفتح هذا البعد الحواري والتواشج الخلاق بين الشعر والفنون (التشكيل والمسرح وفن “الحلقة”)، ومن خلال فقرات انفتحت من خلالها على الفنون الأدائية. وركزت الناقدة الخمليشي على بعض الاجتهادات النظرية، في هذا الباب، فيما يفيد من التقاطعات الممكنة بين العوالم التخييلية الشعرية والفنية.
وإذا كان “الشعر ضرورة جمالية يلبي حاجاتنا الإنسانية الوجدانية الكونية، فالشعر رئة العالم، بتعبير أدونيس”، لذلك تعود الإنسانية “إلى صوت الشعر لتأصيل وشائج الأخوّة الإنسانيّة. لأن الشعر يحمل دائماً هموم الإنسانيّة ويسعى إلى نشر ثقافة السلام والتعايش بين الناس.. فالشعر هو محاولة إعطاء مفهوم لمعنى العالم، ومقاومة ودعوة لأنسنته”.
إن التواشج بين الشعر والفن، تؤكد الناقدة الخمليشي، “نابع من تعبير كلّ منهما عن تجارب إنسانيّة وعن المشترك الإنساني الذي يتجاوز الحدود الزمانيّة والمكانيّة، فكلاهما تمثّلٌ للعالم. يقول محمد مفتاح: “الشعر مسرح إذا حضر المتلقي وَعَايَن الشاعر المُنْشِد، والشعر شريط إذا شاهده المتلقي، ولم يحضر الحفل، والشعر موسيقى غنائية أمام جمهور متحمس، والشعر تشكيل ورسم وهندسة ونحت، حينما يكون مسطوراً على الصفحة، أو منقوشاً على البناء، أو مرقوماً على الثياب والأنسجة”.
وهذا التجاور والتفاعل بين الشعر والفن “تجاورٌ قديمٌ نجده في الشعريّات الكبرى كالشعريّات اليابانيّة والصينيّة والهنديّة والفارسيّة والأوروبيّة. أما التاريخ العربي الإسلامي فقد عرف أعمالاً فنيّة باذخة خاصة فن المنمنمات التي تُعرف قديما بالتزاويق. وهو فنٌّ عرفته الحضارات القديمة كالهنديّة والفارسيّة. وأول كتاب رافقته رسوم المنمنمات هو كتاب كليلة ودمنة. وعرف مرحلة زاهيّة مع التحديث الشعري، والحركة الرومانسيّة.
وعلاقة الشعر بالفن التشكيلي “من أكثر القضايا جدلاً في النقد الحديث. لكن لا يجب الخلط بين الكتابي والبصري. فالفيلسوف الألماني ليسينغ أوّل من أثار الانتباه للعلاقة بين الفن التشكيلي وفن الشعر”. إن العلامات البصرية، “كما يرى سعيد بنكراد، لا تقدم لنا تمثيلا محايدا لمعطى موضوعي منفصل عن التجربة الإنسانية، فالوقائع البصرية في تنوعها وغناها تشكل ” لغة مسننة”، أودعها الاستعمال الإنساني قيما للدلالة والتواصل والتمثيل”.
ويرى ضياء العزاوي أن “الشعر نصاًّ بصرياً”، يخلق حاضره خارج الماضي ليكون بديلاً بصرياً معاصراً. يقول عن رسمه للمعلقات السبع “هناك تضاد المعلقات كرسوم للمعلقات كشعر. المعلقة المرسومة، موضع توسطي بين طرفي المشاهد البصريّة والذاكرة اللغويّة. لكن هذا التوازن لا يستمر حتماً، إذ تأتي حركة الشكل والكلمات المتناثرة الخاليّة من سياقها اللغوي، لتخلق تعبيراً يلغي التوازن ويكون هو البديل البصري المكوّن من عناصر المعلقة المرسومة «الكلمات، الأشكال، الرموز». هكذا يمكن للمعلقات أن تخلق حاضرها خارج ماضي القصيدة وتفاصيلها اللغويّة، لتصبح إشارة بصريّة معاصرة”.
إن تجاور الشعر والفن في الشعر العربي والغير العربي يحتوي على نفحة من الجمال المطلق. وقد نجح العديد من الفنانين التشكيليّين في نقل الجّو الشاعري من القصيدة إلى اللوحة، كما نقلها فنانون آخرون إلى خشبة المسرح والسينما والموسيقى وغيرها. وشعر محمود درويش مصدر إلهام للعديد من اللوحات التشكيليّة والرسومات والعروض المسرحيّة والسينمائيّة والموسيقيّة، لا يسع الحديث عنها في هذه المداخلة.
وفي زمننا اليوم لم تعد المتاحف والمعارض تقتصر على الحفظ والتوثيق والعرض بل تقدّم لقاءات بين شعراء وفنانين. إن حداثة القصيدة العربيّة، رهينة بمدى انفتاحها على شعريات العالم وعلى الفنون. فبين الشعري والفني تحضر القصيدة ويحضر الفن بكل أنواعه. فقد تحدث النقاد عن تشكيل القصيدة، وعن سينمائيّة الشعر، ومسرحة الشعر، ونحت القصيدة ورسمها على الجدران والقصور والمآثر، وعن السمفونيات والمقطوعات الموسيقيّة العالميّة المستوحاة من لغتها. وهكذا يمكن أن لا تكون حدودا للفن كما لا حدود للشعر.
متوج الشارقة الشاعر إسماعيل زويريق يشيد بمبادرة تأسيس بيوت الشعر العربية
أكد الشاعر اسماعيل زويريق، أن دار الشعر بمراكش تأتي في سياق المبادرة الخلاقة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. الدار، منذ تأسيسها سنة 2017، “وضعت نصب عينيها دعم الثقافة العربية بكل مكوناتها الإبداعية، بالأخص منها ما يتعلق بديوان العرب، وأيضا، ومن خلال برامجها الوارفة لا تعكس إلا ما تحمله من أفكار بانية، لنشر كل ما يتعلق بالشعر إبداعا ونشرا وتحليلا ونقدا. دار الشعر بمراكش محطة مهمة “من المحطات التي أعطت للقصيدة ألقا جديدا يتجاوز كل تصور ينبني على التكرار. لقد استطاعت الدار أن تتفرد، “بما لا يسعف سواها أن يكون”، وقد ساعدها على ذلك أن مراكش هي مدينة الشعر بامتياز. فأول شاعر مغربي أخرج ديوانه سنة 1936 (الشاعر عبدالقادر حسن)، أول شاعرة عرفها الشرق من هذه المدينة، الشاعرة مليكة العاصمي، وأول شاعر مشهور عربيا هو شاعر الحمراء، وأول شاعر ناضل وقاوم الاستعمار بالقافية هو الحبيب الفرقاني”.
وإذا كانت الشارقة قد خططت لمشروع شعري كبير، فدار الشعر بمراكش جاءت “بتلك الحمولة المنبثقة عن تخطيط مسبق… دار نشيطة بكل المعايير أكثر من ثلاثين نافذة تنفتح على أفق لا تحده ضفاف تصل في نهاية كل سنة بمهرجان شعري حافل بسمة التعدد والاختلاف ويضم كل الحساسيات الشعرية”. واختتم الشاعر اسماعيل زويريق شهادته، بدعوة أمل في أن تتوفر للدار، مستقبلا، فضاء يتسع للقاءات والبرمجة الغنية والورشات ومكتبتها الشعرية.
الشاعرة والإعلامية فتيحة النوحو: مختبر تجريبي لحدائق الشعر الوارفة
نوهت الشاعرة والإعلامية فتيحة النوحو الى “البذرة الراشدة والمؤسساتية” لتأسيس دار الشعر بمراكش، “في إطار تعاون مسؤول بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة قطاع الثقافة بالمملكة المغربية ودائرة الثقافة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويسهر على تدبيرها ملم بالمشهد الثقافي المغربي”، وهو ما جعل من هذه العوامل مجتمعة ومن “فناء الدار تربة ولادة تزهر أصصا على نوافذ شعرية، وتنثر أريجها في حدائق النظم عبر نزهات مجازية”. دار الشعر بمراكش، هذا المختبر التجريبي الذي لا يستكين لنمطية ولا ترتكن لنهج، بل تغرف من معين الثراء والتنوع الذي تزخر به الأصوات الشعرية المغربية. من خلال الانفتاح على حساسيات وأجيال ولهجات الوطن المتعددة، من القصيدة للزجل مرورا بالنظم لأنظام الأمازيغي وانتهاء بلغن الحساني.
كما عبرت إرادة دار الشعر بمراكش، ومن خلال شدها الرحال الى مناطق بعيدة عن مراكش، لتفسح المجال ليس فقط لصدى الأصوات بل لمتلق ولصاغ متعطش لسماع الشعر. ولا تنكفئ القصيدة على ذاتها في دار الشعر بل تفرد أوزانها لضفاف ركحية وذلك من خلال شعراء مسرحيون، وقد تعير لسانها للحكي والقص من خلال جلسة حكواتيون شعراء، وقد تستنطق بياضات لوحات لم تطلها الريشة من خلال فسحة شعراء تشكيليون. تقاطعات دار الشعر، بين إلقاء إحاطة وتأطير، حيث لا ترتوي بقصائد ملقاة، من قبل أصوات نسائية ورجالية لقصيد فصيح، زجلي، حساني وأمازيغي، بل تغنيها بالغوص في مكامن المعاني وجوانيات الاستعارات، من قبل دارسين أكاديميين للمنجز الشعري المغربي.
لقد استطاعت دار الشعر بمراكش، تؤكد الشاعرة والاعلامية النوحو، أن ترعى كل الأعمار بما فيها الأطفال واليافعين من خلال إشراكهم في ورشات الصنعة الشعرية، وتلقنهم حسن الضيافة في حضرة القصيدة. لذلك انتصرت الدار للوصل، فاخترقت حجاب الحجر عبر قبس افتراضي يبدد وحشة البعد بالقرب في زمن الوباء. ولا تتوانى الدار عن الاحتفاء بزوارها في مواسم القطف، وذلك من خلال دورتين لمهرجان الشعر المغربي، كتتويج لعمل مستحق، كما لا يفوتها أن تكافئ بالاستحقاق، وذلك من خلال إطلاق جوائز في النقد الشعري وأفضل قصيدة للشعراء الشباب، وبذلك تكون دار الشعر الحمراء وفية لتعاليم وقواعد الضيافة الشعرية.
الناقد الدكتور اسليمة أمرز: “خمس سنوات من الوهج والوجاهة بين الدور الشعرية”
اختار الناقد الدكتور اسليمة أمرز، أحد الوجوه النقدية اللافتة في الصحراء المغربية، أن يتوقف عند تجربة وسمها ب “التميز والتفرد التي رسمته دار الشعر بمراكش من بين بقية الدور، هي واحد من مياسمها التي لا تخطئه عين البصير ولا قريحة مبدع ولا سلطة ناقد، في أن تسم برامجها واستراتيجيتها الثقافية بالشمولية .. شمولية الجغرافيا الابداعية في ربوع المغرب”.
استطاعت الدار، وضمن استراتيجيتها الثقافية، الانفتاح على شعراء وشواعر المغرب عموما، والصحراء على وجه الخصوص، وهو ما جعله يستشعر “بعض الأمان والطمأنينة على القصيدة الحسانية والفصيحة كما قريناتها بالأنساق اللغوية الأخرى، التي تؤثث مشهدنا الثقافي المغربي بميسمها الخاص”. خطوة أخرى بعد الخامسة … ودار الشعر بمراكش تكرس مراكش دارا للشعر، أو بصيغة أخرى مراكش تشع بشعر الدار، وهو ما يجعلها “داركم ودارنا”، ودار القصيدة المغربية التي تنتصر أبدا للجمال والبهاء والعطاء والنقاء.
ونوه الناقد اسليمة أمرز، أن المغرب الثقافي شهد أربعة مواسم ثقافية مفعمة بروح الجنوب، ميسم الثقافة المغربية في تنوعها وخصوبتها…حيث يمتزج رواد القصيدة من أوفياء الخليل ومرتادو الحداثة والممتطون صهوة الزجل في فسيفساء من الثقافة المغربية المشعة، إذ يلتقي الحساني بالأمازيغي بالعربي الدارج والفصيح بغية تكريس وظيفة الشاعر، وترسيخ دوره في النسق البنيوي الثقافي العام، وتمكين الشعر من الحضور ضمن المنظومة الاجتماعية والثقافية.
هي زوايا دار الشعر بمراكش، والتي لم تقف عند هذا الحد لتنفتح على الدرس النقدي ومواكبة مشاريع الشعراء والنقاد الشباب ضمن مقاربة أسئلة وقضايا القصيدة المغربية و ورشات الكتابة ومسابقتي “أحسن قصيدة والنقد الشعري” لتفتح بذلك أفاقا رحبة للقصيدة المغربية مستقبلا. إن ثراء البرمجة الشعرية لدار الشعر بمراكش، ومن خلال ما اقترحته منذ تأسيسها، سواء على مستوى القراءات واللقاءات الشعرية، والندوات الفكرية التي تساءل منجز الخطاب الشعري المغربي ووظائفه وجمالياته على اختلاف بنياته وأنساقه اللغوية، لمؤشر واضح على نضج هذه التجربة الفريدة من نوعها إن لم يكن على المستوى العربي لا شك أنها أنموذج للمؤسسات الثقافية المواطنة على المستوى الوطني.
خطوة أخرى بعد الخامسة، تزكي لا محالة نضج تجربة “دار الشعر مراكش”، هذا الصرح الثقافي الذي راكم من التجارب ما سيجعل الخامسة قائمة وواعدة بهذه الربوع، وها هي دار الشعر مراكش تستهل موسمها الثقافي المبكر. ولأنها دار الشعر مراكش.. لم تستطع الظروفُ المتعلقة بتفشي وباء كورونا في البلاد، أن تمنعها من مواصلة مسيرتها ولا الحد من استراتيجتها الثقافية، فعوضَ الركون والتوقف، وجدنا دار الشعر مراكش تنهج مسلكا تكوينيا في مجال الشعر والكتابة عبر الوسائط التكنولوجية من خلال قناة دار الشعر بمراكش على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي مكنها من استمرارية برنامج الدار في ظل الفراغ الثقافي الذي عرفته البلاد والعباد، وهنا ملتقى الطرق ومبدأُ الوقوف للتأمل في سيرة عالية الهمة ومسار باذخ.
وتستمر رحلة الارتقاء، في دنى القصيدة المغربية وعوالم الحرف، ليلتحق الشعر المغربي بمصاف الفنون الأخرى بتأسيس مهرجان للشعر والشعراء، قبلة جديدة ومحط جديد لمحراب القريض، التحاق لا يمكن أن يُوصَفَ إلا بالمناسبِ جدا، والعادلِ جدا، والمتاحِ حصرا لمن أعد له الزادَ المناسبَ واستيفاء شروطه، فأفردت دار الشعر بمراكش تذاكر مجانية للفضاءات العمومية في مختلف الجهات والمناطق مكسرة بذلك شعرية المركز ومنتصرة لمركزية الشعر… من حدائق الشعر بعين اسردون الى حديقة التواغيل بكلميم (باب الصحراء) الى خيمة الشعر الحساني بساحة الحسن الثاني (الداخلة) الى فضاءات المآثر التاريخية بقلعة مكونة ومراكش وتارودانت، وساحل أكادير الأخاذ إلى قاعة بئر انزران بمدينة الجملين العشيقين.
واختتم الناقد اسليمة أمرز شهادته، عبر التأكيد على إصرار دار الشعر بمراكش “ترك بصماتٍ لا تمحى في الصحراء، فهي التي كرمت الشاعر محمد سالم بابا الملقب بــ(الري) ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان الشعر المغربي، واحتضنت مختلف التجارب الشعرية الشبابية بمختلف حساسياتها الابداعية (الداخلة والعيون وسيدي إفني وطانطان وكلميم)، لذلك كانت للدار آثارٌ تخلدُ في ذكراهم، فعبروا معها عبورا جميلا نحو عوالم الابداع الشعري، ولعل استضافتها للشاعر عمر الراجي خامس ترتيب مسابقة أمير الشعراء، خيرُ مثالٍ على نزعتها الانسانية المُحِبَّةِ للشعر الحساني ولشعراء الجنوب”.
“إحصائيات ومعطيات” خمس سنوات من تجربة دار الشعر بمراكش
اختتم الشاعر عبد الحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، هذا اللقاء الخاص بتقديم عرض توثيقي بالصور ورسومات بيانية وإحصائيات، لمسيرة خمس سنوات من تجربة الدار. مقدما استراتيجية الدار وأهدافها وبرامجها وفقراتها، معرجا على العديد من الإحصائيات (الانتماء الجغرافي والجيلي والحساسيات والتجارب..)، ضمن انفتاح الدار على شجرة الشعر المغربي. كما تم توزيع شواهد تقديرية، في لحظة ترسيخ لثقافة الاعتراف والمحبة، لبعض من ساهم في مسيرة دار الشعر بمراكش، وأطلقت الدار “كابسولة” على قناتها في يوتوب، تضم شهادات لمجموعة من الشعراء والنقاد والفنانين والإعلاميين والمثقفين من مختلف أنحاء المغرب والعالم العربي .