اعتبر رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، مسعود بوحسين، أن تجربة المغرب في مجال الحماية القانونية للفنانين تشكل نموذجا يحتذى بالنسبة للعديد من البلدان.
وقال بوحسين، على هامش مشاركته في أشغال المؤتمر الـ21 للفيدرالية الدولية للممثلين التي اختتمت يوم الأحد الماضي بمدينة ساو باولو البرازيلية، “إن التجربة المغربية مهمة من حيث الحلول القانونية التي تقترحها وتتبناها في مجال لا يزال موضع بحث واجتهاد قانوني على المستوى الدولي، وهي أيضا تجربة مهمة بالنسبة للكثير من البلدان التي تسعى إلى مهننة القطاع الفني وتقنينه دون الإضرار بحرية الإبداع وحق الولوج إلى المهنة”.
وأكد، في هذا الصدد، على ضرورة الفصل بين وضعية الإنتاج الفني وحقوق الفنانين، معتبرا أن كون دولة متقدمة فنيا لا تعني بالضرورة أنها تحمي فنانيها بشكل جيد، كما هو الحال في الهند أو اليابان مثلا، بحيث لا يستفيد من وضع مهني مريح سوى الفنانون النجوم، بل حتى هؤلاء لا يضمنون هذا الوضع طيلة مسارهم..
وأبرز نقيب مهنيي الفنون الدرامية بالمغرب أن طريقة عمل الفنانين تصبح أكثر تعقيدا عندما يشتغلون بعقود محددة المدة، أي أنهم لا يتوفرون على عمل قار، وهو اتجاه أصبح شبه عام على المستوى الدولي بفعل تنامي التوجه الاقتصادي الليبرالي، معتبرا أن ذلك يخلق إشكالات قانونية بشأن كيفية ولوجهم للتغطية الصحية والتقاعد وباقي الحقوق الاجتماعية وأيضا إلى المفاوضة الجماعية مع المنتجين.
بخصوص الحالة المغربية، أبرز بوحسين أن الظروف السياسية مواتية في المغرب لتطوير التنظيم النقابي الفني بالمملكة ومعه حقوق الفنانين، لاسيما بعد دستور 2011 الذي أعطى للثقافة والفنون مركزا محوريا ولاسيما عبر الفصلين 25 و 26، فضلا عن انخراط الدولة في دعم الفنون والثقافة وكذا الإمكانيات التي تتيحها الجهوية المتقدمة بالمملكة.
واستعرض الممثل والمخرج المسرحي مسعود بوحسين أهم الضمانات والمكتسبات التي أتى بها مقترح تتميم وتغيير قانون الفنان والمهن الفنية الذي صوت عليه البرلمان بالإجماع مؤخرا، بغرفتيه، ولاسيما على مستوى ضمان حرية الإبداع، ومجال الحماية الاجتماعية والشروط الدنيا للتشغيل وحماية الفنانين الأحداث وذوي الاحتياجات الخاصة وشروط عمل الفنانين الأجانب ومعيار تحديد التمثيلية المهنية ومسطرة المفاوضة الجماعية والحقوق المترتبة عن البطاقة المهنية..
وأضاف المتحدث أن قانون الفنان والمهن الفنية المغربي هو قانون إطار يحتاج إلى مزيد من الجهد من أجل تنزيله عمليا عبر نصوص تنظيمية، حتى يستجيب لحاجيات الفنانين المغاربة الذين ينتظرون نتائج ملموسة.
وبخصوص انتظارات الفنانين المغاربة، اعتبر رئيس النقابة المغربيةلمهنيي الفنون الدرامية أنه تم تجاوز المرحلة الأصعب والمتمثلة في تطوير قانون الفنان بشكل جيد في انتظار نشره بالجريدة الرسمية، مبرزا أن المغرب يتوفر على إطار قانوني يمكن من الوصول إلى الهدف عبر نصوص تنظيمية ستفضي إلى نتائج ملموسة تهم شروط العمل والعقد النموذجي ونظام للحماية الاجتماعية ومقاربة أخرى للبطاقة المهنية وغيرها..
وشدد على أن هناك حاجة للتكتل والتنسيق والتفاهم بين مختلف الفاعلين، وفي مقدمتهم الحكومة والتمثيليات النقابية حتى يكون التنزيل سليما.
كما استعرض بوحسين التحولات الحديثة في المجال الفني بالمغرب، من الناحية التشريعية في مجالات الحقوق المرتبطة بالتشغيل في المجال الفني وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والتنظيم النقابي الفني.
وأبرز، في هذا الصدد، الاهتمام الكبير بالتطور الحاصل في المغرب الذي يعد نموذجا لنجاح برامج التنمية النقابية داخل الفيدرالية، ولاسيما على المستوى الإفريقي، مشيرا إلى أنه سبق للفيدرالية الدولية للممثلين أن أصدرت بيانا اعتبرت فيه قانون الفنان المغربي خطوة جبارة في حماية حقوق الفنانين.
وأشار إلى أن تقرير الكاتب العام للفيدرالية أشاد بمجهودات النقابة المغربية في المساهمة في تطوير المنظومة القانونية لحماية الفنانين بالمغرب، الذي قام، حسب التقرير، منذ سنة 2013، بإصلاح هيكلي أساسي يروم تحسين تمثيلية نقابة الفنانين.
وكان مسعود بوحسين، الذي مثل المغرب في هذا المؤتمر، تدخل، مساء الجمعة الماضي، خلال جلسة نقاش حول “تعزيز قدرات نقابات الفنانين – الممثلين”، إلى جانب متدخلين من الدنمارك وروسيا والمجر والمملكة المتحدة.
وقد شكلت دورة سنة 2016 من هذا المؤتمر فضاء للتواصل والتبادل بين المهنيين من مختلف البلدان بشأن العديد من القضايا التي تعني الممثلين، من قبيل حماية التعدد والتنوع الفني والثقافي، وحماية الملكية الفكرية في الفضاء الرقمي، المساواة في التعامل مع الإنتاجات العالمية، والتنفيذ الفعال للقوانين المهنية المتعلقة بالفنانين والحقوق الأساسية في العمل.
كما هدفت الدورة تطوير التنوع والتعدد في المجال الفني، من خلال خلق مجموعة عمل دولية تعمل على مكافحة الإقصاء القائم على الجنس أو اللون أو العرق أو الأصل الاجتماعي أو الإعاقة أو السن، حسب المنظمين.
حاورته: نادية الهاشمي