صادق النواب البريطانيون أول أمس الثلاثاء على مشروع قانون مثير للجدل طرحته حكومة بوريس جونسون ويشكل تراجعا جزئيا عن اتفاق بريكست على الرغم من التحذيرات الأوروبية من إقراره، وذلك في الشوط الأخير من المفاوضات التجارية بين لندن وبروكسل.
ورغم الانقسامات في صفوف المحافظين، تم إقرار النص مساء الثلاثاء في قراءة ثالثة وأخيرة بتأييد 340 نائبا ومعارضة 256، ما يمهد لمناقشته في مجلس اللوردات خلال الأسابيع المقبلة.
ودخل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الثلاثاء أسبوعا حاسما في المفاوضات حول علاقاتهما التجارية المستقبلية، علما أن الجولات الأخيرة لم تحقق أي تقدم جدي.
وبدأت المباحثات التي يقودها ميشال بارنييه في الجانب الأوروبي وديفيد فروست في الجانب البريطاني ظهرا في بروكسل على أن تنتهي الجمعة تزامنا مع القمة الأوروبية في العاصمة البلجيكية.
ويأمل المفاوضون في الوصول الى “نفق” المفاوضات أي أن يدنوا بما فيه الكفاية من اتفاق لإطلاق محادثات مغلقة.
وبات هامش الوقت ضيقا إذ حدد جونسون موعد 15 أكتوبر يوم انعقاد القمة الأوروبية في بروكسل، للتوصل إلى اتفاق. أما الأوروبيون فأمهلوا أنفسهم حتى نهاية أكتوبر.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق فإن بريكست – الذي بات رسميا في 31 يناير لكنه لن يدخل حيز التنفيذ إلا في الأول من يناير 2021 – سيساهم في زعزعة اكبر لاقتصادات تضررت أصلا بسبب جائحة كوفيد-19.
وقال دبلوماسي أوروبي “ما من ضمانات”.
وأضاف “على بريطانيا أن تثبت أولا أنها مستعدة للالتزام” في مسائل أساسية لا تزال عالقة خصوصا مساعدات الدولة والصيد البحري.
وينتهك مشروع القانون التزامات تعهدت بها بريطانيا متعلقة بإيرلندا الشمالية، وتهدف إلى تجنب إعادة إنشاء حدود مادية بين جمهورية ايرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، والمقاطعة البريطانية، وهو أمر يعد الضمان الأساسي لاستمرار السلام في الجزيرة.
وكان الأوروبيون، الغاضبون جدا من تبديل لندن موقفها الذي سيخرق القانون الدولي باعتراف الحكومة البريطانية نفسها، أمهلوا لندن حتى نهاية شتنبر الحالي لسحب هذا المشروع تحت طائلة اللجوء إلى القضاء.
وكانت لندن رفضت هذه المهلة وأكدت “بوضوح” الاثنين خلال اجتماع في بروكسل بين نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ووزير الدولة البريطاني مايكل غوف “أنه لن يتم سحب التدابير (المثيرة للجدل)” وفقا لبيان حكومي.
وكان سيفكوفيتش قد حذر الاثنين بأن النص البريطاني “بشكله الحالي سيشكل انتهاكا خطيرا جدا” للقانون الدولي.
واستبعد أن تنسف المسألة المفاوضات التجارية قائلا “لن يكون الاتحاد الأوروبي أبدا الطرف الذي يبادر إلى وقف المفاوضات حول الشراكة المقبلة”.
وتتعثر المحادثات حول العديد من الموضوعات الحساسة، بما في ذلك الضمانات التي يطلبها الاتحاد الأوروبي والمتعلقة بالمساعدات المالية والاجتماعية والبيئية وبخاصة المساعدات الحكومية لتفادي وجود اقتصاد غير منظم وينافس بشكل غير عادل على الطرف الآخر من القناة.
كما يجب التوصل إلى إبرام اتفاقية بشأن الصيد البحري – وهو موضوع مهم لعدد من الدول الأوروبية كفرنسا واسبانيا والدنمارك وبلجيكا وهولندا – تسمح للأوروبيين بمواصلة الصيد في المياه البريطانية الغنية بالثروة السمكية.
كما يتعين إيجاد اتفاق لنظام “حوكمة” الاتفاقية المستقبلية، ولا سيما كيفية حل لندن وبروكسل لنزاعاتهما التجارية المستقبلية وموقع محكمة العدل الأوروبية في هذه العملية.
ويرى دبلوماسيون من دول أعضاء أخرى – لا تهمها هذه المسألة – أن الاتحاد الأوروبي “حازم جدا” في ملف الصيد البحري ويمكن التوصل إلى تسوية بشأنه مع بريطانيا.
وقال أحد الدبلوماسيين “سيتم الموافقة على الشراكة بالإجماع. علينا بالتالي أن نأخذ في الاعتبار المصالح المختلفة للدول الأعضاء الأخرى ونظهر تضامنا. وبالتالي على الاتحاد الأوروبي أن يكون واقعيا…”.
ونفى دبلوماسي آخر وجود “أي توتر أو انقسام” بين الدول الـ 27 الأعضاء.
ا.ف.ب