تشترك الأسرة والمدرسة بشكل أساسي في مسؤولية تعليم الأطفال.لكن العلاقات بين هاتين المؤسستين ليست دائما هادئة على مستوى بعض المواضيع منها الواجبات المنزلية.
إن الواجبات المنزلية مع بداية كل موسم دراسي تكون في قلب النقاش بين المدرس والأسرة والتلاميذ.كل واحد من هؤلاء الفاعلين لديه وجهة نظره لا تتطابق مع الأخر.
إن الواجبات المنزلية لها دور أساسي في تلبية احتياجات التلميذ وتعزيز التقارب بين الأسرة والمدرسة وهي كذلك مكملة ومؤكدة للمخرجات التعليمية.كما تعتبر الواجبات المنزلية أعمالا وأنشطة يتعين على التلميذ انجازها خارج النشاط الصفي الدراسي.وهذه الواجبات أنواع: واجبات التمرين تدعم جانب المهارات الجديدة و واجبات التحضير هدفها إعداد التلميذ للأنشطة الصفية التي ستتم مناقشتها في الفصل الدراسي وواجبات التوسع لتحقيق الاستمرارية في التعلم خارج نطاق المقرر الدراسي والأنشطة الصفية . وتتم عبر إجراء بحوث ومشاريع.
إن كل أنواع الواجبات المنزلية تساهم بشكل ايجابي في دعم التواصل بين الأسرة والمدرسة ولكن شريطة توفر الاستقرار داخل البيت والذي يجعل من التلميذ نموذجا يحتدى به قادرا على تتبع مشواره الدراسي والقيام بواجباته.
لكن مع الأسف الشديد عديد من الآباء والأمهات يقومون بأداء الواجبات المدرسية نيابة عن أبنائهم.وهذا لا يؤدي إلى تحفيز أبنائهم لتحقيق النجاح الدراسي المطلوب.فالمطلوب هو تعليم وتدريب التلميذ على وضع أهداف طموحة مع التأكيد على وجود مكافأة في النهاية حال تحقيق الأهداف.
إن الواجبات المدرسية تساهم في ربط التلميذ بالمنهج الدراسي وتعويده على الاعتماد عن النفس.كما تعتبر أداة فعالة لشراكة حقيقية تعليمية تتيح لأولياء الأمور فرصة تتبع مستوى أبنائهم .وللواجبات المدرسية أدوار رئيسية أبرزها : تتبع الأشياء التي لم يستطع التلميذ مواكبتها من خلال النشاط الصفي/تدريب التلميذ على تطبيق ما تعلمه داخل الفصل الدراسي/إشراك الأسرة في العمل المدرسي للتلميذ..
ورغم ايجابيات الواجبات المدرسية ومساهمتها في تعميق المعارف والدروس وتدبير الزمن وتحقيق التقاسم بين الأسرة والمدرسة ،فهناك من يعارض هذه الواجبات المدرسية ويعتبرها عملا متعبا وشاقا للتلميذ.
هناك بعض الدراسات التربوية أبانت بأن التلاميذ يتلقون يوميا وبانتظام كما من الواجبات المدرسية في مواد مختلفة مما يسبب لهم القلق والتعب لهم ولأسرتهم المنهكة مع العمل اليومي إضافة إلى ما تحدثه من إرهاق بدني وفكري ونفسي كل يوم وصداع في الرأس وفقدان للتوازن ونقص الوزن وقلة النوم ..
إن المعارضين للواجبات المدرسية يعتبرونها روتين وعمل مجهد ومضني.ويؤكدون على أن التعلم ينبغي أن يتم في المدرسة .ويبررون موقفهم بأدلة منها كون بعض الدول كفنلندا التي لها أداء أفضل في الاختبارات الدولية ،تعطي القليل جدا من الواجبات المدرسية للتلاميذ. وفي الصين مثلا ألغت وزارة التعليم الواجبات المدرسية بالابتدائي واستبدلتها بنشاطات بعيدة عن المناهج الدراسية وتهدف إلى تلبية القدرات والهوايات لدى التلاميذ كزيارة المكتبات والمتاحف والمقاولات أو تلقي دروسا في الموسيقى والرسم وغيرها من الأنشطة الفنية الأخرى.
إن التلاميذ الذين يستفيدون من الواجبات المدرسية هم المنحدرين من أسر مثقفة تدعم أبناءها يوميا وتوجههم عكس الأسر التي يغيب فيها الوعي الثقافي والمستوى المعرفي لا تقوى على تتبع المسار الدراسي لأبناءها. وأمام هذا التناقض، أستخضر قولة الكاتب والفيلسوف جان رومان :” الواجبات المدرسية غير ديمقراطية
إن للواجبات المدرسية محددات منها الذاتية بمعنى على التلميذ أن ينفذ الواجبات بمفرده ليسهم في بناء ذاته والمحدودية وتعني أن الواجبات المدرسية ينبغي أن تكون محددة بعيدة عن الرتابة والإسهاب ثم الوضوح والربط بأهداف الدرس. فالواجبات المدرسية المفيدة ينبغي أن تكون قصيرة ومناسبة لمؤهلات وقدرات التلاميذ ويشارك فيها أولياء الأمور بشكل ايجابي وليس انجاز ها كاملة نيابة عن أبنائهم.
.وصفوة القول فالواجبات المدرسية لا احد ينكر دورها التربوي والاجتماعي وفي مساهمتها في تقييم عمل وجهد التلميذ حتى ولو كانت مثار إزعاج البعض. وقد بات من الضروري تطبيق تجارب الدول الرائدة كالصين وفنلندا ذلك بالتقليص من كثافة المقررات الدراسية وإعادة جدولة اليوم الدراسة والمزاوجة بين المقرر الدراسي والأنشطة الفنية والثقافية مع تكوين أساتذة قادرين على تنفيذ رؤية الساهرين على تدبير شؤون التربية والتعليم وعلى رؤيتهم الجديدة حول موضوع الواجبات المدرسية.
> خليل البخاري باحث تربوي