الوزيرة تعقد ندوة صحفية يومه الاثنين بالرباط

من المقرر أن تعقد الوزيرة المكلفة بالبيئة، حكيمة الحيطي، يومه الاثنين، ندوة صحفية بمدينة الرباط لتقديم المزيد من التوضيحات حول قيام وزارتها باستيراد شحنة من النفايات الإيطالية.
وتأتي مبادرة الوزيرة في ظل تواصل واحتدام الجدل حول هذه الواقعة التي أدت إلى تفاعلات شديدة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعبأت العديد من الصفحات لشن حملة قوية ضد هذه العملية وصلت حد المطالبة باستقالة الوزيرة ومحاسبة المسؤولين عن تحويل المغرب إلى ما أسمته تلك المواقع “مكبا للنفايات الإيطالية السامة”. كما تتم التعبئة بقوة على تلك الصفحات لتنظيم “وقفة احتجاجية مليونية” يوم 17 يونيو الجاري بمدينة الرباط، مع توقيع عريضة احتجاجية، تعبيرا عن الرفض القاطع لاستقبال النفايات الإيطالية على الأرض المغربية. وفي هذا السياق تأتي الندوة الصحفية أيضا كخطوة إضافية لتقديم المزيد من التوضيحات حول هذه الواقعة، وذلك بعد أن فشلت البلاغات الحكومية وتصريحات الوزيرة في إقناع الرأي العام بأن الصفقة التي عقدتها الحيطي مع الإيطاليين هي “صفقة رابحة” للمغرب، وأن النفايات الإيطالية ليست سامة أو مسرطنة بل هي نفايات “ثمينة” من الناحية الطاقية، كما سبق أن أكدت الحيطي في تصريحاتها، موضحة أنها “ستستعمل كمكمل أو كبديل للطاقة الأحفورية في مصانع الإسمنت”، نظرا لما “تتميز به من قوة حرارية مهمة”.
وتبقى تساؤلات الرأي العام ومكونات المجتمع المدني حول الشحنة الإيطالية أيضا مشروعة، وذلك في ظل سيل المعلومات التي طالما تم ترويجها، وما يزال، حول النفايات الإيطالية وأضرارها الجسيمة على البيئة والصحة. وتتناسل هذه الأيام، على المواقع الإلكترونية الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، التقارير الإخبارية والمقاطع المصورة من أرشيف القنوات العالمية، ترصد تاريخ الجدل الذي سبق أن أثارته النفايات الإيطالية بين الإيطاليين والأوربيين أنفسهم، حيث كانت مثار احتجاجات ومحاكمات وقرارات عديدة. كما تتوالى التقارير عن الخبرات العلمية التي سبق أن أجراها خبراء إيطاليون وأوربيون حول النفايات الإيطالية بما يثبت خطورتها من خلال تلويثها للماء والهواء والنبات، وتسببها في أمراض سرطانية في البيئة التي يتم إعدامها فيها. وبالتالي فإن المواطن المغربي يجد نفسه في صلب هذا الجدل أيضا بقوة الأشياء التي فرضتها عملية استيراد نفايات تشير المعطيات أنها سامة ولذلك فإن إيطاليا تفضل أن تبعدها عن ترابها، وحتى أن تؤدي مقابلا مغريا للمغرب من أجل إحراقها في أفرانه.
إلى ذلك، تكتسب القضية أيضا راهنيتها وأهميتها ضمن السياق الوطني الذي يتزامن مع استعداد المغرب لاستقبال الحدث البيئي العالمي الأهم ربما في كل الأزمنة، وهو قمة الدول الأطراف في الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22) الذي ستحتضنه مدينة مراكش في نونبر القادم. علما أن الحدث الذي لم يأت اختيار المغرب لاحتضانه اعتباطا بقدر ما جاء تثمينا للسياسة الوطنية في مجال حماية البيئة وتعزيز خيار الطاقات المتجددة الرائدة في مواجهة الاحتباس الحراري. وكل ذلك يجعل من صفقة النفايات الإيطالية، في حال إثبات خطورتها على البيئة، بمثابة نغمة نشاز وفضيحة إيكولوجية ستحرج المغرب وتضعف موقفه كرئيس لقمة (كوب 22)، وبالتالي خطأ فادحا وقاتلا بالنسبة للوزيرة التي تعتبر “عرابة البيئة” خلال القمة المقبلة.     
ومن تم فإن الحكومة، ممثلة في الوزيرة حكيمة الحيطي، مطالبة بالفعل، خلال ندوة اليوم، بتقديم التوضيحات الضرورية المعززة بالمعطيات العلمية والوثائق المُقْنعة من أجل تأكيد سلامة موقفها أمام الرأي العام الوطني ووضع حد لعملية التشويش التي يمكن أن تمس باستعدادات المغرب الجارية لاحتضان (كوب 22).
من جهة أخرى، ينتظر من الوزيرة أن تضع هذه التطورات في سياق آخر يتزامن كذلك مع استعداد المغرب لإجراء الاستحقاقات الانتخابية خلال شهر أكتوبر القادم. وهو ما جعل بعض المحللين يمنحون القضية أيضا بعدا سياسيا، خاصة أن المعطيات تفيد كذلك بأنها ليست المرة الأولى التي يستقبل فيها المغرب شحنات أجنبية من هذا النوع، بل إن الأمر “جار به العمل” منذ سنة 2004، وذلك في إطار “اتفاقيات مع شركات الإسمنت تخضع لكل الإجراءات الإدارية اللازمة”، وهو ما يطرح التساؤل حول سبب إثارة هذا الموضوع في هذه الفترة بالذات. وذهب مسؤول حكومي آخر هو وزير التجهيز والنقل عبد العزيز الرباح، في تدوينة على حائطه الفايسبوكي، وفي إطار دفاعه عن زميلته الحيطي، إلى التساؤل عما إذا كان الأمر يتعلق بـ”صراع بين منتجي الإسمنت أو مستوردي المحروقات؟”، مشيرا أن كلفة طاقة النفايات تقل بـ 60% عن كلفة طاقة المحروقات في صناعة الإسمنت (كل 3 أطنان من النفايات تحتوي على نفس مقدار الطاقة الممكن توليدها مما يعادل 1 طن من البترول)، علما أن المحروقات تعد أكثر تلويثا للبيئة، كما يقول الرباح. ودافع متتبعون آخرون عن موقف الحكومة المغربية بأنه لا يخرج عن السياق الدولي في تثمين وإعادة تدوير النفايات حيث تعمل العديد من الدول المتقدمة، من بينها السويد، على استيراد نفايات مماثلة من بعض الدول الأوربية تعد إيطاليا إحداها، وذلك لإنتاج الطاقة البديلة، حيث يتم إعادة تدوير 2.2 مليون طن من النفايات سنويا في السويد في المراكز المختصة. ويبقى التساؤل المشروع مجددا، هو حول مدى تملك المغرب للإمكانيات الهائلة التي تتطلبها هذه المراكز سواء من أجل إعدام تلك النفايات عبر إحراقها، أو إعادة تدويرها لإنتاج الطاقة، باحترام الشروط والمعايير الدولية لحماية البيئة.
وعموما يمكن القول إن قضية النفايات الإيطالية ينطبق عليها أيضا المثل القائل “رب ضارة نافعة”، إذ أنها تساهم في كل الأحوال في تعزيز الوعي البيئي لدى المواطنين المغاربة، وكذا تعزيز العلاقة بينهم وبين مسؤوليهم في هذا الإطار من خلال المطالبة بتفعيل الحق في المعلومة حول مختلف الخطط والمشاريع المؤثرة في المجال البيئي، باتجاه كذلك تعزيز المسؤولية والحكامة البيئيتين في كل المستويات.  

سميرة الشناوي

Related posts

Top