اليمين المتطرف يحقق صعودا قياسيا في فرنسا وساركوزي لا يود قطع الطريق على حزب لوبين

بيان24:  مصطفى السالكي

حقق اليمين المتطرف الفرنسي، أول أمس الأحد، نتيجة قياسية، وفق تقديرات أولية للانتخابات الجهوية، حيث يتوقع أن يتصدر حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في ست مناطق على الأقل من بين 13 منطقة في الجولة الأولى.
ووفق التقديرات الأولية لمعاهد استطلاعات الرأي الفرنسية، تراوحت نسبة تأييد الجبهة الوطنية ما بين 27.2 بالمائة و30.8 بالمائة، وهي نتائج وصفتها زعيمة الحزب مارين لوبان بأنها “رائعة”، مضيفة أن حزبها “أثبت أنه الأول في البلاد”.
وقالت لوبان بعد ظهور النتائج الأولية، “مازلنا في الدور الأول، لكن يحذونا الأمل في أن نحقق أكبر تقدم ممكن حتى نكون قوة دفع قوية قدر المستطاع”، مضيفة أن الناخبين يثقون بحزبها لأنهم شاهدوه وهو يعمل، بحسب قولها.
وتعتبر النتائج المعلن عنها أول أمس، بحسب خالد الناصري، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، موضوعا يهم أساسا الشعب الفرنسي الذي يختار الخريطة السياسية لبلاده، ولا يمكن إلا احترام القرارات السيادية للشعوب.
بيد أن خالد الناصري عبر، في اتصال هاتفي أجرته معه لبيان اليوم، عن عدم الارتياح لهذه النتائج لكون فرنسا، يقول المتحدث، “دولة عظمى ولها علاقات مع دول الجوار وفي مقدمتها المملكة المغربية. وسيكون لنا، إذا ما تأكدت النتائج، أن نتعامل مع طرف سياسي لم نعتد التعامل معه”.
من جانبه، قال الدكتور الحسان بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في توضيحات قدمها لبيان اليوم، إن فوز اليمين المتطرف كان “منتظرا”، لكون هذا اليمين المتطرف “استغل جيدا مقومات النجاح في هذه المرحلة التي تمر منها فرنسا”، والمتمثلة، بحسب المتحدث،  في “عجز الحكومة الحالية عن مواجهة البطالة، وفي تنامي الكراهية ضد الأجنبي، بالإضافة إلى هجمات باريس التي أودت بحياة 130 شخصا، والتي كانت العامل الحاسم في تضخيم الفوز”.
ويرى الحسان بوقنطار أن اليمين المتطرف كان “مناورا بارعا وخطيبا حاذقا”، استغل حاجة الناخب الفرنسي للجديد ليزيح الطبقة السياسية التي عمرت بداخله طويلا ويعوضها بوجوه شابة تصدر بها نتائج الانتخابات.
 حيث تقدمت مارين لوبان، يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، في إقليم “نور بادي كالي  بيكارديي” بشمال البلاد الذي يعاني كسادا اقتصاديا، وترشحت ابنة عمها ماريون ماريشال لوبان (25 عاما) في إقليم “بروفانس آلب دازور” جنوب شرق فرنسا الذي حضيت فيه بتأييد قوي، فيما تم تخصيص  منطقة “ألزاس شامباني أردان لوران”،  شرق البلاد  لأحد منظري الحزب الشباب.
يتساوى مع اليمين المتطرف بنسبة التأييد في الانتخابات حزب “الجمهوريون” الذي ينتمي ليمين الوسط، ويتزعمه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
 وهي نتيجة تثير المخاوف من تحالف محتمل، قد يجعل الطريق ممهدا لرئاسيات يهيمن عليها اليمين، وتؤدي إلى صعود حكومة مناوئة لمصالح الجاليات الأجنبية، وعلى رأسها الجالية المغربية.
وما يعزز هذه المخاوف هو تصريح ساركوزي الذي أكد، مباشرة بعد إعلان نتائج أول أمس، بأنه يرفض أي تحالف بين المعارضة اليمينية واليسار الحاكم “الحزب الاشتراكي”، وبأنه لا يرغب في قطع الطريق أمام اليمين المتطرف.
كما تعزز استطلاعات الرأي بدورها هذه المخاوف. فنتائج الاستطلاعات تمنح الحزب الاشتراكي نحو 22 بالمائة من الأصوات فقط، وتشير إلى أنه من المنتظر أن يخسر هذا الحزب معظم المجالس إما لصالح حزب ساركوزي وإما للجبهة الوطنية.
مخاوف قلل الأستاذ بوقنطار من حدتها، بتأكيده استبعاد هذا التحالف ما لم تظهر النتائج النهائية الأسبوع القادم، وما دامت هذه الانتخابات “تهم الجهات، ولا تعتبر حاسمة في التأثير على السياسة العامة للحكومة الفرنسية التي تتحكم فيها مكونات أخرى للحكامة الترابية”.Sans titre-5
بيد أن بوقطار دعا مع ذلك إلى الحذر لكون نتائج هذه الانتخابات تقدم سيناريوها مسبقا لما ستعرفه الانتخابات الرئاسية، داعيا قوى اليسار والتقدم في فرنسا إلى مواجهة المد اليميني قبل فوات الأوان، وذلك أولا عبر تجاوز الصراعات الداخلية ومعالجة واقع التشردم، وثانيا من خلال وضع خطط مبتكرة لقوى اليمين التي تعد العدة لمواجهة ستكون بالتأكيد ساخنة في السباق نحو رئاسيات 2017 .
وهو ما شدد عليه خالد الناصري الذي قال لبيان اليوم إن الأمل قائم في أن نرى الديمقراطية الفرنسية تدفع بالقوى السياسية لتحمل المسؤولية، قبل أن يتساءل حول إمكانية بروز هبة ضمير من طرف ما يسمى بالجبهة الجمهورية.
ودعا الناصري، في تصريحه للجريدة، إلى تتبع تطور الوضع الانتخابي في فرنسا بدقة، حتى لا تكون لنتائجها انعكاسات سلبية على مصالح المغرب.

Related posts

Top