انطلاق حملة ترافعية مشتركة حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب

تقرير مواز قاتم، سترفعه تنسيقية الديناميات الحقوقية والمدنية، أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف في شهر ماي القادم تزامنا مع تقديم التقرير الدوري الشامل الذي ستقدمه الحكومة أمام هذه الهيئة الأممية، حيث يضم التقرير الموازي ملاحظات تشير إلى وجود تراجعات على مستوى الحق في التظاهر والتجمع والتنظيم، وتضييقات على حرية الرأي والتعبير، فضلا عن تراجع وارتباك وتشويش رسمي على مسار النهوض بحقوق النساء وحمايتها.
أعلنت جميلة السيوري، رئيس جمعية عدالة، العضو بالتنسيقية، خلال ندوة صحفية، صباح الثلاثاء الماضي، عن انطلاق حملة ترافعية مشتركة خاصة بتقديم تقاريرها الموازية حول أوضاع حقوق الإنسان ما بين سنوات 2012-2016، مشيرة أنها ستشرع في إطار هذه الحملة بعقد لقاءات مع الممثليات الدبلوماسية في المغرب.
وأضافت السيوري، في هذا اللقاء الصحافي، المنظم بمقر النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالرباط، أن «تنسيقية الديناميات للترافع حول بيئة آمنة لعمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان”، التي تأسست مؤخرا تضم 150 هيئة وشبكة، مبرزة أن هذه الحملة تندرج في سياق انخراط منظمات المجتمع المدني في مواكبة ورصد واقع حقوق الإنسان بالمغرب وأيضا في إطار التفاعل الإيجابي مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان.
ومن بين الملاحظات التي كشفت تنسيقية الديناميات عن تضيمنها في تقريرها الموازي، والتي تخص جانب الحق في التظاهر والتجمع والتنظيم، توجد مسألة عدم تعليل السلطات الإدارية لقرارات منع التنظيم والتجمع، وعدم تسليم قرارات مكتوبة لمؤطري التظاهرات لتمكينهم من ممارسة حقهم في الطعن أمام المحاكم، كما تؤاخذ التنسيقيات على السلطات عدم اتباعها أحيانا للمسطرة المنصوص عليها قبل الشروع في التدخل لفض التجمعات ولجوئها في بعض الحالات للعنف والقوة التي تكون عير متناسبة أثناء فض التظاهرات العمومية السلمية.
وسجلت أيضا في هذا الصدد، غياب أي تحقيق أو متابعة إدارية أو قضائية في حق المسؤولين عن استعمال العنف اتجاه المتظاهرين، معتبرة ذلك في حكم غياب المساءلة والعقاب وهيمنة المقاربة الأمنية في تدبير الفضاء العمومي، كما  تضمنت الملاحظات في جانب تأسيس الجمعيات وجود عراقيل تحد من حرية ممارسة هذا الحق، مصنفة بعضها في إطار الشطط في استعمال السلطة، من خلال امتناع سلطات وزارة الداخلية عن تسلم وثائق التصريح بتأسيس الجمعيات، أو التأخر بشكل واضح في تسليم الوصولات النهائية وثقل مسطرة التصريح بإنشاء الفروع، فضلا عن التنصل من تنفيذ الأحكام القضائية النهائية التي تصدر وتقضي بقانونية بعض الجمعيات .
وقال محمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، العضوة في التنسيقية، “إن التوصيات تشمل الدعوة إلى إصلاح القوانين المتعلقة بحرية التجمع والتظاهر السلميين وحرية التنظيم والتظاهر السلميين وحرية التنظيم وفق الدستور والمعايير الدولية، وربط المسؤولية بالمحاسبة فيما يتعلق بعدم تطبيق القانون وضرورة حماية المتظاهرين من أي اعتداءات خارجية سواء كانت من قبل السلطات العمومية أو من قبل الأفراد، وتفعيل مبدأ الإفلات من العقاب.
وأضاف مؤكدا، أن التنسيقية في تقريرها الموازي تشدد على السلطات، أنه في ظل دستور 2011، والالتزامات الدولية للمغرب، باتت مطالبة بالعمل على تطبيق القانون بشأن تأسيس الجمعيات، بحيث يتم الاكتفاء بنظام التصريح والتخلي عن نظام الترخيص، هذا مع ترتيب الأثر في حال الامتناع عن التسليم الفوري للوصل، على أن يكون التقييد في تنظيم التظاهرات والاحتجاجات إلا في الحالة التي يتم فيها الدعوة بشكل صريح للعنف أو الكراهية أو العنصرية أو الإثنية.
وأوصت التنسيقية بضرورة إعمال الحكامة الأمنية ووضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإفلات من العقاب التي نصت عليها توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتأهيل الأجهزة الأمنية عبر التكوين والتوجيه في احترام تام لمدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.
وفي باب حرية الرأي والتعبير، أوصت التنسيقية بضرورة التسريع بقبول زيارة المقرر الأممي المعني بتعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير للمغرب، خاصة وأن هذا المقرر رفع طلبا للسلطات لتنظيم زيارة سنة 2013 للمملكة، لكن لم يتم التجاوب معها، ليجدد ذات المسؤول طلبا في ذات الموضوع سنة 2015، دون أن يتم له ذلك.
ودعت في هذا الصدد، أن تقتصر السلطات على التصريح عوض الترخيص بالزيارة، وكذا الالتزام بعدم إعمال العقوبات السالبة للحرية في كل قضايا النشر والصحافة، بالتنصيص على ذلك بشكل صريح، وعدم الإحالة على قوانين أخرى كما هو واقع اليوم، حيث ترد بشكل خاص في القانون الجنائي.
وسجلت التنسيقيات استمرار احتكار الدولة للإعلام العمومي وحرمان العديد من الشخصيات والمنظمات المعروفة بمواقفها النقدية من ولوج منابره والمشاركة في برامجه، فضلا عن تسجيل عدم تحديد الاستثناءات الحصرية بشأن خرق سرية الخبر، وعدم إقرار حسن النية باعتباره هو الأصل في النشر، وتواتر في فتاوي التكفير والقتل في حق عدد من الأفراد والهيئات.
وأوصت في هذا الإطار، بضرورة العمل على ملاءمة النصوص القانونية التنظيمية المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والحق في الحصول على المعلومات مع المعايير الدولية، وأيضا تحديد مفهوم النظام العام في مجال حرية التعبير مع التنصيص على طرق الطعن لمواجهة أشكال التعسف في حال حدوثها.
ومن جهة أخرى،  تبقى المساواة بين الجنسين ومحاربة التمييز، أحد الجوانب التي أبدت بشأنها التنسيقية ملاحظات، سجلت فيها وجود تراجع بل وارتباك وتشويش على مسار النهوض بحقوق النساء وحمايتها، مشيرة أن ذلك تترجمه صدور مشروع قانون إحداث هيئة المناصفة  ومكافحة كل أشكال التمييز، والذي صادق عليه البرلمان، في صيغة لا تشمل المواصفات التي تضعها مبادئ باريس الخاصة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، سواء أكان على مستوى المهام أو التشكيلة أو الأهداف والاستقلالية، وذلك دون مراعاة للاقتراحات والآراء التي أبدتها كل من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أو هيئات المجتمع المدني .
هذا فضلا عن الجمود الذي تعرفه مدونة الأسرة التي تم تعديلها منذ أكثر من 10 سنوات، رغم أشكال التمييز والعنف والممارسات غير الملائمة، التي أحاطت بتطبيقها، فضلا عن موضوع تشريعات الإرث ،حيث تكرس منظومة المواريث التمييز، وتساهم في زيارة الهشاشة وحدة التهميش والفقر في صفوف الفتيات والنساء، حسب ما سجلته التنسيقية في تقريرها، وكذا بالنسبة لمسألة الحق في الإجهاض، إذ تعتبر التنسيقية، أن مشروع القانون في الصيغة التي جاء بها شمل حالات محدودة يسمح فيها بالإجهاض، كزنا المحارم والاغتصاب والتشوهات الخلقية، ولم يأخذ بعين الاعتبار مسألة السلامة والصحة البدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية للمرأة، كما توصي بذلك منظمة الصحة العالمية.
وأكدت سعيدة الإدريسي عن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أن التوصيات التي حملها تقرير تنسيقية الديناميات، همت مسألة مراجعة القوانين لضمان المساواة بين النساء والرجال في الولوج للأراضي الجماعية وإلى أملاك الأحباس، وإقرار حق النساء في نقل جنسيتهن إلى أزواجهن الأجانب على قدم المساواة وضمن نفس الشروط المتطلبة بالنسبة للرجال.
وفي رد على سؤال لبيان اليوم، حول دوافع إحداث هذا التكتل  ممثلا في تنسيقية للديناميات، وإن كان الأمر تطلبه جانب تنظيمي يخص المجلس الأممي لحقوق الإنسان، أم دفع إليه سياق وطني محض، قالت جميلة السيوري، رئيسة جمعية عدالة، ّإن الديناميات التي تضم عددا مهما من الهيئات الحقوقية والمدنية اختارت إحداث هذه التنسيقية، بدافع سياق وطني، حيث بات المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان يتعرضون لعديد مضايقات، وهذا التنسيق يأتي من أجل تقوية الصف، ومن تم الترافع بشأن القضايا التي لدينا بشأنها نفس التصور، هذا فضلا عن أن السياق الدولي المرتبط بنظام مجلس حقوق الإنسان يحتم علينا بدوره أن نكون في تكتل حتى نكون أكثر قوة حين الترافع أمام هذا المجلس ، خاصة وأن الوقت المحدد للهيئات المدنية لتقديم تقريرها يكون جد محدود سواء بالنسبة للمداخلات أو عدد الصفحات التي تتكون منها خلاصة التقرير.
وعن مدى أخذ  الديناميات الحقوقية بعين الاعتبار في تقريرها الموازي للملاحظات التي قدمت للمغرب من قبل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، والرد الذي تقدم به المغرب على لسان المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بشأن أوضاع حقوق الإنسان بالمملكة، أفاد عزيز إدمي، عن مركز الحقوق والحريات، العضو في التنسيقية، أن الديناميات في تقريرها أخذت كل الوثائق التي تخص مسار حقوق الإنسان ما بين سنوات 2012 و2016، أي ما بين وضع التقرير الثالث والحالي، وأيضا الملاحظات التي وضعتها الآليات الأممية وبشكل خاص التقارير التي وضعها المقررون الأمميون المسؤولون على  الآليات الخاصة الذين زاروا المغرب، فضلا عن النقاش الذي هم مشروع التقرير الوطني الثالث ، خاصة مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان.

فنن العفاني

Related posts

*

*

Top