بريكست يُنعش آمال مؤيدي استقلال اسكتلندا

عندما صوّتت اسكتلندا في استفتاء سنة 2014 ضد استقلالها عن المملكة المتحدة، بدت النتائج كردّ نهائي على القضية. ستبقى تلك المنطقة التي تقع فيها قلعة بالمورال حيث تقضي العائلة البريطانية المالكة عطلها، مع إنكلترا وويلز وأيرلندا الشمالية تابعة للمملكة المتحدة ومركز القرار في لندن.
لكن، جاء استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد سنتين من الاستفتاء العام لاستقلال اسكتلندا. وبينما صوّتت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، برز الاسكتلنديون كأكبر معارضين حيث حبّذوا البقاء.
جرفت اسكتلندا على الرغم منها في تجاه يعارضه الكثير من سكانها الذين يتوقّعون صعوبة اقتصادية بحلول 31 أكتوبر، وهو الموعد النهائي للخروج الذي يمكن أن يتم دون اتفاق من شأنه تخفيف الأزمة.
خلق الاستياء من احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة رغبة قوية في الاستقلال داخل مدن اسكتلندا. وعند الانتهاء من معضلة الخروج من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تتحوّل اسكتلندا إلى مشكلة تؤرق كل من يتولّى السلطة في لندن.
وبدلا من تقييد أنفسهم بالمملكة المتحدة التي ستعزل نفسها عن الكتلة، يصرّ دعاة الاستقلال الاسكتلنديين على تنظيم استفتاء آخر للابتعاد عن لندن وربما للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأصبح بعض أولئك الذين صوّتوا ضد الاستقلال، والذين قالوا إن وضع اسكتلندا سيكون أفضل داخل المملكة المتحدة، مترددين في آرائهم.
كان كريس ديرين، وهو مدير مركز تفكير في اسكتلندا، من معارضي استقلال بلاده سنة 2014، واصفا الفكرة بأنها غريبة و”لا يمكن تصوّرها” في تصريحاته السياسية التي أدلى بها في تلك الفترة. ومع اقتراب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تغيّرت نظرة ديرين.
قال إنه لا يعتقد أنه لن يصوّت بـ”نعم” بعد، لكنه لم يعد يرى الفكرة أمرا لا يمكنه تصوّره. وأكد أنه يعرف أشخاصا صوّتوا مثله في سنة 2014، لكنهم غيّروا رأيهم أو أصبحوا مستعدين لمناقشة فكرة الاستقلال.
ويضيف “إذا أصبحت اسكتلندا مستقلة في 2025 أو 2030، سيكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي السبب الرئيسي لذلك. لقد وضعت القضية اسكتلندا ضد إنكلترا”. وقد لا يتمتع الاسكتلنديون بفرصة ثانية للاستقلال. استبعدت حكومة المملكة المتحدة هذا الاحتمال أكثر من مرة، قائلة إن الاسكتلنديين عبّروا عن رغبتهم في استفتاء سنة 2014، وإن التصويت الثاني سيخلق المزيد من الانقسامات داخل البلاد التي مزقها التصادم بين الأجيال والاختلافات الإقليمية والسياسية والاقتصادية، بسبب أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويرى بعض الاسكتلنديين أن رئيس الوزراء بوريس جونسون قد يتسبّب في فوضى. واتخذ جونسون خطوات لتعليق البرلمان لجزء من الأسابيع المتبقية قبل موعد الرحيل المقرّر في 31 أكتوبر.
وقال زعيم الكتلة الاسكتلندية في مجلس العموم، إيان بلاكفورد، مخاطبا جونسون خلال أول جلسة عقدها البرلمان البريطاني بعد انتهاء عطلته الصيفية “هل أنت ديمقراطي أم لا؟ هل تحترم إرادة الشعب الاسكتلندي أم لا؟ لم يصوّت الشعب الاسكتلندي لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لم يصوّت شعب اسكتلندا على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة. لم يصوّت لصالح حزب المحافظين. وبالتأكيد، لم يصوّت لرئيس الوزراء هذا”.
رنّت هذه الاتهامات بين مؤيدي الاستقلال شمال الحدود المفتوحة التي تجمعهم مع إنكلترا. ويقول الممثل المقيم في إدنبرة، غيلكريست موير، إنه شعر دائما بأنه اسكتلندي وليس بريطانيا، وأنه يرى علم الاتحاد في المملكة المتحدة على أنه “رمز للقمع”.
في واحد من أدواره التمثيلية، ارتدى موير ملابس مثل السير ويليام والاس، وروى للسائحين كيف واجه بطل الاستقلال الاسكتلندي في القرن الثالث عشر الغزاة الإنكليز في معركة “جسر ستيرلينغ” سنة 1297. أُعدم والاس في لندن سنة 1305، أين شنق وأنزل قبل موته، أين قطّع جسده وفصل رأسه، واعتبر خائنا لملك إنكلترا إدوارد الأول.
سنة 1995، لعب الممثل الأميركي الشهير، ميل غيبسون، دور البطولة في فيلم “برايف هارت” (القلب الشجاع) الذي يروي قصة والاس. وألهم موير الذي كان يلتقط الصور مع السياح بسيفه الطويل، حيث وظّف صيحة غيبسون الشهيرة من الفيلم حين صرخ “الحرية!” قبل أن يموت.
ولا يرى الممثل أن موقف وستمنستر قد يتغيّر. وقال متشائما “يبدو الأمر وكأنني أركب سيارة خرجت عن السيطرة، ولا أستطيع التحكّم في وجهتها. هذا ما يبدو عليه الحال الآن. تم اختطاف البرلمان. ليس لدينا أيّ رأي. لا تمتلك اسكتلندا صوتا. لو كنّا في أي بلد ديمقراطي أو سياق طبيعي آخر، لكانت لنا فرصة جيّدة للتحرك”.
ويرى البعض أن بريكست سيعزز قضية الاستقلال. وعلّقت الأعلام الاسكتلندية داخل وخارج مصنع ديل ماكوين لتقطير كحول البذور البيضاء وعنب الجونيبر.
وقال ماكوين “أنا متفائل حيث أعتقد بأن اسكتلندا ستكون دولة مستقلة. آمل أن يحدث ذلك وأدعو من أجل تحقيقه. أعتقد أن فوضى خروج بريطانيا كانت مفيدة لقضية الاستقلال، وذلك لأن لندن فرضت على البلاد قرارا لم تصوّت من أجله”.

Related posts

Top