بكين وواشنطن.. احتواء تنافس خطير

“التنافس الشديد يتطلب دبلوماسية مستدامة لضمان عدم تطور المنافسة لمواجهة أو نزاع.” بهذه العبارات، قدم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، للصحافة هدف المهمة التي سيقودها نهاية هذا الأسبوع بالصين.
  هذا التصريح لرئيس الدبلوماسية الأمريكية يلخص الوضع الحالي للعلاقات بين العملاقين، ذلك أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، دخلت القوتان عمليا في حروب تجارية وتكنولوجية تتخللها مواجهة جيوستراتيجية حول تايوان، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ الاستراتيجية جدا.
  واتخذت المواجهة بين الطرفين بعدا خطيرا، وذلك عقب فضية المنطاد الصيني الذي حلق في فبراير الماضي في الأجواء الأمريكية.
  وأدت هذه القضية لتصاعد التوتر، ليتم الغاء زيارة بلينكين الصين، حيث كان من المنتظر أن تترجم هذه الزيارة في الواقع مبادئ التقارب التي اعتمدها الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأمريكي جو بايدن، خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في نونبر 2022 في بالي بإندونيسيا.
  واتخذت المواجهة بعد ذلك شكل تبادلات ساخنة بين قادة البلدين. وكانت المواضيع معروفة جيدا، بدءا من قضية تايوان، إلى دور الصين في الحرب بأوكرانيا وتحالفها مع روسيا، مرورا بمحاولات الولايات المتحدة، بعزل الصين، وفق ما ذكرت بكين، والحيلولة دون سيطرتها على سلاسل التصنيع والإمداد العالمية.
  وفي ظل هذا التوتر، يعتبر المحللون، ومن بينهم ستيفن روتش من جامعة ييل الأمريكية أن المواجهة الحالية بين القوتين العالميتين، يمكن أن تتجسد عبر أشكال مختلفة، كل واحدة أخطر من الأخرى على السلام والاستقرار في العالم.
  ويشير المحلل على الخصوص لتكثيف السباق نحو التسلح بين القوتين، ذلك أنه في سياق هذه الأزمة، قررت الصين في مارس الماضي الرفع من ميزانيتها العسكرية لسنة 2023 لتبلغ 225 مليار دولار.
  وتجعل هذه الزيادة، وهي الأكبر منذ سنة 2019، الميزانية العسكرية للصين ثاني أكبر ميزانية عسكرية في العالم، بعد ميزانية الولايات المتحدة، التي تزيد عنها بثلاثة أضعاف.
  ولا يستبعد بعض المحللين احتمال نشوب نزاع، حتى وإن كان عرضيا، لكن عواقبه ستكون وخيمة جدا على المنطقة والعالم.
  وفي هذا السياق، يشدد الخبراء على أن التعايش في القضايا الجيوستراتيجية، يظل الخيار الوحيد لبكين وواشنطن. ويتعين على كلا البلدين مراجعة مقارباتهما في حل خلافاتهما.
  وعلى المستوى النظري، أعرب البلدان عن هذه الإرادة بمناسبة زيارة السيد بلينكين لبكين.
  وأشارت الصين أمس الجمعة، من خلال المتحدث باسم وزارة خارجيتها، إلى أن باب الحوار والتواصل مع الولايات المتحدة “مفتوح”.
  غير أن هذا التواصل، بحسب بكين، يتعين أن يتطرق لانشغالات الطرفين. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن بكين وواشنطن يتعين أن يكون لديهما تصور صحيح لسياساتهما الداخلية والخارجية، فضلا عن مصالحهما الاستراتيجية.
  من جهته أبرز بلينكين خلال ندوة صحفية في واشنطن إلى جانب وزيرة الخارجية السنغافورية فيفيان بالاكريشنان، إن الزيارة للصين تهدف لضمان ألا يؤدي التنافس الصيني الأمريكي إلى نزاع بين القوتين.
  وأضاف أن المحادثات مع المسؤولين الصينيين ستركز بالأساس على سبل إبقاء خطوط الاتصالات “مفتوحة”.
  ويشير المحللون إلى أن الطرفين مدعوان للذهاب أبعد عن الحفاظ على قنوات الحوار، نحو وضع بنية جديدة لتفاعلهما تضع حدا لتبادل الاتهامات، وتعالج نقاط الخلاف الرئيسية، لأن استقرار العالم يعتمد على ذلك.

عبد الغني اعويفية (و.م.ع)

Related posts

Top