اعتبر نبيل بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن أجواء ما قبل الانتخابات تتميز بتوتر شديد مرده بروز سلوكات غير صحية تتبناها جهات شرعت في توظيف أموال طائلة لا يعرف مصيرها للظفر بالمقاعد، “دون أن تتوفر هذه الجهات لا على أفكار ولا على برامج”.
ونبه نبيل بنعبدالله، خلال استضافته من طرف “جمعية خريجي العلوم السياسية بباريس”، مساء أول أمس الثلاثاء، بالدار البيضاء، إلى الخطر الذي باتت تشكله هذه الجهات التي تنهج سياسة “التحكم” التي تفوق تلك التي تبناها الجنرالان اوفقير والدليمي، واعتمدها وزير الداخلية الراحل ادريس البصري، والتي كانت تتم من داخل جسم الدولة من أجل تزوير الانتخابات والتحكم في الخريطة السياسية.
وقال بنعبد الله إن خلق حزب معين، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة لا يشكل، بالنسبة له وبالنسبة لكل من يؤمن بالديمقراطية، أية مشكلة، مادام هذا الحزب ينصهر ضمن التشكيلات الحزبية الأخرى، ويمارس مهامه دون هيمنة أو تحكم. لكن ما يزعج في هذا الحزب، يضيف المتحدث، هو الأيادي الخفية التي تحركه والتي جعلت منه “قوة موازية للدولة”.
وقال زعيم حزب الكتاب إن من يقفون وراء حزب الأصالة والمعاصرة يريدون بسط الهيمنة بكل الوسائل المادية وباستعمال الضغوط، مذكرا بما حدث سنة 2009 عندما تواطأ رجال السلطة مع البام، ومشيرا إلى مظاهر غريبة وقعت من قبيل “وقوف شخصيات لها مكانتها في صف لانتظار لقاء المسيح”، في إشارة إلى قيادة هذا الوليد السياسي الجديد.
وبعد أن تساءل محمد نبيل بنعبد الله “نحن نتساءل من أين يستمد هذا الحزب قوته؟”، دعا إلى “المقاومة” وإلى التصدي لمن يعكر الأجواء التي يجري فيها التحضير للانتخابات، كاشفا، في هذا السياق، أن “رجال أعمال أسروا له أنه تم الاتصال بهم لدعم حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات المقبلة”.
وحول النتائج المتوقع تحقيقها من قبل حزب التقدم والاشتراكية خلال الانتخابات القادمة، والتحالفات القادمة، قال بنعبد الله إن حزب التقدم والاشتراكية يطمح الى بلوغ فريق نيابي كحد أدنى، وهو أمر يتطلب، بحسبه، “رفع درجة تعبئة مناضلات ومناضلي الحزب إلى مستوياتها القصوى، وتحصين مرشحيه حزب الكتاب، ومدهم بالمناعة ضد الأيادي المفسدة قبيل الشروع في حملة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة من أجل التمكن من كسب تحدي تعزيز مكانة الحزب ضمن القوى السياسية الأولى في المغرب”.
وحول علاقة حزب التقدم والاشتراكية بحزب العدالة والتنمية خلال ممارسة المهام التنفيذية، قال نبيل بنعبدالله إن حزب التقدم والاشتراكية ظل، طوال الخمس سنوات من عمر الحكومة، مدافعا عن الحريات الفردية وعن قضايا شكلت مكسبا جوهريا لقوى التقدم والحداثة، وأن النقاش مع حزب العدالة والتنمية حول العديد من القضايا، سواء المتعلقة بسن الزواج أو بغيرها من القضايا، “كان يتم دائما إطار المسؤولية والاحترام المتبادل، بل ويتم أحيانا اللجوء الى حل المرحلة الانتقالية من أجل بلوغ ملاءمة الحلول مع مقتضيات تراعي العديد من الجوانب القانونية والاجتماعية بل والإنسانية أيضا”.
وأبرز الأمين العام لحزب الكتاب، أن مشاركة حزبه في الحكومة لم تمنعه من “دق نواقيس التنبيه، كلما دعت الضرورة، داخل الحكومة وعلانية أمام الرأي العام، والأمثلة على ذلك عديدة، ومنها ما يتصل بالحريات والإعلام والفن، ومنها ما يتصل بالإصلاحات الاقتصادية أو بالقرارات ذات الأثر الاجتماعي، ومن نتائج ذلك، يضيف المتحدث، أنه لم يحصل قط أن اتخذت الحكومة قرارا يعاكس، كليا، توجهات حزب التقدم والاشتراكية في هذه المجالات.
إلى ذلك أشار بنعبد الله، أن الحزب يتميز بموضوعيته في التحليل، وأن مشاركته في الحكومة لم تمنعه من أن تكون له جرعة انتقادية، في إطار النقد البناء والموضوعي الذي من شأنه أن يطور الأمور إلى ما هو أحسن بالنظر إلى حجم انتظارات عموم المواطنين والمواطنات.
وارتباطا بالزمن الحكومي، وبما تم تقديمه ردا على انتظارات المواطنات والمواطنين، شدد نبيل بنعبدالله على التوضيح بأن حصيلة الحكومة هي حصيلة لجميع الأحزاب المساهمة فيها، ورصيدها كل لا يتجزأ، وليس وقفا على حزب مشارك في الحكومة دون غيره من المشاركين، واصفا حصيلة وزراء حزب التقدم والاشتراكية في الحكومة بالإيجابية، في قطاعات الصحة والتشغيل والماء، بالإضافة إلى قطاع السكنى وسياسة المدينة وقطاع الثقافة.
وردا على سؤال تقديم الحزب حصيلته، دون باقي المشاركين معه في الحكومة، أشار الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى أن تقديم حصيلة الحكومة اليوم بشكل منفرد يأتي لأن حزب الكتاب مستقل وجزء من هذه التجربة ولأنه يعتبر أنه من الضروري أن يقدم الحساب للمواطنين والمواطنات دون أن يعني ذلك أنه يسعى إلى أن يستفيد من هذه الحصيلة لوحده أو أن يقول بأن له الفضل لوحده في نجاح هذه التجربة الحكومية التي انطلقت من ميثاق الأغلبية، كفكرة قدمت عند تأسيس هذا التحالف وساهم حزب التقدم والاشتراكية في صياغته وكان وفيا له.
بهذا الخصوص، أبرز بنعبد الله أن الالتزام مع الأغلبية في سعي لإنجاح التجربة تميز بالجرأة، رغم محاولات البعض إجهاض هذه الحكومة، حيث سبق أن قلنا، يضيف المتحدث” لا لمن يريد أن يعود بنا الى الماضي بالنسبة للتجربة الديمقراطية، ولحلفائنا بالأمس الذين خرجوا من هذه التجربة، ولمن كان يدفع في اتجاه شخصنة النقاش السياسي في بلادنا في اتجاه منع هذه الحكومة من الكلام ومن حق المساءلة أمام البرلمان، وهي صراعات فارغة قادها البعض وأدت الى تقوية لحمة هذه الحكومة”.
وشدد بنعبد الله على أن حزب التقدم والاشتراكية وهو يدخل هذه التجربة ظل وفيا لقيمه الفكرية والسياسية ومواقفه وتطلعاته وبكل ما آمن به طيلة عقود من الزمن والدليل على ذلك هو دفاعه المستميت عن الديمقراطية وعن التنزيل السليم لمضامين الدستور وعن مستلزمات التنمية الاقتصادية، وعن المقومات الأساسية لبناء العدالة الاجتماعية التي آمن بها دائما مناضلات ومناضلو حزب الكتاب. .
مصطفى السالكي