ظاهرة النينيو.. الخطر المحدق بالأمن الغذائي العالمي

مع إعلان المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، مؤخرا، بدء ظاهرة النينيو المناخية في المحيط الهادئ، تطفو على السطح إشكالية أثر مباشر لهذه الظاهرة المناخية القصوى: انعدام الأمن الغذائي في مناطق عديدة من العالم.
الخبراء في مجالي المناخ والزراعة يؤكدون بشكل قاطع: هناك ترابط وثيق بين ارتفاع درجات الحرارة العالمية واضطرابات في أنماط الطقس والمناخ، الناجمة عن ظاهرة النينيو، وأزمات الغذاء في العالم، نتيجة اضطراب دورات إنتاج المحاصيل الزراعية.
خلال لقاء نظمه مركز الصحافة الأجنبية في واشنطن، الخميس الماضي، رصد الخبير كاري فاولر، من مكتب وزارة الخارجية الأمريكية المكلف بالأمن الغذائي العالمي، المخاطر التي يواجهها العالم في ظل ظاهرة النينيو، لا سيما في مناطق جنوب شرق آسيا وإفريقيا الجنوبية وأمريكا الوسطى، في ما يتعلق بانعدام الأمن الغذائي.
ولاحظ أن النزاع الأوكراني الروسي فاقم من حدة الظواهر المناخية التي تؤثر سلبا على الأمن الغذائي العالمي، معربا، في هذا السياق، عن الأمل في تمديد مبادرة البحر الأسود للحبوب.
بحسب هذا الخبير، تترافق ظاهرة النينيو، بشكل نمطي، مع تسجيل انخفاض عالمي في النمو الاقتصادي وتأثيرات على مستوى الدول يمكن أن تستمر لسنوات، فضلا عن معاينة انخفاض عالمي في إنتاج بعض المحاصيل الأساسية: القمح والأرز والذرة.
وأشار إلى أن الدراسات المنجزة خلال السنوات الأخيرة، تؤكد الصلة الوثيقة بين تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن هذه الظاهرة، وبين تزايد حدة العنف، مستعرضا في هذا الصدد حالة القارة الإفريقية التي تشهد العديد من مناطقها نزاعات نتيجة تفشي ظاهرة الجفاف طويلة الأمد. إذ تلعب الظاهرة دورا هاما في أزيد من 20 في المائة من النزاعات في القارة السمراء منذ العام 1950.
يطال انعدام الأمن الغذائي أزيد من 800 مليون شخص في العالم، وفق ما أكده فاولر، مسجلا أن اهتمام وسائل الإعلام بهذا الوضع المقلق تراجع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، داعيا إلى تعزيز الوعي بهذا الوضع العالمي.
وللتصدي لظاهرة النينيو الحالية وتلك المستقبلية، يشدد الخبير على ضرورة الالتزام بأساسيات تحقيق الأمن الغذائي: تربة صحية وخصبة، ومحاصيل قادرة على التكيف مع التغير المناخي ومع ظروف السوق.
من جهتها، أبرزت سارة كابنيك، من الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، أن شهر يونيو الماضي سجل رقما قياسيا باعتباره الأكثر سخونة، بزيادة 0.13 درجة عن الرقم القياسي السابق في يونيو 2020، وعند درجة حرارة 1.2 مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مبرزة أهمية جمع المعطيات وفهم الظاهرة، من أجل مواجهة الاحترار المناخي.
وأشارت الخبيرة إلى احتمالية، وبنسبة 99 في المائة، أن تكون السنة الجارية واحدة من السنوات العشر الأكثر دفئا.
وسجلت الخبيرة في المناخ أن إمكانية التنبؤ بظاهرة النينيو، من خلال التوفر على معطيات قابلة للاستغلال لمدة تصل إلى ستة أشهر، تتيح إمكانية التخطيط بشكل استباقي واستشراف الوضع المناخي، لاسيما بناء القدرات على الصمود والتأقلم مع تأثيرات هذه الظاهرة المناخية.
يتوقع الخبراء أن تشتد حدة ظاهرة “النينيو”، التي تحدث في المتوسط كل سنتين إلى سبع سنوات، وتستمر نوباتها عادة من 9 إلى 12 شهرا، بشكل تدريجي، لتؤثر على الظروف الغذائية العالمية، بما في ذلك محاصيل الإنتاج الزراعي، وصحة مصايد الأسماك الساحلية، فضلا عن احتمالية حدوث الجفاف وسقوط الأمطار.
يتعلق الأمر بظاهرة مناخية تحدث بشكل طبيعي وتقترن بارتفاع درجات حرارة سطح المحيط في وسط وشرق المناطق الاستوائية في المحيط الهادئ. لكنها تحدث في سياق تغير مناخي ناجم عن الأنشطة البشرية.

Related posts

Top