خلدت السفارة الفلسطينية بالرباط بتعاون مع الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني الذكرى 51 لانطلاق الثورة الفلسطينية مساء الاثنين الماضي بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط.
وقد ألقى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، بهذه المناسبة كلمة ننشرها كما يلي:
معالي الدكتور زهير الشن سفير دولة فلسطين بالمملكة المغربية؛
الحضور الكريم؛
تلبية لدعوة كريمة من سفارة دولة فلسطين بالرباط، يطيب لي أن أشارك في هذا الاحتفال الذي تقيمه السفارة تخليدا لعيد انطلاقة الثورة الفلسطينية، مغتنما هذه المناسبة النضالية لتجديد التأكيد على المواقف المبدئية والتضامنية الثابتة لحزب التقدم والاشتراكية تجاه القضية الفلسطينية، التي كنا ونظل وسنبقى نعتبرها قضية وطنية يجب مواصلة إدراجها ضمن أولويات الأجندة المغربية، في إطار حرصنا الشديد على تعزيز أواصر التضامن والدعم والمساندة مع الشعب الفلسطيني الشقيق في مقاومته للاحتلال وفي كل نضالاته المشروعة من أجل إقرار حقوقه الوطنية التاريخية العادلة.
وأود، بداية، أن أعرب، مجددا، عن تضامننا المطلق واللامشروط مع الشعب الفلسطيني الصامد وقواه الوطنية، وتوجيه تحية تقدير وإكبار لصمود هذا الشعب الأبي المقاوم الذي يواجه، مع قواه الحية ومن داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، آلة البطش والتقتيل الإسرائيلية وممارساتها الاستفزازية المتصاعدة، ويتصدى لأعمال العنف الهمجي والاعتداءات الشنيعة والانتهاكات السافرة لقوات الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين العزل، ولجرائم تدنيس المقدسات في المسجد الأقصى ومدينة القدس الشريف، ويؤدي رغم معاناته ثمنا غاليا لدفاعه المستميت عن حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والعيش الآمن في دولة حرة، مستقلة، ديمقراطية، وقابلة للحياة.
ونحن إذ نجدد تضامننا المطلق واللامشروط مع الشعب الفلسطيني الصامد وقواه الوطنية المناضلة، ندعو، مرة أخرى، كل القوى الحية، في المغرب وعبر العالم، إلى اتخاذ ما يلزم من مبادرات سياسية ودبلوماسية تضامنية، ليس فحسب من أجل فضح وإدانة الممارسات القمعية للاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وإنما أيضا، وأساسا، لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني العادل والمشروع، ودعم صموده في وجه الغطرسة الصهيونية، وتقديم مزيد من الدعم للقضية الفلسطينية، في الساحة الوطنية كما وفي المحافل العربية والدولية.
وأتحدث هنا من موقع من رأى ليس كمن سمع. ذلك أنه تهيأ لنا، في حزب التقدم والاشتراكية، أن نقف، عن كثب، أي في عين المكان، على مدى فداحة وهول وكارثية المأساة التي لا يزال الشعب الفلسطيني يعاني منها ويئن تحت وطأتها، التي ما انفكت تشتد وتشتد.
فقد حصل لي الشرف أن أقود وفدا من حزب التقدم والاشتراكية قام بزيارة عمل وتضامن إلى أرض فلسطين الشقيقة في الفترة الممتدة من 23 إلى 29 غشت 2014. وهي زيارة تمت، كما هو معلوم، بدعوة من السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة فتح، وشملت أساسا الضفة الغربية، بالنظر لكون سلطات الاحتلال منعت هذا الوفد من التوجه إلى قطاع غزة في أثناء العدوان الإسرائيلي الغاشم.
وخلال هذه الزيارة التضامنية، التي تعد الأولى من نوعها لحزب سياسي مغربي لأرض فلسطين الشقيقة، تمكنا من أن نعقد لقاءات مثمرة عديدة سواء مع الرئيس الفلسطيني الأخ محمد عباس أبو مازن ورئيس الوزراء والمجلس التشريعي وعدد من المحافظين ورؤساء البلديات وقيادات رفيعة من كل الفصائل التقدمية واليسارية في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، التي وقعنا معها بروتوكولا تعاونيا هاما، وفعاليات من المجتمع المدني فضلا عن تنظيم زيارات إلى عدد من المرافق الثقافية والمآثر التاريخية والمؤسسات الدينية والأكاديمية والتعليمية والتربوية والوحدات الاقتصادية وغيرها، متوجين كل ذلك بنتائج مهمة، سواء على مستوى تعزيز العلاقات الأخوية المتميزة وأواصر التعاون والتآزر الراسخة، القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين، من جهة، أو على صعيد العلاقات التضامنية الأخوية العميقة التي تجمع حزب التقدم والاشتراكية وكل القوى الوطنية الحية للشعب الفلسطيني الشقيق.
وقد فهمنا من إخواننا ورفاقنا الفلسطينيين أن هذا النوع من الزيارات يسهم بشكل مباشر، أي على أرض الواقع ومن داخل الأراضي الفلسطينية، في دعم الشعب الفلسطيني الصامد وفي كسر الحصار الظالم المفوض عليه والذي يعاني من ويلاته وآثاره وتبعاته الجمة على مستويات حيوية متعددة تشمل مختلف مناحي الحياة.
وتقوى لدينا، من خلال هذه الزيارة التضامنية، ما كنا نشعر به عن بعد، وندعو إليه بإلحاح، ألا وهي ضرورة الانخراط الايجابي والإسهام الفعال في برمجة وتمويل وتنفيذ مشاريع في إطار بيت مال القدس ولجنة القدس، التي يرأسها جلالة الملك محمد السادس، من أجل دعم القدس الشريف وصمود المقدسيين وسائر الفلسطينيين في وجه الاحتلال الإسرائيلي، مع تشديدنا، هنا والآن وفي كل مكان وأوان، على رفض منطق اشتغال بعض الجهات بل وانشغالها بتحقيق مكاسب سياسية أو مصالح دبلوماسية على حساب القضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، نعرب مجددا عن استعداد حزب التقدم والاشتراكية للعمل، مع أشقائنا الفلسطينيين وسائر القوى الوطنية الديمقراطية المعنية، من أجل أن تسترد القضية الفلسطينية مكانتها كقضية ذات أولوية قصوى، قضية يجب أن تتبوأ صدارة الأحداث، وأن يتم التعاطي مع تطوراتها ومساراتها على نحو يحول دون تمكن الاحتلال الإسرائيلي المقيت من عزلها ومحاصرتها، عبر استغلال الانشغالات الداخلية للدول العربية، أو للنزاعات البينية القائمة فعلا أو المفتعلة.
في هذا المضمار، وكما جاء في بيان أصدره حزب التقدم والاشتراكية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نونبر)، طبقا للقرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977، لن يفوتني أن أسجل ارتياح حزبنا لحرص الحكومة الفلسطينية على تجديد تأكيدها لموقفها الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية ودعمها للمقترحات الهادفة لتسوية نزاع الصحراء، والتعبير عن رفض دولة فلسطين المطلق والواضح لكل المقارنات المغلوطة والمشبوهة بين قضية الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية، من منطلق إيمانها وموقفها المبدئي بضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة كل الدول العربية، ولكون القضية الفلسطينية هي قضية احتلال أجنبي استعماري لـأرض دولة فلسطين.
أيها الحضور الكريم؛
أود، في الختام، أن أغتنم هذه الفرصة السانحة للتأكيد، مجددا، على رغبة حزب التقدم والاشتراكية، القوية والصادقة، في تطوير علاقاته، المتميزة أصلا، مع كل القوى الوطنية الفلسطينية الحية والمناضلة، وتقوية ما يجمعنا من وشائج النضال المشترك، متمنيا أن يتم، في القريب العاجل، وخير البر عاجله، تعزيز وحدة الصف الفلسطيني وتماسكه، كأداة ناجعة ولا محيد عنها لبناء الدولة الفلسطينية الموحدة، المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مع الحفاظ على طابعها العربي الإسلامي وموروثها الإنساني، والمضي، قدما، نحو تحقيق السلام العادل، الشامل والدائم في المنطقة.