قرر مجلس بنك المغرب، خلال اجتماعه أول أمس الثلاثاء بالرباط، رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2,50 في المائة. وتهدف هذه الزيادة إلى تفادي عدم تثبيت توقعات التضخم، وتسهيل عودة التضخم إلى نسب تنسجم مع هدف استقرار الأسعار.
وأوضح البنك، في بلاغ صدر عقب الاجتماع الفصلي الرابع والأخير لمجلسه برسم سنة 2022، أنه سيواصل التتبع عن كثب للظرفية الاقتصادية والضغوط التضخمية على الصعيدين الوطني والدولي على حد سواء.
وأورد المصدر ذاته أن المجلس تدارس خلال هذا الاجتماع التطورات الأخيرة التي شهدتها الظرفية الاقتصادية العالمية وسجل أنها لا تزال تتسم باستمرار النزاع في أوكرانيا والانقسام الجيوسياسي والاقتصادي وتداعيات الجائحة.
وأضاف بنك المغرب أنه رغم ظهور بوادر لتراجع التضخم في عدد من الدول، إلا أنه يظل على العموم جد مرتفع، مما يدفع البنوك المركزية إلى مواصلة التشديد المتزامن لسياساتها النقدية، مشددا على أنه نتيجة لذلك، فإن الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي تستمر التوقعات في التدهور مع توقع حدوث تباطؤ قوي في النمو خلال سنة 2023.
وعلى الصعيد الوطني، أشار المجلس إلى أن هذه الظرفية تلقي بظلالها على النشاط الاقتصادي وعلى تطور التضخم، حيث يرتقب أن يظل هذا الأخير في مستويات مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعا في شتنبر، متأثرا بالأساس بالضغوط الخارجية التي تنتقل إلى السلع والخدمات غير المتبادلة وبتنفيذ إصلاح نظام المقاصة ابتداء من سنة 2024.
وأفادت توقعات بنك المغرب بتسارع وتيرة ارتفاع التضخم ليصل إلى 6,6 في المائة برسم سنة 2022، بعد أن بلغ 1,4 في المائة في 2021، مدفوعا بالأساس بتسارع وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وزيوت التشحيم. كما يرتقب أن تصل نسبة التضخم إلى 3,9 في المائة في المتوسط سنة 2023، قبل أن ترتفع مجددا إلى 4,2 في المائة سنة 2024، نتيجة الرفع المبرمج للدعم عن المنتجات المذكورة.
في سياق متصل، أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن الوقت ما زال مبكرا لاستشعار تداعيات الزيادات في سعر الفائدة الرئيسي التي تم إجراؤها خلال شهري شتنبر ودجنبر من السنة الجارية.
وسلط الجواهري، متحدثا خلال ندوة صحفية عقب الاجتماع الفصلي الرابع والأخير لبنك المغرب برسم سنة 2022، الضوء على أثر “التأخير” الذي يمكن أن تتسم به الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي من حيث الانتقال إلى أسعار الفائدة المطبقة من طرف البنوك.
وذكر الوالي، في هذا الصدد، بسببين رئيسيين في هذه الملاحظة، وهما صعوبة تغيير أسعار الفائدة المطبقة على العقود البنكية قبل حلول تاريخ استحقاقها، وكذا الوقت الذي يستغرقه رفع معدل التضخم قبل العودة إلى مستواه المقبول.
وقال “تظهر توقعاتنا أن التضخم سيصل إلى 6,6 في المئة في سنة 2022 قبل أن يتراجع إلى 3,9 في المئة في 2023. وهو معدل ما زال يتجاوز هدف استقرار الأسعار”، مشيرا إلى أنه من اللافت أن التضخم يستمر في التباطؤ بشكل ملحوظ.
من جهة أخرى، اعتبر الجواهري، بأن الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي تخدم الادخار، في ظل أسعار الفائدة الفعلية السلبية تحت تأثير الضغوط التضخمية، مؤكدا أن “الزيادة في أسعار الفائدة التي نقوم بها من شأنها دفع الزبناء إلى المطالبة بمكافآت أفضل على مستوى النظام البنكي. وذلك لا يعني أنهم سيتمكنون من الحصول على مكافآت إيجابية دفعة واحدة، لكن الفرق على المستوى السلبي سيتقلص”.
وسلط، في هذا الإطار، الضوء على ارتفاع التداول النقدي الذي زاد بنسبة 20 في المئة خلال فترة الأزمة الصحية، قبل العودة إلى وتيرته العادية.
<عبد الصمد ادنيدن