منذ أن أقرت منظمة «اليونيسكو» يوم 21 مارس عيدا عالميا للشعر استجابة لملتمس قدمه الرئيس الأسبق لجمعية بيت الشعر بالمغرب الشاعر الدكتور محمد بنيس، وبتزكية قوية من طرف رئيس الحكومة ءانذاك الراحل الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، دأب بيت الشعر على تخليد هذا اليوم في كامل التراب الوطني، بتنظيم قراءات شعرية ولقاءات مع الشعراء ولاسيما في رحاب المؤسسات التعليمية لتقريب الشعر من الناشئة وتحبيبه لها… كما دأب بيت الشعر في المغرب على اختيار شاعرٍ عالمي لكتابة كلمة موجهة لهذه المناسبة الكونية التي يحتفي بها كل شعراء الكون وسائر محبي الشعر..
وقد وقع اختيار بيت الشعر لتوقيع كلمة هذه السنة (21 مارس 2024) على الشاعر الإيطالي الكبير جوزيبي كونتي، كما كان تصميم ملصق هذا العام من توقيع الفنان الفوتوغرافي عادل أزماط.
ماذا يمكنُ للّشعراء أن يقومُوا به في عالمٍ يبدُو متوجّها نحو الكارثة، في حين أنّ حربًا دمويّة تستمرُ في قلب أوروبا، وفي حين يتم افتراض استخدام قنابل ذرية في ظلّ هذيان التهديدات القيّامية، وفي قطاع غزة يستمِرُّ ارتكابُ مجازر وجرائم ضدّ الإنسانية كتلك التي نشهدها كل يوم والتي تزدادُ وحشية وتخريبا؟
أظنّ أنه لا ينبغي للشّعراء أن يستسلموا ويرضخُوا أو يعتقدوا أنه لا فائدة من رفْع أصواتهم وأنشوداتهم في وجه المُعاناة والفظائع: على العكس، عليهم الغناء بصوتٍ أعلى، وتمجيد الكرامة والجمال، والرحمة والسلام، والتأكيد على أنّ الشّر والعنف يترسّخان في المجتمع كلما تمّ تهميش الثقافة الإنسانية والشعر، وكلما تُرك المجال مفتوحا للاقتصاد وللتقنية وأخيرا للأسلحة للسيطرة المطلقة.
الشّعر هو جوهرُ الإنساني: جوهر الأخوة بين جميع البشر، وجوهر الأخوة بين جميع البشر والعالم الطبيعي والكوكب. الشّعر هو طاقة اللغة، والروح، والحلم، واليوتوبيا، هو كلّ شيءٍ مقدّس وحُر ظل بيننا. لنحبَّه، ولنحتفيَ به مع وصول الاعتدال الربيعي الذي لا يزال وعْدا دائما بمزيدٍ من الضوء والازدهارات الجديدة. ندعُو إلى وقف إطلاق النار في كلِّ مكان فيه قتل ونرفع علمَ الشعر لنقول:
هنا لا يُمكن ضربُ أي طفل، ولا إطفاء أيُّ حلم بالحياة، ولا إنكارُ كرامة أحد.
أنا أبحثُ دائمًا عن ربيعات جديدة، ولأنني عرفتُ اليأس فإنني أصبحتُ الآن أؤمنُ بالأنشودة وبالزهرة التي تتفتّح وبالأمل. أدعوكم جميعاً، أيها الإخوة الشعراء، وأصدقاء الشعر اليائسين، إلى القيام بذلك.
> بقلم: جوزيبي كونتي (إيطاليا)
ترجمة: دة. سناء درغموني (المغرب
تصوير رضوان موسى