جرى أول أمس الخميس بمقبرة الرحمة بالدار البيضاء تشييع جثمان الراحل عبد الله شقرون، أحد أعلام الثقافة والإعلام والفن، الذي وافته المنية عن سن يناهز 91 سنة بالعاصمة الاقتصادية. وقد ووري جثمانه الثرى عقب صلاة العصر في أجواء مهيبة بحضور عامل إقليم النواصر السيد حسن الزيتوني، والعديد من الفعاليات من عالم الفن والثقافة والرياضة والإعلام والسياسة والاقتصاد فضلا عن أسرة الفقيد ومقربيه.
وبالمناسبة قال الأستاذ مولاي اسماعيل العلوي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن وفاة الراحل عبد الله شقرون، شكلت بالنسبة إليه صدمة. وبعد أن أشار إلى أن المغرب فقد بغياب عبد الله شقرون مثقفا ملتزما، أعرب عن متنمياته في أن تخلف هذا الكاتب أجيال مماثلة لمناصرة قضايا الثقافة وإعلاء كلمتها.
ومن جانبه قال المسرحي أنور الجندي إن عبد الله شقرون كان شخصية فذة ورجلا اجتمع فيه ما تفرق في غيره، مستطردا أن المغاربة يكفيهم فخرا أنه ظل لعشر سنوات متتالية متربعا على كرسي اتحاد الإذاعات العربية، وأن جل نجوم الدراما المغربية تتلمذوا على يديه.
وتجدر الإشارة إلى أن الراحل ودع الحياة مخلفا وراءه ثروة مليئة بالعطاء والبحث والإبداع في مجالات كان أبرزها أب الفنون (المسرح).
وقد تقلد قيد حياته في الإذاعة ثم في التلفزة المغربية، مختلف المسؤوليات الإبداعية والإعلامية والإدارية، منتجا ومخرجا للبرامج وصحافيا ومحررا ومذيعا للأخبار، فرئيسا مسيرا لبعض المصالح والأقسام ومديرا للتلفزة. وبفضل نشاطه الإعلامي والإذاعي والمسرحي اشتغل الفقيد رئيسا لقسم التمثيل العربي بالإذاعة المغربية ثم التحق للعمل بتونس.
وبعد دراسته لفنون المسرح في باريس عاد الراحل إلى المغرب، حيث التحق مجددا بالإذاعة المغربية واستأنف مسيرته الإعلامية والفنية خاصة في مجال المسرح.
***
الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يعزي أسـرة المرحوم الأستاذ عبد الله شقرون
مثقف متنور وحداثي.. كرس حياته للنضال الفكري الخلاق والمستميت
تلقيت بأسى كبير وحزن عميق، نبأ وفاة المشمول بعفو الله، الأستاذ عبد الله شقرون رحمه الله، الذي وافته المنية بمدينة الدار البيضاء عن عمر يناهز 91 سنة.
وفي هذه اللحظة المؤثرة، لا يسعني إلا أن أستذكر المحطات المنيرة في حياة الأستاذ الراحل السي عبد الله، والمنجزات التاريخية التي حققها في مختلف مجالات الحياة الثقافية والإعلامية، كمثقف متنور وحداثي، وفاعل مسرحي أصيل متألق تأليفا واقتباسا وإخراجا منذ سنة 1949، ومؤسس ومؤطر لعدة فرق مسرحية، ومسؤول إداري مقتدر كفء، وعضو نشيط في اتحاد كتاب المغرب، علاوة على إسهاماته الغنية كخبير ومستشار في التعاون الدولي متعدد الجوانب لدى منظمات وهيئات إذاعية وتلفزيونية في العالم العربي وإفريقيا.
كما أستحضر بنفس المناسبة، مسيرة حياته الحافلة بالنضال الفكري الخلاق والمستميت، وبالجدية والاستقامة في العمل، وبرصيده الضخم من الدراسات والمصنفات والمؤلفات باللغتين العربية والفرنسية حول الأدب الشعبي وفن المسرح والممارسة الإذاعية..
وأستذكر، على وجه الخصوص، خصاله الإنسانية وأخلاقه العالية، المتسمة بالحس الإبداعي المرهف، وبالحرص الصارم على رعاية أسرته الصغيرة، والعشق الصادق لرفيقة دربه، والطيبوبة والسخاء والتواضع.
وأمام هذا المصاب الجلل، أتقدم باسمي الشخصي، ونيابة عن قيادة ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية، بأحر عبارات التعازي وصادق مشاعر المواساة، إلى السيدة الفاضلة زوجته جميلة بنعمر وأبنائه البررة، ولكافة الأصهار والأقارب والمعارف والأصدقاء، سائلا الله عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع الرحمة والرضوان، ويلهمكم جميل الصبر والسلوان وحسن العزاء.
لقد ترك، رحمه الله، فراغا كبيرا لا يعوض.. وعطاء قيما لن يفنى.. فشكرا له على كل شيء.. وجازاه الله عنكم وعنا خير جزاء، لما أسداه من خدمات جليلة لوطنه وشعبه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الرباط، في 16 نونبر 2017
محمد نبيل بنعبد الله
الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية
***
شهادات في حق فقيد المسرح المغربي عبد الله شقرون
يجمع مختلف الذين واكبوا التجربة الثقافية والفنية للمرحوم عبد الله شقرون على قيمته الرفيعة وعلى دوره البارز في تطوير الحركة الثقافية وكذا الإعلامية ببلادنا، كما يجمعون على خصاله الحميدة وتواضعه.. تواضع العلماء، وفي ما يلي بعض الشهادات التي استقيناها على إثر فقدانه الأليم.
الكاتب المسرحي المسكيني الصغير
عبد الله شقرون كان أستاذا ومربيا لكل الأجيال
المرحوم عبد الله شقرون كان أستاذا ومربيا لكل الأجيال، كما اشتهر بتقديمه للكثير من الأعمال المسرحية الإذاعية التي تعرف عليها المغاربة عبر أمواج الإذاعة الوطنية، والتي كان يشخصها معه العديد من المسرحيين والممثلين المشهورين في الساحة المغربية اليوم.
والأستاذ عبد الله شقرون عرف أيضا، بغزارة إنتاجه من خلال كتاباته ومنشوراته، علاوة على اعتباره مؤرخا كبيرا للمسرح المغربي بمختلف تجاربه، حيث ترك لنا العديد من المؤلفات التي تعتبر مرجعا للذاكرة المغربية.
فقدان الرجل يجعلنا نقدر مكانة الرجل، العالم، المعلم، الأستاذ، الذي تخرج على يديه مجموعة من الفنانين المغاربة.
والرجل تقلد العديد من المناصب الإدارية، وكان جديا ومجتهدا في أعماله، ويعتبر قدوة للموظف العامل المجتهد الذي حافظ على مكانته.
فقدان هذا الرجل يجعلنا أيضا نستعيد ونستقرئ كل الأعمال التي اشتغل عليها في الإخراج، والتأليف، والتشخيص، سواء ما يسمى بالمسرح الإذاعي أو التشخيص على ركح المسرح.
عبد الله شقرون كانت له مكانة كبيرة ومعتبرة في المجال الثقافي بالمغرب، كما أن الرجل يعزه كل المسرحيون والمثقفون من خلال سلوكه وطريقته في التعامل وتشجيعه لكل العاملين في الحقل الثقافي بالمغرب.. فرحمة الله عليه.
الممثل صلاح الدين بنموسى
عبد الله شقرون المسؤول الإداري المثقف والخبير
يعد عبد الله شقرون، من بين المسؤولين الإداريين القلائل الذين يمتازون بثقافتهم الموسوعية، في مجال الأدب، والمسرح، والسينما، كان يثق في الشباب ويعطي الفرصة للطاقات والمواهب دون حواجز وعراقيل إدارية.
فعبد الله شقرون من بين المؤسسين لفن التمثيل قبل الكتابة، فلا زلت أذكر كيف أنه كان ينظم تداريب صعبة في المعمورة، خلال سنة 1956، اكتشف خلالها العديد من الممثلين والمسرحيين والفنانين الذين لهم صيت اليوم في الساحة الثقافية، أمثال، أمينة رشيد، وحبيبة المذكوري، ومحمد حسن الجندي، إلى غيرها من الأسماء التي تتلمذت وتربت على يديه، لتشارك معه فيما بعد في أعمال مسرحية إذاعية.
فعبد الله شقرون، أقل ما يجب أن يقال عنه، هو أنه مثقف كبير وملتزم، غزير المعرفة، خبير في شؤون المسرح، والأدب، والسينما، والإذاعة والتلفزة، والشاهد على ذلك هو مسلسلاته، وكتبه، ومسرحياته، حيث أكد وجوده في الساحة، ووضع بصمته، رغم المنافسة الشرسة التي كان يواجهه بها البشير العلج، الذي كان يقدم سكيتشات كل يوم أحد تحت عنوان قار له “اضحك معي”.
فالمرحوم، زاوج بين العمل الأكاديمي والمهني، إلى جانب تقلده لمناصب المسؤولية في الإدارة المغربية، والعربية، كرئاسته لاتحاد الإذاعات العربية بتونس.
إنه مدرسة بكل المقاييس، حيث كل سنة كان يصدر كتاب جديد يغني به الخزانة المغربية.
وعرف الراحل عبد الله شقرون أيضا، بكتابته للأغاني الخالدة كأغنية؛ “يا بنت المدينة”، “يال المسرارة”.. كما أنه، كان مثقفا مزدوجا، باللغتين الفرنسية والعربية.
والإذاعة في عهد عبد الله شقرون، عملت على تخريج كتاب وأصوات ومسرحيين وفنانين.
كما أن ظاهرة الاقتباس في العمل المسرحي ارتبطت بشكل كبير بعبد الله شقرون، فالطيب العلج من بين من استفادمن تجربته في هذا المجال، وعبد ربه استفاد هو الآخر من هذه العملية الجديدة في العمل المسرحي..
إنه الأستاذ الكبير بمعنى الكلمة.
***
الاعلامي محمد الغيداني
تألق في إعداد برنامج شهير تحت اسم “مشاكل وحلول”
تألق الأستاذ عبد الله شقرون في كتابة نصوص البرنامج التلفزيوني “مشاكل وحلول” الذي كان يقدمه وينشطه الإعلامي المتميز الراحل محمد بناني، يقول الأستاذ عبد الله شقرون: “لقد بدأت في إنتاج هذا البرنامج التلفزيوني بكتابة نصوصه التمثيلية الأصلية وعرضه على العموم في اليوم الخامس من شهر يونيو 1963، على أمل أن يكون أسبوعيا، وتفاهمت في هذا الصدد مع الممثلين على أن أوافيهم بنسخة العمل التمثيلي مسبقا، أما فيما يتعلق باختيار الخبراء الذين سيناقشون موضوع الحلقة فإن الاتصال بهم وشرح تفاصيل الموضوع لهم وإقناعهم بالحضور مساء إلى التلفزيون بالطابق الرابع من مسرح محمد الخامس في الرباط، فتلك مهمة الصحافي المقتدر الراحل محمد عثمان بناني منشط البرنامج ومقدمه”.
ومن بين العلماء والمفكرين والمحامين وأساتذة الجامعة والأدباء والصحافيين الذين شاركوا عدة مرات في برنامج “قضايا وحلول” يمكن التذكير بـ: مولاي عبد الواحد العلوي المدغري وحماد العراقي والشيخ المكي الناصري والقاضي محمد حكم وعبد الرحمان بن عبد النبي وعبد الكريم غلاب ومحمد عزيز الحبابي ومحمد ميكو وحبيبة البورقادي ومحمد بلحسين وزهور الأزرق وعبد الكريم الفلوس ومحمد العربي المساري والزاهية الصقلي ورشدي فكار وعبد الرحمان بلفضيل ومحمد الوكيلي … ويضيف عبد الله شقرون أنه في سنة 1964، تم استئناف البرنامج كل أربعاء، وهذا نموذج للتمثيليات التي قدمت فيه “تمثيلية غلاء المهور، ثم تمثيلية بنت الـ 20 عام، والموظفة، ثم تحديد النسل، وقتل الوقت… وجدير بالذكر أن مدة التمثيلية لا يتجاوز نصف ساعة. وكان شقرون ينتج للإذاعة والتلفزيون، طوال سنوات من 1963 إلى 1973، وكان من الصعب علي خلالها، يقول شقرون، الاستمرارية والمداومة على الإنتاج التمثيلي الوافر مع تحملي مسؤوليات الإدارة والتسيير على رأس التلفزة المغربية زمنا، وكذا على رأس المصالح الإدارية والمالية للإذاعة والتلفزة المغربية، اللهم إلا ما كان من التمثيليات التي بقيت أعواما أكتبها وأختار مواضيعها للبرنامج التلفزيوني الذي كان يذاع على الهواء، “مشاكل وحلول”، وقد تجمعت عندي منها ذخيرة لا بأس بها، بدأت بسكيتشات وقطع صغيرة لمدة نحو عشرين أو خمس وعشرين دقيقة في سنة 1963، وانتهت بمسرحيات وتمثيليات تستغرق الواحدة منها نحو الساعة تشخيصا أمام الشاشة الصغيرة ومباشرة، وكان هذا العمل أسبوعيا قبل أن يصبح مرة كل أسبوعين، وتلك التمثيليات باللسان الدارج..
***
الفنان محمد الدرهم
عبد الله شقرون كان رجلا غزير المعرفة والثقافة
أتقدم بأحر التعازي لعائلة الكبير عبد الله شقرون، وكذلك العائلة الفنية المغربية، التي فقدت رجلا كبيرا سهر على تعليم وتربية العديد من الأجيال. كان مناضلا فذا في جميع الواجهات؛ الأدبية، والمسرحية، والسينمائية، والإذاعية أيضا.
فعبد الله شقرون، تعلمنا منه الشيء الكثير، من قبيل؛ أدب المجالس، والحوار، وتحمل المسؤولية، والعطاء، ويبقى من بين الأستاذة الكبار الذين بصموا الحياة الثقافية المغربية بأعمالهم ومؤلفاتهم التي أثرت الخزانة الأدبية للمغرب.
عرف الرجل باجتهاده الكبير وريادته على مستوى الدراما الإذاعية، خلال فترة الستينات والسبعينات، حيث كانت الجماهير تتعطش للاستماع له على أمواج الإذاعة الوطنية، الأمر الذي خول له تحمل المسؤولية في منصب كبير كرئيس لاتحاد الإذاعات العربية.
الممثلة نعيمة إلياس
مؤلفات عبد الله شقرون صدقة جارية
عبد الله شقرون واحد من الأعمدة الكبيرة للفن بالمغرب، عرف بكفاءته وإنتاجه الغزير في المسرح، والأدب، والسينما.
عرفته بصدقه، ووفائه، وطيبوبته، وكرمه.
كان رجلا كبيرا، ومثقفا واسعا، بل إنه خزانة متنقلة أينما حل وارتحل.
فكلما ألف كتابا ونشره، إلا وبعث لي بنسخة منه عن طريق البريد، حتى أطلع عليه، وأتقرب من تجربته، وفكره، ورؤيته المسرحية التي أثرت الساحة الثقافية، والخزانة المغربية بأفكار جديدة، تمتح قوتها من الثقافة الفرنسية والعربية التي كان يتقنهما معا.
فكل انتاجات الكبير عبد الله شقرون صدقة جارية في حق الفنانين، والأكاديميين، والكتاب، والمهنيين، والمسرحيين، التي تتلمذ وسيتتلمذ عن طريقها أجيال جديدة ممن اختار فن الركح والسينما والإذاعة.
فللأسف لم يسبق لي أن اشتغلت معه في أي عمل فني، غير أنني كنت دائما أتوق للقائه قصد الاستفادة من تجربته وخبرته في الحياة الفنية والثقافية، على اعتباره من بين الكبار الذين راكموا تجربة واسعة وكبيرة في حقل الأدب والفن بالمغرب.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
اعداد: يوسف الخيدر