نزح آلاف السكان من منازلهم في شمال شرق مالي خوفا من تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى الذي يشن هجوما في المنطقة، وفق ما أفادت مصادر محلية وكالة فرانس برس.
أطلق التنظيم هجوما في منطقتي غاو وميناكا في مارس، ما أدى إلى اندلاع قتال عنيف مع جماعات مسلحة محلية وتنظيمات جهادية منافسة.
وقال ناشط في مجال حقوق الانسان لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته، “إذا لم يفعل شيء ستحتل المنطقة برمتها”.
وأكد شهود ومصادر أخرى اتصلت بها وكالة فرانس برس أن تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى يتوغل بشكل مستمر في المنطقة النائية والخطرة، ويؤكد نشطاء حقوقيون أنه تم إعدام مدنيين.
لطالما كانت غاو وميناكا الإستراتيجيتان في محور أزمة النشاط الجهادي المستمر منذ عقد في مالي.
منذ عام 2012، لقي الآلاف حتفهم ونزح مئات الآلاف جراء التمرد الذي امتد إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.
وأدى الغضب إزاء تنامي الخسائر بضباط الجيش المالي إلى القيام بانقلاب عام 2020. واستعانت المجموعة العسكرية الحاكمة بقوات شبه عسكرية روسية – وهي خطوة دفعت فرنسا لسحب قواتها التي قاتلت الجهاديين طيلة تسع سنوات.
وتحيط المدينتين منطقة صحراوية يسكنها أساسا الرحل.
شهدت ميناكا وغاو اشتباكات بين الطوارق الساعين للاستقلال والجيش المالي بين عامي 2012 و2015، وتحمل حاليا وزر القتال بين تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى ومجموعة متنوعة من الجماعات المسلحة.
الجماعات المناهضة لتنظيم الدولة الإسلامية تشمل تنظيم القاعدة ومقاتلين مؤيدين للاستقلال أبرموا اتفاق سلام مع الحكومة عام 2015 ومقاتلين طوارق موالين للحكومة حاربوا في السابق الجماعات المؤيدة للاستقلال.
وأبلغت الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية عن اعتداءات متكررة لتنظيم الدولة الإسلامية بحق سكان قرى اتهمهم بدعم القوات المناهضة له أو برفض تقديم السند لمقاتليه.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الشهر الماضي إن مئات القرويين قتلوا في مجازر ارتكبها مقاتلو التنظيم.
وأكد مسؤولون محليون وعاملون في المجال الإنساني لوكالة فرانس برس مقتل 11 شخصا الاثنين في غارة شنها مسلحون على دراجات نارية على مخيم للنازحين في كادجي الواقعة بمحيط غاو.
وقال رئيس “حركة إنقاذ أزواد” موسى أغ الشراتومان إن “مناخ رعب” يسود المنطقة.
وأضاف “الحياة الاقتصادية توقفت كليا والطرق دمرت”.
وتابع “(إنها) أزمة إنسانية غير مسبوقة”، مؤكد أن ميناكا مليئة بالنازحين.
وقال عمدة إحدى ضواحي ميناكا إنه لم يبق أحد في منطقته.
وأفادت وثيقة للأمم المتحدة صدرت هذا الشهر بوصول نحو 60 ألف نازح إلى غاو.
وتشدد عدة مصادر أن الجهاديين ملأوا الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الفرنسية.
وتمثل الحدود مع النيجر المجاورة الخط الذي يتوقف عنده القتال، إذ يتلقى الجيش النيجري دعما جويا وبريا من قوات أجنبية من بينها قوة “برخان” الفرنسية.
على الجانب المالي للحدود، يتحصن الجيش في ميناكا، وهو تكتيك يترك “الطريق مفتوحا” للجهاديين بحسب ما قال لوكالة فرانس برس مسؤول محلي منتخب فر إلى باماكو.
يرسم هذا المسؤول وفاعلون آخرون صورة مروعة للحياة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجهاديين.
وأضاف المسؤول “إذا لم تكن معهم، فأنت ضدهم”.
ويتعين على القرى التي استولى عليها المسلحون دفع الزكاة للجهاديين والالتزام بتأويل متشدد للشريعة.
وقال عامل إغاثة في أنسونغو إنه جرى في قرية تين-هاما رجم شريكين غير متزوجين يبلغان 50 و36 عاما حتى الموت في شتنبر.
وتابع المصدر “حفروا حفرة في يوم السوق الأسبوعية ووضعوهما… فيها حتى أوراكهما ثم رشقوهما بالحجارة”.
وأكد مصدر أمني في النيجر أن القوات الموالية للحكومة تحاول الحصول على مساعدة خارجية.
تتمثل إحدى الأفكار في تشكيل تحالف مع المتمردين السابقين في “تنسيقية حركات أزواد” و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” وهي تنظيم غامض يقوده الطوارقي الموالي للقاعدة إياد أغ غالي.
لكن دبلوماسيا إفريقيا في باماكو اعتبر أن فرص تشكيل جبهة مشتركة ضعيفة.
وقال الدبلوماسي “من الناحية السياسية، يبدو من المستبعد التعاون بشكل علني مع القاعدة حاليا”.
<أ.ف.ب