جرسيف: رمضان .. عادات وتقاليد متأصلة احتفاء بالشهر الفضيل

على غرار مناطق أخرى بالمملكة، تستعد العائلات بمدينة جرسيف بجهة الشرق لاستقبال شهر رمضان بوضع آخر الترتيبات التي تنضح بعبق الأصالة المغربية، من خلال ترسيخ وإحياء عادات وتقاليد متجذرة ومتوارثة عبر الأجيال. ومع حلول شهر رمضان المبارك، تقوم النساء باقتناء مستلزمات ومتطلبات هذا الشهر الكريم. كما أن النساء بمختلف أحياء المدينة وقرى المنطقة يجتهدن ويتنافسن في تحضير الحلويات بأشكالها ونكهاتها المختلفة.
تعكس استعدادات الأسر الجرسيفية لهذا الشهر الفضيل، مدى ارتباطها بتقاليد الأجداد الراسخة في ذاكرتهم، وكذا المجهودات التي تبذلها النساء ، بشكل خاص، لإبراز قدراتهن وخبرتهن في التفنن في الطبخ وإعداد مأكولات متميزة تؤثث موائد الإفطار في هذا الشهر المبارك .
وتبدأ التحضيرات لاستقبال الضيف الكريم في الأسابيع الأخيرة من شهر شعبان، حيث تنشغل الأسر باقتناء مختلف السلع والمواد الغذائية الأساسية المستخدمة سواء في إعداد الأطباق اليومية أو في صناعة أشكال وأصناف متعددة من الحلويات والمملحات وغيرها.
ومع اقتراب شهر الغفران تدب الحياة في مختلف شوارع جرسيف وأسواقها وكذا مراكزها التجارية التي تشهد إقبالا كبيرا ورواجا تجاريا منقطع النظير ، خاصة السوق اليومي ” سوق مليلية ” والمحلات التجارية المنتشرة بمختلف أحياء ووسط المدينة.
وفي هذا السياق، تقول الفاعلة الجمعوية فاطمة فارس، إن العائلات بمدينة جرسيف، وعلى غرار باقي الأسر في مناطق أخرى مغربية، تحرص دوما على الحفاظ على تقاليدها وعاداتها المتسمة بالتنوع والغنى.
وأشارت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن نساء المنطقة وطيلة الأسابيع الأخيرة من شعبان، ومع حلول شهر رمضان المبارك، يقمن باقتناء مستلزمات ومتطلبات هذا الشهر الكريم. كما أن النساء بمختلف أحياء المدينة وقرى المنطقة يجتهدن ويتنافسن في تحضير الحلويات بأشكالها ونكهاتها المختلفة.
وقالت الفاعلة الجمعوية، إن أكلات “البركوكش” و”أحلاو” أو “صيكوك” الذي يتم إعداده بالذرة واللبن ، وكذا الكسكس البلدي ومشتقاته ، و” الحريرة ” ، و” التريد بالدجاج البلدي “، تعد من أبرز الأطباق التي تؤثث الموائد الرمضانية بجرسيف ، مع الحرص على حضور ” الحريرة ” كمكون رئيسي إلى جانب أنواع التمور المختلفة والتين المجفف ومختلف الفواكه الجافة والطرية ، خاصة في وجبتي الإفطار والعشاء.
وتحافظ الساكنة القروية والجبلية بشكل خاص، بدورها، على عادتها في تناول ” البطبوط ” أو ” الخبز ” في وقت السحور، مشبعا بالسمن والعسل أو الزيت الطبيعي مصاحبا بكأس شاي ساخن ، ناهيك عن الجبن الطري الذي يتم إعداده يدويا وبطريقة تقليدية.
وفي هذا الصدد، أشارت نعيمة عبد النور، رئيسة تعاونية لمنتجات مجالية، إلى أن الطابع القروي الذي يميز المنطقة يجعل غالبية العائلات الجرسيفية تحرص على استهلاك المنتجات المحلية الطبيعية المرتبطة بما تجود به الأرض من خيرات.

وأضافت أن النساء يعملن على إعداد مجموعة من المأكولات المحلية ومن أهمها ” المرمز ” الذي يتم تحضيره من الشعير الذي يجنى نيئا ويتم إعداده بطريقة تقليدية تستغرق أياما ليست بالقصيرة.
وقالت إن ” المرمز” يمكن أن يستخدم أيضا لإعداد الكسكس البلدي أو يتم تحضيره بالحليب أو اللبن ، كما يمكن أن يتم طحنه لإعداد ” الزميتة التقليدية ” أو استعماله بطرق تقليدية مختلفة مع العسل أو التمر أو التين المجفف ، حيث يضيف للمائدة الرمضانية ذوقا رفيعا إلى جانب فوائده الصحية المهمة.
ويبقى الجانب الروحي التعبدي حاضرا بقوة حيث يلاحظ منذ منتصف شهر شعبان الاهتمام المتزايد لأهل جرسيف بالمساجد والزوايا، التي تشهد عمليات تنظيف وإصلاح وترميم يقوم بها القيمون عليها وكذا العديد من المتطوعين والمحسنين . كما يتم التوافد على المساجد لأداء الصلوات الخمس جماعة ، مع الإكثار من العبادات والأعمال الخيرية التي ترسخ ثقافة التآزر والتضامن بين مختلف فئات المجتمع.
ومع حلول شهر رمضان تحيى معه عادات وتقاليد كانت متجذرة عبر التاريخ ومتأصلة في المجتمع لتترسخ في أذهان الأجيال الصاعدة التي تربت على تقنيات التواصل الحديثة والرقمية وتبقى مرتبطة بموروث دأب الأجداد والآباء على إحيائه على مر السنين.

Related posts

Top