جماعاتنا المحلية و…المستقبل

في الجلسة الحوارية التي أشرف عليها فضاء أطر حزب التقدم والاشتراكية بالدار البيضاء يوم السبت الأخير، وجرى التداول خلالها في:(أزمة التدبير الجماعي وإشكالية الديمقراطية التمثيلية)، أنصت الحاضرون إلى تجربتين في العمل الانتخابي الجماعي، واحدة للنقيب الأستاذ عبد اللطيف أوعمو رئيس بلدية تيزنيت، والأخرى للأستاذ الجامعي الشاب أنس الدكالي العضو في مجلس مدينة الرباط.
هما تجربتان لجيلين مختلفين، في السن وفي الخبرات المتراكمة وفي المسارات، وهما أيضا تجربتان تختلفان في الفضاء الجغرافي والسكاني، وفي موقع المنتخب بين رئاسة الجماعة، والتواجد ضمن أعضاء مجلسها، لكنهما معا جسدا أفقا مشتركا من حيث الانشغالات المثارة من لدن المتدخلين، وأيضا من حيث الأسئلة التي طرحاها لاستشراف مستقبل الجماعات المحلية ببلادنا، وكان ذلك طبيعيا لكونهما يمتحان معا من المرجعية الفكرية والسياسية ذاتها، أي أنهما يمتلكان الرؤية نفسها.
في المناقشات أثيرت كثير قضايا جوهرية وكبيرة ترتبط، ليس بالحسابات الصغيرة التي يلوكها(شناقة) الانتخابات، عند كل استحقاق جماعي، وإنما بأسئلة المستقبل، أي بمنظور البلاد وطبقتها السياسية إلى الجهوية، والديمقراطية التشاركية، والى الجماعة المحلية التي يستحقها مغرب اليوم والغد.
إن الجماعة يجب أن تتيح للقاطنين فيها شروط الراحة، وأن تمكنهم من كافة حقوقهم المتفق عليها في العالم برمته، بالإضافة إلى أن الديمقراطية المحلية تقتضي حرص مجلس الجماعة على بلورة ميكانيزمات لإشراك الساكنة المحلية في صنع القرار المحلي ومتابعة تنفيذه، ولتنظيم التشاور الدائم معها، ثم إن الجماعة، بهذا المعنى، لابد أن تمكن المواطنات والمواطنين من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية بجودة وتكافؤ، وذلك ضمن مقتضيات دولة القانون والمواطنة والمساواة.
هنا تصير الجماعة فضاء للعيش، وليس مسكنا فقط، كما أنها تكون فضاء محفزا على الانفتاح والتطور، وعلى الانخراط الجماعي في تدبير الشأن العمومي، وحماية ما يتحقق من مكتسبات، وبالتالي تملك المكان وما يتراكم فيه من منجز تنموي وخدماتي والدفاع عنهما.
إن التجارب والرؤى التي عرضتها الجلسة الحوارية لفضاء أطر حزب التقدم والاشتراكية، والتدخلات التفاعلية التي ساهم بها عدد من الفعاليات البيضاوية التي حضرت اللقاء، جعلت التفكير يتجه إلى المستقبل، أي إلى ضرورة إعمال تغيير حقيقي في منظومة العمل الجماعي ببلادنا، قانونا وإمكانات وأشخاص، ومن ثم، تمكين المغرب من المجالس الجماعية التي يستحقها، والتي بإمكانها خوض المطروح على بلادنا كرهانات تنموية وثقافية وسياسية.
والخشية هي أن ينجح هذا العبث المحيط بأغلب جماعاتنا المحلية اليوم في إبعاد كل الكفاءات الوطنية النزيهة عن خوض التجربة، ونجد أنفسنا حينها وجها لوجه فقط مع(الشناقة)الذين يرهنون الجماعات وميزانياتها لإرضاء طبائع الفساد فيهم.
[email protected]

Top