يحتفل العالم في 31 غشت من كل عام بـ”اليوم العالمي للتوعية على مخاطر الجرعة الزائدة“، وهي مناسبة تهدف إلى نشر الوعي حول ما يعرف بـ”الجرعة الزائدة” وماهيتها وكيفية التعامل معها.
ويحمل هذا اليوم رسالة هامة حول كيفية وضع حد للوفيات الناجمة بسبب الجرعات الزائدة. كما أنه يعد مناسبة أيضا لتذكر كل الذين ماتوا بسبب تلك الجرعة.
وفعليا، فإن الجرعة الزائدة أو “الجرعة المفرطة” من العقاقير أو الأدوية، تتمثل في ابتلاع أو استخدام العقاقير بكميات تفوق الكميات الموصى بها أو المتبعة، ومن الممكن أن تؤدي الجرعة الزائدة إلى التسمم أو الموت. ويزداد خطر الجرعة الزائدة عند تناول أدوية مختلفة معا.
وعلى سبيل المثال، تؤدي جرعة زائدة من الهيروين إلى بطء في التنفس وانخفاض درجة الحرارة وتلون الأطراف باللون الأزرق وغيبوبة مفاجئة.
كذلك، يمكن أن تؤدي جرعة زائدة من عقاقير مثل الميثامفيتامين أو الأمفيتامين إلى أعراض مشابهة للنوبة القلبية، مثل ألم الصدر والتشنجات.
جمعيات تدق ناقوس الخطر
وبمناسبة اليوم العالمي، نبهت الجمعيات المغربية العاملة في مجال تقليص المخاطر لفائدة الأشخاص مستعملي المخدرات إلى أن جائحة كورونا أثرت على مستعملي المخدرات عبر تقييد ولوجهم للعلاجات والخدمات الخاصة بهم.
ولفتت كل من جمعية محاربة السيدا، والجمعية الوطنية لتقليص مخاطر المخدرات، وجمعية حسنونة لمساندة متعاطي المخدرات، في بلاغ مشترك، توصلت بيان اليوم بنسخة منه، إلى “تصاعد عدد حالات الجرعة الزائدة بمواقع التعاطي، وذلك بحسب المعطيات المحصلة من طرف الفرق الميدانية”.
وأوضحت الجمعيات الثلاث أن تعاطي المخدرات لازال يتسبب في وفاة نصف مليون شخص تقريبا حول العالم، حيث ترتبط نسبة تزيد على 70٪ من هذه الوفيات بتعاطي المواد الأفيونية، فيما تتجاوز الوفيات الناجمة عن أخذ جرعات مفرطة نسبة 30% منها.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، انتقدت الجمعيات تأخر وزارة الصحة لحد الآن في بلورة آليات لرصد عدد الوفيات التي تسببها الجرعة الزائدة بالمغرب وخصوصا في المناطق الشمالية، وكذا للوقاية منها.
وفي هذا الصدد، أشار البلاغ أن دواء النالوكسون (Naloxone)، على سبيل المثال، إن أعطي في الوقت المناسب، يمكن أن يحول دون وفاة الفرد بسبب الجرعة المفرطة من المواد الأفيونية. لكن هذا الدواء، كما يقول البلاغ، “مازال غير متوفر لمستعملي المخدرات في أماكن الاستعمال”.
كما طالبت الجمعيات، من جهة أخرى، باعتماد السياسات التي “تمكن من مجابهة الوصم والتمييز الذي يطال مستعملي المخدرات”.
ودعت إلى “رفع كل القيود الإدارية والتقنية التي لازالت تأخر الإعمال الفعلي على أرض الواقع، للتوصيات التي أفرزتها الاستشارة الدولية لفائدة وزارة الصحة منذ ما يناهز ثلاث سنوات (30 نونبر 2017)، وتوزيع علمي لترياق (Naloxone) بما يضمن استعماله في عين المكان وبشكل استعجالي ويمكن من إنقاذ حياة المتعرضين للجرعة الزائدة”.
كما طالبت بالإسراع إلى “بلورة آليات لرصد أسباب وفاة الأشخاص مستعملي المخدرات وضمان توزيع موسع لدواء(Naloxone) لفائدة المتدخلين الميدانيين ولمستعملي المخدرات كآلية وحيدة كفيلة بإنقاذ حياة المهددين بالجرعة الزائدة.
ودعت إلى ضرورة الجمعيات “خلق وحدة للتواصل والتدخل الاستعجالي مع إشراك ممثلي مستخدمي المخدرات، وتكوين وتحسيس جميع الفاعلين من مهنيي الصحة أو المتدخلين الاجتماعيين حول التشخيص والوقاية والتكفل من الجرعة الزائدة”.
نصائح لمواجهة الجرعة الزائدة
من المهم جدا معرفة كيفية الاستجابة للجرعة الزائدة.. في حال واجهنا شخصا تعرض لجرعة زائدة، فإنه من المهم استدعاء الإسعاف فورا لنقله إلى أقرب مستشفى.
كذلك، من الضروري أن تنفذ كل التعليمات التي تتلقاها عبر الهاتف من عمال الطوارئ للتعاطي مع المصاب بالجرعة الزائدة، وذلك في سبيل الحفاظ على حياته.
كما يجب تأكد من أن المكان الذي تتواجد فيه يدخله الهواء بشكل كبير، فضلا عن تحرير الشخص المصاب من الملابس الضيقة.
ويتوجب أيضا تزويد مسؤولي سيارات الإسعاف بأكبر قدر ممكن من المعلومات مثل: نوع الدواء، كميته، أي حالات طبية موجودة مسبقا. كذلك، يجب إمداد رجال الإسعاف بأي عبوات قد تحتوي على الدواء.
***
بسبب كورونا.. نسب الوفيات الناتجة عن الأدوية المهدئة ارتفعت بـ 6 أضعاف
ارتفعت نسبة الوفيات الناتجة عن الجرعات الزائدة من الأدوية المهدئة، خاصة خلال فترة الحجر الصحي بسبب انتشار فيروس كورونا.
ووفقًا للتقرير المنشور بصحيفة “ديلى ميل” البريطانية فقد زادت وفيات الجرعات الزائدة التي تنطوي على مواد غير مشروعة من المهدئات بأكثر من ستة أضعاف بين عامي 2019 و2020، حيث ارتفعت من 51 إلى 316 بالمائة.
وبالمقارنة، ارتفعت الجرعات الزائدة المميتة من “البنزوديازيبينات” وهي المواد التي تحتوي منها المهدئات التي تصرف بوصفة طبية بنسبة 22٪.
من جانبه قال الدكتور “أليكس مانيني” مدير مركز أبحاث علم السموم في قسم أبحاث طب الطوارئ في كلية الطب بنيويورك، إن هذه الأدوية الجديدة تشبه لها آثار جانبية سريرية غير معروفة ولديها سمية شديدة.
وقال الخبراء إن الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من البنزوديازيبين تشمل أيًا الوفاة بالمواد الأفيونية التي تتواجد بهذه المهدئات.
وأشار الباحثون، إلى أن الاستخدام المفرط لهذه الأدوية يساهم في قتل الخلايا بالجسم، الأمر الذي يتسبب في تلف الأجهزة داخل جسم الإنسان، الأمر الذي يؤدي في النهاية للوفاة.
وقال الباحثون، إن وجود المواد الأفيونية والبنزوديازيبينات معا، سيقلل من فائدة الدواء، بل يساهم بشكل كبير في زيادة نسبة خطر تلف خلايا المخ.
ويفشل المرضى الذين يعانون من مثل هذه الجرعة الزائدة المركبة من خطر الوفاة بالسكتات الدماغية أو النوبات القلبية، هذا ما أكده الباحثون.
ولسوء الحظ، قد لا يعرف الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات المصنعة بشكل غير قانوني والتي تم شراؤها من الشارع أنهم تناولوا سما يتحلل داخل الجسم.
وأوضح الباحثون، أن نسبة شراء المهدئات زادت بشكل كبير خلال فترة الوباء. ووفقا لأخر الإحصائيات فقد قفزت بنسبة ستة أضعاف مقارنة بما قبل انتشار فيروس كورونا.