حقـوق الحيوانات.. من المكانة الأدبية إلى الحقوق الأساسية

صدر للباحثة المغربية جميلة مرابط، كتاب بعنوان “حقـوق الحيوانات.. من المكانة الأدبية إلى الحقوق الأساسية”. جاء هذا المؤلف لكشف النقاب عن الجذور والأصول التي تمنح الحيوانات كينونتها وحقوقها من خلال تحليل إشكالية من أين تستمد الحيوانات حقوقها.
إذا نظرنا إلى البناء الهيكلي للكتاب بصفة عامة، جاءت فصوله الثلاثة مستعرضة مناقشة فلسفية ودينية اللذين تفاعلا مع العلم في تشكيل المفاهيم حول طبيعة الحيوانات ككائنات حية لها كينونتها ونظامها الأخلاقي، خاصة فلسفة الأخلاق والمذهب النفعي وتطوراته، الذي حمل في ثناياه الأسس والمرجعيات الاعتراف بالحقوق الأساسية للحيوان، وهو ما تم تأكيده في التأصيل الإسلامي لرعاية الحيوان، كما وردت في كتب الفقه- وأيضا الديانات السماوية الأخرى.
فتجاوز فكرة مركزية الإنسان في هذا الكون وسطوته على الطبيعة، نحو تكريس فكرة احترام القيمة الذاتية لعناصر الطبيعة المختلفة، وحقها في الحياة في معزل عن حاجيات الإنسان ورغباته اللامتناهية، رسخت هذه الثقافة تعاونا مشتركا بين الإنسانية والطبيعة والبيئة والحيوانات لبناء مجتمع قوي وأكثر حكمة وصحة، وهذا ما توصل إليه الفكر الغربي، وجعله أرضية لتشكيل منظومة حقوقية، سواء تلك الخاصة بالإنسان أو الحيوان وحتى النبات وباقي الكائنات الحية الأخرى. في الأخير تم تقديم قراءة عن وضعية الحيوانات ضمن المجتمع المغربي، والذي يفتقر فعلا لأي حماية قانونية وغياب تام لثقافة الرفق بالحيوان. هذا ما جعل الكاتبة تقترح مشروع قانون الإطار للحقوق الأساسية للحيوانات، كما هي منصوص عليها في شريعتنا السمحة ووفقا لواقعنا المحلي والدولي.
يندرج الدفاع عن الحيوانات في خانة الاهتمام بإجراءات حماية البيئة من جهة، ومن جهة أخرى الحفاظ على الثروة الحيوانية وتطويرها،
حيث نعيش ضمن منظومة متكاملة من النظم البيئية بما فيها من كائنات حية وغير حية، تعمل بتوازن وفق علاقات تبادلية في تفاعل مستمر مع بعضها البعض، يعرف بوحدة النظام وأي خلل يصيب هذه النظم ينعكس سلبا على الكون بما فيه، وخاصة الإنسان في صحته وماله.
لذلك على الإنسان أن يتحمل مسؤوليته في ماهية البيئة التي يعيش فيها. فبقاؤه من بقائها. وليس الواجب فقط الذي يفرض الاعتناء بها، بل المصلحة العامة فكل نوع أو صنف أو أي عنصر من عناصر البيئة جزءا من الذخيرة الوراثية. والثروة الحيوانية الحية هي عنصر
يدخل بالدرجة الأولى في تكامل مع النظام البيئي
الذي ما عاد بالإمكان الخروج منه، تلعب دورا هاما في حفظ توازن الأنظمة البيئية، كما أن مواردها الوراثية تلعب دورا متزايد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل أكثر من هذا فهي لها فوائد معنوية على الصعيدين (الصحي والنفسي) والتي يمكن أن يستفيد منها المجتمع والأسرة خاصة ضمن منظومتنا الاجتماعية. (فإضافةً إلى إغناء الحياة الجمالية للإنسان؛ وتأمين الرفقة والشعور بالتواصل الحميم، خصوصا لمن يجد صعوبة في التعامل مع البشر، فهي تؤثر بشكل علاجي على النشاط العام للجسم ومقدرته على مقاومة الأمراض وهذا ما أثبتته العديد من الدراسات العلمية التي أجراها علماء النفس وعلماء الاجتماع، على قدرة الحيوانات الأليفة في تقديم الدعم على الصعيد النفسي والصحي والاجتماعي لأصحابها، خاصة التي تُربّى داخل المنازل. .)
والعكس صحيح، أن قتل أي حيوان بدون دراسة للموقف بعناية، يشكل ضررا يلحق بالإنسان في صحته وماله وممتلكاته، و يؤدي إلى الإخلال بالتوازن البيئي، والأمثلة على دلك كثيرة عرفتها البشرية عبر العصور إلى درجة انقراض بعض الأصناف من الحيوانات وأخرى في طريقها للزوال.
يجب أن ينظر إلى عالم الحيوان إجمالا نظرة واقعية ترتكز على أهميته في الحياة ونفعه للإنسان، وتعاونه معه في عمارة الكون واستمرار الحياة.

Related posts

Top