حكيم آخر رحل…

الحكماء لا يفاجئهم الموت فهم دوما على أهبة الرحيل، هكذا كان الأستاذ عبد الواحد معاش الرئيس السابق لفريق الرجاء البيضاوي المحامي والرجل السياسي.
سلم الأستاذ معاش الروح لباريها صباح أول أمس الأربعاء، بعد صراع مع المرض مخلفا وراءه رصيدا ضخما من العمل في المجال الرياضي، الاجتماعي، الحقوقي والسياسي…
دخل مهنة المحاماة في سنة 1961 وفي نفس المرحلة سكنه عشق فريق الرجاء في درب السلطان، من خلال مجالسة محبين وعاشقين في مقهى موريتانيا بحي الأحباس وفي مقهى الرجاويين في بني مكليد.
التحق بتسيير الرجاء مطلع السبعينيات نائبا للكاتب العام، ضمن تركيبة تضم المعطي بوعبيد، عبد اللطيف السملالي عبد العزيز لمسيوي، محمد أوزال، بوعلام وغيرهم.
بعد ذلك تحمل مسؤولية الرئاسة، وعاش مع الفريق لحظات الفوز بثلاث كؤوس للعرش سنوات 1974 و77 و82، أطر جيلا من اللاعبين الموهوبين كبيتشو، بنيني، الظلمي، حضري، غاندي، بكار، الأندلسي وجواد، عبد الرزاق، وفتحي، العرابي، آيت الرامي، واللائحة طويلة…
كانت للراحل معاش إسهامات كبيرة في تدبير شؤون كرة القدم الوطنية، حيث ترأس داخل جامعة لجنة الإصلاح وقاد خلية للتفكير والدراسة، كما أشرف على لجنة القوانين والأنظمة بالمؤسسة.
ظل الرجل متميزا بحضوره القوي بثقافته وأناقته، ومبادراته الرامية للتغيير والتجديد بحس وطني جامح وغادر الرجاء واستمر رجاويا عاشقا يلبي دعوة النادي كلما دعاه ضمن الحكماء، قصد تصحيح المسار، وجمع الأطراف كلما زاغ القطار عن سكته الصحيحة.
خلال  العقد الأخير، تدهورت صحة معاش بسبب داء السكري، ليدخل دوامة العلاج ومواجهة الألم، وكانت الخاتمة أول أمس الأربعاء،  وهكذا عاش السي عبد الواحد كبيرا بأخلاقه ومبادئه وكرامته، ومات عفيفا شامخا.
ومن بين آخر الحوارات التي خصنا بها الأستاذ عبد الواحد معاش، نقدم للقراء هذا التصريح الغني بكثير من العبر والمعاني :  
” منذ خمس سنوات تفرغت كليا لحالتي الصحية لا أقوم بأي شي آخر، أقاوم معاناة مرض السكري، أصبحت زبونا  للمصحات، وما أنعشني نفسيا وقوى من معنوياتي، هو أن بيتي تحول إلى خلية خاصة بقضايا نادي الرجاء، ورغم أنني غادرت الرجاء مدة طويلة، إلا أن هناك تقدير كبير من طرف الأسرة الرجاوية، لعطائاتي، مادامت  العلاقة مبنية على قيم الوفاء.
إندماجي داخل الرجاء هو اندماج داخل عائلة، أعطيتها أجمل وأعز فترات حياتي وهي فترة الشباب، نعم أعطيت لهذا النادي الذي أصبح  بالنسبة لي لذتي وسعادتي ومعاشي، ووجدت في هذا الفريق المحبة والوفاء.
ورغم غيابي منذ مدة طويلة، فلأنا سعيد بكون لاعبين شباب يسألون عني ويزورني زيارات محبة إنسانية خالصة.
فالجيل الذي عايشته، وحصلت معه على أول ثلاثة كؤوس للعرش قلما يجود الزمان بمثله، يبادل الحب بالحب، الوفاء بالوفاء، ولحد الآن لا أزال ارتباط مع كل السابقين كبينيني، مصطفى، سعيد غاندي، الرشاك وغيرهم…
استمروا على الوفاء لهذه العلاقة، وأعتقد أن الوفاء له ما يبرره وأستغل هذه المناسبة لأشكر الإخوة الرجاويين ليس فقط كلاعبين، ولكن كأعضاء سبقوني في خدمة الرجاء…”.

محمد أبو سهل

الوسوم , ,

Related posts

Top