خطر الإرهاب قائم، وأجهزتنا الأمنية تستحق التنويه

الخلية الإرهابية التي جرى تفكيكها في الأيام الأخيرة بكل من تمارة والصخيرات وتيفلت وطنجة، كشفت على أن هذه الجماعات الإجرامية لا تتردد في استغلال حساسية الظرفية وظروف تفشي وباء “كوفيد – 19” لتنفيذ عملياتها الدموية ضد الناس والبلاد، وهذا وحده يفضح بشاعتها الأخلاقية، كما أن الخطر الإرهابي أضيف اليوم إلى باقي التهديدات والمخاطر المتربصة ببلادنا وشعبنا في زمن هذه المحنة الصحية والمجتمعية القاسية.
ويعني أيضا ما حدث، أن التنظيمات الإرهابية الداعشية لم تختف في المنطقة بشكل عام، ولكن ظروف الحجر الصحي، التي شهدت النزول الميداني القوي لكل الأجهزة الأمنية والعسكرية، جعلتها تختار  بعض الكمون، وتنكب على إعادة بناء ذاتها والتخطيط لمشاريعها الإجرامية القادمة، وبمجرد لجوء عدد من البلدان، وضمنها المغرب، إلى تخفيف جزئي لقيود الحجر الصحي، سعت هي إلى انتهاز  هذه الفرصة، وبالتالي الخروج والعودة إلى جرائمها.
خلية “مول الحوت” المفككة أخيرا تبرز إذن أن الخطر الإرهابي لا زال قائما، وأن شريط الساحل الإفريقي، والجوار الإقليمي المشتعل، لا زالا يمثلان بالفعل مصادر هذا الخطر على بلادنا وأمنها العام.
ومن خلال ما تم عرضه من محجوزات، نسبتها الأجهزة الأمنية إلى عناصر الخلية المفككة، يتبين، من جهة ثانية، أنها كانت بصدد الإعداد لعمليات بواسطة الأحزمة الناسفة، أو من خلال أفراد انتحاريين، كما أنها كانت تعتزم اقتراف جرائم نوعية كبرى ومدوية تعلن عبرها عن وجودها وعودتها إلى الساحة، علاوة على أن تواجد عناصر هذه الخلية في أربع مدن، يمثل نفسه مؤشرا إضافيا لحجم الخطورة والتحول.
إن عديد معطيات، وأيضا قراءة بسيطة لما يشهده العالم حوالينا، تفيد وجود خطر إرهابي حقيقي، ومن ينكر ذلك اليوم، إما أنه أعمى ولا يريد رؤية الحقائق، أو أنه لا يبالي بمصلحة هذه البلاد وشعبها، أو أنه لأسباب تهمه لا يود الإقرار بالأمر.
وفي المقابل، عندما ينجح الأمن المغربي في تفكيك خلية إجرامية كهذه، أو أيضا باقي الخلايا الإرهابية الأخرى من قبل، فهذا يستوجب فعلا التنويه والإشادة، لأن هذا النجاح يعني، بكل بساطة، تجنيب بلادنا حمام دم حقيقي، وتأمين سلامة المغرب والمغاربة.
يمكن أن يستمر النقاش والتحليل طويلا حول التدبير المغربي ومواجهة الخطر الإرهابي، ومختلف تفاصيل ومستويات السياسة العمومية بهذا الخصوص، ولكن لا يمكن لأي مالك لذرة عقل أن يتخيل الأجهزة الأمنية، في هذه الظروف بالغة التعقيد والحساسية، تنهمك في رسم سيناريوهات متخيلة لتفكيك وهمي لخلايا إرهابية غير موجودة في الواقع.
لقد نجحت المصالح الأمنية المغربية منذ سنوات في إعمال مقاربة استباقية مكنتها من تفكيك خلايا إرهابية والقبض عليها قبل تنفيذ جرائمها، ومكن ذلك من تجنيب البلاد عديد مآسي.
وأمام هذا الجهد الأمني الواضح والواقعي جدا، تستحق هذه المصالح الكثير من التقدير والثناء، وأيضا المطالبة بتمتين العناية الاعتبارية والمادية والمهنية والاجتماعية بأطقمها كلها، والسعي المستمر، في نفس الوقت، لتطوير منظومتنا الأمنية لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية الإجرامية والظلامية.
إن التنويه بالنجاحات التي تحققها الأجهزة الأمنية لحماية أمن وسلامة بلادنا وشعبنا، لا يعني أي نفخ شخصاني غير مستحق أو جر البلاد نحو منغلقات أمنية وسلطوية بائدة، ولكن الأمر يتعلق بتسجيل نقاط إيجابية في عمل المؤسسات والمرافق الوطنية، والإشادة بنجاح ومهنية كفاءات وطنية، وأساسا الاحتفاء بتجنيب بلادنا جرائم دموية مروعة، وصيانة سلامة شعبنا وأمن وطننا، وكل هذا يمثل أولوية الأولويات، كما أن الواقفين وراءه والساهرين على تحقيقه هم رجال ونساء مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وهذه المصالح هي التي تتواجد في واجهة المعركة الوطنية ضد الإرهاب والجريمة، ومن أجل تحقيق الأمن.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top