دراسة بريطانية: مواقع التواصل تدفع الأطفال والمراهقين إلى كره أجسادهم

3 من كل 4 أطفال لا تزيد أعمارهم على 12 عاما يكرهون أجسادهم ويشعرون بالإحراج من هيئتهم. وترتفع النسبة إلى 8 من بين كل 10 شباب تراوح أعمارهم بين 18 و21 عاما، بحسب دراسة نشرت خلاصاتها صحيفة “ذا غارديان” البريطانية مؤخرا.

وحذرت الدراسة من أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل خطرا كبيرا على الصحة الآنية والمستقبلية للأجيال الشابة.

وقال ما يقرب من نصف الأطفال والشباب الذين تراوح أعمارهم بين 12 و21 عاما المشاركين في الدراسة إنهم أصبحوا منعزلين، وبدأوا بممارسة الرياضة بشكل مفرط، وتوقفوا عن التواصل الاجتماعي تماما، وفي بعض الأحيان قاموا بإيذاء أنفسهم، بسبب التنمر على هيئتهم الجسدية بشكل منتظم عبر الإنترنت.

كذلك أقر 4 من كل 10 بأنّهم يعانون من أزمات نفسية، مع ما يقرب من 1 من كل 5 يعاني من مشاكل مع صورة الجسم، و14٪ يعانون من صعوبات في الأكل، مثل حرمان أنفسهم الطعام، أو الأكل بنهم، أو حتى التقيؤ.

وجاءت النتائج بناء على مسح جديد شمل 1024 طفلا وشابا، تراوح أعمارهم بين 12 و21 عاماً، من قبل مؤسسة “ستيم 4” الخيرية للصحة العقلية للشباب.

وبحسب المؤسسة، فإن شابا واحدا فقط من كل 10 يعانون من هذه المشكلات يتلقى العلاج، ما يدعو بحسب الشركة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة.

“نتائج مقلقة للغاية”

وتعقيبا على خلاصات هذه الدراسة، قالت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “ستيم 5″، نيهارا كراوس في حديث مع “ذا غارديان”: “نحتاج إلى تحسين فهم التأثير الخفي المحتمل لمنصات التواصل الاجتماعي وخوارزمياتها على تفاعل الشباب مع التطبيقات، وأثر ذلك على صحتهم العقلية”.

وتأتي هذه النتائج في وقت يسود فيه القلق بشأن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الصحة العقلية للشباب، بعد سلسلة من الحوادث التي توضح وجود أزمات تعصف بجيل كامل. وقالت كراوس: “نتائج هذا الاستطلاع مقلقة للغاية”.

وتابعت: “عندما يستخدم الشباب تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن المعلومات والنصائح، غالبا ما يصطدمون بمعلومات غير دقيقة أو بحقائق مشوهة وضارة، ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة”.

وبحسب الاستطلاع، فإن 97٪ من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما يستعملون وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من أن 70٪ تقريبا قالوا إن وسائل التواصل الاجتماعي تجعلهم يشعرون بالتوتر والقلق والاكتئاب. وعبر قرابة الثلثين عن قلقهم بشأن مدة استعمالهم اليومي لمنصات التواصل الاجتماعي. مع العلم أن متوسط الوقت الذي يمضونه على منصات التواصل يتجاوز 3 ساعات ونصف يوميا.

وأقر المشاركون بأنهم استمروا باستعمال التطبيقات، رغم مخاوفهم من تضرر صحتهم العقلية جراء استهلاك المحتوى الموجه من الخوارزميات على منصات التواصل، وبلغت النسبة 54% في الفئة العمرية بين 12 و14 عاما، و60% في الفئة العمرية بين 12 و14 عاما، و71% للشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و21 عاما.

وعلى الرغم من ذلك، قال 95٪ من المشاركين إنهم شعروا بالعجز عند محاولتهم الإقلاع عن استعمال منصات التواصل. وأقروا بأنهم أكثر ميلا للتوجه إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي للتغلب على مشاعرهم السلبية فيما يتعلق بصورتهم لأجسادهم، بدلا من الحديث إلى الأصدقاء والعائلة.

وقال أحد المشاركين الشباب: “وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر في بشكل سلبي بالتأكيد. كشباب، نقارن أنفسنا باستمرار بالأشخاص ذوي المظهر الجيد عبر الإنترنت”. وتابع: “على موقع مثل تيك توك لن ترى سوى الأشخاص الذين يملكون مظهرا رائعا بسبب الخوارزميات، وهذا ما يولد لدينا مشاعر سلبية تجاه أنفسنا”.

وعلق آخر، قائلا: “وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير في كيفية رؤيتنا لأنفسنا. أشعر بالضغط لأبدو مثل شخصٍ في صورة خضعت للتعديل والتغيير”، مضيفا: “لو لم يكن هناك وسائل تواصل اجتماعي، لما كنت لأقارن نفسي بالآخرين، وما كنت سأخضع للمقارنة من قبلهم. كنت سأعيش حياتي!”.

ومنذ انطلاق جائحة كوفيد-19، ازداد الطلب على خدمات اضطرابات الأكل للأطفال والمراهقين التابعة لدائرة الصحة الوطنية البريطانية بنسبة الثلثين. وفي الفترة ما بين أبريل وديسمبر 2021، بدأ 10 آلاف شاب بالعلاج، مع العلم أن القيود المالية المفروضة تجعله متاحا فقط لمن هم في أمس الحاجة إليه.

ونشر مركز مكافحة الكراهية الرقمية في بريطانيا (غير حكومي) بحثا أخيرا، أظهر أن خوارزمية التوصية من تيك توك تعرض محتويات تشجع على إيذاء النفس واضطراب الأكل للمراهقين خلال دقائق من التعبير عن اهتمامهم بالموضوعات.

آنذاك، اعتبر متحدث باسم “تيك توك”، المملوكة لشركة بايت دانس الصينية، والتي تملك أكثر من مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، أن الدراسة لا تعكس تجربة أو عادات المشاهدة لمستخدمي التطبيق في الواقع.

ومضى قائلا: “نتشاور بانتظام مع خبراء الصحة ونزيل المحتوى الذي ينتهك سياساتنا، ونوفر الوصول إلى الموارد الداعمة لأي شخص بحاجة إليها”.

وتابع: “نركز على تعزيز مساحة آمنة ومريحة للجميع، بما في ذلك الأشخاص الذين يختارون مشاركة تجاربهم مع التعافي أو حتّى المحتوى الهادف إلى تثقيف الآخرين حول هذه الموضوعات المهمة”.

وتحظر إرشادات “تيك توك” المحتوى الذي يروج لسلوكيات قد تؤدي إلى الانتحار وإيذاء النفس، وكذلك المواد التي تروج لسلوكيات أو عادات غذائية غير صحية.

ورحب الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية، عمران أحمد، بنتائج الدراسة الجديدة. وقال لـ”ذا غارديان”: “منصات التواصل الاجتماعي تفاقم مشاعر المراهقين السلبية تجاه صورة الجسد واضطرابات الأكل والصحة العقلية”.

وأضاف: “صمم تيك توك لإبهار المستخدمين الشباب للتخلي عن وقتهم واهتمامهم، ولكن دون حواجز حماية يمكن أن تتحول خوارزميتهم إلى خوارزمية مميتة بسرعة مذهلة”.

بدوره، رحب غيد فلين، وهو الرئيس التنفيذي لمؤسسة بابيروس الخيرية لتعزيز الصحة العقلية الإيجابية بين الشباب، بالخلاصات التي وصلت إليها الدراسة الجديدة. وقال إن وسائل التواصل الاجتماعي هي إحدى القضايا التي تفرض “ضغوطا غير مسبوقة” على شباب اليوم “وتدفع بعضهم إلى فقدان الأمل”.

Related posts

Top