دروس من شيشاوة وإنزكان

الانتخابات الجزئية التي عاشتها شيشاوة وإنزكان لم تتميز فقط بالأحداث التي شهدتها بالخصوص إنزكان، وقيل وكتب عنها الكثير، وصارت الآن معروفة لدى الجميع، وإنما سجلت من جديد ضعف مشاركة الناخبات والناخبين في التصويت، وبقدر ما أن هذه الظاهرة السلبية لا يمكن الوقوف عند مؤشراتها كثيرا باعتبار الاقتراع جزئيا، ولا يمكن الانطلاق منها لتحليل المشهد العام، فإن تكرار الأمر عند كل اقتراع جزئي، يجعله بمثابة سلوك منتشر يستدعي الانتباه من لدن الطبقة السياسية برمتها. من جهة ثانية، فإن النقطة التي كانت لافتة عند إعلان المعطيات الرقمية المتعلقة بالاقتراعين الجزئيين، هي تلك المسجلة في انتخابات دائرة شيشاوة، والتي تفيد أن عدد الأوراق الملغاة وصل إلى ثمانية آلاف، وهو رقم كبير وكبير جدا، ويطرح أكثر من سؤال.
إن عدد المسجلين في هذه الدائرة كان هو 147772 ناخبة وناخبا، وقد شارك في التصويت منهم فقط 59090، أي ما نسبته 36, 98  في المائة، ومن داخل هذه النسبة اعتبرت ثمانية آلاف ورقة ملغاة.
وعندما نضع هذه الأرقام إلى جانب أرقام أخرى تقول بأن الذي أعلن فائزا بالمقعد حصل على 10870 صوتا، والذي أعلن ثانيا بعده نال 10750 صوتا، أي أن الفارق لم يتعد 120 صوتا، في الوقت الذي بلغ عدد الأوراق الملغاة ثمانية آلاف، فإن السؤال يزداد غرابة.
قد يكون هذا الربط من دون أي معنى في مجال القراءات المجردة للإجراءات والمساطر والأرقام والنتائج، ولكنه قد يحيل على معاني كثيرة انطلاقا من تجاربنا الانتخابية المعروفة، خاصة في المناطق القروية والأرياف…
كما أن تشكي مؤيدي ورفاق المرشح المعلن ثانيا من تأخر تسليمهم محاضر التصويت من لدن الجهات المحلية ذات المسؤولية، حيث أن بعض هذه المحاضر لم يتوصلوا بها إلا بعد انصرام ساعات عديدة عن انتهاء عمليات فرز الأصوات، فإن كل الشكوك تصير هنا واردة ومشروعة، وإن استبعاد ممثلي المرشح نفسه من الدخول إلى بعض مكاتب التصويت، بداعي كونهم غير مسجلين في اللوائح الانتخابية، زاد كذلك في توسيع دوائر الشك والارتياب، وكل هذا يستدعي اليوم تحقيقا يقظا وجديا وفوريا، وتقديم أجوبة قوية الإقناع حول كل تفاصيل يوم الاقتراع وما تلا ذلك خلال الفرز وبعده، ومعنى إلغاء آلاف الأوراق.
لم يكن الاقتراعان الجزئيان في شيشاوة وإنزكان يحملان رهانات جوهرية على الصعيد السياسي العام في البلاد، ولكنهما لم يخلوا معا من مؤشرات ودروس تستحق فعلا التأمل استعدادا للقادم من استحقاقات.
[email protected]

Top