تستأنف غدا محاكمة رشيد نيني، وتحتل هذه القضية اليوم واجهة المتابعة الإعلامية، ومختلف المنتديات.
مع الأسف، لم نكد كلنا نستوي في الحديث وفي التفكير بشأن استئناف الحوار حول تغيير قانون الصحافة والتأسيس لأفق إصلاحي متقدم لهذه المهنة، حتى حلت بنا أخبار القضية المذكورة لتعيدنا إلى حيث كنا، وتفرض إعادة طرح الأسئلة نفسها. لقد اختار نيني موقعه وأسلوبه وتمثلاته في المهنة، وهو التموضع الذي ينتقده الكثيرون، ولقد أساء رشيد إلى الكثيرين ومارس القذف والتشنيع وأيضا التبشيع في حق العديدين، وحتى نحن في هذه الجريدة وفي الهيئة السياسية القريبة منها لم نسلم من تهجماته ومن تلفيقاته…
كل هذا نعرفه، وموقفنا من الأسلوب ومن صاحب الأسلوب معروف ومعلن و…سلبي ورافض.
لكن بنفس الحزم وبنفس القوة نرفض كل الانتهاكات التي ميزت ملف نيني من البداية، والإقدام على اعتقاله خطوة نرفضها و لا نفهمها.
ما معنى اليوم تغيير قانون الصحافة، وفي نفس الوقت اللجوء إلى اعتقال نيني ورفض متابعته في حالة سراح، والاحتكام إلى مقتضيات القانون الجنائي بدل قانون الصحافة؟
وما معنى اقتراف هذه الفعلة في هذا التوقيت بالذات؟ ومن يقرع الأجراس وفي اتجاه من ولأية غاية؟
إن المرحلة، وطنيا وإقليميا ودوليا، لا تسمح اليوم بمثل هذا «الإشهار» غير المفهوم لبلادنا، ولذلك فالمصلحة تفرض استدعاء العقل وكثير من الرصانة لرفع الاعتقال عن نيني أولا، وبعد ذلك متابعته وفق كل شروط المحاكمة العادلة.
لقد تضرر الكثيرون جراء نوعية «البضاعة» التي ينتجها نيني، ولجأ الكثيرون إلى القضاء، وحكمت ملفات وأخرى لم تغادر الأدراج، فما معنى الحزم المفاجئ اليوم؟
لقد أثيرت داخل الجسم المهني كثير أسئلة بشأن العلائق والإسناد الخفي وغير المعلن، وبقيت كل الاستفهامات من دون جواب، وفجأة تململ اليوم من أراد أن يبعث لنا بالجواب هكذا صارخا وشاردا ومن دون حيثيات أو وضوح.
لا نريد التصديق بوجود تصفية حساب ما وراء كل هذا الذي يحصل، ولا نريد تخيل الخيبة تصيب تطلعنا الجماعي لإصلاح مهنتنا وتأهيلها.
قضية نيني تفرض اليوم الانتباه إلى الاختراقات التي تحيط مهنتنا بأغلالها وبأموالها وبتوجيهاتها وبلوبياتها، ومن هنا تبدأ بداية الإصلاح.
قضية نيني تفرض اليوم الإصرار على التقدم في الإصلاح القانوني والتنظيمي والسياسي لهذه المهنة ولفضائها العام.
قضية نيني، قبل هذا وذاك، يجب أن تنتهي برفع حالة الاعتقال وبمتابعة المعني بالأمر في حالة سراح واحترام كل حقوقه في المحاكمة العادلة.
هذا موقفنا، وهذا مبدأنا.
[email protected]