دورنا الآن قبل فوات الأوان

حتى يكون لنا كفعاليات المجتمع المدني دورنا البارز في التأثيث لمسار تنموي جديد، يواكب ويدعم النموذج التنموي الجديد، ويواكب رواد السلطتين التنفيذية والتشريعية المرتقبين باعتماد ما تيسر لنا من حقوق مدنية مكتسبة، وما تيسر لنا من آليات الرقابة والمساندة والتحسيس، في مقدمتها منصات التواصل الاجتماعي.. علينا أن نسارع الزمن لنكون في الموعد مع ولاية حكومية وبرلمانية جديدة بحلوها ومرها. علينا أن نحارب التفاهة والسفاهة التي يتم تسويقها عبر هذه المنصات التواصلية الرقمية. وننادي بوقف تلميع صور روادها الذين لا رصيد علمي أو معرفي لهم. يسعون فقط إلى التموقع وتحسين أوضاعهم المالية باعتماد ما يجود به العالم الرقمي مقابل عدد المعجبين والمتتبعين الافتراضيين. علينا أن ندرك أنه لا بديل لنهضة البلاد وتنمية قدراتها سوى بإعداد مواطنات ومواطنين عقلاء وشرفاء يمكنهم تحقيق النموذج التنموي الجديد. نأسف كثيرا عندما نجد أنفسنا أمام تفاهة وسفاهة من نوع جديد، وصياعة يقودها بعض من يدعون أنهم مثقفون وعلماء وعقلاء البلد. ونأسف أكثر عندما نقف على جدلهم العقيم في أمور تافهة، أو في أمور يحسم فيها العقل والمنطق. ونراهم يسارعون إلى توظيف لغات التلاسن والعنف اللفظي، وينتهون بطرق أبواب القضاء.
أليس من العيب والعار أن يلجأ العلماء والمثقفون إلى القضاء من أجل الاحتكام أو الفصل في مدى صحة بحث أو فكر أو عقيدة أو وجهة نظر مخالفة لأفكارهم أو تكوينهم أو رؤاهم أو عقيدتهم. ألم يكن من الأجدر أن يجابهوا البينة ببينة مضادة، والحجة بحجة تنفيها، والقرينة بقرينة تعاكسها. فلا الطبيب يمتلك مفاتيح الطب والعلاج، ولا المسلم يمتلك مفاتيح الإسلام وأبواب الجنة والنار. ولا الملحد إن تواجد فعلا، يمتلك كل مبررات ومدارك الملحدين.
لم تنقل يوما، حلبة التنافس العلمي والثقافي والديني، إلى العامية، ولم يسبق أن سوقت لتشغل الناس. ولم ترفع يوما إلى المحاكم والقضاة. بل كانت حلبات مغلقة بين العلماء والمثقفين ورجال الدين. تدار بمنطق العقل والروح. ولا يرى عموم الناس إلا ما تخلص إليه من اختراعات وإبداعات وفتاوى.. وطبعا فالمثقف والعالم ورجل الدين كانوا دائما يؤمنون بأنهم ناس وأفكار ورؤى.. ويعتبرون أن تحليلات الإنسان قد تصيب أو قد تخيب. فحتى رائد شعر الخمرة بلا منازع، كان وجيها عندما كتب هذا البيت الشعري (قل لمن يدعى في العلم فلسفة… حفظت شيئا وغابت عنك أشياء).
قديما كان عامة الناس يطرقون أبواب الحكماء والعقلاء، من أجل الاحتكام إليهم، قبل اللجوء إلى القضاء. لمعرفتهم بقيمة ومكانة حكماء وعقلاء البلد أو البلدة. وهؤلاء الحكماء والعقلاء لم يمنحوا لبعضهم البعض فرص البحث والتنقيب والمناقشة والإقناع.. ويطرقون أبواب القضاء في أمور كان بالإمكان تسويتها علميا أو معرفيا.
الصواب، أن نصب نظرنا صوب ما يشغل المغاربة في زمن الحجر المنزلي والصحي. وصوب ما تفرزه بعض الجهات المعادية للمغرب. والتي توهمت أنه بإمكانها ضرب أمن واستقرار المغرب. بإطلاقها أسراب من الذباب الالكتروني. أو تسليط ألسنة الخونة، لنسج الإشاعات والأكاذيب. الصواب أن تبادر تلك الكفاءات إلى مقاضاة الخونة داخل البلدان التي يحتمون فيها؟. والتنكيل بهم باسم القانون الدولي. والتعجيل بإحباط كل مخططات خصوم الوطن الدائمين، أو الذين انضموا إليهم. بعدما رفض المغرب الامتثال لنزواتهم في الحجر على البلاد أو تسخيرها لقضاء مآربهم في تخريب الدول والتنكيل بالبشر.
لماذا يصر بعض من يصنفون أنفسهم ضمن خانة المثقفين والعلماء إلى مضاهاة الجهلاء والسفهاء داخل منصات التواصل الاجتماعية الرقمية. بخرجاتهم المتسرعة وغير المحسوبة. وإدمانهم على التواصل والتجاوب بأساليب لا تمت بشيء للعلم والثقافة؟.. ألم يع هؤلاء أن مدونو ومراسلو (الفايسبوك)، ليسوا بالضرورة علماء ومثقفين، بل ليسوا بالضرورة عقلاء أو حتى راشدين؟ وأن التجاوب يقتضي معرفتك بالمستويات الثقافية والتعليمية و… لمن يخاطبونك افتراضيا. حتى تكون الردود قابلة للاستيعاب وتضمن التفاعل الإيجابي.
هي رسالة للمحترفين والبارعين في تحرير وتوظيف الرسائل الرقمية بمحتويات الكذب والبهتان والنصب والاحتيال. الذين لا يدركون أن برسائلهم يزيدون من معاناة مواطنين كتب عليهم عذاب الفقر. وباتوا يتمنون الموت وحتى عذاب القبر. لا أنتم قضيتم في فكر أو علم تعارضتم وتجادلتم حوله. ولا أنتم شفيتم غليل رواد العوالم الافتراضية، الذين أرغموا على متابعة خرجاتكم وتفاعلاتكم العلمية والثقافية والعقائدية.. ولا أنتم حافظتم على قيمة العالم والمثقف التي ترسخت لدى المواطن العادي.. فالرجاء أعيدوا النظر.. وأغلقوا حساباتكم الرقمية لفترة. وادخلوا في حجر علمي وثقافي من أجل التطهير والصيانة.. تكون فرصة لننسى خزعبلاتكم… وانتظار جديد يعيد الثقة فيكم…
لنتجند جميعا من أجل فرض ثورة ملك وشعب جديدة… فقد حل دورنا الآن وعلينا أن نكون في الموعد قبل فوات الأوان. فمغرب اليوم بين مطرقة ضعف الأداء الحكومي وتزايد مطالب الشعب وسندان إعصار الخصوم والخونة والمتربصين والحاقدين الذين لا يستسيغون التموقع المميز للمغرب عربيا إفريقيا ودوليا.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top