ربيع الكرامة يطالب بتحقيق العدالة الجنائية للنساء

دعا تحالف ربيع الكرامة الحكومة إلى استغلال فرصة سحب مشروع القانون الجنائي، لإعادة النظر جملة وتفصيلا في جميع مقتضيات نص قانوني ربط أولوياته بالهاجس الأمني وتغافل أولوية الحماية الجنائية لحقوق وحريات المواطنات الفردية والجماعية، مؤكدا في هذا الصدد إلى أن العدالة الجنائية للنساء لا يمكن أن تتحقق في غياب إصلاح جذري وشامل للقانون الجنائي، من أجل حماية ناجعة للنساء من العنف، ومناهضة حقيقية للتمييز بسبب الجنس، وضمان قانوني للحقوق والحريات.
وثمن ربيع الكرامة في بيان أصدره بهذا الخصوص وتوصلت جريدة بيان اليوم بنسخة منه، قرار سحب المشروع، معتبرة أن ذلك يوفر فرصة ثمينة لإعادة النظر في مقتضياته من جديد وإخراج نص قانوني يقطع مع ثقافة التمييز بسبب الجنس والتي تنبني على الفلسفة الذكورية المنافية للحقوق والحريات والمساواة التي التزم بها المغرب.
كما وجهت نداء للحكومة من أجل الحرص على تفعيل الاختيار الديموقراطي، والكف عن التوظيف السياسي للقانون الجنائي، والعمل بشكل حثيث من أجل تغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، وإلى احترام استقلالية السلطة التشريعية التي من مهامها توفير أجوبة قانونية لأسئلة الواقع وتحدياته.
وعددت الشبكة عددا من الملاحظات التي سبق وسجلتها بشأن مشروع القانون الجنائي رقم 10,16، الذي تم سحبه، والتي يأتي على رأسها كما سلف الذكر، الطابع التمييزي الذي شاب روح مقتضياته، ثم التشبث بمرجعية تقليدية تؤسس لخلفية التجريم القائمة على النظام العام ونظام الأسرة والأخلاق العامة على حساب كرامة الإنسان عامة والنساء خاصة.
وأفادت في هذا الصدد إلى أن المشروع تغافل عنوة حق النساء في الحماية من مختلف أشكال الاعتداء على أمنهن، كما لا يعكس أي تصور جنائي واضح لتجريم جميع أفعال العنف النفسي والجسدي والجنسي والاقتصادي، ويفتقد لخلفية التجريم تؤطرها رهانات العدالة الجنائية التي تأخذ بعين الاعتبار خصوصية جرائم العنف ضد النساء ومتطلبات الحماية منه، ولا أدل على ذلك من تصور المشروع للعقوبات البديلة التي شملت جنح العنف ضد النساء.
واقترح ربيع الكرامة اعتماد تصور قانون جنائي بشكل يضمن حماية النساء من العنف ويناهض التمييز ضدهن ويؤمن لهن حقوقهن وحرياتهن، وأكد في هذا الإطار على ضرورة إدراج الإصلاح الجنائي ضمن سياسة جنائية واضحة تحمي الحقوق والحريات الفردية والجماعية، وأساسا الحق في الحياة، مما يستوجب إلغاء عقوبة الإعدام وتجريم جميع أشكال التعذيب بما فيها النفسي.
والعمل أيضا على إقرار سياسة للتجريم وسياسة للعقاب منسجمتين، تكفلان تجريم جميع أفعال العنف النفسي والجسدي والجنسي ضد النساء، وتحدان من الإفلات من العقاب، وتوفران تدابير ناجعة للحماية، وتحققان العدالة الجنائية للنساء، ملفتة إلى عدم تطبيق بدائل العقوبات حينما يتعلق الأمر بجنح العنف ضد النساء بما فيها التحرش الجنسي، على أن يتم تجريم أفعال التعذيب النفسي والتكفير.
ودعا ربيع الكرامة، إلى إعادة تعريف بعض الجرائم، منها جريمة الاغتصاب لتشمل أفعال أخرى من الاعتداءات الجنسية والاغتصاب الزوجي، وجريمة الإخلال العلني بالحياء، والعمل في المقابل على تجريم التمييز بسبب الجنس في الحقوق المدنية.
وذكر ربيع الكرامة بالتصور الذي تضمنته المذكرات المطلبية التي سبق ورفعها بشأن إصلاح القانون الجنائي، والتي تتضمن فضلا عما سلف، رفع التجريم عن العلاقات الرضائية بمجرد بلوغ سن الرشد وذلك بإلغاء الفصول من 489 إلي 493 من القانون الجنائي، ورفع التجريم عن الإجهاض الطبي وعدم التضييق على الحالات المسموح فيها بالإيقاف الطبي للحمل، وتجريم الإجهاض غير الطبي والقسري، ونقل تنظيم هذا الموضوع إلى مدونة الصحة.
كما دعت إلى إعادة عنونة بعض أبواب وفروع القانون الجنائي لحذف تعابير”نظام الأسرة والأخلاق العامة وانتهاك الآداب” وتعويضها بأفراد الأسرة وسلامة الأشخاص والاعتداءات الجنسية.
جدير بالذكر، أن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، كان قد أكد يوم الخميس الماضي بالرباط، أن سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي من البرلمان “يهدف إلى تعديل هذا المشروع في شموليته”.
وقال بايتاس، خلال ندوة صحفية عقب انعقاد مجلس الحكومة، أن هذا المشروع، الذي تم إيداعه بمجلس النواب في سنة 2016، وظل يرواح مكانه منذ ذلك الحين، كان يتضمن تعديلات على مقتضيين اثنين أو ثلاثة مقتضيات، غير أن المنظومة الجنائية تتطلب إدخال تعديلات على مجموعة أخرى من المقتضيات الجنائية بالنظر للمتغيرات الكثيرة التي همت هذه الفترة.
وأوضح الوزير أن التشريعات القانونية الوطنية، بما في ذلك دستور المملكة والقانون الداخلي لمجلس النواب ولمجلس المستشارين، تتيح للحكومة إمكانية سحب مشاريع قوانين قديمة وتعويضها بأخرى جديدة.

< فنن العفاني

Related posts

Top