رجاء شفيل المديرة العامة لمركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب: المساهمات بصندوق الخسائر والأضرار، رغم غزارتها، إلا أنها قليلة جدا

قالت، رجاء شفيل المديرة العامة لمركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب، إن قرار إحداث صندوق لتمويل الخسائر والأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية، كان منتظرا منذ سنوات، مبرزة أن الجميع تفاجأ بأنه من أول يوم في “كوب 28” اتفقت الدول على إخراج القرار الخاص بوضع هذا الصندوق، في وقت كان ينتظر أن تكون المشاورات صعبة.
وأضافت مديرة المركز وعضو اللجنة الملكية للنموذج التنموي الجديد، في حوار خاص مع جريدة بيان اليوم، أن هذا القرار مهم، مشيرة إلى أن المساهمات خلال هذه الأيام الأولى وصلت إلى 600 مليون دولار أمركي، معتبرة أنه رقم ليس بالسهل.
واستطردت رجاء شفيل، أن هذه المساهمات، رغم غزارتها، إلا أنها قليلة جدا، موضحة أن الخسائر والأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية في الدول في طور النمو وخاصة الأفريقية تعد بالملايير وليس بملايين الدولارات.
واعتبرت شفيل أن القرارات تنص على أن الدول التي تعاني من هشاشة تجاه التغيرات المناخية هي المعنية بالاستفادة من الصندوق، مشددة على أن هذا المصطلح يظل غامضا، وبالتالي يجب تحديده وأن يتم وضع سلم للهشاشة تجاه التغيرات المناخية، لتحديد من سيستفيد وبأي درجة سيستفيد.
وقالت شفيل إنه يجب رصد الخسائر بطريقة دقيقة في الدول النامية، عبر إنجاز تقارير مبنية على قاعدة المعطيات الخاصة بالخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، ويجب أن يتم الأمر في مختلف القطاعات، قطاع الماء والفلاحة والصيد البحري والصحة… كي نتمكن من الاستفادة من هذا الصندوق.
وأكدت المتحدثة ذاتها، أن النموذج التنموي الجديد الذي اقترحته اللجنة بناء على طلب جلالة الملك محمد السادس، جعل قضية المناخ والماء والتنمية المستدامة في محور عمل اللجنة، انسجاما مع رؤية جلالته، لمغرب مستدام وقادر على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية.
وهذا نص الحوار:

< تم الإقرار والموافقة على صندوق الخسائر والأضرار بالنسبة للدول النامية، وربما الدول الافريقية معنية بشكل خاص بهذا القرار، فما هي أهميته بالنسبة لهذه الدول؟ >

هذا القرار كان منتظرا منذ سنوات، نعلم بأن إحداث صندوق لتمويل الخسائر والأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية، بدأت إرهاصاته الأولى في شرم الشيخ خلال “كوب 27″، وكنا ننتظر أن المشاورات ستكون صعبة، لإخراج هذا الصندوق إلى حيز الوجود، وإذا بالجميع يتفاجأ بأنه من أول يوم في “كوب 28” اتفقت الدول على إخراج القرار الخاص بوضع هذا الصندوق.
هو قرار مهم، وكانت هناك بعض الإعلانات الهامة للمساهمة في هذا الصندوق، مثلا الإمارات العربية المتحدة صرحت بأنها ستمنح 100 مليون دولار، ألمانيا ستمنح 100 مليون دولار أيضا، الاتحاد الأوروبي سيضيف على منحة ألمانيا 125 مليون دولار أخرى، يعني الآن وصلت المساهمات خلال هذه الأيام الأولى إلى 600 مليون دولار أمركي، وهو ليس بالرقم السهل، إلا أنه رغم أنها تبدو مساهمات كثيرة إلا أنها قليلة جدا، لأن الخسائر والأضرار الناتجة عن التغيرات المناخية في الدول في طور النمو وخاصة الأفريقية تعد بالملايير وليس بملايين الدولارات.
إذا أردنا أن نضرب مثالا سنستشهد بباكستان، هي ليست دولة أفريقية ولكنها تعاني من التغيرات المناخية، فالفيضانات التي ضربتها خلال 2022 بلغت خسائرها 10 مليار دولار، وبالتالي 600 مليون دولار قليلة جدا لأن الخسائر والأضرار في أفق 2030 أو 2050 ستعد بمئات الملايير من الدولارات.

< كيف يمكن تحديد مفهوم الخسائر والأضرار بشكل مضبوط؟

> مفهوم الخسائر والأضرار هو اتجاه الآثار السلبية والوخيمة للتغيرات المناخية، ومدى إمكانية التأقلم معها، مثلا عندما تتراجع التساقطات المطرية نقوم بإنشاء محطات لتحلية مياه البحر كي نحصل على الماء، وهذا مثال عن آثار التغيرات المناخية التي يمكن بفضل التمويل أن تتجنبها أو تصلحها، ونتحدث أيضا عن الأضرار عندما يهدم جسر أو طريق أو منازل أو قسم من مدينة بالفياضانات، أي كارثة مناخية، لكن يمكن أن تصلح بتمويل.
أما الخسائر هي ما خسرناه ولا يمكن للتمويل أن يعوضه، مثل حياة الإنسان، فلا قدر الله إذا حلت كارثة مناخية وأودت بحياة البشر، فحياة شخص واحد لا يمكن قياسها بأي مال، حتى المليارات لن تعوض هذه الخسائر، وأيضا الخسائر مثل ارتفاع مستوى البحر بحيث يغمر الماء المالح الأراضي الزراعية، فتصبح أراضي مالحة غير صالحة للزراعة، ستخسرها من مجموع الأراضي الفلاحية، فهذا هو معنى مفهوم التأقلم والخسائر والأضرار.

< الغرض من الصندوق الآن هو تعويض الأضرار، إذن كيف ستستفيد منه الدول التي تعاني من الهشاشة تجاه التغيرات المناخية؟ وكيف ستستعد الدول للاستفادة من هذا الصندوق؟ >

سؤال وجيه، خاصة أن القرارات تنص على أن الدول التي تعاني من هشاشة تجاه التغيرات المناخية هي المعنية بالاستفادة من الصندوق، لكن يظل هذا المصطلح غامض، وبالتالي يجب تحديده وأن يتم وضع سلم للهشاشة تجاه التغيرات المناخية، لتحديد من سيستفيد وبأي درجة سيستفيد.
الدول يجب أن تستعد ببحوث ودراسات وتقارير واضحة بمعطيات دقيقة تبرز مقدار الأضرار والخسائر التي حلت بها جراء التغيرات المناخية، وليس فقط على الصعيد الوطني، بل في كل قطاع، فهناك العديد من القطاعات التي تتضرر من التغيرات المناخية، فمثلا في المغرب هناك قطاع الفلاحة، القطاع الغابوي، وأيضا قطاع البنية التحتية أي التجهيزات التي تتضرر بالفيضانات، أيضا قطاع الصحة معني بهذه التغيرات مثل انبعاث الغازات الدفيئة التي تتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض رغم أنها غير ملوثة بالنسبة للإنسان، وما يلحق الضرر بالإنسان هو ارتفاع درجة الحرارة، فمثلا المسنين الذين يعانون من ارتفاع الضغط قد تتسبب في وفاتهم، وفي البرازيل بلغت درجة الحرارة 60 درجة الأسبوع الماضي، وهو رقم قياسي، تصبح الحياة على الأرض مستحيلة أمام هذا الوضع، ففي المغرب وصلنا لاكثر من 50 درجة هذه السنة.
وبالتالي يجب أن يتم رصد الخسائر بطريقة دقيقة في الدول النامية، عبر إنجاز تقارير مبنية على قاعدة المعطيات الخاصة بالخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ، ويجب أن يتم الأمر في مختلف القطاعات، قطاع الماء والفلاحة والصيد البحري والصحة… كي نتمكن من الاستفادة من هذا الصندوق.

< باعتباركم عضو باللجنة الملكية للنموذج التنموي الجديد، أي مكانة للمناخ والبيئة ضمن اشتغالكم على هذا النموذج ؟

> النموذج التنموي الجديد الذي اقترحته اللجنة بناء على طلب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، جعل قضية المناخ والماء والتنمية المستدامة في محور عمل اللجنة، انسجاما مع رؤية جلالته، لمغرب مستدام وقادر على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية.
وتتمحور هذه القضايا خاصة حول الموارد المائية والزراعة المستدامة والسيادة الغذائية والحلول القائمة على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، فضلا عن مجالات أخرى.
على سبيل المثال، دعا النموذج التنموي الجديد إلى إجراء إصلاحات تعكس القيمة الحقيقية للموارد المائية وتشجيع الاستخدامات الأكثر فعالية وترشيدا، وهذا مهم بشكل خاص اليوم بالنظر لمرحلة الجفاف التي يعيشها المغرب.
كما خلصت اللجنة إلى أن البيئة والموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي في المغرب تتعرض لضغوط متزايدة، مما يهدد فعالية السياسات الوطنية لمكافحة تغير المناخ، ولا يرجع هذا الضغط إلى النشاط البشري فحسب، بل إلى تأثيرات تغير المناخ أيضا.
علاوة على ذلك، تتوافق توصيات اللجنة اليوم مع جدول أعمال المناخ الدولي، حيث إن بعض القضايا التي تهيمن على مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين اليوم قد تناولتها اللجنة من قبل، مثل التكيف مع مخاطر المناخ التي يمكن أن تسبب خسائر وأضرار، أو إعلان الإمارات بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية القادرة على الصمود والعمل المناخي، التي وقع عليها المغرب في “كوب 28”.

< تشاركون في قمة المناخ 28 هنا في دبي باسم مركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب، حدثينا عن هذا المركز وكيفية ومجال اشتغاله ؟

> بداية، أحب أن أشير إليكم، إلى أن مركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب الذي يتواجد مقره بالرباط أسس قبل “كوب 22″، حيث بدأ التفكير فيه خلال سنتي 2014/2015، أثناء التحضير لمؤتمر باريس، قبل أن يتم توقيع اتفاقية إنشاء المركز من طرف جميع الأطراف سنة 2016، لأن المغرب أراد أن يمتلك مركز خبرة في مجال التغيرات المناخية، قبل تنظيم مؤتمر باريس واتفاقيات باريس التي تضمنت التزامات جديدة بالنسبة للدول النامية.
ففي بروتوكول كيوتو لم يكن هناك التزام بالحد من انبعاث الغازات الدفيئة، وأصبح لزاما على المغرب وجميع الدول في طور النمو أن تحدد مساهمة محددة وطنيا تتضمن نسبة انبعاثات الكربون التي سيتم خفضها.
ومهام المركز تتمثل في دعم سياسات الحد من تغير المناخ على جميع الأوجه، أي المساعدة على اتخاذ القرارات والمساعدة على وضع سياسات ناجعة للحد من تغير المناخ، وهذه المهمة نقوم بها في المغرب وأيضا في العديد من الدول الأفريقية، خاصة بعد مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خلال “القمة الإفريقية للعمل المناخي” التي انعقد ت موازاة مع “كوب 22” في مراكش، والتي أدت إلى تأسيس ثلاث لجن للمناخ في إفريقيا وهي: لجنة المناخ لحوض الكونغو، لجنة المناخ للساحل، ولجنة المناخ للدول الجزرية الأفريقية.
وكان جلالته قد أكد، في خطابه عندما أسست هذه اللجن، على أن مركز الكفاءات للتغير المناخي بالمغرب سيكون رهن إشارتهم لمساعدتهم على وضع برامج للحد من تغير المناخ في الدول الأعضاء في هذه اللجان.
لحد الآن نشتغل مع 45 دولة في أفريقيا من خلال هذه اللجن الثلاث؛ نقوم بدراسات وتقييمات، ونشتغل على عدة مواضيع مستجدة على الساحة الدولية، كما نشتغل على تقوية قدرات جميع الفاعلين بما فيهم الجماعات الترابية، القطاع الخاص، جمعيات المجتمع المدني وكذا الجامعات.
وعن كيفية اشتغالنا، نحن نمتلك 4 لجان عمل، وهم لجنة القطاع العام والمجموعات الترابية، لجنة القطاع الخاص، لجنة التكوين والبحث، لجنة منظمات المجتمع المدني. هذه اللجن تكون 40 عضوا في المركز، الذي يحظى بصفة “مجموعة ذات النفع العام”، ويحتضن ما مجموعه 18 وزارة، بالإضافة إلى ممثلي القطاع الخاص، والمؤسسات الوطنية المهتمة بالبحث والابتكار، وجمعيات المجتمع المدني، على رأسهم مؤسسة محمد السادس للمحافظة على البيئة.
وعن اشتغالنا بالمغرب وأفريقيا، ننجز تقارير ودراسات مساعدة على أخذ القرار، إضافة إلى تنظيم ورشات في المغرب وفي باقي الدول الافريقية التي تمثل في اللجان المناخية الثلاث، حول مواضيع عدة مثل الهشاشة، والتكيف مع تغير المناخ، إزالة الكربون، وأيضا حول الأضرار والخسائر الناتجة عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.. الخ.
أيضا لدينا اهتمام خاص بقطاع البحث والتعليم، فمنذ نشأتنا اشتغلنا مع مؤسسات التكوين والبحث العلمي، وفيما يخص الجامعات في المغرب لدينا اتفاقيات مع 6 منها نساعدهم على وضع برامج للتكوين العالي ودبلومات مختصة في التغير المناخي، وقد تمكنا من مساعدة ثلاث جامعات مغربية (طنجة، بني ملال، مراكش) لإطلاق ماستر متخصص في علم التغيرات المناخية، معترف به من طرف الوزارة وهو ماستر متخصص كليا في إشكاليات تغير المناخ، والآن الطلبة في مرحلة اجتياز السنة الثانية من الماستر وكان لنا شرف الاشتغال مع الجامعات في هذا المجال.
كما نقوم بعمل يشرفنا حقا هو أننا أنشأنا جامعة عن بعد لتدريس التغيرات المناخية للشباب في إفريقيا، وأطلقنا عليها اسم African Climate Academy، حيث ندرس 300 شاب وشابة كل سنة بحوزتهم دبلوم عال، ونقدم لهم تكوين عال المستوى في مجال الحد من التغيرات المناخية، حيث وصلنا الآن ما مجموعه 1200 شاب وشابة من أكثر من 35 دولة أفريقية، ضمنهم 55% إناث، بحكم أنه في إفريقيا عامة وفي الدول في طور النمو لا يوجد الكثير من النساء في هذا المجال.

حاورها مبعوث بيان اليوم إلى قمة المناخ بدبي > عبد الصمد ادنيدن

Top