رهانات الملكية الفكرية بين المرجعيات الدولية والتشريعات الوطنية

 قام الباحث عبد الحكيم قرمان في مستهل مداخلته في ندوة حول موضوع “رهانات الملكية الفكرية بين المرجعيات الدولية والتشريعات الوطنية”، بالتذكير بمرجعية التشريع الدولي في مجال حقوق التأليف. معتبرا أن الملكية فكرية تعد سؤالا إشكاليا، استأثر باهتمام عدة باحثين وقانونيين على مدى ثلاثة قرون، في التأصيل النظري لمختلف الاجتهادات لتصبح على شكل اتفاقيات دولية، حيث تم خلق منظمة دولية للملكية الفكرية، هذا القانون جمع مختلف الاجتهادات التي تصب في حماية الإبداع في صيغة قانونية إجرائية واضحة، دون تعارض مع حرية الإبداع، وحق المبدع في استغلال ثمار إبداعه.
 وفي منتصف القرن السادس عشر، ومع تزايد تنقل الإبداعات والأفكار والاختراعات في مرحلة الاكتشافات الكبرى، كان لا بد من عملية التوثيق، واحترام حق أبوة المصنف.
 وبعد ازدهار الحركة العلمية والإبداع ظهرت مشاكل جديدة، نتيجة الحروب وما يترتب عنها من دمار للمكتبات ونهب التحف وغير ذلك، تم التفكير في إعطاء التشريعات القانونية بعدا كونيا.
 أول تجربة على هذا المستوى كانت سنة 1883 بسويسرا، تتمثل في اتحاد بيرن، وهو يقوم على أساس أن كل الدول الموقعة على الاتفاقية، عليها الالتزام بحماية الملكية التجارية والصناعية.
 الاتفاقية الثانية تمت سنة 1876 بباريس، تجسدت في اتحاد باريس للحقوق الملكية الأدبية والفنية، وهو يقوم على أساس أن كل مصنف يدخل تحت نطاق الحماية.  وقد مهد ذلك لتأسيس منظمة أممية، تعطي للإبداع مكانة جوهرية، من خلال العمل على إنشاء هيئات متخصصة لتدبير الملكية الأدبية والفكرية، حيث يتم التركيز على الحماية والاستغلال، وضمان حصول صاحب المصنف على حقوقه المادية.
 غير أن أول قانون مغربي للملكية الفكرية، يمكن اعتباره متكاملا، لم يتم سنه سوى في سنة 1970 ، وقد ساهم فيه خبراء مغاربة، وهو ينبني على توحيد القوانين السابقة.
 بعد ذلك ظهر جيل ثاني من الحقوق، هو الحقوق المجاورة، حيث تم توفير آلية قانونية لحماية حقوق فناني الأداء.
ومع توقيع المغرب سنة 2000 على اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية، صار ملزما بالانضباط للمعايير الدولية لتقنين حقوق الملكية الفكرية والصناعية والأدبية، وتطوير تشريعاته على هذا المستوى لتتماشى مع التشريع الأمريكي الذي يعد الأرفع.
 غير أن مفارقة ظلت قائمة -يؤكد المحاضر- حيث تم إغفال الهيئة التي تقوم بتدبير هذه التشريعات، وتم التفكير في تأسيس المكتب المغربي لحقوق الملكية الفكرية والأدبية، ومن أجل تأهيل هذا المكتب، تم العمل على التوقيع على ما يسمى بعقد البرنامج.
 غير أن تدبير هذا المكتب ظل يشكو من الضعف، وفي هذا الإطار يقترح المحاضر ضرورة الاستفادة من تجارب بلدان ناجحة، من خلال خلق هيئة مدنية غير تابعة للدولة، لها حق الترافع والتشارك في إطار توسيع مجال التداول في السوق الحر.
 وتحدثت الفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد عن ريادة المغرب في مجال الإبداع التشكيلي، حيث يعد مرجعا، مبرزة أن غزارة الإنتاج توازي المشاكل القانونية التي يتخبط فيها القطاع، فهو على خلاف الموسيقى والمسرح وغيره من الفنون، يعاني من صعوبة تحديد الحقيقي من المنقول.
وقد برز هذا الإشكال مع ظهور مجمعي اللوحات الخاصة برواد التشكيل، فكان لا بد من خبراء في التشكيل لتحديد أصول اللوحة، وتصنيف الجيد من الرديء.
 واعتبر الفنان الموسيقي مصطفى أحريش أن قانون الملكية الفكرية، يعد موضوعا شائكا، مركزا على نقطة أساسية يشكو منها القطاع، تتمثل في القرصنة التي ساهمت في ضياع الحقوق المادية للمؤلفين وشركات الإنتاج.
 وتحدث عن طبيعة الوضع الذي كان سائدا في السابق والذي يعد أحسن حالا من اليوم، حيث أن الإذاعة كانت تتوفر على لجن خاصة بالكلمات والألحان، وأن الأغنية لم تكن تذاع قبل مصادقة تلك اللجن عليها، وكانت الإذاعة هي التي تتكفل كذلك بأداء المستحقات المادية للفنانين.
 غير أنه مع ظهور شركات الإنتاج ووسائط الاتصال الحديثة، ساد التسويق التجاري الحر، ومن هنا برزت القرصنة، التي أدت إلى إفلاس العديد من المشتغلين في ميدان الموسيقى.
 وعاتب المتدخل المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، لأنه لم يقم بدوره في الحفاظ على هذه الحقوق، وعزا ذلك إلى غياب الكفاءات التي من المفروض أن تسهر على تدبير أشغال هذا المكتب.
متابعة: عبد العالي بركات > تصوير: عقيل مكاو

Related posts

Top