روكبان: تصريحات بان كي مون بعيدة عن روح المنطق والعقل والقانون والأخلاق

قال رشيد ركبان، رئيس فريق القدم الديمقراطي بمجلس النواب، إن التصريحات المستفزة والمتسمة بالمحاباة الواضحة للبوليساريو والبعيدة عن الخطاب التقليدي للأمم المتحدة التي أطلقها أمينها العام «بان كي مون»، تشكل تراجعا خطيرا عن التزامات الأمم المتحدة، وخرقا سافرا للقانون الدولي.
وأضاف ركبان، في مداخلة خلال الجلسة العامة المخصصة لتدراس مستجدات القضية الوطنية بمجلس النواب، «نسجل بارتياح مواقف العديد من الدول التي تبرأت مما صرح به الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة تصريحا أو تلميحا. وفي الواقع، ينبغي على هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن فتح تحقيق في دواعي تصريحات بان كي مون، لماذا؟ ومن وراءها؟ بالنظر لخطورتها. فهي تضع مصداقية ونزاهة مؤسسة الأمانة العامة على المحك».

السيد رئيس مجلس النواب،
السيد رئيس مجلس المستشارين،
السيد رئيس الحكومة،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادةالبرلمانيين المحترمين،
يشرفني أن أتدخل أمامكم، باسم فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب ومجموعة العمل التقدمي بمجلس المستشارين، في إطار هذه الجلسة المخصصة لتدارس مستجدات قضيتنا الوطنية والتي نعقدها في ظرفية حساسة تتسم بمواجهة بلادنا لمناورات ومخططات وتوجهات تستهدف استقرارها وتسعى للنيل من وحدتها الترابية والمس بسيادتها الوطنية، والمتجلية أساسا  في الأفعال والأقوال المنحازة للأمين العام لهيأة الامم المتحدة، وتصريحاته الأخيرة المتسمة بالمحاباة الواضحة والمخلة بمبدإ الحياد والبعيدة عن مسوغات الخطاب التقليدي لهيأة الأمم المتحدة وقراراتها ومواقفها الرسمية في الموضوع. وتراجعه عن الالتزامات والضمانات التي تم التعهد بها في خرق سافر للقانون الدولي، وأعراف العمل الدبلوماسي.  مع ما يشكل ذلك من سلوك خطير قد يترتب عنه الزج بالملف في منزلقات غير محسوبة العواقب.
إن ما قام به الأمين العام لهيأة الأمم المتحدة وما فاه به غير مقبول بكل المقاييس،  ومرفوض رفضا قاطعا، ويشكل استفزازا لمشاعرنا نحن المغاربة واستهتارا بقضيتنا العادلة والمشروعة. وهو الأمر الذي نندد به ونستنكره.
فما معنى أن يتم استعمال عبارة )احتلال(؟ وينحني أمام ما يسمى )بعلم الجمهورية الوهمية(؟ ويرفع)  شارة النصر(؟ ويدعو لعقد مؤتمر المانحين؟
وما معنى أن يسكت، في المقابل، عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في مخيمات تندوف، وتمادي حكام الجزائر وقادة البوليساريو في تعميق مأساة محتجزي هذه المخيمات،  والاتجار بها وبكرامة ضحاياها وكبريائهم.ويسكت عن حالات اختطاف واحتجاز النساء والترحيل القسري للأطفال وتجنيدهم للزج بهم في النزاعات المسلحة؟
ما معنى أن يسكت الأمين العام على عمليات التلاعبات والسرقة ونهب المساعدات الموجهة لمحتجزي مخيمات تندوف، ويتغاضى عن الاشارة إلى تورط أفراد الجمهورية الوهمية في تغذية الإرهاب والاتجار في السلاح، والاتجار في المخدرات والتهريب، والاتجار في البشر،والتهديد الكبير الذي يشكلونه على أمن واستقرار المنطقة؟
الواقع أن ما قام به الأمين العام لهياة الأمم المتحدة وما فاه به ليس ابتعادا عن مبدأ الحياد فقط، بل هو في الواقع  فقدان لجادة الصواب، وبعيد كل البعد عن روح المنطق والعقل والقانون والاخلاق.
لماذا وجدت منظمة الأمم المتحدة؟ وجدت من أجل إحلال السلام وتعميم الأمن وإنهاء الحروب والنزاعات. انطلاقا من ذلك نطرح سؤالان الأول يجيب عن نفسه، والثاني يتطلب المزيد من البحث وتجميع المعطيات:
السؤال الأول  الذي يجيب عن نفسه، يتعلق بماهية مهمة الأمين العام لهياة الامم المتحدة؟ ماهو دورك السيد الامين العام ؟
أولا : هل احترام قرارات هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والتقيد بها أم خرقها ومعاكستها؟ لأن ما قاله وما فعله لا علاقة بقرارات ومواقف هيئة الامم المتحدة.
ثانيا: هل مهمة الامين العام أنيحل المشاكل ؟ أمأن يخلق المشاكل؟
ثالثا: هل تقتضي مهمته إحلال الامن والسلام أم إشعال فتيل النزاعات والحروب؟
حين استعمل  بان كي مون عبارة (احتلال) فقد حياده ،وفقد بوصلته وصوابه وتوازنه، بل ويكاد يفقد مصداقيته. لأنه لم يحترم القرارات الأممية وخرج عن الإطار العام والقاموس المعتمد في القضية، وخلق المشاكل وأزم الوضع أكثر، ووتر الأجواء أكثر مما هي متوترة، وأشعل فتيل النزاع. فيالها من طريقة متهورة ينهي بها أمين عام لهيأة الأمم المتحدة مشواره الديبلوماسي على رأس أكبر وأهم منظمة أممية.
أما السؤال الثاني فمتعلق بحقيقة مصدر القرار: كما هو معلوم فإن قرارات هيأة الأمم المتحدة هي، في الأول والاخير،  قرارات دول مصادق عليها بناء على مواقف هذه الدول. والسؤال المهم: هل تصريحات بان كي مون هي مجرد نزوة، أو خطأ، أو زلة لسان، أو تأثر واستسلام لمحيطه ومقربيه وخاصة المبعوث الأممي روس ومن معه؟ أم أن التصريحات مخطط لها ومدبرة، وأعطي بشأنها الضوء الأخضر من الفاعلين أو من بعض الفاعلين الديبلوماسيين الدوليين المؤثرين؟
الاحتمال الأول، على خطورته، مقدور عليه. والمغرب لن يسكت عليه في جميع الأحوال، ولن يمر عليه مرور الكرام، لكنه في الوقت نفسه قابل للتعامل معه من خلال الاعتراف بالخطأ وتجاوزه.ما دام ان الأمر تصرف شخصي لبان كي مون لا يلزم الدول الأعضاء في شيء،شريطة الاقرار و الاعتراف صراحة بالخطأ، دون أساليب ملتوية.
أما الاحتمال الثاني فهو أشد خطورة، لأنه يعني توجه جديد، أو محاولات لتغيير المواقف المبدئية لعدد من الدول أو وضعها أمام الأمر الواقع بهدف إحراجها، أو في نوع من السباق مع الزمن قبل نهاية ولاية بان كي مون، أو قبل حلول الانتخابات الرئاسية الأمريكية.إن هذا ما ينبغي التحقق منه والبحث فيه لتكوين صورة واضحة ومدققة عن الوضع، خاصة أنناعلى مشارف شهر أبريل الذي يتم خلاله إصدار التقرير السنوي عن النزاع المفتعل في أقاليمنا الجنوبية.
وهنا، نسجل بارتياح مواقف العديد من الدول التي تبرأت مما صرح به الأمين العام لهيئة الامم المتحدة تصريحا أو تلميحا. و في الواقع، ينبغي على هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن فتح تحقيق في دواعي تصريحات بان كي مون، لماذا ؟ ومن وراءها ؟ بالنظر لخطورتها. فهي تضع مصداقية و نزاهة مؤسسة الأمانة العامة علىالمحك .
وهنا، أيضا لابد من استحضار المضامين العميقة والمقدامة للخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الأربعين لتخليد المسيرة الخضراء، والتي جاءت حافلة بالرسائل القوية، الصريحة الواضحة والصارمة، سواء من حيث اطلاق مشاريع تنموية كبرى في مختلف المجالات بميزانيات ضخمة، في اطار تفعيل الجهوية المتقدمة والنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، أو من ناحية التأكيد على أن الحكم الذاتي في اطار السيادة المغربية، والذي يحظى بترحيب دولي ويتعامل معه باعتباره مقترحا جديا وذا مصداقية، هو مقترح لا بديل له، إذ يشكل أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب من أجل الطي النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
لذلك، وتأسيسا على الإجماع الحاصل على اعتبار أن الفوز النهائي لهذه القضية الوطنية ذات الأولوية القصوى يمر بالضرورة عبر تمتين الجبهة الداخلية، أصبحت تستدعي اعتناء أكبر واهتماما أقوى وتأطيرا أنجع، فإننا كمكون من المكونات البرلمانية، ومن موقعنا في حزب التقدم والاشتراكية، إذ نعلن عن انخراطنا الكلي في المقاربة القائمة على اعتبار السيادة الوطنية كمنطلق أساسي في تعاملنا مع مختلف المحطات والمواقف المتعلقة بالوحدة الترابية وبما ينبغي من الصرامة والحزم و الذود عن السيادة الوطنية. لنؤكد من جديد على أن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها كما قال صاحب الجلالة، شاء من شاء وكره من كره.   
وغدا نحن حاضرون في المسيرة الوطنية، وندعو كافة المواطنين إلى المشاركة بكثافة لتوجيه الرسالة القوية لمن يهمه الأمر. حاضرون غدا و بعد غد، حاضرون كل يوم، في كل زمان، في كل مكان دفاعا عن وحدتنا الترابية المغربية .
ونود بهذه المناسبة، أن نتفادى الخطاب التبخيسي، ونحيي عاليا أطر وزارة الخارجية والتعاون ودبلوماسييها والسفراء على الجهود الكبيرة التي يبذلونها في خدمة وطنهم وخدمة قضيتنا الوطنية الأولى.فهم يكاد لا يغمض لهم جفن، يتتبعون كل صغيرة وكبيرة، ويعملون ليل نهار. كما نحيي السيد وزير الخارجية والتعاون والسيدة الوزيرة المنتدبة، والسيد الوزير المنتدب، ومن خلالهم الحكومة وعلى راسها السيد رئيس الحكومة، على  ما يبذلونه من جهود نصرة لقضية وحدتنا الترابية. كما نحيي البرلمان بمجلسيه على المبادرات والنشاط الدبلوماسي المكثف والناجع للسيدات والسادة النواب والمستشارين ما مكن بلادنا من كسب العديد من المعارك المرتبطة بالنزاع المفتعل.
ونحيي أيضا الأحزاب السياسية والتنظيمات النقابية والفعاليات الجمعوية والاقتصادية والثقافية والرياضية وكل المكونات المجتمعية كل من موقعه. والشعب المغربي قاطبة على الانخراط القوي في المعركة من أجل نصرة قضيتنا العادلة والمشروعة، ملتحمين وملتفين حول رئيس الدولة وممثلها الأسمى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية،  التي نحيي بسالتها ، هي وأفراد الدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، والوقاية المدنية، ونشيد بتعبئتها الدائمة، ونقدر تضحياتها الكبيرة، ونثمن وطنيتها الصادقة، من أجل الحفاظ بمسؤولية رفيعة وكفاءة عالية، على أمن واستقرار الوطن، وسلامة وطمـأنينة المواطنين، والدفاع عن الحوزة الترابية للبلاد والذود عن سيادتها الوطنية.ونترحم على أرواح كافة الشهداء الأبرار، في سبيل حرية الوطن واستقلاله وسيادته ووحدته.
شكرا .

Related posts

Top