قالت زكية الدريوش الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري، في وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات: “إن الوزارة تسهر بشكل مستمر على المخزون السمكي من خلال الاهتمام بالبحث العلمي، وإنجاز مخططات للتهيئة بناء على توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، ناهيك عن رصد ومتابعة نشاط المراكب داخل البحر عبر جهاز المراقبة (VMS)”.
وأكدت زكية الدريوش في حوار مع جريدة بيان اليوم أن الوزارة لن تتراجع في الدفاع عن المخزون السمكي المغربي الذي يعتبر تراثا وطنيا، لهذا تخوض يوميا مواجهات مع المهنيين لضمان استدامة الثروات البحرية. فيما يلي تفاصيل الحوار:
> تعد وزارة الصيد البحري المسؤول الأول عن المخزون السمكي بالمغرب، كيف تسهرون على حماية هذه الثروة البحرية؟
< تهتم وزارة الصيد البحري بالمخزون السمكي بالمغرب، من خلال ثلاثة مداخل أساسية، يتعلق الأمر الأول بالاهتمام بالبحث العلمي الذي ندعمه بالمعدات التقنية والبشرية، مثل اقتنائنا مؤخرا لسفينة خاصة بإجراء الأبحاث بـ 100 مليون درهم، وذلك من أجل تعزيز الترسانة التقنية للمعهد العلمي للبحث في الصيد البحري، الذي يجري دراساته بشكل دائم ومستمر حول ما يقع في البحر، لأننا بتنا أمام تغيرات كبيرة في البيئة البحرية، لهذا نحن ملزمين بتتبع الوضع بشكل يومي، حتى نكون صورة عما يحدث في البحر، انطلاقا من التقارير العلمية التي نتوصل بها من INRH.
وتتعلق النقطة الثانية بإحداث الوزارة لمخططات التهيئة، استنادا إلى خلاصات تقارير المعهد العلمي، التي نشتغل عليها بشكل سنوي مع مراجعتها كل مرة بالموازاة مع الأبحاث العلمية، وفي هذا الصدد، أقدم نموذج القرار الذي أخذناه بشأن توقف نشاط صيد الأخطبوط خلال موسم الصيف (2022) بجنوب المملكة، لأن مصيدة هذه المنطقة كانت تعرف مشكلا كبيرا في مخزون الأخطبوط، نتيجة النشاط غير القانوني لبعض القوارب التي تم حرقها قبل بداية موسم الصيد الشتوي للأخطبوط، والمؤشرات التي تطالعونها الآن تبين تعافي الثروة بمياه مدينة الداخلة على وجه التحديد.
والأمر الثالث الذي اشتغلت عليه الوزارة هو مراقبة مراكب الصيد البحري داخل البحر، عبر نظام مراقبة السفن بالأقمار الاصطناعية، المعروف اختصارا بـ VMS Vessel monitoring system، الذي وضعناه بجميع مراكب الصيد الساحلي، حيث نراقب من مركزنا بمدينة الرباط مدى احترام هذه السفن لقواعد الصيد، من قبيل عدم الولوج إلى الأماكن الممنوعة التي يعاقب عليها بغرامات.
عموما هذه الإجراءات الثلاثة التي وضعتها الوزارة، تساهم بشكل كبير في الحفاظ على الثروة السمكية بالمغرب.
> تثير قرارات وزارة الصيد البحري في بعض الأحيان حنق المهنيين، إلى أي حد تأخذون ملاحظاتهم بعين الاعتبار أثناء الاجتماعات؟
< أريد أن أؤكد لك بأن مسؤولية وزارة الصيد البحري في الأول والأخير، هي المحافظة على الثروة السمكية التي تعتبر تراثا وطنيا من واجبنا الحفاظ عليها بدون أي مزايدات من قبل المهنيين، الذين بالفعل لديهم الحق في الصيد، لكن هذا الحق يجب أن يمارس في إطار احترام الإجراءات والضوابط الموضوعة من قبل الوزارة، التي تبني قراراتها على دراسات علمية، لأن هذه الثروة لا تعود لأي أحد، فهي للوطن، ونحن من يجب أن يحافظ ويحرص على استدامتها.
تصدر جميع قراراتنا داخل الوزارة بناء على عقد لقاءات استشارية مع الهيئات المهنية، فعلى سبيل المثال من أجل أخذ قرار الراحة البيولوجية بالنسبة للسمك السطحي، عقدنا 8 اجتماعات، علما أن بعض المهنيين عبروا عن رفضهم لقرار التوقف، لكنني أكدت لهم على ضرورة تعليق النشاط بين فاتح يناير و31 منه، وكما تلاحظ اليوم، تم تطبيق هذا الإجراء الذي يلتزم الجميع به، لأن الوزارة إذا لم تقم بواجبها في حماية هذه الثروة فأكيد أنها ستحاسب غدا على عدم تطبيقها للقانون.
يرفض المهنيون دائما في البداية أي إجراء تتخذه الوزارة، لكن بعدما يطلعون على النتائج الإيجابية يثمنون القرار لأنه كان في صالحهم وليس ضدهم، لأن هم المهنيين للأسف هو الربح الآني بدون أن ينظروا إلى المستقبل، لكن إجراءات الوزارة واضحة تجاه الحفاظ على المخزون، فالمهني من حقه أن يربح المال، لكن مقابل ضمان المستقبل، ولا يمكن للوزارة أن تغمض عينيها عن المراقبة، لأن ذلك يعني في يوم من الأيام غلق جميع أبواب الشركات الناشطة في القطاع بالمغرب، والتي تعتبر مصدرا لرزق الآلاف من العاملين والعاملات، كما أنها محرك أساسي في الاقتصاد المغربي.
> لاحظت بيان اليوم وجود إجراءات مشددة بالداخلة خلال الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط، هل يمكن أن نقول بأن الوزارة أرادت أن تقطع مع النظام القديم في الاشتغال؟
< شخصيا أشكر وزارة الداخلية على المجهود الذي بذلته معنا في مدينة الداخلة للتغلب على القوارب غير القانونية، حيث أعطى هذا الإجراء ثماره على أرض الواقع، والدليل هو أننا بدأنا الموسم الشتوي لصيد الأخطبوط في إطار منظم بشكل جيد، والجميع يخضع للإجراءات التي قمنا بها، والسلطات مجندة لمراقبة الوضع عن كثب من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، بدل الفوضى التي كانت تشهدها مدينة الداخلة.
وانعكست جميع الإجراءات التي قمنا بها في الجنوب، على أثمنة الأخطبوط الذي وصل ثمنه إلى 150 درهم فم فوق، بعدما أصبحت لدينا قناة بمسار قانوني واضح، يتعلق بولوج البحر، والصيد، ثم بيع المنتوج في المكان المخصص له.
وفي هذا الإطار، لا بد من أن أنبه إلى أن قطاع الصيد البحري، يعرف انفلاتات في جميع دول العالم، وإذا لم تكن يدك من حديد لضبط القطاع ستصبح الفوضى المهيمن الأكبر في الميدان، لهذا نخوض بشكل يومي معارك من أجل الحفاظ على مخزوننا السمكي، ونحن حاليا مطمئنين على وضع ثروتنا السمكية.
> ألا توجد لدينا فراغات قانونية في المغرب لضبط قطاع الصيد البحري بما يكفي؟
< لا، ليست لدينا أي فراغات تشريعية، فخلال 10 سنوات الأخيرة، وضعنا ترسانة قانونية جيدة، ونضيف إليها مع كل مرة أشياء جديدة، ومازالت هناك مشاريع قوانين أخرى منكبين على دراستها باستشارة وتواصل مع المهنيين، وسنعرضها على البرلمان للتصويت، عموما، قفز القطاع خلال 15 سنة التي مرت بشكل نوعي في الشق التشريعي.
دائما ما يثير قرار الراحة البيولوجية الجدل بين المهنيين الذين ينتقدون الإجراء، لأنه يفرض عليهم التوقف عن النشاط بدون تعويض مادي عكس ما يحصل في دول أجنبية قريبة من المغرب، ألم يحن الوقت بعد لحل هذا المشكل؟
لابد أن أوضح لك بخصوص هذه النقطة، بأن شركات أعالي البحار منظمة بشكل جيد وتحترم الراحة البيولوجية، وتضمن أجور عمالها وعاملاتها لحظة توقف نشاط الصيد، كما أن لديهم رواتب محترمة، أي أن هذه الفئة لا يوجد مشكلا لديها في التوقف البيولوجي.
أما بالنسبة لمراكب الصيد الساحلي والتقليدي، فالوزارة منكبة على دراسة موضوع التعويض عن التوقف عن العمل أثناء الراحة البيولوجية مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومقترحنا الآن لفائدة إدارة CNSS هو أن يحتسب مدخول المهنيين خلال فترة نشاط الصيد، عوض نظام الأيام الذي يعمل به الصندوق، لأن نشاط القوارب والمراكب يكون مزدهرا خلال موسم الصيد ويصرح أربابها بالأرباح التي يجنونها في هذه الفترة، بينما لا تحتسب لحظة التوقف، لهذا سنتجه إلى تقسيم هذه الأرباح على طيلة الأشهر لتشمل فترة الراحة البيولوجية. المهم أن هذا الورش الكبير مفتوح بين الوزارة والصندوق حاليا.
> تعتبر السفن الأجنبية من الأساطيل التي تصطاد في المياه البحرية المغربية، ما هي الإجراءات التي تضعونها لمراقبتها؟
< جميع السفن الروسية والتابعة لدول الاتحاد الأوروبي، تشتغل في مياهنا المغربية بشكل قانوني وتحترم الحصة المسموح لها بصيدها، استنادا إلى ما هو موقع عليه في الاتفاقيات الثنائية بين البلدان.
ولا تلج هذه السفن إلى البحر للصيد قبل أن ترسو في الموانئ المغربية من أجل مراقبتها تقنيا، وللاطلاع على آليات الصيد الخاصة بها، وأجهزة التتبع التي نفرضها عليها (جهاز VMS) لمعاينة نشاطها، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، تخصص وزارة الصيد البحري مراقبا بكل سفينة أجنبية للمعاينة ولإنجاز تقارير لفائدة الوزارة، إلى حين العودة للرسو في الميناء بعد الانتهاء من الصيد، لأن هذه السفن ملزمة بتفريغ حصة من صيدها في المغرب، بل هناك بعض البنود في الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تسمح لنا بأن نذهب لموانئ بلدانهم لمراقبة ما يفرغونه، أي أن نشاط هذه السفن مراقب بشكل جيد ولا حاجة للمزايدة بشأنه.
ألم يحن الوقت بعد لتطبيق نظام التنطيق (Zoning) على القوارب والمراكب والسفن بالمغرب، للقطع مع ظاهرة التنقل الحر للصيد على طول الشريط الساحلي؟
< هذا الموضوع هو ما تنكب الوزارة على مناقشته في الوقت الراهن، لأنه بعد تطبيق التنطيق على صيد السمك السطحي (السردين، كابيلا..) بالعيون وطانطان وآسفي، استطعنا أن ننظم ولوج المراكب إلى البحر وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على المخزون، والآن سنمر إلى تفعيله بالنسبة للصيد الساحلي (شالوتيي) الذين يصطادون القشريات والرخويات..، والذين نتدارس معهم هذه النقط التي سنطبقها، لأنه لدينا خطة للحفاظ على الثروة السمكية، لهذا يجب تنفيذها بدون تردد.
يوسف الخيدر