زناتة.. التاريخ وذاكرة القبيلة

نظم المركز الثقافي عين حرودة بتنسيق مع مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك-جامعة الحسن الثاني، ونادي القلم المغربي، وجمعية ملتقى الذاكرة والتاريخ، وبشراكة مع المجلس الجماعي لعين حرودة، وبتعاون مع المديرية الجهوية بجهة الدار البيضاء- سطات- قطاع التواصل، الدورة الأولى من الملتقى الخامس عشر للذاكرة والتراث الثقافي بالشاوية حول موضوع: “زناتة، التاريخ وذاكرة القبيلة”، وذلك يوم السبت 27 نونبر 2021 بالمركز الثقافي عين حرودة.

استُهِلَّت أشغال الملتقى بكلماتالجهات المنظمة؛ تقدم في بدايتها مدير مختبر السرديات شعيب حليفي الذي نسق أشغال الملتقى بالشكر لكل الفاعلين والمشاركين في إنجاح هذا الملتقى الذي يُعد حلقة أساسية من حلقات البحث في تراث الشاوية وذاكرتها، واستمرارا لتكريس دور وأهمية انفتاح الجامعة على محيطها واهتمامها بقضايا الإنسان والتاريخ والمجتمع، ثم تقدم بعده مدير المركز الثقافي “أحمد علالي”، بكلمة أشاد فيها بالشراكة العلمية والثقافية التي يعتز بها المركز مع المختبر والجامعة والجمعيات، مشيرا إلى خصوصية المنطقة التي تتسم بكونها أرضا فلاحية بفضل جغرافيتها ، كما ألمح إلى الدور الفعال الذي لعبه الميناء في إنماء الاقتصاد والتجارة في المنطقة، إلى جانب القصبات وبعدها المعماري الذي يعطي للمنطقة خصوصيتها، منتهيا إلى التذكير بالدور الوطني للمنطقة في مقاومة المستعمر وانخراطها منذ البداية في عمليات المقاومة.

وفي كلمته ثمن عبد القادر كنكاي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جهود الباحثين في مجال التاريخ والذاكرة، بإشراف مختبر السرديات، وإسهامهم الفعال والمتواصل على مدى عقدين من الزمن، في البحث والتوثيق والتمحيص للذاكرة الجماعية في الشاوية خاصة والمغرب عموما، مشيرا إلى أن الدور الحقيقي الذي تقوم به الجامعة انطلاقا من وعيها الحقيقي بأهمية التراث والتاريخ في تطور حاضر أي منطقة يتمثل فيما يقوم به مختبر السرديات في توسيعه لدائرة البحث في الذاكرة والتاريخ المغربي .

أما عبد القادر سبيلعميد كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بسطاتفقد بدأها بالإشادة بالملتقى وأعماله العلمية التي تكمل وتغني وتطور ما سبقها من أعمال وملتقيات، مشددا على مركزيّة الذاكرة الشعبية في توثيق تاريخنا، معتبرا في السياق ذاته أن البحث في تاريخ الشاوية وثقافتها وذاكرتها (وزناتةمنها) هو بحث في تاريخ المغرب .

اختتمت الجلسة الأولى للكلمات الافتتاحية بكلمة رئيسة اللجنة الخاصة بالبحث العلمي والتاريخي بالدار البيضاء رابحة صالح، التي وقفت في كلمتها على التحديد المجالي لمنطقة زناتة، منبهة إلى خصوصيتها، وخلصت إلى شكرها لكل الفاعلين والمشاركين في إنجاح هذا المحفل الذي يبحث في خصوصيات المنطقة، ويسلط الضوء على أهم ملامحها عبر تاريخنا الممتد.

بدأت الجلسة الثانية بمداخلةأسماء الرافعي( باحثة في تاريخ الشاوية) بعنوان: زناتة والمخزن خلال القرن التاسع عشر، حيث تقدمت في بدايتها بعرض كرونولوجي للتقسيم الإداري للمنطقة، وأبرزت الكيفية التي كانت تتم بها عملية التحصيل الضريبي. وتضيف المتدخلة أنه في عهد هذا السلطان عرف التقسيم الإداري، ولأول مرة، استقلال منطقة زناتة عن باقي المناطق المجاورة لها والتي كانت تلحق بها في التقسيمات السابقة. وختمت مداخلتها بذكر “حادثة سرقة فرس الخليفة الأمريكي”، وهي واقعة مشهورة ذُكرت كثيرا في المراسلات المخزنية، وهي حادثة تبرز انعكاسات التغلغل الاستعماري في المنطقة .

المتدَخلُ الثاني، نور الدين فردي(استاذ باحث في التاريخ المعاصر)عنون ورقتهب: التحولات بمجال زناتة؛منطلقا من مجموع ملاحظات راكمها نتيجة بحثه الميداني، إذ وقف على أن أغلب سكان المنطقة لا يعرفون حدودها الجغرافية بشكل دقيق، كما أشار إلى ارتباط زناتة بمفهومها الحديث بزناتة القبيلة الكبيرة التي لعبت دورا اساسيا في تاريخ المغرب،مؤكدا على ان الذاكرة تحتفظ بأحداث مرتبطة بالحماية اكثر من الفترات السابقة، كما اشار الى العديد من اسماء الاعلام والاماكن التي لم يتم تدوينها،وتطرق في الختام الى التغيرات في المجال الترابي للقبيلة .

أما المداخلة الثالثة فقدمها صالح شكاك( أستاذ باحث في التاريخ المعاصر)بعنوان: “فضالة ومؤشرات التحول المعاصر”؛حيث أشار في مقدمتها إلى الصلة التاريخية والجغرافية والإدارية التي تربط زناتة بالشاوية. وقد ركز على مرحلة الاستعمار وما وسم هذه المرحلة من مشاركة واستماتة محلية من لدن القبائل لطرد الاستعمار، إذ كانت “فضالة” -بحسب تصوره- نقطة عبور. ومع مجيء الاستعمار، عرفت المنطقة تحولات في مجالها، فعلى المستوى الفلاحي ظهرت منتوجات كالبواكر وزراعة الكروم وبداية ظهور أعمال البستنة بشتى أنواعها، وعلى المستوى الصناعي ظهرت العديد من الصناعات التي استقدمها الاستعمار .

وتدخل أيوب ناجم (باحث في سلك الدكتوراه)بورقة حول: جوانب من الحياة الاقتصادية في زناتة – عين حرودة إبان حقبة الحماية، منطلقا فيها من سؤال تأسيسي، وهو: ما هي الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي التي كانت حاضرة في منطقة عين حرودة؟ وقد كانت محاور المداخلة بمثابة إجابة عنه، إذ وقف على حيوية مجال زناتة وتنوعه وطبيعته الجغرافية، التي شجعت على تسخيره في الإنتاج الفلاحي. ليشير بعد ذلك إلى أشهر المعمرين وإسهاماتهم وحجم ضيعاتهم الفلاحية والتقنيات الجديدة التي استقدموها من فرنسا في مجال الزراعة. ولم يغفل المتدخل عن الإشارة إلى الصعوبات والإكراهات التي واجهها هؤلاء المعمرون في المنطقة.

وقدم المداخلة الأخيرة لهذه الدورة،محمد معروف الدفالي(استاذ باحث في التاريخ المعاصر ) بعنوان: امتداد حركة المقاومة والفداء من الدار البيضاء إلى فضالة إطلالة على تجربة التهامي لفضالي؛ حيث ثمن فيها مجهود المقاومين المغاربة في طرد الاستعمار، مشيرا إلى أن هذه المنطقة وفرت المال والسلاح والفضاء المناسب للتدرب على استخدام هذا السلاح، مثلما حدث مع “محمد الزرقطوني”و”التهامي نعمان” الذي تعرض للاعتقال بسبب نشاطه السياسي، والذي أسهم بدوره الكبير في المقاومة الوطنية، كما تتبع مسار المقاوم نعمان منذ نشأته بفضالة الى دوره في المقاومة بالدارالبيضاء والمناطق المحيطة بها .

Related posts

Top