في ليلة من ليالي آسفي الباردة، وبالضبط ليلة 12 يناير الماضي حوالي الساعة الثامنة والربع ليلا، انتشر خبر بين رواد مواقع التواصل الإجتماعي، يتعلق بوفاة شابة في ظروف غامضة لازالت في ريعان شبابها، وهي نجلة واحد من رجال الأعمال بآسفي، وزوجة إبن برلماني سابق ورئيس جماعة قروية حاليا وأحد كبار رجال الأعمال بالمدينة والإقليم. ومع انتشار الخبر بسرعة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، توالت سلسلة من التغريدات التي تتضمن عبارات التعازي في وفاتها المفاجئة، ومعه انتشرت صور لحفل الزفاف الذي لم تمض عليه سوى أربعة أشهر وثلاثة أيام بالتمام والكمال، والذي كان كما يحكي من حضره من أصدقاء وأقارب عائلتي الفقيدة وعائلة زوجها، بالحفل الأسطوري على كل المستويات.
مئات التدوينات والتعازي انتشرت لمواساة زوجها الشاب “ع ـ ج” الذي ينتمي لعائلة معروفة على صعيد المدينة والإقليم، خصوصا وأن والده كان برلمانيا وهو اليوم رئيسا لجماعة قروية بإقليم آسفي، إضافة لكونه رجل أعمال، وأخرى لوالد الفقيدة الذي هو الآخر من المشهود لهم بالطيبوبة والأخلاق والجدية في التعامل، وبين ذلك توافد على بيت الوالد وبيت الزوج كل المعارف والأهل والأقارب ، وكلهم كانوا يرددون نفس الأسئلة، ما سبب هذا الموت المفاجئ لشابة لازالت في ريعان شبابها رغم أن الموت لا يفرق بين صغير وكبير، فقد كان كل من سمع بالخبر يسأل “باشْ ماتَتْ مَسْكِينة ؟؟” تعاطفا مع شابة تبلغ من العمر 23 سنة ولم يمض على فرحها ودخولها بيت الزوجية سوى أربعة أشهر، كل من كان هناك تلك الليلة كان يقدم العزاء وفي نفس الوقت يحاول معرفة سبب وفاتها، هل هي سكتة قلبية؟ أم مرض مفاجئ؟ أم حادث كان السبب في وفاتها وهي التي كانت قبل ساعات من الوفاة تحدث والدتها بالهاتف.
هذه الأسئلة لم تكن لها إجابات، سوى همسة من هناك تقول بأنها كانت تصارع مرض فقر الدم الذي تفاقم مع بداية حملها، فيما آخرون يرددون همسا بأنه مرض القلب، فيما والدها يبكي في صمت بأحد أركان البيت وحتى حين يعانقه قريب أو صديق عزيز، ومع كل عناق لم يكن أحد يجرأ لطرح السؤال على الوالد، “باش ماتَتْ سلمى” بل حتى من جالسهم من أقربائه وأصدقائه المقربين لم يسمعوا منه سوى أنها دخلت مصحة خصوصية وهناك توفاها الله.
وفي اليوم الموالي الذي صادف يوم الجمعة، أُقيمتْ للمرحومة سلمى جنازة مهيبة، بعد الصلاة عليها بمسجد السنة، جنازة حضرها وسار وراءها حتى من لم يكن يعرف المرحومة، فقط لأنه تعاطف مع أسرتين فقدتا شابة لازالت في بداية حياتها وزواجها، وتعاطف مع شابة بالكاد أقبلت على الحياة في أبهى مراحلها، وقد بكاها الكثيرون خصوصا من عرفها طفلة تم شابة مثقفة تم مساعدة لوالدها في أشغاله وأعماله بأخلاقها العالية وطيبوبتها وحسن معاملتها.
ومع الأيام لم تبق سوى ذكرياتِ يحملها الكثيرون في ذاكرتهم، يحكون عن حفل الزفاف والأجواء التي مر فيها والفنانين الكبار الذين توالوا على الغناء للعروسين، وفقرات الحفل التي كانت في مستوى عائلتين من عائلات رجال الأعمال بآسفي، وآخرون يتحدثون عن حالة الزوج النفسية جراء فقدانه لزوجته، وآخرون يتحدثون عن حالة والد ووالدة وعائلة المرحومة سلمى، خصوصا وهي البنت الوحيدة لوالدها، ومع الحديث كان هناك من يتحدث عن القدر والموت والمرض وقدرها وقدر زوجها الترمل وهو في ريعان شبابه.
لكن ليالي آسفي الباردة ستنقلب رأسا على عقب ،بعد حوالي 10 أيام من وفاة المرحومة سلمى ، خصوصا بعد أن انتشر فيديو على مواقع التواصل الإجتماعي يتحدث فيه صاحبه من الولايات المتحدة، عن أمور صدمت كل من استمع إليها، وتفاصيل خطيرة حول وفاة “سلمى زيزي”، بدليل أن الفيديو حصد وفي وقت قياسي أكثر من 100 ألف مشاهدة، دون الحديث عن الذين وزعوه من خلال وسائل التواصل داخل غرف الدردشة والغرف الخاصة، ومعه رجع ذلك السؤال الذي كان يطرحه الجميع حين سماع خبر وفاة عروسة شابة في ربيعها الثالث والعشرون “باشْ ماتَتْ سلمى ؟؟”، تفاصيل دقيقة لا يمكن لمن يقطن في أمريكا أن يتعرف عليها لدقتها، وآسفي التي كان يقال عنها “ريال ديال الجاوي كيبخرها”، لا أحد يعرف عنها شيئا بالمرة، وكان الأمر أشبه بالانفجار، هل فعلا ما قاله “اليوتوبرز” من أمريكا صحيح، خصوصا وأن الأمر يتعلق باتهامات خطيرة وجهت للزوج وعائلته وتفاصيل عن شجار وضرب ونقل لمصحة خصوصية تم وفاة، ومعه توالت التعاليق والأخبار الحقيقية والكاذبة والإشاعات، وانطلقت الإتصالات الهاتفية والرقمية، الكل يريد أن يعرف، هل فعلا ذلك الشاب الجميل الطموح الذي ينشط في العمل الجمعوي والحزبي والذي هو صورة والده في المستقبل سياسيا وماليا واجتماعيا، قادر على أن يكون بطل لقصة نسجها يوتوبرز هناك وراء المحيط الأطلسي، أم أنها الحقيقة التي كان ستارها جدران بيت الزوجية وقضايا داخلية بين الأسرتين لا تخرج للعلن؟.
هنا سيخرج والد سلمى عن صمته للرد حول ما يقال، وما رافق هذا الإنفجار الإعلامي الخطير ، والبداية كانت في 25 من شهر يناير، حيث سينشر الأب تدوينة على صفحته بموقع “الفايسبوك”، يقول فيها : ” السلام عليكم إخواني الكرام، بعد تداول موضوع فاجعة فقدان ثمرة قلبي على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، أريد أن أوضح أني لحد الآن لم اطلع على التقرير الطبي ولا على التشريح الطبي، إلا أن هناك تضاربا كبيرا في الأقوال، في المقابل أرحب و اشكر وأعطي الضوء الأخضر لكل من أراد أن يتطرق إلى الموضوع بناء على معلومات صحيحة، لأن هدفنا الأسمي هو معرفة الحقيقة، نخبركم انه سيكون لكل مقام مقال عند ظهور فحوى التقارير” .
بهذه الكلمات أكد السيد “مخلص زيزي” على صفحته حقيقة ما جاءنا من وراء البحار، بل كانت تدوينته تحمل ألف سؤال من خلال تأكيده بأنه لم يطلع لا على التشريح الطبي ولا على التقرير الطبي، وأن الأمر فيه تضارب للأقوال، ومعه أكد بين السطور بأن في القضية شيء من “إن” خصوصا بتأكيده على أن لكل مقام مقال، مما يعني أن هناك مقامات أخرى ومقالات ستظهر بعد ذلك، وهو ما حدث بالفعل، خصوصا حين اختلط الحابل بالنابل وأصبحت هناك اتهامات علنية توجه للشاب وتنعته بنعوت لا يمكن أن يعلمها سوى المقربون، ومعها انطلق الحديث على كون المرحومة وبعد أن ارتبطت رسميا بالزوج “ع ـ ج ” بتاريخ 20 ماي 2022، اكتشفت فيه جوانب خفية لم ترض عنها أو بالأحرى حاولت إصلاحها قبل حفل الزفاف، لدرجة أنها أسرت لقريباتها وصديقاتها بأنها ربما تسرعت بعقد القران مع شاب لا زال يريد أن يعيش حياة العزوبية، بل إن كل أسرة المرحومة سلمى بما فيهم الوالد والوالدة كانوا يستمعون لشكايات ابنتهم من تعنت زوجها وطغيانه وتجبره ومحاولة فرض آرائه على المرحومة عن طريق الإكراه والقوة، ولأن بدايات الكثير من الزيجات تعترضها مشاكل في التفاهم وتقبُلِ الآخر، فقد كانت الأسرة والعائلة والمعارف يتدخلون من أجل إصلاح ذات البين، لكن الأمور لم تكن تسير سوى في تفاقم، وفي كل مرة تعود سلمى رحمها الله لوالدتها لتحكي لها عن تصرفات تصل لحد التعنيف والضرب والسب والإهانة، وبعدها يتصالح الزوج مع زوجته، تم تعود حليمة لعادتها القديمة، بعد كل جدال أو نقاش يكون هناك تعنيف، لدرجة أنها وقبل شهرين من الآن، أسقطت ما بأحشائها وهي في بدايات حملها بسبب ضربه لها، وهو الأمر الذي تسترت عليه العائلتان، وأرجعوا الأمر بكونه قضاء وقدر.
وبالرجوع للعبارة التي كتبها والد المرحومة في تدوينته السابقة ” نخبركم انه سيكون لكل مقام مقال عند ظهور فحوى التقارير “، نشر هذا الأخير تدوينة تحمل العديد من الاستفسارات والألغاز المحيرة، والتي جاء فيها : ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،سبق لي أن قلت لكم لكل مقام مقال لهذا أخبركم أني انتقلت بالأمس إلى مصحة اكتيدال رفقة صديقين وطلبت من الإدارة تسليمي التقرير الطبي الخاص بوفاة ابنتي فاستجابوا لطلبي مشكورين بعد حوالي أربع ساعات .عندما استلمت التقرير،راودتني بعض الأسئلة سأحاول أن أتقاسمها معكم: هل تُعتبر هذه الوثيقة تقريرا طبيا ؟؟الوثيقة تقول أن الفقيدة دخلت المصحة على الساعة الثانية وسبع دقائق، في حين أنها في حدود الساعة الثانية و25 دقيقة بعد الزوال، كانت في مكالمة هاتفية مع أمها من بيت الزوجية. فهل هذا يعقل؟؟؟الوثيقة تقول أن المرحومة توفيت على الساعة السابعة و55 دقيقة مساء، وسبق للمصحة أن أكدت أن الوفاة غير طبيعية، فلماذا لم يتم إشعار الشرطة لا وقت ولوج ابنتي المصحة و لا عندما وافتها المنية وإنما تم إشعار الشرطة اليوم الموالي على الساعة العاشرة صباحا (بعد مرور 14 ساعة على وفاتها)؟؟؟؟؟؟هل يمكن بعد كل هذا إعطاء طابع المصداقية لأي معلومة تصدر عن نفس المصدر؟؟؟، ومن جهة ثانية كان زوج ابنتي طيلة مراسيم العزاء يتصفح هاتفها ويخر باكيا ولما طالبت زوجتي عائلته بإحضار الهاتف، أجابتها والدته أنهم قاموا بإرساله إلى الدار البيضاء لتفادي بكاءه ونحيبه المتكرر، لكن وصلتني أخبار (لم أتأكد من صحتها) أن زوج المرحومة استجاب لطلب الضابطة القضائية وأحضر الهاتف و لكن بعد محو برمجته و عليه عبارة(iPhone indisponible) ،هل إذا صحت هذه المعلومة قد تكون لها دلالات ؟؟،أتساءل أيضا هل حيكت في الكواليس يوم وفاة ابنتي أموراً ما؟؟ و كم من شخص شارك في هذه الحياكة؟؟، من أول الأشخاص الذين اتصل بهم الزوج بعد الواقعة مباشرة؟؟، لكني أعود وأقول بأن لدينا في المغرب والحمد لله أجهزة أمنية على مستوى عال من الاحترافية بشهادة دولية فكت وبطريقة استباقية خيوط مؤامرات كانت تحاك لزعزعة امن واستقرار مغربنا الحبيب وبلدان أخرى وبالتالي لن يستعصيعليها فك لغز هذا الحادث، وفي الأخير ….. سنوافيكم بكل جديد مع تحياتي لكل ذوي الضمائر الحية في انتظار تفاعلهم. “
هذه التدوينة ستضاف لباقي التدوينات وما رواه اليوتوبرز في الفيديو الشهير الذي لا يزال على مواقع التواصل الإجتماعي، قررنا البحث والتقصي في حقيقة ما وقع، وحقيقة ما يقال، فكان لا بد من الاتصال بوالد المرحومة السيد “مخلص زيزي”، لكنه كان في حالة صدمة، ثم أن تطور الأمور وتسارعها خصوصا والأمر أصبح قضية رأي عام محلي ووطني وحتى دولي، فكان قليلا ما يرد على الهاتف، خصوصا الأرقام التي لم تكن ضمن لائحة هاتفه، وبالتالي كان لزاما الالتجاء لتقصي الأخبار من خلال معارف المرحومة ومعارف الزوج، ولَهولِ ما سمعنا إن كان فعلا حقيقة، وما سمعناه جعلنا نتساءل لماذا تُرِكَتْ المرحومة تعيش تلك الحياة إلى أن كانت نهاية حياتها بهذا الشكل المأساوي؟، وهو السؤال الذي كانت الإجابات عليه متباينة، فمن جهة كان هناك من يقول “أغلب الأزواج يبدؤون حياتهم بالتنافر وكل واحد يريد فرض طريقة العيش على الآخر”، فيما هناك من الأقارب من أكد لنا بأن الأسرتين لم تكن لتسمح بخدش صورتها بطلاق بعد شهور قليلة من الزواج، فهناك ألسنة الناس التي لا ترحم، وطرف ثالث كان يؤكد بأن البيئة التي تربت فيها المرحومة تختلف كليا عن بيئة تربية زوجها وبالتالي لم يكن هناك أمل في صيرورة حياتهما إلا بانتصار أحدهما على الآخر وخضوعه له ولسيطرته، فيما طرف أو طابور آخر كَرِه الابن لتصرفاته ولكونه ولد “لفشوش” الذي يردد دائما “للي ما عندو سيدو عندو لالاه”، وكَرِهَهٌ لأنه ابن رجل نافذ بالمدينة والإقليم وحتى على صعيد المركز، في الوقت الذي كانت فيه سلمى تقاسي وتعاني معه الويلات، والمسكينة كانت لا تسمع سوى عبارات “غير صبري آبنتي، دابا يدير عقلو مع الوقت”،”دابا يولي هادشي غير تعاويد” وهم لا يعلمون بأن الوقت لم يكن لا في صالح المرحومة ولا في صالح الزوج الذي يريد أن يعيش حياته بعيدا عن كل تحكم حتى ولو كان من شريكة الحياة.
ومع كل هذا الكلام وإشاعات عن كون والد المرحومة سلمى، ربما أراد أن يطوي صفحة ما وقع، إما خوفا أو تواطؤا أو تحت ضغوط أخرى بدليل إشاعة خبر ذهابه للعمرة والبقاء هناك حتى تهدأ الأمور، ومع محاولات الاتصال به لمعرفة رأيه فيما قيل ويقال، نشر تدوينة جديدة على صفحته يقول فيها : ” أرى أنه من واجبي اتجاه الرأي العام أن أحيطه علما بأنني وضعت شكاية لذا مؤسسات عليا نثق في احترافيتها ونزاهتها، كما أوضح أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال توجيه اتهام لأي شخص أو جهة، وإنما الهدف هو إجراء تحقيقات معمقة من طرف الفرقة الوطنية للكشف عن السبب الحقيقي لوفاة ابنتي رحمها الله.هذا الأمر نراه ضروريا لتبرئة كل بريء و إدانة كل مذنب سواء بالفعل أوالتستر أوالتواطؤ في طمس الحقائق و هنا لا استثني حتى نفسي( هناك من اتهمني بالتواطؤ دون اعتبار للحالة النفسية التي أمر بها).كما لا تفوتني الفرصة لتوجيه الشكر و الثناء لكل الضمائر الحية التي تسعى معنا لاستجلاء الحقيقة طبقا للمعايير الموضوعية والخلقية وننبه الذين لا يظهرون ما يبطنون أن مصابنا جلل فلا داعي للاسترزاق بقضيتنا لان الحقيقة المطلقة عند الله ونحن واثقون انه سيظهرها بما شاء و كيف شاء وحين يشاء.و اختم بآيات كريمة:” ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب “صدق الله العظيم “.
وفعلا بعد هذه التدوينة، توصلت بيان اليوم بتلك الرسالة المطولة المرسلة والموضوعة بمكتب السيد رئيس النيابة العامة بالرباط بتاريخ 30 يناير 2023 ، رسالة تقطر ألما وحزنا وحسرة من الأب على فقدان ابنته، بدايتها تأكيده بأنه ومنذ زواج ابنته بالسيد “ع ـ ج”، وهي في خصام ومشاحنات وتشاجر دائم بسبب تعنت الزوج وطغيانه وتجبره في محاولة لفرض أرائه على ابنته الهالكة عن طريق الإكراه والقوة وأن هذا الواقعة أكدته الهالكة لوالدتها مرارا وتكرارا بتصريح والدتها له،فيما باقي الرسالة عبارة عن كرونولوجيا زمنية وسرد لما وقع بتاريخ 12 يناير 2023 انطلاقا من الساعة الرابعة زوالا من ذلك الخميس، بعد أن اتصلت بهم سيدة تحمل نفس اللقب العائلي للزوج “غ ـ ج” لتخبر والدة المرحومة بأن ابنتهم تم نقلها إلى المصحة وأن زوج ابنتهم سيمر على والدتها لأخذها للمصحة التي تم نقل المرحومة سلمى إليها، حينها اتصلت والدة سلمى بزوجها السيد ” مخلص زيزي” لتخبره بما سمعت من قريبة زوج ابنتهما، من كون سلمى توجد بمصحة Group Akedital (مصحة تم افتتاحها منذ شهور قليلة بآسفي)، وفي نفس المكالمة أكدت والدة المرحومة سلمى لزوجها بأن آخر اتصال لها مع ابنتها كان في نفس اليوم حوالي الثانية والنصف أي ساعتين قبل مكالمة قريبة الزوج، وأن ابنتها أكدت لها في مكالمتها أنها في خصام وعراك مع زوجها، وأنها أي الأم حاولت بعد ذلك الاتصال بابنها بعد انقطاع المكالمة لكن دون جدوى إذ ظل هاتفها يرن دون إجابة، لتحاول الاتصال مرارا بزوج ابنتها “ع ـ ج” فكان هاتفه هو الآخر يرن دون أن يرد عليها أو يجيب على مكالماتها المتكررة، خصوصا وأن هاتف ابنتها لا يرد.
كانت مكالمة والدة سلمى كافية ليتحرك الأب على عجل إلى المصحة المذكورة المتواجدة بشارع الحسن الثاني قرب محكمة الاستئناف، نزل على عجلة من أمره ودخل ليعرف أخبار وحيدته، وأسباب نقلها للمصحة، لكنه وحسب رسالته للسيد رئيس النيابة العامة بالرباط، فوجئ بالمنع من طرف مسؤولي المصحة بحجة أن سلمى نزيلة قسم الإنعاش وفي حالة حرجة وأنه يتعذر زيارتها هناك، مضيفا بأنه رضخ للأمر الصادر عن مسؤول المصحة، لكنه في نفس الوقت اتصل بزوج ابنته لمحاولة معرفة سبب نقل سلمى للمصحة فكان جواب زوج ابنته بأنها تناولت بعض الأدوية الخاصة بمرض القلب بجرعات زائدة، وهو جواب جعله يطمئن قليلا حسب ما جاء في رسالته، لتتوالى الأحداث بين الساعة السابعة والثامنة ليلا، حيث يقول والد المرحومة: أنه حوالي الساعة السابعة مساء استفسرت الطبيب المعالج لابنتي بقسم الإنعاش، فصرح لي بأن ابنتي لا زالت على قيد الحياة، إلا أنه لا أمل في شفائها، وأنه حتى في حالة قدر الله شفائها فإنها ستعيش حياتها معاقة بصفة كلية، مضيفا: بأنه وعلى الساعة الثامنة ليلا وبعد طول انتظار ودون أن نتمكن من رؤية ابنتنا، صرح لنا الطبيب المعالج أن البنت توفيت رحمة الله عليها، دون أن يسمح لي حتى بعد وفاتها من الإطلالة عليها النظرة الأخيرة.
وهنا وفي اليوم الموالي يضيف والد المرحومة سلمى، حضرت الضابطة القضائية التي حررت محضرا بالواقعة بالمصحة، حيث تم الاستماع لإفادته في الموضوع والذي أكد فيها أن سيطوي الملف دون إجراء تشريح طبي، معتبرا في رسالته بأن الغاية من ذلك هي دفن المرحومة يوم الجمعة لارتباط ذلك بشعور ديني يربط الدفن بصلاة الجمعة، مؤكدا بأن نفس الضابطة القضائية استمعت لإفادة زوج ابنته “ع ـ ج” والتي لا يعلم فحواها وأن ذلك تم بحضور أفراد من عائلته، وهنا يستطرد والد المرحومة أنه وبعد استكمال إجراءات الدفن والرجوع للمنزل بحضور أهالي زوج ابنته وأهالي أسرته وعائلته وأقربائه، بدأ يطرح مجموعة من التساؤلات، خصوصا بعدما بدأ يصل إلى سمعه أخبارا تروج حول مقتل ابنته من طرف زوجها، خصوصا تضارب الأقوال حول زمن الوفاة وسبب الوفاة، فالزوج صرح لوالدة المرحومة بأنها توفيت على الساعة الرابعة بعد الزوال، بينما المصحة ومن خلال شهادة مقدمة من طرف الطبيب تؤكد بأن المرحومة ولجت المصحة حية ترزق على الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال، وأن الطبيب صرح له على الساعة السابعة و55 دقيقة بأنها لا زالت على قيد الحياة، وأن تأكيد خبر الوفاة لم يكن سوى في الساعة الثامنة ليلا، فيما أخت زوج المرحومة صرحت بأن سلمى توفيت على الساعة الرابعة زوالا بالمنزل وتم نقلها إلى المصحة بعد ذلك، فيما أخ زوجها صرح أن المرحومة توفيت جراء جرعة زائدة من مخدر الكوكايين، فيما كان تضارب أقوال الزوج وتصريحاته وعدم موافقتها لتصريحات باقي أفراد عائلته وتصريحات المصحة الطبية وتصريحات طبيب الإنعاش كافية للشك في كل ما وقع وأن تحت الأكمة ما تحتها.
الرسالة الموجه لرئيس النيابة العامة من والد المرحومة تتكون من أربعة أوراق، كلها تساؤلات موجهة لرئيس النيابة العامة بالرباط، استفسارات وتساؤلات منطقية من أب مكلوم أحس بالضعف وربما أحس بالحيف والظلم بعد فقدان فلذة كبده في ظروف غامضة، أسئلة من قبيل أن الضابطة القضائية لم تجر الأبحاث اللازمة بخصوص سبب الوفاة، ولم تجر أية معاينة على منزل الزوجية للتأكد مما إذا كانت هناك أدلة وقرائن تفيد عكس تصريحات الزوج وباقي أفراد العائلة، ومعها التأكد من طبيعة الأدوية التي تناولتها حتى نتمكن من إجراء التحاليل الطبية على الأدوية التي يزعم الزوج أنه تناولها، وتساؤل آخر حول عدم الاستماع لسائق سيارة الإسعاف للتأكد منها إذا كانت الهالكة قد تم نقلها للمصحة وهي متوفاة أم تم نقلها وهي لازالت على قيد الحياة، وتساؤل آخر حول عدم الاستماع إلى مسؤولي المصحة وخاصة طبيب جناح الإنعاش للتأكد من سبب تضارب تصريحاته وتصريحات كل أفراد العائلة الذين يؤكدون أنها توفيت على الساعة 4 زوالا، بينما هو أي الطبيب صرح بكونها توفيت بالمصحة على الساعة الثامنة ليلا، وكذا سبب منعه من رؤية ابنته عندما كانت لا زالت على قيد الحياة حسب تصريحه أو حتى بعد وفاتها بتصريحه، فيما تساءل عن السبب في عدم تفحص كاميرات المصحة للتأكد مما إذا كانت المرحومة دخلت الصحة حية أم جثة هامدة.
عشرات الأسئلة من والد يتجرع المرارة والألم لفقدان وحيدته، دونها بقلبه رسالة تظلم لرئاسة النيابة العامة بالرباط، يتساءل فيها عن أسباب كل هذا الغموض الذي اكتنف عملية البحث والتحري من قبل الضابطة القضائية، والتناقض في التصريحات، وكذل التأخر في إعلان نتائج التشريح الطبي، وهي علامات استفهام بارزة ازدادت حدة بعد أن أصبحت القضية متداولة بين الرأي العام الآسفي والوطني، أبرز هذه التساؤلات، هل وفاة سلمى طبيعية وقضاء وقدر ؟؟، أم هي بسبب كميات زائدة من دواء القلب، وهو أمر مستبعد حسب ما جاء في رسالة والد المرحومة، خصوصا أنها كانت صائمة يوم الوفاة، أم أن وفاتها انتحار بتناول جرعات زائدة من مواد طبية سامة حسب تصريح زوجها ” ع ـ ج ” وبعض أقاربه؟؟، أن الوفاة نتجت عن تناولها جرعة زائدة من مخدر الكوكايين حسب تصريح أخ الزوج؟؟، ليأتي السؤال اللغز في هذه الرسالة، والمرتبط بكون الأبحاث والتحريات ومعاينة الجثة تمت بشكل صوري إرضاء لعائلة الزوج بسبب نفوذ عائلته بمدينة آسفي، وعدم التعمق في البحث حول جريمة قتل متزوجة من إبن مسؤول نافذ اقتصاديا وسياسيا بمنطقة دكالة / عبدة.
كل هذه الأسئلة وغيرها ترجمها السيد ” مخلص زيزي” في اعتراف بكونه هو الآخر بدأ يردد بينه وبين نفسه وبين أسرته وعائلته وأقربائه هذه الفرضيات حول حقيقة وفاة ابنته سلمى، فرضيات عبارة عن قرائن وأدلة تفيد بكون العملية تحتاج لمن يتعمق في البحث فيها وفي ألغازها، مؤكدا بأنه بعد ذلك تأكد بأن وفاة ابنته غير طبيعية، ومعه يلتمس من السيد رئيس النيابة العامة بالرباط إحالة الملف على الفرقة الوطنية لإجراء كافة الأبحاث والتحريات للوصول إلى الحقيقة، مع طلب إعطاء الأوامر بإعادة التشريح الطبي للجثة، ولكن من طرف طبيب آخر من خارج نفوذ مدينة آسفي، منهيا رسالته بضرورة الإستماع لكل من له علاقة من قريب أو من بعيد في القضية وضرورة الإطلاع على كاميرات المصحة لأنها الشاهد الموثوق والفيصل في ساعة الولوج للمصحة ، ومعه الإستماع لطبيب الإنعاش بالمصحة وكل ما تراه رئاسة النيابة العامة يفيد في إظهار الحقيقة.
هذه هي القضية التي أصبحت حديث الخاص والعام بمدينة وإقليم آسفي، قضية جعلت أغلبية الرأي العام يتعاطف مع المرحومة وأسرتها، وفي نفس الوقت تتخذ موقفا هجوميا على الطرف الثاني لكونه ينتمي لعائلة لها نفوذ بالمدينة والإقليم، فيما هناك من يقول بأن الأبحاث والتحريات هي من سَيُبَيِنُ الحقيقة ولا داعي للتسرع في الحكم على هذا الطرف أو ذاك، فيما طرف ثالث من أقرباء الطرفين وأصدقائهما أكدوا في الحديث إليهم بأن الأمور ما كانت لتأخذ هذا المنحى الدرامي لو تم الفصل في النزاعات والمشاحنات التي كانت تحدث طيلة أربعة أشهر مضت، إلى أن انتهت الأمور إلى قضية لا أحد يعلم كيف ستكون نهايتها، مع التأكيد على أن جديد القضية هو أن الشرطة القضائية بآسفي أعادت الإستماع وسط الأسبوع الماضي، للزوج وبعض أفراد أسرته واستمعت كذلك لإفادات الوالد ووالدة سلمى، وعدد من مسؤولي المصحة، فيما أكد مصدر أمني بأن الأبحاث تجري بشكل عادي، وأن النيابة العامة هي من يمكنها الحديث حول القضية أو تقديم الجديد فيها.
آسفي: عبد الغني دهنون