“سياحة” الإجهاض تزدهر بين أميركا والمكسيك

قدمت ساندرا كاردونا وفانيسا خيمينيز حبوب الإجهاض المجانية لمئات من النساء في الطابق الثاني من منزل في إحدى الضواحي في مدينة مونتيري المكسيكية. وكانت العديد منهن أميركيات غير قادرات على الوصول إلى هذا الإجراء في بلادهن.

وقالت كاردونا إن النساء يلجأن إليها “خوفا من الموت ومن الملاحقة القضائية. ولكنهن يدركن أنه لا داعي للقلق بمجرد إتمام الإجهاض”.

وكان نشطاء حقوق الإجهاض المكسيكيون يعززون شبكاتهم السرية لدعم النساء من الولايات الأميركية المحافظة التي شددت قوانين الإجهاض حتى قبل إلغاء المحكمة العليا لحكم “رو ضد ويد” يوم الجمعة.

وقالت كاردونا إن مجموعة “نيسيسيتو أبورتار” (أحتاج إلى إجهاض) قدّمت حبوبا لحوالي 10 نساء غير قادرات على السفر إلى عيادة إجهاض أو الحصول على عقاقير آمنة في الولايات المتحدة كل أسبوع منذ فبراير.

وعلى الرغم من القيود الصارمة المفروضة على الإجهاض في معظم المكسيك، لا يمكن مقاضاة النساء لإنهاء الحمل ويمكن شراء حبوب الميزوبروستول للإجهاض من الصيادلة دون وصفة طبية مقابل 600 بيزو (30 دولارا). كما توفره نيسيسيتو أبورتار دون مقابل.

وانطلق نشاط المجموعة قبل خمس سنوات لمساعدة النساء المحليات والمهاجرات في مونتيري، وهي مركز صناعي في ولاية نويفو ليون الحدودية حيث لا يُسمح بالإجهاض سوى في حالات الاغتصاب أو إذا كانت صحة الأم في خطر. وتلقت المجموعة مكالمات للمساعدة من نساء عبر الحدود ووجدن أنه من الأرخص والأسهل خوض رحلة بالحافلة لمدة ساعتين إلى المكسيك لإنهاء الحمل.

ولكن مع تشديد قيود الإجهاض في العديد من الولايات الأميركية من تكساس إلى أوكلاهوما على مدار العام الماضي، بدأت الاستفسارات من النساء في الولايات المتحدة تتدفق على بريد المجموعة على تويتر وفيسبوك وتيك توك. فحوّلت كاردونا وخيمينيز مكتبهما إلى شقة صغيرة بها مكتب ومطبخ وحمام لتلبية الطلب المتزايد. وخُصصت شبكة واي فاي ومكان مريح للنساء للراحة أثناء تناول حبوب الإجهاض. وقالت كاردونا “نمنحهن منزلنا. إذا كن بحاجة إلى تناول الطعام، فنحن نطعمهن ما نطبخه لأنفسنا. كل ما هو ملكنا هو ملكهن”.

وساعدت المجموعة المحلية “لاس ليبريس” (الأحرار) الناشطة في الجنوب في ولاية غواناخواتو التي تفرض واحدا من أقسى قوانين الإجهاض في المكسيك في ريادة نموذج الوصول إلى الإجهاض السري الذي انتشر في جميع أنحاء أميركا اللاتينية الكاثوليكية.

ولا تزال المنطقة تعتمد بعض قوانين الإجهاض الأكثر صرامة في العالم رغم التحركات الأخيرة لإلغاء تجريم الإجراء في بعض البلدان، بما في ذلك المكسيك، حيث قضت المحكمة العليا في سبتمبر بأن معاقبة الإجهاض تعدّ ممارسة غير دستورية.

وتساعد مجموعة “لاس ليبريس” النساء في الوصول إلى حبوب الإجهاض مجانا وإدارة عمليات الإجهاض الطبي في شبكة من المساحات الآمنة. وقالت مؤسسة المجموعة فيرونيكا كروز “بُنيت الشبكات الأولى من قبل نساء خضعن لعملية إجهاض طبي واكتشفن أنه بإمكانهن شراء الحبوب لمن هن في وضعهن”.

وتتبع شبكة المدافعين توصيات منظمة الصحة العالمية حول استخدام الميفيبريستون والميزوبروستول للإجهاض حتى الأسبوع الثاني عشر من الحمل. وعادة ما يشمل الإجهاض الدوائي تناول كلتا الحبتين مع احترام فاصل زمني يتراوح بين 24 و48 ساعة. ويمكن استخدام الميزوبروستول كعقار إجهاض في حد ذاته على الرغم من أنه أقل فعالية من مزج الدواءين.

ومن المتوقع أن تؤدي الخطوة التي اتخذتها المحكمة العليا الأميركية يوم الجمعة لإلغاء حكم “رو ضد وايد” التاريخي لسنة 1973 الذي يعترف بحق المرأة في الإجهاض إلى تقييد نصف ولايات البلاد للعملية أو حظرها. ويقول خبراء الصحة إنها خطوة من المحتمل أن تتسبب في زيادة الطلب على حبوب الإجهاض.

وقالت كروز “أكثر ما تجده النساء القادمات من الولايات المتحدة صادما هو أنهن نشأن في بلد منحهن الحق في الإجهاض القانوني. ثم زال هذا الحق وأصبحن يتعرضن لخطر المحاكمة”.

وسنت ولاية تكساس الأميركية أشد قوانين مكافحة الإجهاض صرامة في البلاد في نفس الأسبوع الذي قضت فيه المحكمة العليا في المكسيك بأن تجريم الإجهاض غير دستوري. وأصبحت تحظر العملية بعد حوالي ستة أسابيع من الحمل.

وقد التقت “لاس ليبريس” و”نيسيسيتو أبورتار” في يناير مع مجموعات من تكساس لمناقشة كيفية توسيع شبكات المساعدة إلى ما وراء الحدود. وأرسلت “لاس ليبريس” من فبراير إلى أبريل ألف علبة من حبوب الإجهاض بالبريد مجانا للنساء في الولايات المتحدة وقدمت الدعم الافتراضي للنساء في تكساس وأوهايو وأوكلاهوما وفلوريدا، من بين ولايات أخرى ذات قيود صارمة.

وتقود كريستال بيريز مجموعة كوليكتيفا بلوديس من مقرها في مدينة تيخوانا الحدودية المكسيكية. وساعدت على مدى السنوات الست الماضية المهاجرات والنساء ذوات الدخل المنخفض اللاتي يسعين للإجهاض.

ويشرف أعضاء المجموعة على نقل الميزوبروستول بانتظام عبر الحدود لتصل بالبريد حتى تتلقاها النساء المحتاجات في الولايات المتحدة مجانا. كما قدمت المجموعة المساعدة للمهاجرات والنساء من غير البيض اللاتي لا يستطعن تحمل تكاليف السفر إلى عيادة الإجهاض أو شراء الدواء الذي غالبا ما يكلف 600 دولار في الولايات المتحدة. وقالت بيريز “نريد أن تعرف النساء أن الإجهاض خيار، ونريد أن نتأكد من أنهن يعرفن كيفية الاتصال بنا إذا احتجن إليه”.

وقالت كاردونا إن النساء يجب ألا يشعرن بالخوف لأن المساعدة متاحة لهن على الرغم من احتمالية فرض قيود أكثر صرامة ضد الإجهاض في الولايات المتحدة. وتابعت “يمكن للمحكمة أن تلغي ما تشاء، ويمكن للولايات أن تقيد ما تشاء. لكن يجب أن تعرف النساء أنه لا يمكن نزع الحقوق طالما أنها منظمة”.

الوسوم

Related posts

Top