سينمانا الوطنية في حداد.. نور الدين الصايل في ذمة الله

توفي المدير السابق للقناة الثانية والمركز السينمائي المغربي، الناقد السينمائي نور الدين الصايل، ليلة الثلاثاء الأربعاء، عن سن تناهز 73 عاما، وفق ما علم لدى أسرته.
وشكل الراحل، الذي جمع بين النقد وكتابة السيناريو والرواية والإنتاج، قيمة مضافة للساحة الثقافية المغربية وأحد أسمائها اللامعين.
بعد تجربة مهنية ناجحة في تدريس الفلسفة خلال الفترة الممتدة من سنة 1969 حتى سنة 1976، أسس الراحل الفيدرالية الوطنية لنوادي السينما بالمغرب والتي لعبت دورا رائدا في نشر الثقافة السينمائية في المملكة.
وبعد بداية مساره في القناة التلفزية المغربية الأولى وفي القناة التلفزية الفرنسية “كنال بلوس أوريزون”، تولى الراحل الصايل إدارة القناة الثانية “2003- 2000” ثم المركز السينمائي المغربي “2014-2003” والتي طبعهما بصرامته المهنية ومؤهلاته الفكرية.
في آخر لقاء لليلة الفلاسفة، قبل حلول جائحة كورونا، قال نور الدين الصايل، إن السينما لم تنقذ حياته، بل الأحرى أنها “أنقذته من الحياة”، مضيفا أن السينمائيين، كما جميع المشتغلين بالفنون على نحو عام، لا يحتاجون الفلسفة للتفكير وتأمل السينما. فالفلسفة وسيلة وليست علما يمتلك محتواه الخاص. كما أن السينما التي تشكل مجالا لاهتمامه هي التي تسمح بانطلاق المعاني وتحريرها عبر تشكيل انفعالات وأحاسيس تقاتل لتقترح حقيقة أخرى للأشياء.
كان الراحل يقول دوما إن أي فيلم يقترح “نظاما” متكاملا يجعلك، إما تشاهده إلى نهايته، وإما تغادر القاعة بعد مرور 40 دقيقة؛ والمخرج المبدع مثل النحات الذي يرى المنحوتة في قطعة الرخام قبل أن يشرع في عمله، على نحو لا يمكن أن يراها سواه.
في شهادة له حول فيلم “A space odyssey :2001” لمخرجه ستانلي كوبريك، والذي يحكي قصة العالم منذ إنسان ما قبل التاريخ وصولا إلى مرحلة الذكاء الصناعي وما سيحدث مستقبلا، قال الراحل نور الدين الصايل إن الفيلم يصور خوف الإنسان من الاختفاء بسبب تطور الذكاء الصناعي منذ الستينيات، واستمرار ذهاب العالم دون أن يعرف إلى أين، وهو ما جسدته لقطة توجه المركبة إلى كوكب المشتري.
ويرى الصايل أن “قوة الذات تكمن في المعرفة التي يجب أن تكون هدفا لنا بوصفنا أناسا”، ويضيف قائلا إن “في الفهم من أجل الفهم فرحة سبينوزية؛ لأنه داخل هذا المجال المغلق نجد انفتاحا مطلقا فيه معرفة لذاتها نحس نتيجتها بالحبور، وبذلك يكون الأبد الشيء الوحيد الذي يجب أن نفكر فيه، مع كل ما نعيشه وما سنعيشه، ورغم الفواجع التي نراها”.
رحم الله نور الدين الصايل، السينمائي الفيلسوف والمبدع، والأكيد أن بصمته ستظل حاضرة في عالم السينما الإفريقية، لاسيما وأنه مؤسس مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، الذي بات موعدا لا محيد عنه بالنسبة لمهنيي السينما من إفريقيا وخارجها.
بهذه المناسبة الأليمة، تتقدم أسرة بيان اليوم بأحر التعازي وأصدق المواساة لأرملته وكافة أفراد أسرته وللجسم الفني والسينمائي الوطني، راجية من الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

Related posts

Top