شروط تنمية الجماعة الترابية بالـــوسط القروي المغربي (الجزء II)

2.3 دور الفاعلين المحليين:  المنتخبون والسلطات المحلية  

في مقدمة الفاعلين المحليين يأتي في الدرجة الأولى المنتخبون، سواء الذين يسيرون مباشرة الجماعة الترابية القاعدية فيما كان يسمى بالجماعة القروية، ومرورا بالمنتخبين الذين يسهرون على تسيير الجهة، وصولا إلى النائب البرلماني في حدود التراب الذي تم انتخابه فيه من طرف سكانه. كما لا يمكن إغفال دور المنتخب على مستوى الغرف المهنية (الفلاحية والتجارية والصناعة التقليدية) والمركزيات النقابية كممثلين للطبقة العاملة في مجلس المستشارين. فإذا كان للمنتخبين المحليين دور فاعل على مستوى مشاريع وخدمات القرب، فلهؤلاء البرلمانيين والمستشارين المنتخبين، دور أساسي في تطوير التشريع عبر تقديم مشاريع قوانين تخفف من الفوارق الاجتماعية والجهوية، وكذا على مستوى النوع والإقامة بالوسط الحضري والقروي، حيث تسجل فيها اختلالات صارخة.
 لكن لإنجاح التدخل في تهيئة المجال وإعادة الهيكلة وتطوير البنيات الأساسية والتجهيزات العمومية وتقريب الخدمات للمواطنات والمواطنين في الجماعات الترابية، لا بد من مواكبة ومسايرة وتتبع ومحاسبة من طرف السلطة الحكومية وأساسا، وزارة الداخلية، عبر ممثليها في تراب الجماعات من السلطات المحلية المتمثلة في الوالي، والعامل والقائد وأعوانهم. ومن هنا نؤكد على أهمية العمل على مستويين أساسيين متكاملين ومتداخلين:
  مستوى الأول، ضرورة تضافر جهود المنتخب مع السلطات المحلية (من المقدم والشيخ إلى القائد والباشا والعامل والولي). ويترجم ذلك عبر تنسيق محكم بين المنتخبين الممثلين للسكان في تناغم مع السلطات المحلية والمسئولين الإداريين التابعين للوزارة الوصية (الداخلية أساسا)، وكذا المشرفين على المصالح الخارجية لمختلف الوزارات (التجهيز، الصحة، التعليم، السكن والشغل، ….) لبلورة سياسات عمومية تنطلق من القاعدة الترابية. ولا يمكن تصور تنمية للتراب في ظل عرقلة السلطات المحلية لعمل المنتخبين.
وعلى مستوى ثاني، وجب تعبئة باقي الفاعلين المحليين بالمعنى الواسع (المجتمع المدني)، وخاصة الجمعيات التنموية المتجذرة في المجتمع، عبر إشراكهم عمليا في مسلسل التنمية المترجم في مشاريع ملموسة متوافق عليها. ولإنجاح المسلسل التنموي، وجب التفكير في مرحلة أولى في نوعية المشروع الملائم، لتبنيه أولا، ومرورا بمرحلة أخذ القرار فيما يسمى بالمقاربة التشاركية، وصولا إلى مرحلة التنفيذ والتتبع والتقييم. وندرج ضمن هؤلاء الفاعلين، بالإضافة إلى الجمعويين التنمويين الفاعلين في الميدان بالدواوير والجماعات الترابية والمنظمات الغير حكومية، السياسيين المنخرطين في الأحزاب الذين منحهم دستور 2011 دورا أساسيا في تأطير المواطنات والمواطنين، وكذا النقابيين الذين يسعون لتحسين ظروف عمل وسكن ومعيشة الأجراء والطبقة العاملة. هؤلاء وأولئك هم الفاعلون الذين يفترض فيهم الوعي بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم لتعبئة المجتمع في عدة قضايا مرتبطة بعدة إشكاليات مجتمعية ومجالية.
ولا يمكن لهذه العناصر الأساسية المؤطرة والفاعلة في مسلسل التنمية القروية بلوغ أهداف التنمية المحلية، إلا في إطار رؤية واضحة ووضع إستراتيجية وحكامة جدية، وتخطيط محكم، يراعي الحاجيات الحالية والمتوقعة.  وهو ما يعني ضرورة تشجيع ومواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة والمشاريع التنموية، خاصة وان الدولة المغربية قد انتبهت إلى أهم الاختلالات المسجلة في العالم القروي وقررت تنفيذ آلاف المشاريع المبرمجة والموجهة لأزيد من ثمانية ملايين قروي يعيشون الهشاشة والفقر. وهذا يلزم من الساهرين على المشاريع التتبع والتقييم والتقويم لأي مخطط أو تدخل لتنمية جماعة، في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.
3. أهمية التنسيق والمراقبة لتسهيل تسيير وتنفيذ المشاريع التنموية بالجماعة والجهة.

يتعلق الأمر بأهمية التنسيق والمراقبة للسلطات الحكومية (وزارات الداخلية والمالية) لتسهيل تسيير وتنفيذ المشاريع التنموية بالجماعة والجهة. فللسلطات المحلية (عامل العمالة أو عامل الإقليم والوالي في الجهة) أهمية قصوى في الجماعة الترابية. لقد خول لهم القانون حضور جلسات انتخاب رؤساء المجالس الترابية وأعضاء المكاتب، ودورات المجلس؛ بحيث يعطي العامل ملاحظاته ويطلع على جدول الأعمال قبل عقد الدورة ب 20 يوم على الأقل. كما يخوله القانون الاعتراض على النقاط التي لا تدخل في اختصاص الجماعة أو صلاحيات المجلس. ويمكنه   دعوة مجلس الجماعة إلى الانعقاد في جلسة استثنائية بطلب منه (أي من العامل) أو من ينوب عنه. ويوافق على القانون الداخلي للمجلس ليصبح ساري المفعول. ويتوصل باستقالة رئيس الجماعة أو أي عضو قدم استقالته. كما يؤشر على الميزانية وبرمجتها لمدة ثلاث سنوات لتصبح قابلة للتنفيذ.
وطبقا للفقرة الثانية من الفصل 145 من الدستور، يمارس والي الجهة المراقبة الإدارية على شرعية قرارات رئيس المجلس ومقررات مجلس الجهة. ومنها المقرر المتعلق ببرامج التنمية الجهوية وبالتصميم الجهوي لإعداد التراب وتنظيم إدارة الجهة وتحديد اختصاصاتها والتدبير المفوض للمرافق والمنشآت العمومية الجهوية وإحداث شركات، تلك التي لها وقع مالي على النفقات والمداخيل واتفاقيات التعاون..كلها تستدعي مراقبة السيد الوالي لتصبح قابلة للتنفيذ. ومن هنا تبرز أهمية التنسيق بين السلطات الحكومية المكلفة بالداخلية والمالية مع المنتخبين، لتسهيل تسيير وتنفيذ المشاريع التنموية بالجماعة والجهة والتي تحدث لها وكالة جهوية لتنفيذ المشاريع، تمكن مجالس الجهات من تدبير شؤونها؛ وهي خاضعة لوصاية مجلس الجهة. كما يمكن إحداث شركات التنمية الجهوية لممارسة أنشطة اقتصادية أو تدبير مرفق عمومي بالجهة. ويمكن للجهات تأسيس مجموعة الجهات فيما بينها بموجب اتفاقيات يصادق عليها مجالس الجهات المعنية من أجل إنجاز عمل مشترك أو مرفق للمجموعة.  وتتمتع هي الأخرى بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي. ونفس الشيء ينطبق على تأسيس مجموعات الجماعات الترابية عبر اتفاقيات تهم جماعة ترابية (جهة مع جماعة ترابية أو أكثر، عمالة أو إقليم). وينتخب مجلسا لمجموعة الجماعات الترابية ومكتب المجموعة.
ويمكن للجهات عقد اتفاقيات التعاون والشراكة فيما بينها أو مع جماعات ترابية ومؤسسات وإدارات عمومية وجمعيات..وما يسري على الجماعات الترابية، يسري على الجهة في حدودها، فيما يخص النظام المالي ومصادر الموارد المالية (ميزانية الجهة، نفقات التسيير والتجهيز) وتكاليف الجهة…ويعتبر رئيس مجلس الجهة آمرا بقبض مداخيل الجهة وصرف نفقاتها. ويهدف صندوق التأهيل الاجتماعي إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية والبنيات التحتية والتجهيزات.
 والخلاصة الأساسية التي يمكن استخراجها من هذا التنسيق هو أن تنمية الجماعة لا تتم إلا بانخراط الفاعلين المحليين وخاصة تفاهم المنتخب والفاعل الجمعوي مع العامل أو الوالي الذي إذا عرقل برنامجا للتنمية أو لم يعر اهتماما للعمل الجمعوي، فلن ينجز على أرض الواقع، كما حدث في إقليم الحوز على سبيل المثال.
 4.  أهمية المنتخب وفعاليته وتوسيع المشاركة والتعاون لتنمية الجماعة الترابية

لضمان تدبير فعال للجماعة الترابية خول المشرع عدة صلاحيات لمجلس الجماعة ولرئيسها؛ منها تنظيم الإدارة وتدبير مالية الجماعة وتحديد الرسوم والأتاوي والتوصل بالهبات وتدبير أملاك الجماعة وصيانتها، واقتناء عقارات وإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية المحلية، بما فيها إحداث شركات تنمية محلية، والسهر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة، بما فيها دعم الجمعيات والحفاظ على الملك الغابوي؛ والسهر على الضوابط فيما يخص التعمير والبناء وإعداد التراب، والتدابير الصحية والنظافة وحماية البيئة والتراث وتنمية التعاون والشراكة مع القطاع الخاص والعام، والجماعات الترابية الأجنبية (التوأمة). ويلعب رئيس الجماعة دورا محوريا في تدبير شؤون الجماعة، باعتباره الممثل الرسمي لها والآمر بقبض مداخيل الجماعة وصرفها، والساهر على مصالحها. ويتولى إعداد برامج عملها وإبرام الصفقات والسهر على تنظيم الأنشطة الاقتصادية الغير منظمة، والسلامة الصحية للمواطنين والسير والجولان، وتنظيم المحطات الطرقية للنقل، والسهر على تطبيق الضوابط والقوانين. وللجماعة إدارة تساعدها تحت إشراف الرئيس لتأدية مهامها. ويمكنها إحداث شركات تنمية محلية في حدود نشاط صناعي وتجاري. وتأسيس مؤسسات للتعاون بينها وبين جماعات متصلة ترابيا للعمل في مجال النقل الجماعي ومعالجة النفايات والتطهير وتوزيع الماء والكهرباء وإحداث تجهيزات وخدمات وعمليات تهيئة.
 وحرصا على استمرارية المرفق العام وتحمل المنتخب لمسؤوليته في التسيير، فإنه يتم انتخاب مختلف أعضاء المكاتب. كما تتم إقالتهم إذا تعذر عليهم الالتزام بالحضور. وسعيا لتشغيلهم ورفع مردوديتهم التمثيلية، يمكن لهؤلاء المنتخبين الاشتغال في إحدى اللجان المحدثة خلال الدورة الأولى التي يعقدها المجلس المنتخب، وأساسا في اللجنتين الرئيسيتين: الأولى، الخاصة بالميزانية والشؤون المالية والبرمجة، واللجنة الثانية الخاصة بالمرافق العمومية والخدمات. كما يمكن إحداث لجان أخرى استنادا على النظام الداخلي للجماعة. وحتى لا تتشتت مجهودات المنتخب، فإن هذا الأخير يختار الاشتغال في لجنة دائمة واحدة. ولأعضاء مجلس الجماعة الحق في التكوين المستمر في الاختصاصات المخولة للجماعة. ومن شأن الحرص على التكوين المستمر للمستشار الجماعي أن يساهم في رفع كفاءة المستشار الجماعي.  ويسعى القانون لتوسيع المشاركة في هذه اللجان إلى فاعلين اقتصاديين يشتغلون بتراب الجماعة. وحتى لا يستغل رئيس الجماعة منصبه للاستفادة من نشاط اقتصادي، فقد منعه القانون من الاستفادة من مشاريع الجماعة التي يسير ترابها. وينطبق نفس الشيء على نواب الرئيس. كما يمنع على كل عضو في مجلس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مؤسسات عمومية، شركات تابعة لها، أو إبرام صفقات أو خدمات، سواء بصفته الشخصية أو كمساهم أو لفائدة زوجته وأصوله وفروعه (المادة 65).
كما شجع القانون مقاربة النوع عندما ورد في المادة 26 ضرورة مراعاة مقاربة النوع عند الترشح لرآسة لجنة من اللجان الدائمة، سعيا لتحقيق المناصفة بين الرجال والنساء طبقا للفصل 19 من الدستور. وقد شجع المشرع إدماج المرأة في تسيير الشأن العام والوصول إلى مواقع أخذ القرار؛ إذ خصص القانون ثلث المقاعد لترشح النساء في لوائح الترشيح كنائبات للرئيس سواء في الجماعة أو الجهة.  ولإشراك الجميع، خصص المعارضة برآسة إحدى اللجان الدائمة، وهو ما يعطي لها دورا في مشاركة المجلس المسير في الاشتغال.
 لكن، نظرا لتخلف عدة أوساط اجتماعية كالفلاحين، وكون المجتمع القروي محافظ أصلا، فإن بنود الدستور والقوانين لا تطبق في الواقع إلا ما ندر، خاصة وأن سيادة العقلية الذكورية في مثل هذه الأوساط تعيق وصول المرأة إلى رآسة الجماعة الترابية، بل حتى إلى رآسة بعض اللجان. ومع ذلك، فإن المجتمع المغربي يتطور في الاتجاه الإيجابي، حتى في الأرياف، حيث أصبح انتخاب امرأة مستشارة في المجلس الجماعي أمرا عاديا في عدة مناطق.  
ثالثا: سبل تجاوز الاختلالات الجهوية في إطار حكامة جيدة

على أساس هذا التعريف العام للجماعة الترابية، بتعدد اختصاصاتها وأهميتها في خدمة السكان وتنمية الجماعة، لابد من تفعيل للقوانين وتحريك للمؤسسات الإدارية والتنموية التي نص عليها الدستور، وفي مقدمتها الجماعة الترابية، انطلاقا من قاعدة التنمية المحلية التي تتجسد في الجماعة القروية التي تضم مجموعة دواوير، مرورا من مجلس العمالة والإقليم إلى مجلس الجهة المتقدمة التي شرع في تفعيلها منذ منتصف 2015 (راجع خريطة التقسيم الجهوي بالمغرب).
ومن هنا يتبين بأن القانون، وعلى ضوء التجارب السابقة التي خاضها المغرب، وأساسا القانون المنظم للجماعات المحلية لسنة 1976، فقد استدرك بعض السلبيات الخاصة بالنوع والمنتخب الذي يوجد في المعارضة وكذا الفاعل الاقتصادي والاجتماعي في تراب الجماعة والمجتمع المدني، ونص على ضرورة إشراكهم في تنمية تراب الجماعة عبر الاشتغال في اللجان، وكذا عبر خلق آليات تشاركية للحوار والتشاور استنادا للفصل 139 من الدستور؛ ومنها الهيئات الاستشارية الثلاث التي تحدث بموجب المادة 117 لدى مجلس الجهة؛ الأولى تخص الشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، دراسة القضايا المرتبطة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع. والثانية تهم قضايا واهتمامات الشباب. والثالثة تهم الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بتراب الجهة، فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية؛ حيث يمكن استدعاء المؤسسات العمومية والمقاولات التي لها نشاط في تراب الجماعة للمشاركة في أشغال المجلس بصفة استشارية.
بل إن دستور 2011 قد خول للمواطنات وللمواطنين والجمعيات في الفصل 139 تقديم عرائض، يكون هدفها مطالبة المجلس المنتخب بإدراج نقطة تدخل في صلاحيته بجدول الأعمال لمناقشتها والبت فيها؛ على أساس أن يستوفي المواطنون الذين يقدموا العرائض شروط المواطنة؛ منها شرط الإقامة أو النشاط الاقتصادي بالجهة، والتسجيل في اللوائح الانتخابية والحصول على عدد من التوقيعات متناسب لعدد السكان والجمعيات القانونية المستوفية للشروط المتواجدة بتراب الجماعة
3.1 الرفع من فعالية الإدارة الجماعية وانتخاب النخب المواطنة

يتعلق الأمر بالرفع من فعالية الإدارة الجماعية على مستوى الموارد البشرية وانتخاب النخب المواطنة، لتطبيق الحكامة الجيدة.  فلا يكفي سن قوانين حول التدبير العصري والحكامة والشفافية للجماعات الترابية. فحسب التجارب، يلاحظ بون شاسع بين ما يشرع من قوانين، كما هو عليه الحال في بنود دستور 2011 الجد متقدم بالنسبة لوضعية بلد نامي كالمغرب، والقوانين المنظمة للجماعات الترابية، وما يطبق في الواقع اليومي على الأرض. ويتحكم في حسن أو سوء تسيير الجماعات مستوى من يدبر تلك الجماعات، من حيث المستوى التعليمي، حيث يتدرج المستوى للمنتخب الجماعي من شهادات عليا من قبيل الدكتوراه والماستر والإجازة، مرورا إلى مستوى البكالوريا، بل إلى مستوى إعدادي أو ابتدائي. وقد تنتشر الأمية في بعض الأوساط المنتخبة بالجماعات القروية خصوصا، من المنتخبين، وأساسا كبار السن. ففي عدة حالات، لا تتوفر الجماعات القروية على مثل هذه الموارد البشرية التي بإمكانها استغلال مؤهلات الجماعة الترابية، وتجاوز الإكراهات، وإبداع طرق وآليات جديدة لتحريك الاقتصاد المحلي، عبر تعبئة الفاعلين المحليين وإقناعهم بالاستثمار في جماعاتهم. وأحيانا، لا يحسن استخدام الموارد المتوفرة من مجازين مثلا، الذين يهمشون من قبل رؤساء المجالس، فيكلفونهم غالبا بإدارة الشؤون القروية العامة والإدارية الروتينية، دون التفكير في الانتقال بهم إلى مستوى آخر عبر تكليفهم بالتخطيط لتنمية تراب الجماعة وتطوير مستوى السكان. في هذا الصدد لابد من تجديد النخب السياسية، وأساسا من الأوساط الشبابية الكفأة الواعية، من خلال تشجيع الجيل الجديد الواعي، الذي له طموحات في تحمل المسؤولية بما فيها رآسة الجماعة، عبر العمل الجاد للانخراط في العمل الجماعي والجمعوي، مع الاستفادة من الكفاءات المتوفرة على رصيد تجربة في تدبير الشأن المحلي، بما فيها التجارب الرائدة النسوية المغربية، كمنتخبة ومسيرة للشأن العام المحلي. ولا بد من اعتماد آليات التدبير الحديثة والتكوين لوضع وإعداد مخططات التنمية الجماعية وبرامج تنمية تراب الجماعة (PCD، PAC, PA, PD (.
ويمكن الإشارة إلى أهمية رفع مستوى الحس المواطناتي، إذ يمكن التمييز بين بعض النخب الواعية التي تقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، لكونها تتمتع بوعي وبحس وطني يدفعها لخدمة المواطنين، كرسالة تترجم في المواطنة والحكامة، خاصة عند توفرها على تجربة سابقة في تأطير المجتمع المدني أو في إطار نقابي وحزبي يدفعها لإيجاد الحلول للانشغالات الحقيقية للمواطنات والموطنين، عبر تطبيق برامج واقعية تراعي مبدأ الأولويات للجماعة، بدون زبونية أو هدر لموارد الجماعة في برامج فارغة.
مع الإلحاح على مشاركة فعلية للمواطنين في وضع وإنجاز برامج ومشاريع تنموية مبنية على دراسة استشرافية وقابلة للتطبيق، في إطار ثقافة التتبع والتقييم والتقويم لتجنب الآثار السلبية، وتصحيح مسارها وتقويم اعوجاجاتها، في بيئة تؤمن بثقافة المحاسبة لمن تحمل مسؤولية.
3.2 دور السلطات المحلية والعمومية في تسهيل تدبير الشأن المحلي بالجماعات الترابية

للسلطات المحلية والعمومية دور حاسم في تسهيل تدبير الشأن المحلي بالجماعات الترابية وتشجيع ودعم اللامركزية واللاتمركز.وتكمن أهمية ودورها فيما يخوله القانون لنساء ورجال السلطة، في السهر على تطبيق القانون وصرف ميزانية الجماعة؛ مما يؤثر سلبا أو إيجابا على طبيعة الشخصيات المعينة في مثل هذه المناصب الحساسة؛ من القائد والعامل والولي، ونوعية تكوينها وتجربتها العملية. هذا كله يؤثر على تدبير ومستقبل الجماعات الترابية.
في هذا الصدد، يمكن الجزم بأن المغرب قد خطى خطوات مهمة خلال العقدين الأخيرين في هذا الميدان، باختياره تعيين أطر كفأة في تحمل المسؤوليات، تتوفر على شهادات جامعية عليا في القانون والإدارة والجغرافيا والتعمير وإعداد التراب والاقتصاد. وعدد من الشخصيات المسئولة سبق لها أن تمرست على التسيير، عبر تدرجها في السلم الإداري والمسؤوليات، واحتكت بالواقع في معظم الأحيان. إلا أن عددا من المسئولين لم يستوعبوا بعد، المفهوم الجديد للسلطة والتطور الحاصل في البلاد على مستوى حقوق الإنسان، وخاصة تحدي تطبيق بنود  دستور 2011 ودخول المغرب عمليا منذ منتصف 2015 مسلسل الجهوية المتقدمة، وتقدم تنفيذ الأوراش الاقتصادية في مختلف أرجاء البلاد، بما فيها التحسن الكبير في البنيات التحتية والتجهيزات المهيكلة كالطرق السيارة والموانئ والمطارات وأوراش كميناء طنجة المتوسط، والتغيرات التي يشهدها المشهد الفلاحي بالمغرب، والمنشآت الكبرى للطاقة المتجددة والأوراش التنموية بالأقاليم الجنوبية وبشمال البلاد، وإنجاح التظاهرة الدولية الكبيرة “مؤتمر الأطراف حول تغير المناخ” بمدينة مراكش 2016 (Cop22) واستعادة المغرب لمقعده بالاتحاد الافريقي في 30 يناير 2017 وريادته المشهود له بها في افريقيا على مستوى التعاون الاقتصادي والتضامن الاجتماعي وتبادل الخبرات واقتسامها مع شعوب افريقيا شرقا وغريا وجنوبا. وهو برنامج تنموي جنوب-جنوب طموح وضع إستراتيجيته ملك البلاد محمد السادس؛ الذي كان معززا بالإجماع الوطني للأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والبرلمانيين وأعضاء الحكومة. وهذا ما ساعد على عودة المغرب إلى عائلته الإفريقية رغم محاولات الخصوم عرقلة عودته.  
ومن جانب آخر، رغم أهمية بنود الدستور الجديد لسنة 2011 وتأكيداته على القضاء على الاختلالات الجهوية والمجالية والفوارق الاجتماعية وعلى أساس النوع، ورغم التشريعات والمؤسسات والصناديق التي أحدثت والموجهة لتنمية العالم القروي، ورغم أهمية تطور المسلسل الديمقراطي في بلادنا ومحاولة تعميقه ليقترب من مستوى دول متقدمة، فإن للنخبة المنتخبة وللسلطات المحلية دورا أساسيا وحاسما؛ إما في استمرار التخلف الاقتصادي والاجتماعي بالعالم القروي، في حالة غياب وعي مواطناتي، وإما تدشين عهد جديد يتسم بالشفافية والحكامة الجدية والتتبع للمشاريع؛ مما يعني التقييم والتقويم المستمر ثم المحاسبة وهو ما يعني ربط المسؤولية بالمحاسبة.
في هذا الإطار، ووعيا من الدولة بأهمية تطوير العالم القروي وتقريب الهوة بينه وبين عالم الحواضر، فقد تم تهيئ 20800 مشروع تنموي لسد حاجيات آلاف الدواوير بالجماعات الفقيرة، ترجم في تخصيص مبلغ مالي في صندوق التنمية القروية لتغطية هذا الخصاص قدر بخمسين مليار درهم على مدى ثلاث سنوات.  ونظرا لضعف إمكانيات أغلب الجماعات الترابية في العالم القروي، فقد اتبعت الدولة، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أسلوب الشراكة مع مختلف القطاعات الاقتصادية والوزارات المعنية بالسياسات العمومية المعنية، للتمكن من إنجاز هذه المشاريع. كما عمل المغرب في اتجاه الشراكة مع الخارج، وأساسا مع البلدان المتوسطية المجاورة كالاتحاد الأوروبي وبعض الدول العظمى كالولايات المتحدة واليابان، والصين، لتطوير ظروف معيشة سكان الأرياف وخلق أنشطة مدرة للدخل، وتشجيع الاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة، وفك العزلة عن سكانها.  رغم أهمية هذه المشاريع، فإن عددا منها لم يتم تقييمه لاستخراج الخلاصات التي تفيد في تنمية المجالات الترابية وفي صلبها الإنسان.
ولا بد من مواكبة الجماعات الترابية في إطار التقسيم الجديد للجهوية المتقدمة (12 جهة) عبر برامج شمولية لدعم اللاتمركز، بتبني مقاربة مندمجة ترفع من قدرات الجماعات في كل الميادين التي تدبرها، والرفع من مستواها لتكون قادرة على تلبية حاجيات السكان، ورفع تحدي التنمية المجالية والبشرية، من خلال رفع فعالية الإدارة الجماعية لتكريس التخطيط والبرمجة وتنفيذ المشاريع في الزمان والمكان. كما أن مساعدة الجماعات الترابية على خلق تكوين مسئولين جماعيين على استعمال الأدوات القانونية والتقنية وأنظمة للمعلوميات للتواصل مع المواطنات والمواطنين ومواكبتها في مجال تأهيل الإدارة الجبائية المحلية، من شأنه أن يسهل عملها والقيام بمهامها في إطار المصاحبة والمواكبة. وتعميم التكوين السياسي وتبادل الخبرات والمهارات بين الممثلين المنتخبين لصقل مواهبهم وتهييئهم لتسيير جماعاتهم الترابية بنجاعة. ويتطلب ذلك موارد مالية ولوجستيكية تساعد المستشارين على اتخاذ القرارات وتتبعها، وتنفيذ المشاريع التي تتطلب خبرة في إطار التخطيط الاستراتيجي. ذلك أن الميثاق الجماعي للمنتخبين والجماعات الترابية، بما فيها الجماعات القروية والحضرية وعلى مستوى الجهات، مدها باختصاصات هامة وواسعة تتطلب تكوينا وخبرة لأداء مهامها بنجاعة وفعالية، فيما يخص التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعد تصويت المجالس على مشاريع الجماعات الترابية.     

3.3خلق وتطوير مشاريع تنموية عبر الشراكة وترشيد الموارد وصون البيئة.

بتعلق الأمر بضرورة خلق وتطوير مشاريع تنموية عبر الشراكة مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والجمعيات التنموية والتعاون بين الجماعات الترابية، وترشيد الموارد وصون البيئة. ذلك أن عدة مشاريع تنموية تتعدى المجال الترابي لكل جماعة على حدة، وتتطلب إمكانيات هامة تفوق قدرة الموارد المالية والبشرية التي تتوفر عليها الجماعة. ولذا عملت الدولة على تطوير النظم القانونية والتشريعية لتسمح للجماعة بالمبادرة بعقد لقاءات وتشاور، تفضي إلى توقيع عقود مشاريع تهم أكثر من جماعة، تساعدها على تنفيذ المشروع أو المرفق الذي سيستغل بشراكة مع الجماعات التي ساهمت في إنجازه. على سبيل المثال، تشييد سوق عمومي، مجزرة للحوم، مطرح للنفايات، جسور للربط بين المجالات لفك العزلة عن العالم القروي…وغيرها من المرافق العامة، التي يمكن التغلب على إنجازها وتوفيرها لسكان الجماعات، عبر التشارك ومساعدة الوزارات المعنية على إنجاز مثل المشاريع التنموية.
في هذا الصدد يمكن الإشارة إلى التجربة الرائدة ل”جمعية تنمية عالم الأرياف” « ADMR »  وهي جمعية ذات المنفعة العامة بالرباط، متوفرة على مقر مركزي لها بالرباط وآخر بالفضاء الجمعوي لتحناوت. وقد أنجزت مشاريع في عدة أقاليم بشراكة مع الجماعات الترابية المعنية وعمالة اقليم الحوز وأزلال، بشراكة مع قطاع السكك الحديدة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منها 12 قنطرة شيدت بالحوز، أزلال، بولمان، تنغير وأخرى في طور التشييد؛ وبرامج تربوية وتكوينية وهو عمل جمعوي رائد، وجب تشجيعه.   
والمغرب الذي استقبل مؤتمر الأطراف الموقعة، حول موضوع التغير المناخي (كوب 22) بمراكش في الفترة ما بين 7 و18 نونبر 2016، واستعاد مقعده بالاتحاد الافريقي، مدعو أكثر من أي وقت مضى بتدبير ناجع ومستديم لقطاعات النظافة والتطهير السائد والصلب خاصة في الأرياف ومراكزها القروية. لتخفيض نسب التلوث والحفاظ على الموارد المائية السطحية والباطنية والاستغلال الرشيد للموارد الغابوية والمراعي لفائدة الساكنة المجاورة لها، بإشراك الساكنة وإقناعها للحفاظ على هذه الموارد التي هي في صالحها وفي صالح الأجيال القادمة. وليكون نموذجا للشعوب الأخرى بالبلدان الإفريقية في التنمية البشرية والمستدامة وفي تطبيق الديمقراطية. ومن هنا تبدو أهمية المنتخب النزيه والجدي.  
 3.4 صناعة المنتخب عبر التكوين المستمر للأطر الجماعية وللمنتخبين

وجب اختيار النخب الواعية للترشيح من خلال تجربة الدولة والأحزاب السياسية. يهم هذا بالدرجة الأولى الدولة والأحزاب السياسية، عبر تقديم تكوين خاص للمنتخبين الجدد وللذين لا خبرة لهم في التنظيم والتدبير الجماعي، فيما يهم المجالات القانونية والاقتصادية والاجتماعية وطرق التواصل والتنشيط. والغرض من ذلك، استيعاب محتوى اختصاص المجالس الجماعية والحكامة والتدبير الإداري اليومي والمرافق الجماعية وحماية البيئة، وتدبير الموارد البشرية والمالية وممتلكات الجماعة وتقوية القدرات التفاوضية.
فعلى عاتق الأحزاب السياسية مسؤولية اختيار النخب السياسية الكفأة والنزيهة لترشيحها لتحمل المسؤولية، بعيدا عن احتكار ذوي المال الذين لا خبرة لهم في السياسة، والذين يلجئون إلى استعمال المال لشراء الأصوات بغرض الفوز بالمقعد البرلماني للدفاع عم مصالحهم بالدرجة الأولى. كما أن الدولة مسئولة عن السير الشفاف للانتخابات ومحاربة استعمل المال في شراء الذمم، وكل ما من شأنه تبخيس العمل السياسي والعمل الجماعي والنيابي وتكريس نفور النخب من العمل السياسي وخاصة الطاقة الشابة الواعية.
3.5 أهمية المجتمع المدني ودوره في تنمية الجماعة الترابية

بإقرار دستور 2011 أصبح المجتمع المدني يحظى بأهمية قصوى في الدفاع عن حقوق المواطنين وتعبئتهم وسد بعض ثغرات الدولة، عبر الاهتمام بالطفولة المتخلى عنها والأمهات العازبات وفئات المجتمع من ذوي الحاجات الخاصة، ومحاربة الأمية وحماية البيئة…حتى أن وزارة خاصة أصبحت تهتم بهذا المجال في علاقته بالبرلمان والحكومة. وقد خلص الحوار الوطني مع المجتمع المدني الذي تبنته الحكومة، عن خلاصات وتوصيات يمكن الانطلاق منها لعلاج الخصاص الذي يعاني منه المجتمع المدني حتى يكون قوة اقتراحيه لتنمية المجال وتطوير المجتمع.
ولا بد من التذكير بأن العالم القروي، ظل إلى حد ما، بعيدا عن الاهتمام بقوى المجتمع المدني، عكس ما يحدث في المدن والحواضر. علما بأن المجتمع المدني لم يرقى بعد إلى فاعل حاسم من حيث الجودة والنوع، رغم أهمية الكم العددي. لكونه يعاني من ضعف الإمكانيات المادية والخبرات وصعوبات التواصل مع المواطنين وحل مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية التي عجزت الدولة والسياسات العمومية عن حلها، وغياب الشفافية في التسيير والحكامة، وارتباط بعضها بالجهات المانحة، أو التدجين والتبعية لبعض مكونات السلطة، قصد استخدامها وقت الحاجة في الانتخابات الجماعية والتشريعية. وتحتاج الجمعيات، بدون وصاية عليها، إلى تأهيل ومواكبة ودعم مالي للقيام بمهامها في تعبئة المواطنين والتواصل مع المنتخبين والتنسيق معهم لحل المشاكل، عبر المساهمة في صياغة اقتراحات عملية لتصحيح الاختلالات المجالية والتفاوتات الاجتماعية والتنبيه إلى المخاطر لدرئها. وللمجتمع المدني الواعي بالمشروع التنموي، دور أساسي خاصة في العالم الريفي للانخراط في تنمية الجماعات الترابية في تنسيق وتكامل مع العمل الجماعي والعمل الحكومي.
3.6 التشخيص الترابي والتخطيط المستقبلي في تنسيق بين الفاعلين المحليين

يتعلق الأمر بالتشخيص الترابي والتخطيط المستقبلي في تنسيق بين الفاعلين المحليين مع تجاوز النظرة القطاعية. فالجماعة الترابية كانت قروية /حضرية أو جهة، تتميز بتعدد وتنوع الفاعلين المحليين والوطنيين والدوليين. ولذا لا بد من وضع تشخيص ترابي شمولي في تنسيق مع كل الفاعلين ينتهي باختيارات وتوجهات، تأخذ الأولويات في الحسبان عند استشراف المستقبل. إن تصورا موحدا للتنمية الترابية شرط أساسي لنجاح التجربة التنموية لتحديد المؤهلات لاستغلالها وتثمينها، وتحويل الإكراهات إلى مؤهلات، والاستفادة من الفرص المتوفرة، وتوقع الكوارث لدرئها، وفتح باب التعاون والشراكة مع الوزارات والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص والجهات الدولية دون استلاب أو تبعية. وإن من شأن توفر الجماعة الترابية على وسائط التواصل متوفرة على كل المعلومات المسوقة لتراب الجماعة، وقاعدة معطيات مدققة، من شأنه اجتذاب استثمارات جديدة تخدم التنمية الترابية بالجماعة، خاصة في إطار العولمة والتنافسية الترابية بين الجماعات لتقوية الاقتصاد المحلي للجماعة.       

خلاصة عامة
تتميز الجماعة الترابية، سواء كانت قروية /حضرية أو جهة، بتعدد وتنوع الفاعلين المحليين والوطنيين والدوليين العاملين على مجالها. ويعتبر المنتخب في صلب العملية التنموية، والمجتمع المدني محاور أساسي بها. ولتنمية الجماعة الترابية وجب وضع تشخيص ترابي شمولي، في تنسيق مع كل الفاعلين، ينتهي باختيارات وتوجهات تأخذ الأولويات في الحسبان عند استشراف المستقبل. كما أن تصورا موحدا للتنمية الترابية، شرط أساسي لنجاح التجربة التنموية؛ ويقتضي ذلك توفير الموارد البشرية المؤهلة، واختيار النخب الواعية المواطنة لتمثيل السكان، والسلطات المتمرسة النزيهة لتسهيل العمل الجماعي. وكأداة للتنمية، وجب إتباع سياسة التخطيط والتهيئة لإعداد التراب، عبر وضع مخططات تحدد المؤهلات لاستغلالها وتثمينها، وتحول الاكراهات إلى مؤهلات، والاستفادة من الفرص المتوفرة، وتتوقع الكوارث لدرئها، وتفتح باب التعاون والشراكة مع الوزارات والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص والجهات الدولية دون استلاب أو تبعية. ومن شأن توفر الجماعة الترابية على وسائط التواصل وقاعدة معطيات محينة، تحتوي على كل المعلومات المسوقة لتراب الجماعة، اجتذاب استثمارات جديدة تخدم التنمية الترابية بالجماعة (قروية كانت أوجهة)، في إطار العولمة والتنافسية الترابية بين الجماعات، لتقوية الاقتصاد المحلي للجماعة، لخدمة الإنسان، محور كل تنمية بشرية ومستدامة.
هوامش
1 على سبيل المثال، في إقليم الحوز كان يتم التنسيق بين جمعية أدمر وعمالة الإقليم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خلال مدة من الزمن. فتحققت عدة منجزات وخاصة تشييد عدة قناطر لفك العزلة، أشرف عليها أحد العمال السابقين (السيد بوشعيب) الذين كانوا ينسقون باستمرار مع جمعية تنمية عالم الأرياف. لكن بتعيين العامل الجديد في إقليم الحوز غاب التنسيق بين المسئول الجديد وأطر الجمعية؛ بحيث لم تتمكن الجمعية من متابعة مشاريعها المخططة في غياب محاور السلطة المحلية (حسب مصدر من مسيري الجمعية، في لقاء لتقييم عمل الجمعية، أكتوبر 2016).
2  المادة 118 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 2015.
3  يحدد القانون توقيع 300 توقيع لجهات يبلغ عدد سكانها أقل من مليون نسمة؛ 400 توقيع مقابل 2 على 3 مليين نسمة؛ 500 توقيع لجهات يتجاوز عدد سكانها ثلاث ملايين نسمة؛ وأن تتوزع التوقيعات على الأقاليم والعمالات، بنسبة لا تقل في كل منها عن 5% من المجموع (المادة 120، 121؛ 122؛ من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 2015)

 

المراجع:
-خطاب ملكي يوم 30 يوليوز 2015 بمناسبة عيد العرش، البوابة الوطنية. http://www.maroc.ma/ar/%D9%86%D8%B5    
-خطاب ملكي بمناسبة افتتاح الدورة لمجلس النواب الجديد (أكتوبر 2016)
– القوانين التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية (الجماعات، العمالات والأقاليم والجهات)، إعداد وتقديم امحمد لفروجي، (نصوص قانونية محينة رقم 74،) 2015. الدار البيضاء.
– تنظيم وتهيئة المجال الريفي بالمغرب: أبحاث وتدخلات، (تنسيق المختار الأكحل، عبد العالي فاتح، محمد حنزاز)، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ومعهد الدراسات الإفريقية بجامعة محمد الخامس الرباط، والمعهد الوطني للتهيئة والتعمير، 2016.
نتائج البحث الوطني حول الاستهلاك ونفقات الأسر، من طرف السيد أحمد لحليمي، عن المندوبية السامية للتخطيط (2016). (ورد في جريدة الأحداث المغربية عدد 2121، 18-10-2016، اقتصاد، ص.10).
Site web Groupe de Recherche sur le Monde Rural (GREMR) : www.gremr.ma
 تجربة «جمعية تنمية عالم الأرياف» لفك العزلة عن العالم القروي. الموقع الإلكتروني: www.admr-maroc.com.

بقلم : موسى كرزازي *

* أستاذ التعليم العالي، وعضو مجموعة البحث حول الأرياف، جامعة محمد الخامس الرباط

Related posts

Top