صائب عريقات لبيان اليوم: سندرس تعليق الاعتراف بإسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين ونحن كنا اعترفنا بها ضمن صفقة دولية

حاوره: وليد ابو سرحان

أكد صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كبير المفاوضين الفلسطينيين بأن الجانب الفلسطيني يعتزم دراسة تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، لحين اعترافها بدولة فلسطين، مشددا على أن اعتراف المنظمة بإسرائيل جاء ضمن اتفاق دولي يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بها.
وجاءت أقوال عريقات في حديث مطول أجرته معه بيان اليوم، للوقوف على تفاصيل ما تشهده أروقة صناعة القرار الفلسطيني من خطط وتوجهات للعام الجديد، وفيما يلي نص الحوار:

 > ما هي خطة التحرك الفلسطيني خلال العام الجديد؟
< عام 2016 هو عام امتداد للأعوام المتتابعة التي نكرس فيها، جيلا بعد جيل، أننا لم نولد كأبناء للشعب الفلسطيني إلا لإعادة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية لخارطة الجغرافيا. ونحن نرى في العام الجديد عاما لإعادة تشكيل خارطة المنطقة، لأن الذي حدث في القرن العشرين من تشكيل لخرائط المنطقة في “سايكس بيكو” استنفد ذاته ولم يعد قادرا على الاستمرارية في التغييرات الحاصلة دوليا وإقليميا، وبالتالي ما تشاهده في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول العربية ما هو إلا انعكاس وحراك لإعادة تشكيل الخرائط.

> وهل إسرائيل مشاركة في ذلك؟
< إسرائىل برئاسة بنيامين نتنياهو تدرك ذلك، وبالتالي فإن الهدف السياسي لنتنياهو خلال عام 2016 هو أن يضمن  ألّا تكون فلسطين على خارطة المنطقة الجديدة في التشكيل، وهذا هدفه، وما يقوم به من إعدامات ميدانية وعقوبات جماعية واحتجاز جثامين شهداء وحصار وإغلاق ومستوطنات ومصادرة أراض وهدم بيوت وتطهير عرقي وما إلى ذلك، ليس له هدف سوى إن يُبقي خارطة الشرق الأوسط بدون وجود فلسطين عليها .

> وماذا عن الإستراتيجية الفلسطينية؟
< إستراتيجيتنا تستمر بمخاطبة العالم لمواصلة الحشد الدولي المؤيد للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، فهناك 138 دولة أصبحت تعترف بنا وأصبحنا طرفا متعاقدا في مواثيق جنيف الأربعة لعام 1949 كدولة فلسطين، وأصبحت مكانة فلسطين على الأراضي المحتلة عام 1967 والقدس عاصمة لها دولة تحت الاحتلال، تماما كما كانت عليه النرويج وبلجيكا وهولندا وفرنسا وكوريا والفلبين أثناء الحرب العالمية الثانية عندما كانت تلك الدول تحت الاحتلالين الألماني والياباني، وأصبحنا عندما نطرح مشاريع قراراتنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة تحظى بشبه إجماع، وآخر مشروع قرار بشأن تقرير المصير حصل على 171 صوتا، ولم يحدث في تاريخ الجمعية العامة أن حصلت فلسطين على هذا الكم. إذن فنحن سنواصل مساعينا للانضمام للمنظمات والمواثيق الدولية إضافة لاعترافات برلمانية بدولة فلسطين مثل ما حصل من اعترافات في البرلمانات الأوروبية، وهذا يدل على أن العالم يدرك بأنه لا أمن ولا استقرار في هذه المنطقة دون تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي، لأن ذلك هو الركيزة الأساسية لنجاح المساعي الأميركية والروسية لهزيمة داعش. وإذا أرادت أميركا وروسيا فعلا إقامة تحالفات لهزيمة داعش في المنطقة فيجب أن تتم أولا وقبل أي شيء من خلال تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية المحتلة عام 1967، والدول عبيد لمصالحها.

> ماذا تقصد؟
<  أمريكا لن تصحو من النوم لأن ضميرها أنبها لأن تقول لا بد من إقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967، أميركا تفعل ذلك لأنها تدرك أن هذا جزء من مصلحتها وجزء من أمن واستقرار وسلامة المنطقة، وأنا باعتقادي هناك نجاحات فلسطينية في ذلك الاتجاه لا ينكرها أحد، ولكن الثغرة التي لدينا كفلسطينيين في برنامجنا هي الانقسام واستمرار الانقلاب الحاصل في قطاع غزة .

> وما المطلوب إذن؟
< النقطة الأولى في إستراتيجيتنا إنهاء هذا الانقسام وإزالة أسبابه، وهذا الانقلاب، فالضفة والقدس وغزة هي مناطق محتلة. لم يحرر قطاع غزة ولم تحرر الضفة الغربية ولم تحرر القدس، وبالتالي هذه المناطق خاضعة للاحتلال الإسرائيلي، ويجب أن ننهي ونزيل أسباب الانقسام عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة حماس وفتح وكل الفصائل على أساس برنامج منظمة التحرير، هذا أولا، وثانيا، العودة لصناديق الاقتراع وإرادة الشعب لأنه عندما نختلف كفلسطينيين لا ينبغي أن نعود لصناديق الرصاص بل يجب أن نعود لصناديق الاقتراع، وثالثا، أن تلبي حماس الدعوة الموجهة لها من قبل رئيس المجلس الوطني الفلسطيني للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية لعقد اجتماع المجلس الوطني، هي وحركة الجهاد الإسلامي لأن الشراكة السياسية ركن أساسي في قدرتنا على مواجهة التحديات القادمة خلال عام 2016، وهذا ممكن جدا وسنسعى بكل ما نملك لذلك.

> ولكن حماس تتهمكم بعرقلة عقد الاجتماع القيادي الموحد للمنظمة بمشاركتها وحركة الجهاد الإسلامي؟
<  المسألة ليست بعقد هذا الإطار أو ذاك الإطار، الآن هناك حكومة وفاق وطني، نريد أن نذهب من هذا الإطار إلى حكومة وحدة وطنية حقيقية تشارك فيها حماس، ونحن ندعو حركة حماس للمشاركة رسميا في الحكومة، أنا أريد أن أسأل سؤالا ما هو الخطأ في ذلك؟ الشراكة السياسية تعني لأي مجتمع أن قرار الحرب والسلم لا يكون في يد طرف بل يكون في يد كل الأطراف، وبالتالي نحن ندعو لحكومة وحدة وطنية، وندعو لعقد اجتماع للمجلس الوطني بمشاركة حماس والجهاد الإسلامي، وندعو للعودة لصناديق الاقتراع، لإرادة الشعب، دع الشعب يختار.

> وهل تعتقد بأن حكومة الدكتور رامي الحمد الله ما زالت حكومة توافق وطني بعد التعديلات التي جرت عليها ورفض حماس لها؟
< نعم هي حكومة توافق وطني، لا تستطيع أنت أن تُوقف التطور الطبيعي للأمور، فإذا استقال وزير أو سقط أو لم ينجح فهذا يحتاج للتغيير، ولذلك لا تستطيع أن تأخذ الناس رهائن بالطريقة هذه، فالتغيير واجب للمصلحة العامة .

> وما هي الدعوة الموجهة الآن لحماس؟
<  الدعوة الموجهة لحماس هي أن تكون جزء من حكومة وحدة وطنية، وهذا هو اتفاق الدوحة والقاهرة وهذا كل ما وقعنا عليه من اتفاقيات، وأنا أرى بأن تحقيق المصالحة الوطنية هو أهم نقاط الارتكاز في مساعينا لنيل حقوقنا الوطنية من خلال الانضمام للمواثيق والبروتوكولات الدولية، فهناك 520 ميثاقا ومؤسسة وبروتوكولا أصبحت فلسطين مؤهلة لدخولها، ونحن الآن أعضاء في 41 منها، وسنستكمل مشوارنا بالقدر الذي تسمح فيه قدراتنا.

> وماذا عن المحكمة الجنائية الدولية؟
< نحن قطعنا شوطا طويلا في المحكمة الجنائية الدولية، ودولة فلسطين أصبحت عضوا فيها في أول أبريل الماضي، والآن أنا أفخر بأن اللجنة الوطنية العليا لمتابعة المحكمة الجنائية الدولية تشارك فيها جميع مكونات العمل السياسي والأهلي الفلسطيني، ونحن الآن لدينا ستة ملفات لدى الجنائية الدولية ونطلب ونطالب بالإسراع بقيام المجلس القضائي في المحكمة بإصدار قرار لفتح تحقيق قضائي. والمحكمة الجنائية الدولية ليست لمحاكمة دول بل هي لمحاكمة أفراد، وبالتالي كل ملفاتنا الآن سواء ملف الاستيطان وملف القدس والعدوان على قطاع غزة والأسرى وجرائم الإعدامات الميدانية وحرق عائلة دوابشة ومحمد أبو خضير هي أمام المجلس القضائي للمحكمة ونعمل بكل جهد لأن نصل لمرحلة اتخاذ قرار من المجلس القضائي.

> وماذا عن التحرك الفلسطيني على صعيد مجلس الأمن خلال العام 2016؟
<  شُكلت في قمة شرم الشيخ لجنة برئاسة رئيس القمة وهي مصر وعضوية الأشقاء في الأردن والمغرب وفلسطين والأمين العام للجامعة العربية، ونحن الآن أمام هذه الهجمة الاستيطانية الضخمة التي كشفت عنها حركة السلام الآن الإسرائيلية قبل أيام والتي تقضي ببناء 55 ألف وحدة استيطانية جديدة، ولابد من التنسيق مع اللجنة العربية حول إمكانية طرح مشروع قرار على مجلس الأمن ضد النشاط الاستيطاني الاستعماري الاحتلالي.

> وهل أميركا سترضى بذلك؟
< نحن قبل أيام تعرضنا لأمر غريب حدث في الكونجرس الأميركي حيث صوت المُشرع الأميركي لقانون يقضي بأنه في حال قيام أي دولة بمقاطعة منتوجات المستوطنات، ستعاقب، رغم أن أهم إنجازاتنا في عام 2015 هو قيام الاتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات، والآن الكونغرس الأميركي رد على ذلك بأنه إذا قاطعت دولة منتوجات المستوطنات سيعاقبونها، والأخطر من ذلك أنه في حال أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرارا بتحقيق قضائي مع أي مسؤول إسرائيلي ستُغلق واشنطن مكتب منظمة التحرير وسيعود التعامل معها كمنظمة إرهابية، وللأسف هذه مكافأة للعدوان من قبل الكونجرس الأميركي، وبالتالي يدّعون أنهم يتحالفون معنا في المنطقة لمكافحة الإرهاب، والإرهاب مصدره أصلا الاحتلال الإسرائيلي. وإنا أسأل سؤالا للإدارة الاميركية: ما الفرق بين مجرم يُعدم صحفيا أجنبيا في سوريا والعراق وبين مجرم يحرق الفتى محمد أبو خضير وعلي دوابشه، ما الفرق؟ لا يوجد فرق، فالتطرف أعمى.

> ولكن ماذا ستعملون على صعيد مجلس الأمن؟
<  المهم سنذهب لمجلس الأمن بمشروع قرار بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وتحديدا فرنسا ودول أخرى في العالم لوضع مبادئ الحل، وهو مبدأ الدولتين على حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة فلسطين، وحق العودة للاجئين وفق قرار 194، والضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وحدة جغرافية واحدة، وسنطلب عقد مؤتمر دولي للسلام، لأن الطريقة القديمة في المفاوضات السابقة برعاية أميركية وثنائية لا يمكن العودة لها، لأنها استنفدت ذاتها كليا.

> وماذا تريدون؟
<  نريد تطوير آلية إذا ما أراد المجتمع الدولي العودة للمفاوضات، فعليهم إلزام إسرائيل بقبول مبدأ الدولتين على حدود 67 ووقف الاستيطان والإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى والقبول بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة، بعد ذلك لا بد أن يكون هناك إطار دولي يضم الرباعية ودول “بركس” مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا والصين، إضافة إلى اليابان والدول العربية، يجب أن نعزز ذلك. وإلى جانب مجلس الأمن نحن سندعو لعدة اجتماعات للجمعية العامة في دورات غير عادية حول كل تلك المسائل، وإحدى أهم النقاط في مجلس الأمن هي إنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

> وهل هناك سوابق في ذلك المجال؟
< منذ عام 1981 إلى الآن أنشئ 21 نظاما خاصا للحماية الدولية والتي لا تنشأ إلا بقرار من مجلس الأمن، ونحن نؤكد أن سلطة الاحتلال الإسرائيلية فشلت فشلا ذريعا في تحمل مسؤولياتها في حماية المدنيين زمن الحرب، وبالتالي على مجلس الأمن أن يبادر بإنشاء نظام حماية دولية خاص بالشعب الفلسطيني.

> وعلى الصعيد الداخلي الفلسطيني وإمكانية حل السلطة؟
< سنستمر في بناء مؤسسات دولة فلسطين، وتعزيز قدرات وإمكانيات السلطة الوطنية، فلم يتحدث أحد في يوم من الأيام عن حل السلطة وتسليم المفاتيح، نحن نتحدث عن تحديد العلاقة مع إسرائيل، وهنا أريد أن أدخل في صلب الموضوع في 2016 وهو كما قال السيد الرئيس أبو مازن في الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في شتنبر عام 2015، “إذا لم تلتزم إسرائيل بما عليها لن نلتزم”.

> ما المقصود بذلك؟

– لدينا قرار من المجلس المركزي الفلسطيني صدر في مارس 2015 يقول ما لم تعترف إسرائيل بدولة فلسطين على حدود عام 67 وتوقف الاستيطان وتفرج عن الأسرى وتقبل بالاتفاقيات الموقعة فيجب تحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية معها، لذلك يجب أن يبدأ العمل في 2016 دون تردد بتنفيذ هذا القرار، وعلينا أن نعقد المجلس الوطني الفلسطيني لأنّ أمامنا مرحلة سياسية جديدة ولا بد من برنامج سياسي يقره المجلس الوطني يتجاوب ويستند إلى المرحلة القادمة، فنحن عندما اعترفنا بإسرائيل كمنظمة تحرير فلسطينية اعترفنا على أساس وعود مفادها أنه إذا اعترفنا بإسرائيل سيعترفون بدولة فلسطين.

> وإسرائيل لم تقم بذلك؟
< نعم إسرائيل لم تعترف بدولة فلسطين، لذلك يجب على المجلس الوطني أن يدرس هذه المسألة جديا، ودراسة إمكانية تعليق الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل إلى أن تعترف بدولة فلسطين.

> هذا كلام كبير؟
< نعم أنا أعرف بأن ذلك كلام كبير، لكن نحن كما قلت لم نولد إلا لإعادة فلسطين للخارطة، ونحن اعترفنا بإسرائيل ضمن صفقة دولية قالت لمنظمة التحرير إنه في حالة اعترافكم بإسرائيل ودخولكم في مفاوضات ستصلون إلى دولة فلسطين على حدود عام 1967، إسرائيل تتنكر لذلك وتتنكر للاتفاقيات الموقعة، بل عندما ذهبت لهم – للإسرائيليين – في يوليوز الماضي لأبلغهم بأن هناك قرارات في المجلس المركزي لمنظمة التحرير بشأن تحديد العلاقة مع إسرائيل، وطلبت منهم الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 ووقف الاستيطان بما يشمل القدس والإفراج عن المعتقلين منذ ما قبل أوسلو وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة، كان جوابهم بالحرف الواحد: هذه شروط غير واقعية. اعتبروا مطالبتهم بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة غير واقعية، قبول دولة فلسطين على حدود 67 غير واقعية، وبالتالي لم يعد أمامنا مجال الآن إلا أن ننفذ قرار المجلس المركزي بتحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع إسرائيل.

> ولكن هناك كلفة للتنفيذ؟
< نعم أنا أعلم بأن الكلفة عالية، لكن أسوأ وضع على الشعب الفلسطيني الآن هو أن يبقى الوضع على ما هو عليه، لأن كل ما يقوم به نتنياهو من أمر يستند إلى أبقاء الوضع على ما هو عليه واستبدال مبدأ الدولتين بدولة بنظامين، وهو الابرتهايد  القائم حاليا، لأن نتنياهو يريد سلطة فلسطينية بدون سلطة، وبالفعل نجح في ذلك، فلم يعد لدينا كسلطة فلسطينية أي ولاية في أي مجال، فنتنياهو أعاد تشكيل ما يسمى بالإدارة المدنية، وبالفعل الذين يتحدثون عما بعد الرئيس أبو مازن، أنا باعتقادي تم تعيينه، فما بعد أبو مازن، اسمه الجنرال بولي – رئيس الإدارة المدنية الإسرائيلية الجنرال يوآف مردخاي- هو الذي يقرر للشعب الفلسطيني في كل كبيرة وصغيرة ومَن يتحرك ومَن لا يتحرك ومَن الذي يسافر والذي لا يسافر. فهم أعادوا للحياة دائرة ما يسمى الإدارة المدنية مثل دائرة الزراعة والتجارة والأرض، ونحن نرى ذلك، وإنكار الحقائق لا ينفي وجودها، فهو يريد سلطة فلسطينية بدون سلطة لأنه يريد احتلاله أن يكون دون كلفة، هو يريد منا آن ندفع تكاليف احتلاله، وهذه مسؤوليتهم وفق اتفاقيات جنيف، ونتنياهو يريد أن يبقي قطاع غزة خارج إطار الفضاء الفلسطيني، وكل فك الارتباط الذي قام به ارئيل شارون في قطاع غزة كان هدفه ضرب المشروع الوطني الفلسطيني لأنه أدرك بأن فصل غزة عن الضفة يعني أنه لا دولة فلسطينية في الضفة ولا دولة فلسطينية دون قطاع غزة، ولا دولة فلسطينية في قطاع غزة، وبالتالي هذه المسائل واضحة لإسرائيل، فالسلطة بدون سلطة واحتلال دون كلفة وغزة خارج الإطار الفلسطيني.

> إذن لماذا تحافظون على هذه السلطة ما دامت بلا سلطة؟
< السلطة ثمرة كفاح الشعب الفلسطيني، نحن نريد القول بأن السلطة ولدت باتفاق دولي تعاقدي لنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال للاستقلال، الآن إسرائيل تريد أن تحولها لسلطة وظيفية ونحن نرفض ذلك، المطلوب هو تحديد العلاقة مع إسرائيل وليس حل السلطة، فالسلطة ثمرة كفاح الشعب الفلسطيني، والسلطة تدمرها إسرائيل، والحديث عن حل السلطة غير وارد على الإطلاق، فهي ثمرة كفاح الشعب الفلسطيني ونحن نصر على سلطتنا الوطنية التي ستنقل شعبنا من الاحتلال إلى الاستقلال وبناء مؤسساتنا وجامعاتنا ومزارعنا.

> ولكن دكتور السلطة هي مجرد ديكور؟
< بالوضع الحالي سحبت إسرائيل جميع الولاية منها، لذلك لا بد من تحديد العلاقة مع إسرائيل كما قال الرئيس أبو مازن ما لم تنفذ إسرائيل التزاماتها لن ننفذ التزاماتنا ويجب ألّا ننفذ.

>هل سيشهد العام الجديد دفن اتفاق أوسلو فلسطينيا بعد سنوات من دفنه إسرائيليا؟
< لا نريد أن نستخدم عبارات دفن، نحن لسنا ضد السلام، وليس هناك طرف يستفيد من نجاح عملية السلام وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية أكثر من الشعب الفلسطيني، كما ليس هناك طرف يخسر من غياب السلام إلا نحن، وبالتالي نحن مع المجتمع الدولي نتمسك بما أقره لنا القانون الدولي من سلام، لذلك نحن نقول بأننا نريد أن نحدد العلاقة مع إسرائيل، فنحن لا نتحدث عن حل السلطة ولا وأد عملية السلام، نحن نريد من إسرائيل، إذا أرادت عملية السلام، وبصوت مرتفع، – وهذه ليست شروطا، بل هي التزامات على إسرائيل، – أن تقبل بمبدأ الدولتين على حدود عام 67 وأن ترسم الحدود على ذلك، وأن توقف الاستيطان بما يشمل القدس، وهذا وارد في خارطة الطريق، وأن تنفذ الالتزامات التي عليها وفق خارطة الطريق وأن تنفذ اتفاق كيري نتنياهو بالإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى المعتقلين منذ ما قبل اوسلو.

> هي ترفض كل ذلك على أرض الواقع؟
< هي لا ترفض ذلك فحسب، بل إنها في آخر اجتماع كنت أنا والأخ حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية والوزير ماجد فرج مدير المخابرات العامة، وتوجهنا بسؤال لأعضاء اللجنة الرباعية عن ماذا بمقدورهم أن يعملوا مع إسرائيل التي ترفض طلباتهم بشأن وقف الاستيطان وتنفيذ الاتفاقيات وتدميرها لحل الدولتين. ماذا ستعملون مع إسرائيل؟ فلم نتلق أي إجابة. بل الكونجرس الأميركي كافأها على عدوانها من خلال معاقبة أي دولة تقاطع منتوجات المستوطنات.

> على ضوء ذلك هل بات سحب الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل مطروحا على طاولة البحث فلسطينيا؟
< نحن في توصياتنا التي قدمناها استخدمنا عبارة أن يقوم المجلس الوطني الفلسطيني بدراسة إمكانية تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل إلى حين أن تعترف بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وهذا وارد ويجب أن يتم.

> دكتور، هناك تقصير واضح من السلطة تجاه ما تمارسه إسرائيل من تهويد في القدس وما يعانيه أهلها؟
< أنا أختلف معك، وأعتقد أن مخطط إسرائيل في القدس فشل، أنا أعتقد بأن من سيحدد هوية ومصير ولغة القدس هم 320 ألف مواطنا عربيا فلسطينيا يعيشون في هذه المدينة، وكما نشهد الآن في القدس هناك حواجز إسمنتية داخل ما يسمونه بعاصمتهم المضمومة قسرا أكثر مما في أي منطقة بالضفة الغربية، وأنا أعتبر قرار ضم القدس لاغيا وباطلا ولا يخدم حقا ولا ينشئ التزاما، ولا معنى لدولة فلسطين بدون القدس بأقصاها وقيامتها، ونحن نبذل كل جهد ممكن وبكل الإمكانيات سواء من موازنتنا آو بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي آو الدول العربية، ولكن كل ما نقوم به تجاه القدس يجب أن نقوم بأكثر منه، وإذا كانت المسألة تتعلق بهل هناك تقصير؟ نعم هناك تقصير . وهل هناك إمكانيات لأن نقدم أكثر للقدس؟ نعم يجب أن نقدم أكثر ، ولكن ضمن المخطط الفلسطيني القادم سيكون للقدس مكانها وحيزها الطبيعي.

 > كيف ترى ما يجري في الشارع الفلسطيني الآن من هبة جماهيرية؟
< ما يحدث الآن هو إدراك من الإنسان الفلسطيني بأن نتنياهو يدمر خيار الدولتين، يريد دولة بنظامين ابرتهايد، يريد أن يستمر في احتلاله الاحلالي الاستيطاني، والشعب الفلسطيني يقول بصوت عال جدا نحن نرفض ذلك ولن نكون طرفا في ذلك، والحرية هي الأساس. نتنياهو يُجيب علينا  بحلول أمنية جربها في الماضي، مثل العقوبات الجماعية، والآن يعاقب الأموات والأحياء، من خلال احتجاز جثامين الشهداء، وبالتالي هذه الهبة يجب أن يفهمها العالم بأنه لا سلام ولا استقرار بالمنطقة دون قيام دولة فلسطين وتجفيف مستنقع الاحتلال، فالآن عندما نقول بأن موسكو أصبحت في سوريا وواشنطن في سوريا وباريس في سوريا وحتى برلين ولندن، ففي النهاية لن تتمكنوا من صياغة تشكيل هذه المنطقة جغرافيا وحدوديا إلا بوجود فلسطين على الخارطة، ورسالة هذا الشاب الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه تقول للعالم إن المفتاح للأمن والسلام هو إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإسرائيل الآن تعيد سلسلة الحلول الأمنية التي مارستها منذ عام 1967، فإسرائيل بسياسة الاغتيال والتدمير والاستيطان هي مسؤولة عن دفع المنطقة شعوبا وحدودا إلى أتُون العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء.

> فهل وصلنا إلى طريق مسدود على الصعيد السياسي مع قضاء إسرائيل على حل الدولتين؟
< لنفرض أن نتنياهو يقضي على خيار الدولتين. السؤال موجه له:  اليوم في 3 يناير 2016 (تاريخ إجراء الحوار) من النهر للبحر 50.9 في المائة من سكان فلسطين هم من غير اليهود ، وفي نفس اليوم (3 يناير 2016)  هناك 49.1 في المائة من السكان هم يهود. ماذا سيفعل معنا نتنياهو في اليوم التالي؟ ماذا سيعمل؟ وبالتالي إنكار الحقائق لا ينفي وجودها، هو يستطيع أن يعطل ويؤجل، هو يمتلك 5000 دبابة ويمتلك 3000  طائرة مقاتلة ويمتلك السلاح النووي ويؤثر في الكونجرس الأميركي ولكنه لن يستطيع تغيير الحقائق.

> هل نتنياهو فعلا يؤثر في الكونجرس الأميركي؟
 < طبعا، لأن إسرائيل دولة وظيفية عند أميركا، فلا ينبغي على أحد أن يصدق بأن إسرائيل حاكمة أميركا، إسرائيل دولة وظيفية و”قبضاي” منطقة لأميركا بأجر زهيد يبلغ 3000 مليون دولار في السنة، والدول عبيد لمصالحها ، وإتقان لغة المصالح هو مفتاح عودة فلسطين لخارطة الجغرافيا.

> وهل أتقن الجانب العربي لغة المصالح؟
< للأسف لا، ولكن أنا آمل أن يأتي اليوم الذي تتحدث فيه أروقة صناعة القرار في العواصم العربية مع واشنطن وبرلين وروما ولندن وباريس بلغة المصالح التي لا يفهمون سواها. وباعتقادي ما يحدث في العالم العربي اليوم هو تماما ما حدث في أوروبا سنة 1848. فأوروبا احتاجت لـ 90 سنة حتى استقرت، ونحن كعرب سنشهد هذه الحالة من 30 إلى 40 سنة قادمة.

> هل تقصد الفوضى؟
< هذه ليست فوضى فقط، هذه توازنات نقائض لم تعد تحتمل الاستمرار. هيكلية وشكل حدود سايكس بيكو لم تعد قابلة للحياة ولم تعد قابلة للاستمرار، لذلك هناك إعادة تشكيل الآن، لذلك نصر على أن تكون فلسطين جزء من تشكيل الخارطة الجديدة، ويجب أن يدرك العالم الغربي وواشنطن تحديدا أن لا أمن ولا سلام ولا استقرار في هذه المنطقة دون تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي. الآن أميركا تستطيع أن تلجم إسرائيل وتلزمها، وسأعطيك خمسة أمثلة: ففي عام 1956 دخلت إسرائيل مع فرنسا وبريطانيا  في حرب ضد مصر، وكان ايزنهاور رئيس أميركا، وبن غوريون رئيس إسرائيل، وبتلفون من الأول للأخير تم انسحاب إسرائيل من الحرب في غضون 24 ساعة، وفي 1957 كان إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل، وفورد رئيس أميركا وكسينجر وزير خارجيته، فكان المطلوب أميركيا فك الارتباط الثاني من سيناء، رفض رابين، فأعطوه 17 ساعة للتوقيع على فك الارتباط، وبعد انقضاء تلك المهلة كان رابين يوقع، ثالثا ضمانات القروض عام 1990 عندما كان شامير رئيسا لإسرائيل وبوش الأب كان رئيسا لأميركا، في 1991 قُصفت إسرائيل بصواريخ من العراق، وكان موشيه ارنس وزير الدفاع وشامير رئيس الوزراء، وبوش الأب في أميركا، فحرمت إسرائيل من الدفاع عن نفسها، والمثال الخامس هو الاتفاق النووي الأخير مع إيران، حاول نتنياهو تعطيله إلا أن واشنطن قالت له “انضب”. فأميركا قادرة على إلزام إسرائيل، والسؤال لماذا لا تفعل أميركا بشأن الدولة الفلسطينية؟ أنا باعتقادي أن أميركا قررت تأجيل الدولة الفلسطينية لاعتبارات ما يحدث في المنطقة، هم يريدون الانتظار ليروا ما ستؤول إليه الأوضاع في العالم العربي، وباعتقادي أنهم ارتكبوا خطأ استراتيجيا، فكان تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي هو ما سيقود للأمن والاستقرار في المنطقة، وهنا كان الخطأ الاستراتيجي الأميركي في التأجيل، وبالتالي نحن سنستمر في عام 2016 لإقناع الإدارة الأميركية والدول الغربية بأن مصالحهم لا يمكن تحقيقها من خلال استمرار تعاملهم مع إسرائيل كدولة فوق القانون، آن الأوان لمساءلة ومحاسبة إسرائيل وإلزامها بقبول  مبدأ الدولتين على أساس حدود عام 1967.

> كيف تصف العلاقة الفلسطينية الأميركية حاليا؟
< العلاقة مفتوحة وصعبة وصريحة، وباعتقادي بأنها تقوم على توازن مصالح، ولا أستطيع كشف ما يدور من نقاشات وحوارات استراتيجية بيننا وبين الجانب الأميركي، ولكن أستطيع أن أقول إن كل كلمة يقولها الرئيس محمود عباس للرئيس الأميركي أو وزير خارجيته أو لأعضاء الكونجرس هي تستند لفهم دقيق للغة المصالح المتبادلة.

> هل هناك وعد أميركي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
< لدينا رسالة مكتوبة من الإدارة الأميركية الحالية تقول إن موقفهم هو مع دولة فلسطينية على حدود 67.

> لماذا لم يتم تنفيذ قرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل؟
< ستعقد القيادة الفلسطينية اجتماعا مع مطلع هذا العام الجديد لبدء التنفيذ .

> ظهر مؤخرا شريط فيديو للمستوطنين وهم يرقصون على الدم الفلسطيني ويحملون بنادق ويطعنون صورة الطفل الشهيد علي دوابشه، لماذا لا توصله الجهات الفلسطينية المعنية إلى كل عواصم العالم لإظهار الوجه الحقيقي للاستيطان؟
< أنا شخصيا أرسلته لجون كيري وزير الخارجية الأميركي وأرسلته لأعضاء اللجنة الرباعية، وكل شيء تقوم به إسرائيل من جرائم وتنكر للسلام يرسل للعواصم العالمية بشكل يومي، فلدينا يوميا رسائل لوزراء خارجية 180 دولة بالعالم حول كل ممارسات إسرائيل ولدينا نشرات بخمس لغات يوميا من دائرة المفاوضات حول هذه الجرائم.

> هل سنشهد انتخابات رئاسية للسلطة الفلسطينية في السنة الجديدة؟
< والله نحن نعمل من أجل ذلك بكل ما للكلمة من معنى، نريد شراكة سياسية، فلا يستطيع أي فصيل فلسطيني إلغاء الفصيل الأخر، نحن أبناء لشعب واحد ونحن أمامنا تحد رئيسي وهو الاحتلال، وبالتالي ندعو حركة حماس إلى قبول أن تكون جزء لا يتجزأ من حكومة وحدة وطنية وأن توافق على العودة لصناديق الاقتراع في انتخابات عامة وأن توافق على أن تكون جزء لا يتجزأ من المجلس الوطني الفلسطيني.

> ولكن مؤخرا كان هناك لغط بأن الرئيس يعتزم الاستقالة ومغادرة منصبه احتجاجا على فشل عملية السلام؟
< لا لا، الرئيس لم يتحدث عن الاستقالة احتجاجا، الرئيس لديه ثقافة وقالها منذ سنوات بأنه لا يتمسك بكرسي ويسعى بكل ما يملك لإعادة فلسطين لخارطة الجغرافيا ويريد أن يضمن استمرارية العمل الفلسطيني لإعادة فلسطين للخارطة.

> لكن هل استقالته مطروحة على طاولة البحث؟
< لن يستقيل الرئيس أبو مازن، فهو لم يتحدث عن استقالة وكل ما قاله أنه في حالة إجراء انتخابات رئاسية فإنه لا يرغب بترشيح نفسه، وهذا قرار يعود له، ولمؤسسات حركة فتح، ولكن أبو مازن لم يتحدث في يوم من الأيام عن الاستقالة أو عن ترك المنصب أو عن حل السلطة.

> هل سيتم اختيار نائب للرئيس؟
< نأمل في اجتماع المجلس الوطني القادم أن يصار إلى تعديل القانون ليشمل ذلك.

> لماذا لم يفتح معبر رفح لغاية الآن؟
< نحن نبذل كل جهد ممكن، وللأمانة أنا كنت شخصيا في اجتماعات الرئيس أبو مازن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أبدى استعداده لقبول طلب الرئيس فتح معبر رفح بشكل فوري، ونحن نبذل الآن كل جهد ممكن لضمان فتح هذا المعبر.

> هل نبشر أهالي غزة بأن فتح المعبر سيكون قريبا؟
< لا، أنا أقول مرة ثانية إذا لم نساعد أنفسنا لن يساعدنا أحد، إن لم نساعد أنفسنا كفلسطينيين لن يساعدنا أحد، الكرة في ملعبنا،  يجب أن نزيل أسباب الانقسام، وهناك دعوة لحركة حماس أن تشارك في حكومة وحدة وطنية بشكل فوري وأن تشارك في المجلس الوطني وأن تقبل بالعودة لصناديق الاقتراع في انتخابات عامة. مالذي يعيق ذلك؟

> وإذا ظل موقف حماس على حاله؟
< يجب أن نستمر ويجب أن نفتح معبر رفح لكن في نهاية المطاف إن لم نساعد أنفسنا فلن يساعدنا أحد.

> هل هناك إصرار مصري على انسحاب حماس من المعبر حتى يتم فتحه؟
< هناك مطلب مصري ومطلب عربي ومطلب من أوروبا الصديقة لنا ومن دول العالم، إضافة إلى تساؤلهم: على ماذا تنقسمون وعلى ماذا تقتتلون؟ أنتم شعب تحت الاحتلال وتحدياتكم هائلة، ويقولون بصوت واحد وحدوا صفوفكم. وهذا أصبح جرحا نازفا ليس في يدنا بل في قلبنا، يجب على حركة حماس أن تستجيب لدعوتنا لحكومة وحدة وطنية ولمجلس وطني ولانتخابات عامة. 

Related posts

Top