بعد أقل من شهرين على إعادة انتخابه، وجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه الاثنين محروما من الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية وهو وضع غير مسبوق عمليا ينذر بفترة انعدام يقين وربما عدم استقرار.
انتهت الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية الأحد بحسب المحللين “بصفعة” أو “ضربة” لماكرون الذي لم يحتفظ ائتلافه سوى بـ 245 مقعدا من أصل 577 في الجمعية الوطنية بعيدا عن الغالبية المطلقة المتمثلة بـ 289 مقعدا.
شهد التصويت تقدما غير مسبوق لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن، منافسته في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، مع حصوله على 89 نائبا وإحياء ائتلاف اليسار بقيادة أقصى اليسار المتمثل بجان لوك ميلانشون والذي نال 131 نائبا.
لكن الحزب اليميني التقليدي “الجمهوريون” صمد ونال 61 نائبا ويمكن أن يؤدي دور الحكم، وقد مد المعسكر الرئاسي اليد له اعتبارا من مساء الأحد.
وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن بعد إعلان النتائج “سنعمل اعتبارا من الغد (الاثنين) على تشكيل غالبية عمل” وذلك بعد إعلان النتائج معتبرة أنه “ليس هناك من بديل عن هذا التجمع لضمان الاستقرار”.
وقالت الناطقة باسم الحكومة أوليفيا غريغوار صباح الاثنين لإذاعة “فرانس انتر”، “سيجدوننا على الدوام لمحاولة الانضمام ألينا، بشكل خاص لإقناع المعتدلين المتواجدين في هذا البرلمان بأن يتبعونا”.
وأضافت “سيتطلب الأمر خيالا وجرأة وانفتاحا حيث سيكون ذلك ضروريا” وهذا موجه “إلى كل الذين يردون دفع البلاد قدما”.
عمليا، أمام تحالف ماكرون خياران هما إما أن يبرم اتفاقا مع أحزاب أخرى على غرار الاتفاقات الحكومية في ألمانيا، أو أن يتفاوض على كل نص يريد تمريره. لكن كل ما كان عدد النواب الناقصين لبلوغ الأغلبية أكبر، كل ما كانت المسألة أكثر صعوبة.
ويضع هذا المشهد البرلمان في قلب اللعبة السياسية في فرنسا، في سابقة في ظل الجمهورية الخامسة، النظام الذي وضعه الجنرال ديغول عام 1958 بالتحديد لتجنب عدم الاستقرار في النظام البرلماني الذي كان سائدا في ظل الجمهورية الرابعة.
وإذا كانت فكرة التوصل إلى ائتلاف حكومي التي طرحها بعض قادة اليمين رفضت من قبل قيادة حزب الجمهوريين، فإن النقاش يمكن أن يفتح مجددا في الحزب الذي تعهد بعدم القيام بعرقلة منهجية.
وقال زعيم الحزب كريستيان جاكوب “لقد خضنا حملة في صفوف المعارضة، نحن في المعارضة وسنبقى في المعارضة”.
من جانب آخر، أعلن الأمين العام للحزب أوريليان برادييه صباح الاثنين أنه لن يصوت على مذكرة لحجب الثقة يريد تنظيم ميلانشون طرحها فور صدور إعلان السياسة العامة لبورن المرتقب في 5 يوليو للإطاحة بالحكومة.
وقال برادييه لفرانس انفو “من غير الوارد من جانبي أن أصوت على مشروع حكومة مشتركة مع فرنسا الأبية” مضيفا “لا أشاطر القيم الجمهورية نفسها ولا حتى المشروع من أجل مستقبل بلادنا”.
في المقابل قال احد قادة “فرنسا الأبية” مانويل بومبار إنه “حتى بورن يجب أن ترحل”. وأضاف لشبكة “بي اف ام تي في” الاثنين أن “الحكومة كما شكلت من قبل ايمانويل ماكرون لا يمكن أن تستمر في الحكم كما وكأن شيئا لم يحصل”.
لكن الحكومة التي شكلت في 20 ماي يرتقب على الأقل أن تعدل بسبب هزيمة ثلاثة من أعضائها في الانتخابات بينهم وزيرا الانتقال البيئي والصحة.
واعتبر لوي أليو المسؤول في التجمع الوطني بزعامة لوبن أن اليزابيث بورن “أضعفت كثيرا لكي تتمكن من البقاء في ماتينيون. هناك خيار حاسم لرئيس وزراء يتيح استمرارية سياسية واستقرارا سياسيا هي اليوم لا تملكه”.
وأبدى أليو في تصريح لفرانس انتر تأييده “نظرا للصعوبات في البلاد وغضب عدد” من الفرنسيين “لحكومة وحدة وطنية للتحضير لاستحقاقات كبرى في مجال القدرة الشرائية والأمن أو التقاعد” لكنه قال إنه لا يعتقد بان ماكرون سيلتزم بهذه الطريق.
يتنازع تحالف اليسار مع التجمع الوطني أساسا على الرئاسة الاستراتيجية للجنة المالية في الجمعية الوطنية، والتي تمنح منذ 2007 لأكبر كتلة معارضة.
وتبدأ رسميا ولاية النواب الجدد التي تستمر خمس سنوات، الأربعاء.
في هذه الأثناء، ينبغي على النواب الذين انتخبوا الأحد للمرة الأولى ومن بينهم شخصيات رمزية حديثة العهد في السياسة على غرار راشيل كيكي وهي عاملة تنظيفات سابقة أصبحت نائبة عن تحالف اليسار، أن يتسجلوا ويحصلوا على حقيبة النائب التي تحتوي على الوشاح ذي الألوان الثلاث.
ويتعين التقاط صور رسمية لهم والانضمام إلى الكتل البرلمانية التي ي فترض أن تتشكل قبل 28 يونيو عند الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، موعد افتتاح الهيئة التشريعية السادسة عشرة في جلسة عامة.
أ.ف.ب