طرق التدريس الحديثة..من أجل مستوى تربوي وبيداغوجـي فعال

يعتبر البحث العلمي المدخل الحقيقي لتنمية المجتمع ، إذ لا يستقيم أن نتحدث عن التنمية بعيدا عن الـتأسيس لدور البحث العلمي كقاعدة مهمة تنطلق منها كل مشاريع التنمية وبكافة قطاعاتها المختلفة لتعطي نتاجا طبيعيا وضروريا ألا وهو تحقيق الرفاه الاجتماعي ، وعليه يكون دور العلم على جميع مستوياته هو العامل الفاعل لتحقيق هذا الغرض .
فللبحث العلمي دورا أساسيا في التطور الاقتصادي في البلدان المتقدمة التي حققت تقدما ملموسا في مجال العلم والتكنولوجيا ، تلك التي قطعت شوطا طويلا في مجال البحث والتطوير إنما هي دول أمنت أساسا في البحث العلمي أسلوبا ووسيلة ومنهجا ، وتمكنت عن طريقه أن تطور إمكاناتها من أجل تحقيق التنمية والتقدم لمجتمعاتها .
وتعد المعاهد والكليات من أهم المؤسسات الاجتماعية في المجتمع ، فهي المصدر الحقيقي للقوة والوسيلة الأساسية للتنمية باعتبارها المكان الأفضل للأبحاث الأكاديمية والتطبيقية الجادة التي يقوم بها المتخصصون والطلاب ، فليس هناك مكان أخر أنسب نسباأ وأمثل من المعاهد والكليات حيث تتوافق فيه جهود البحث الأساسي والتطبيقي التي يقوم بها المتخصصون في المجالات العلمية المختلفة ، من خلال التوظيف الجاد لرسالة هذه المؤسسات التعليمية البحثية توظيفا فاعلا إيجابيا من منطلق أن المعلومات وطرق التدريس التي تقوم عليها مختبرات البحوث التطبيقية من الممكن أن تقدم خدمات اقتصادية شاملة للمجتمع .
فالمعاهد والكليات لها أدوار عدة، منها التثقيف والإرشاد والمشاركة في تقديم الخدمات الاجتماعية والتوعية العامة وتدعيم الاتجاهات الاجتماعية والقيم الإنسانية المرغوبة من خلال البحث العلمي في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية وتطبيقاتها العلمية والتكنولوجية والعمل على تطويرها .
إن التحدي الكبير الذي تواجهه المعاهد ومؤسسات التعليم العالي في عصرنا الحالي ( العالم العربي تحديدا) ، يتمثل في مدى قدرتها على صياغة وتوظيف طرق تدريس متطورة وفق رؤية إستراتيجية سليمة ، وتبني رسالة واضحة ومرامي وأهداف ملائمة لاعتماد تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في إنجاز مهامها وصولا إلى التميز ثم التنافس وتجاوز طرق التدريس التقليدية التي تقود إلى التوقف عن النمو والاكتفاء بالبقاء ومن ثم التخلف عن مواكبة المؤسسات الأكاديمية المتميزة، على اعتبار أن طرق التدريس اليوم تعد عنصرا أساسيا ومهما من عناصر المنهج الدراسي، فهي تشكل مع الأهداف التعليمية والمحتوى الدراسي وعملية التقويم عناصر مهمة في المنهج الذي يعد أحد الأركان الأساسية للعملية التعليمية في أي نظام تعليمي وفي كافة المراحل الدراسية .
فنجاح العملية التعليمية إلى حد كبير يعتمد على نوع وتنفيذ طرق التدريس التي يستخدمها ” الأستاذ” مع طلابه ، ولذلك يقع على عاتق ” الأستاذ” مسؤولية اختيار الأنسب والأكثر تحقيقا للأهداف من بين الطرق التدريسية المتنوعة والمتجددة بين حين وأخر ، وقد كانت التربية التقليدية تنظر إلى أن طريقة التدريس وسيلة لإيصال المعلومات إلى المتعلم بتوسط من ” الأستاذ” والأساس الذي قامت عليه هذه النظرة أن التعليم ما هو إلا عملية ” شــحن ” المعلومات في عقول الطلاب وهي نظرة قاصرة تركز على تحصيل المعرفة دون الاهتمام بالجوانب الأخرى وتسوي بين الطلاب بصرف النظر عن فروقهم الفردية في النمو والقدرات والميول .
أن طغيان الطابع النظري والمناهج النظرية في المنظومة التعليمية ، كما أن الأساليب المستخدمة في التطبيق تقليدية ، وتكدس في المناهج التعليمية والاعتماد على التلقين المستمر وإهمال جانب التطبيق من جهة ، وطرق التدريس الحديثة من جهة ثانية ، عوامل ساهمت في تدني المستوى التعليمي في العالم العربي ، مما دفع بالطلاب إلى الهجرة نحو دول أوروبا ، حيث أظهرت بعض الدراسات التي قامت بها جامعة الدول العربية ومنظمة اليونسكو والبنك الدولي أن العالم العربي يساهم في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية وأن 50 بالمائة من الأطباء و23 بالمائة من المهندسين و15 بالمائة من مجموع الكفاءات العربية تهاجر نحو أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، وتؤكد الإحصائيات أن ثلاث دول غربية غنية وهي و.أ.م وكندا وبريطانيا تصطاد 75 بالمائة من المهاجرين العرب .

هشـــــام الإدريـــسي :

باحث في العلوم السياسية والتواصل السياسي

Related posts

Top