عائشة الشنا

خلف رحيل المناضلة الاجتماعية والنسائية عائشة الشنا أسى وحزنا في مختلف الأوساط المجتمعية، وتبادل العديدون العزاء فيما بينهم في فقدانها، وتشكل إجماع وطني واسع حول شخصية الفقيدة، وتقديرا لما قدمته من أعمال لفائدة الأطفال «المزدادين خارج إطار الزواج» و»الأمهات العازبات»، وفي العمل الاجتماعي التضامني الميداني، والنضال من أجل حقوق النساء.
سيرة الراحلة عائشة الشنا تركت لنا صورة امرأة عصامية آمنت بقضية، وسخرت كامل حياتها للنضال من أجلها، وهذا درس كبير لنا جميعا، أي بإمكان كل مواطن أو مواطنة خدمة بلده وشعبه من خلال قضية ما أو واجهة نضال وعمل محددة، فقط يقتضي الأمر الإيمان بقضية والنضال الصادق من أجلها.
عائشة الشنا أدركت أهمية القضية التي تناضل من أجلها، وكانت تعي حساسيتها في المجتمع، وأنها ستواجه عقليات وقيم متحجرة في المجتمع، ورغم ذلك اختارت المضي في طريقها بإيمان قوي.
لقد تعرضت للعديد من التهجمات والضربات، لكنها بقيت واقفة بشموخ، ولم يحفظ لها الناس سوى صدقها وحنانها و… ابتسامتها الدائمة.
عائشة الشنا أيضا لم تنشغل كثيرا بالخطب الرنانة أو بإلقاء كلمات منبرية قوية في الفصاحة، ولكنها كانت تمسك بالمعجم البسيط لكل المغاربة، وكانت بارعة في التواصل التلقائي مع المغربيات والمغاربة بلغة معيشهم اليومي، ولذلك هي كانت بداخلهم وقريبة منهم وتفهم مشاعرهم وطبيعتهم…
أصرت عائشة الشنا على النظر الواقعي لمعضلات المجتمع، وانخرطت في مبادرات إيجاد الحلول العملية والسعي لتنفيذها، وأن تقدم للضحايا أشياء ملموسة على أرض الواقع تغير ظروف حياتهم، كما أنها تمسكت بالانفتاح كمنهجية عمل وتفكير، واستطاعت إنجاح مبادراتها الجمعوية والإنسانية بفضل شخصيتها المنفتحة والتلقائية، وأيضا بفضل قوة إيمانها بالقضية وإصرارها على النجاح في نضالها الصادق.
هنا أيضا تمنحنا السيرة درسا عميقا، وهو أن النضال من أجل المغاربة يفرض الحضور الميداني المستمر وسطهم، والتواصل معهم بلغتهم ومعانقة قضاياهم ومشكلاتهم، والاستعداد للتضحية من أجل القضايا التي نناضل من أجلها دون انتظار أجر أو تتويج أو امتياز في المقابل.
الفقيدة عائشة الشنا تركت أمامنا منجزا عمليا وتجربة ومسارا، ويجب أن نكمل نحن الطريق، أي أن نناضل من أجل القضايا التي خصصت لها عمرها، وأن نصر على تحقيق المساواة للنساء المغربيات في كل المجالات، وأن يتحقق تقدم بلادنا في طريق إنجاز العدالة الاجتماعية، وإعمال حقوق النساء والأطفال، وتقوية أسس التقدم والديموقراطية.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

الوسوم ,

Related posts

Top