عادات سيئة وجب التخلص منها

مشكلتنا، نحن المغاربة، أننا دائما مشغولون بأشياء ربما نحن أيضا نجهلها. مشكلتنا أننا لا نعطي أهمية وأسبقية للأمور التي تصادفنا مع ذواتنا ومع الآخرين. لا نعطي قيمة للزمن والمواعيد. نحدد مواعيد مع بعضنا البعض، ونتأخر في مواعيدنا بدعوى أننا نحن المغاربة (بحال هكاك). نعلن عن موعد افتتاح ندوة أو مائدة مستديرة أو أي نشاط، ونضطر إلى تأخير الندوة لأن هناك أطرافا معنية لم تصل في الموعد. وقد يكون المتأخرون أناسا عاديين، كما قد يكونون مسؤولين وقادة وزعماء و.. فالكل مريض بنفس مرض اللامبالاة والإهمال. ولا من يحتج أو يعاتب لأننا نحن المغاربة ببساطة (بحال هكاك).
لدينا دائما جمل أصبحنا نحفظها عن ظهر قلب، ونعيدها دون أدنى تفكير وبارتجالية تجعلنا بعض الأحيان في حرج من أنفسنا ومن محاورينا. من منا لا يستعمل عبارات من قبيل: «غادي ندير وندوز».. «غادي ندير ونشوفك».. «غادي ندير ونعيط ليك».. «غادي ندير ونجاوبك».. «ونجلس معاك».. عبارات وجمل غالبا ما نتداولها مع بعضنا البعض إلى درجة أنها أصبحت ضمن قاموس الدارجة التي نوظفها في حواراتنا للتواصل. من منا لم يسبق له أن رد على زميل أو جار أو قريب بمثل هاته الجمل التي ورغم غموض نصفها الأول (غادي ندير) فإنها تظل مقبولة ومتداولة على أوسع نطاق، ولا أحد منا سأل محاوره ماذا (غايدير) قبل الاستجابة إلى مطلبه؟ فنحن المغاربة لا يمكن أن ننجز عملا أو نقوم بمبادرة ما إلا بعد أن نؤكد لمخاطبينا أننا «غاديين نديرو».. آش غاديين نديرو؟… الأكيد هو أننا (كنديرو فعلا أشياء كثيرة) قبل إعادة اللقاء أو الاتصال بذاك الزميل أو الجار أو القريب. والأكيد أننا مقتنعون بأن تلك الجملة لا محل لها من الإعراب، وأنها تأتي فقط في سياق العرف المتبادل والمترسخ في ثقافتنا وتقاليدنا. هذا العرف الذي زاد من اتساع رقعة القطيعة بين الزملاء والجيران والٌأقارب، حد من تواصلنا وانسجامنا. ألم يكن من الصواب تصحيح جمل وكلمات حواراتنا مع بعضنا البعض؟. ألم يكن من الحكمة والأجدى أن تكون خطاباتنا واضحة، وتكون جملنا عبارات صحيحة ودقيقة يسهل على المتلقي فهمها والرد عليها أو الانتفاع منها، وأن يتمكن الآخر من الجزم في صحتها أو خطئها وفق ما لديه من مستويات تعليمية وثقافية ومهاراتية. عوض أن تبقى حواراتنا معلقة بسبب ضبابية بعض الكلمات أو الجمل التي تلفظ خارج السياق. ولعل ما يدعو إلى اليأس والإحباط، أن تجد مسؤولين ومنتخبين أو ممثلي سلطات عمومية ومرافق إدارية، يستعملون نفس اللغة العامية للتواصل فيما بينهم أو مع الشعب، ويتغنون بنفس الجملة (غادي ندير و…)… في معظم ردودهم… فرئيس البلدية يؤكد أنه (غادي يدير ويصلح الشارع)، وعامل العمالة لا يجد حرجا في القول (غادي ندير ونسوي المشكل كونوا هانيين)، والوزير يردد في تصريحاته (غادي ندير ونرد عليكم)، و(مول الضوء) يؤكد أنه (غادي يدير ويجي يصلح الكهرباء). ليتضح أن المغاربة، كل المغاربة عندهم (ما يديرو)، وأنهم لا يمكن أن ينجزوا عملا ما إلا بعدما ينجزوا عملهم الخفي، الذي يلاحقهم في حياتهم اليومية، وأظن أن ما يجعلنا نحن المغاربة غير منسجمين وغير جادين مع بعضنا البعض، هو ذلك الغموض الذي نمزجه بدون مناسبة في حواراتنا ودردشاتنا. وكيف أننا نجعل من محاورنا شخصية غير ذات قيمة، بجعل الخدمة والتجاوب معه في مرحلة ثانية تأتي بعد عمل مجهول تحمله جملة (غادي ندير و…). فمتى نباشر أعمالنا مع بعضنا البعض، بدون تبريرات واهية وبدون تنقيص مباشر أو غير مباشر لهوياتنا وكفاءاتنا وثقافتنا؟. ومتى نحدد مهامنا ومخططاتنا بدقة وتركيز، ونضع حدا للغموض الذي ينتاب حواراتنا ويعطل مصالحنا؟. متى نضع حدا لتلك الجمل الغامضة؟. وهي كثيرة ومتنوعة. تحد من نجاعة حواراتنا، وتزيد من رقعة خلافاتنا وشكوكنا. متى إذن نحارب الفساد والاستبداد وننظف الإدارات من أعشاش العناكب والصراصير؟. متى نفتك بالثعالب والذئاب والتماسيح البشرية؟. متى نجعلها أولى محطاتنا ومن بعدها (نديرو وندوزو….) لأمور أخرى تافهة من قبيل فتاوي شيوخنا وفقهائنا في الجنس والتغذية والرياضة و… والتقاط صور مع المتسولين والمشردين و… متى ندوزو… قبل ما نديروا؟…

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top