عام خلفنا، عام جديد يبدأ

نهاية السنة تكون دائما مناسبة للتفكير والتأمل واستحضار كل أشهرها التي انصرمت، وما شهدته من أحداث ووقائع مختلفة، ثم التطلع إلى العام الجديد لتكون أشهره وأيامه  أفضل وأحسن من التي سبقتها. 
العام الذي ودعناه ليلة أمس لن تنساه البشرية جميعها، وستروي أحداثه الأجيال المقبلة وكتب التاريخ.
عام مرعب ابتدأ بحرائق الغابات في أستراليا، ثم تلا ذلك فيروس غريب ظهر وبدأ انتشاره من ووهان الصينية، ليتفشى عبر العالم، وتعلن منظمة الصحة العالمية في مارس أن الأمر صار”جائحة عالمية”، وبعدها تغيرت الحياة كلها، وتحول العام إلى عام أحزان ومآتم وإغلاقات وتدابير احترازية…
وقع خلال هذه السنة أيضا انفجار بيروت المهول، واستمرت المآسي في الشرق الأوسط، وتركز هدف الإنسانية كلها في الانعتاق مما يتربص بها من مخاطر…
عام 2020، كان الهدف الوحيد للإنسانية، خلاله، هو الانتصار على”كورونا”، وأن يتوفر اللقاح ضد الوباء…
نحن أيضا لم نكن استثناء، ومستنا ذات المعاناة كما كل البشر في كل الدنيا، علاوة على مشكلاتنا ومعضلاتنا الوطنية الخاصة بنا.
أملنا أن يأتي عام 2021 بشيء جديد ينسينا آلام وخيبات العام الذي سبقه، وأن يحمل إلينا مفاجآت سارة، وأخبار تنهي أحزان الكثيرين، وتحقق انتظارات وتطلعات شعبنا.
نتطلع في بداية السنة الجديدة أن تنتصر بلادنا على الوباء، وأن تنجح في عملية التلقيح، وأن يصير زمن كورونا خلفنا، وأن نحفظ صحة وسلامة شعبنا.
نتطلع أيضا إلى أن تستوعب بلادنا كل دروس زمن كورونا، وأن تبدأ مرحلة جديدة في السياسة والتدبير والاقتصاد والثقافة والأفكار، وأن ننكب على بناء وتمتين منظومات التعليم والصحة العموميين، وأن تحضر الدولة بشكل أكبر وأذكى لتأمين حاجيات شعبنا في التنمية والخدمات العمومية وتطوير مستويات العيش والحياة، وفِي الاستثمار وتقوية النسيج الصناعي والاقتصادي الوطني، وتمتين أسس التقدم لوطننا.
نتطلع إلى أن تربح بلادنا هذا العام التحدي الديمقراطي، وأن تستطيع جعل هذه السنة الانتخابية فرصة لتعزيز المسار الديمقراطي المؤسساتي، وأن يجري تسريع خروج الحياة الوطنية من تداعيات زمن كورونا، ويتحقق الانتعاش والتعافي اللازمين في كل مجالات الدينامية الوطنية.
نتطلع أن تتوالى الانتصارات الدبلوماسية والسياسية والعملية لفائدة قضية وحدتنا الترابية، وذلك في أفق الحل النهائي لهذا النزاع المفتعل، وأن تتحقق لوطننا وحدته الترابية وسيادته الوطنية، وأن يعم الاستقرار والأمن والانفتاح والتقدم.
نتطلع أن تحافظ بلادنا على تميزها الديمقراطي، وأن تطور ممارستها السياسية والمؤسساتية، وذلك ضمن الحرص على التعددية والانفتاح والمصداقية، وأن تمتلك إعلاما وطنيا جادا ومهنيا وذا مصداقية، ويستطيع الانتصار للقضايا الوطنية للمغرب.
بشكل عام، نتطلع أن تؤسس بلادنا لمرحلة تاريخية جديدة تستفيد من دروس وقطائع زمن كورونا، وألا تعود “حليمة إلى عادتها القديمة”، كما لو أن شيئا لم يحدث بيننا وحوالينا.
لنتعبأ كلنا إذن لهزم الوباء وإنجاح التلقيح، هذا هو تحدي البداية، وبعد ذلك يجب أن تبدأ مرحلة أخرى في كل المسار العام لبلادنا، وألا ننسى أن السيرة كلها يجب أن تتغير، وأن الوقت لم يعد هو الوقت، والعالم أيضا صار مختلفا، والعلاقات تبدلت، والهزات التي أصابت الدنيا برمتها كانت مهولة، ودويها لا زال مسموعا، ويجب أن نحسن الإنصات، وأن نفكر بحجم… الوطن.
كل عام ووطننا وشعبنا وكل الإنسانية بألف خير.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top