نادرا جدا ما نصادف نصوصا إبداعية، خصوصا في مجالي الشعر والقصة، تناولت موضوع العيد الكبير، عيد الأضحى، بشكل رئيسي، العيد بكل حمولاته الرمزية والواقعية.
هذه الندرة في التطرق إلى حدث نعيشه بشكل متكرر مرة كل سنة، على امتداد مراحل العمر، يطرح علامة استفهام: هل هذه المناسبة لا تصلح لمعالجتها على مستوى الفن الأدبي؟
ألا ترقى إلى أن تكون موضوعا أساسيا في هذا الفن الأدبي أو ذاك؟
هل يتم النظر إلى العيد بحد ذاته نظرة دونية؟
هل طقوسه الخاصة تستعصي على تطويعها؟
حتى الذين كتبوا سيرهم الذاتية، يعني كتبوا عن طفولتهم وشبابهم وكهولتهم، قفزوا على هذه المناسبة الدينية السنوية ولم يشيروا إليها ولو إشارة طفيفة، كأنهم لم يعيدوا قط في حياتهم.
قبل سنوات، في مثل هذه المناسبة، كنت قد اتصلت بمجموعة من الكتاب المغاربة، ودعوتهم للمساهمة بنصوص إبداعية تستحضر أجواء عيد الأضحى لإعداد ملف حول الموضوع، لم أطلب منهم أن يبدعوا نصوصا جديدة، ولكن اقترحت عليهم أن يرسلوا نموذجا مما سبق لهم نشره ضمن دواوين شعرية أو مجموعات قصصية، أغلبهم أكد لي على أنه لا يتوفر على أي نص في الموضوع، كيف يحدث أن يصدر لبعض الأدباء عشرات الكتب، في الشعر والقصة والرواية والمذكرات وووو.. دون أن نجد بين هذا الركام من الإصدارات نصا إبداعيا واحدا يتفاعل مع العيد الكبير؟ حتى السيرة الذاتية التي تتحدث عن الذات في علاقتها بالواقع لا نجد بها مشهدا واحدا ولو صغيرا عن الكيفية التي عاش بها المؤلف أجواء العيد.
هذا النبذ لعيد الأضحى من طرف أدبائنا، ربما أنه يتم بغير وعي.
إن العيد المشار إليه، يعد في اعتقادي مادة دسمة – أستعمل هنا كلمة دسمة مادمنا نتحدث عن الأضحية- لكتابة نص أدبي، فالعيد بهذا الخصوص لا ينحصر في لحظة النحر، بل يشمل كل ما يصاحبه من استعدادات ومشاكل وصعوبات وغير ذلك من الأمور، إنه عالم قصصي وروائي وشعري قائم بذاته، ويستحق بالفعل التطرق إليه، وبالتالي التوثيق لجزء من معيشنا في هذا المجتمع.
في إطار الممارسة الإبداعية المرتبطة بعيد الأضحى، من الملاحظ أنه على العكس من الإبداع الأدبي، نجد فن الكاريكاتير نشيطا جدا في التطرق إلى هذا الموضوع، لا بل يمكن القول إنه يصير أكثر نشاطا وحركية في هذه المناسبة بالذات، إلى حد أن كل رسام كاريكاتيري مغربي، يمكن أن نجد لديه العشرات من الرسوم التي راكمها على امتداد سنوات ممارسته الفنية، والتي يدور محورها الأساسي حول المواطن المغربي وعلاقته بالأضحية. إنهم يعتبرون هذه المناسبة مادة كاريكاتيرية بامتياز، على اعتبار أن هناك من المواطنين من ليست لهم القدرة الشرائية على القيام بهذه الشعيرة الدينية، ومع ذلك يكلفون أنفسهم فوق طاقتها لاقتناء أضحية العيد بكافة شروطها.
هناك طبعا الباحثون السوسيولوجيون الذين تناولوا موضوع العيد الكبير من هذه الزاوية ال علمية، في المقابل ظل الإبداع الأدبي غافلا عن هذا الموضوع، باستثناء نصوص قليلة جدا، أغلبها لجيل الرواد، وهذا بحد ذاته بحاجة إلى مزيد من التأمل.
لقد كان الإبداع الأدبي يعتبر دائما شهادة على عصره، يعتمده العديد من الباحثين لإغناء بحوثهم، وبالتالي على هذا الإبداع أن يكون في مستوى الرسالة المنوطة به.
عبد العالي بركات