قال مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الجمعة الماضي بمقر محكمة النقض بالرباط، إن سنة 2020 التي ودعناها كانت امتحانا استثنائيا بكل المقاييس، فرضت على جميع دول العالم ومختلف المؤسسات والمنظمات أوضاعا صعبة ومعقدة بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، وما استلزمه ذلك من تدابير صحية وقائية صارمة غيرت الكثير من المعطيات والممارسات على مختلف المجالات والمستويات.
وأضاف قاضي القضاة فارس، خلال افتتاح الجلسة الرسمية للسنة القضائية 2021، أنه بالرغم من ذلك، فعلى مستوى محكمة النقض، تم تحقيق نتائج متميزة رغم كل الإكراهات، حيث سجلت سنة 2020، 31 ألفا و448 قضية وبلغ عدد المحكوم 40 ألفا و561، بزيادة قدرها 9 آلاف و113 قضية، مشيرا إلى أنه رغم انخفاض عدد المسجل والمحكوم خلال سنة 2020 مقارنة بالسنة الماضية، إلا أن ذلك يبقى عاديا في ظل الظروف الاستثنائية التي تعرفها العدالة عبر العالم والتي حكمت عليها بالتوقف خلال فترة هامة من السنة.
وأكد فارس، أن قضاة الحكم العاملين بمختلف الدوائر الاستئنافية بالمملكة أصدروا، خلال سنة 2020، ما مجموعه مليونان و610 آلاف و331 حكما، وأن متوسط المحكوم بالنسبة لكل قاض بلغ 919 حكما، معتبرا أن الرقم يعد هاما ومتميزا بالنظر إلى توقف المحاكم لمدة ناهزت أربعة أشهر، واستمرار تفشي الوباء وتدابير الحجر الصحي.
وعلى مستوى آخر، أشار فارس إلى أن كل مكونات السلطة القضائية، من أعضاء وقضاة وأطر وعاملين، بادرت إلى تلبية نداء الواجب الوطني بالمساهمة التلقائية والتفاعل الفوري مع المبادرة الإنسانية الملكية السامية بإحداث الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة فيروس كورونا، مبرزا أنه تم بشكل استباقي، وبمجرد ظهور بوادر الوباء الصحي، توجيه كتاب للمسؤولين القضائيين بمختلف المحاكم للتشديد في مراقبة الولوج واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب انتشار هذا الوباء.
وأوضح بالمناسبة، أن حسن تدبير العمل القضائي بالمحاكم خلال سنة 2020 تطلب اتخاذ 373 قرارا بتعيين القضاة للقيام بمهام التحقيق والأحداث وتطبيق العقوبة والتوثيق وشؤون القاصرين وقضاء الأسرة، فضلا عن تعيين قاضيين عبريين و10 قضاة بالمحكمة العسكرية، بالإضافة إلى دراسة دقيقة موضوعية لـ 529 طلب انتقال، والتي تعتبر أرقام هامة متميزة تعكس التفاعل الإيجابي مع أوضاع القضاة وتحسين ظروف اشتغالهم.
وتابع أن كل قرار من هاته القرارات يختزل ساعات طويلة من التحليل والتفكير وعددا من التدابير الإدارية والمعلوماتية المتكاملة من أجل المزاوجة بين مبدأ تكريس الضمانات الفردية للقضاة وضمان السير السليم المنطقي لعمل المحاكم خدمة العدالة بالمغرب.
وأكد الرئيس المنتدب، أنه رغم كل الإكراهات التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية خلال سنة 2020 فقد عملت السلطة القضائية على تفعيل كل آليات الرقابة والتفتيش والتدقيق والتشخيص، حيث تم في هذا السياق الحرص على تكريس قواعد الشفافية ومبادئ المسؤولية والمحاسبة.
من جانب آخر، أشار فارس أنه تم كذلك تفعيل الحق الدستوري المتعلق بالتقاضي داخل أجل معقول، إذ تم بلوغ نسبة 70 بالمائة من القضايا يتم البت فيها داخل أجل أقل من سنة. وفي هذا الصدد، عرفت سنة 2020 مثول 13 من القضاة في إطار مسطرة التأديب، تم السهر على أن تمر ملفاتهم في إطار الضمانات الدستورية والقانونية التي تفعل قواعد المسؤولية والتأطير والتخليق والتوجيه والتقويم، مشيرا إلى أنه أصدر بشأنها عقوبات تأديبية توزعت بين العزل والإنذار وعدم مؤاخذة 3 قضاة، وتعميق البحث في حق قاض واحد.
برمجيات معلوماتية
ومن جهته، قال محمد عبد النباوي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن رئاسة النيابة العامة، عملت منذ الأيام الأولى لإقرار الحجر الصحي على وضع برمجيات معلوماتية لتلقي شكايات المواطنين دون ضرورة التنقل للمحاكم، وتم الاهتمام بصفة خاصة بشكايات العنف ضد النساء التي لوحظ ارتفاعها على المستوى العالمي خلال فترات الحجر الصحي، والتي تم إقرارها في العديد من دول العالم، حيث تمكنت النساء من التبليغ عن هذه الأفعال بواسطة عدة منصات رقمية وهاتفية تم وضعها لهذه الغاية.
وأفاد بأن الشهر الأول من الحجر الصحي عرف تسجيل 148 متابعة فقط من أجل العنف ضد النساء، وأن عدد المتابعات خلال فترة الحجر الصحي المتراوحة بين 20 مارس و30 يونيو 2020 ناهز ألف و 568 متابعة بسبب العنف ضد النساء، أي بمعدل 466 متابعة كل شهر، وهو رقم يظل أقل من الأرقام المسجلة في الفترات العادية التي توازي حوالي ألف و500 متابعة شهريا.
واعتبر الوكيل العام للملك أن العدالة لم تسلم من التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد المستجد خلال السنة المنصرمة، حيث حرم المواطنون لعدة أشهر من العديد من الخدمات القضائية التي لم يتيسر قضاؤها عن بعد، قبل أن تعود المحاكم إلى فتح أبوابها بشكل تدريجي ابتداء من شهر شتنبر، في إطار صارم من التمسك بالقواعد الحمائية المقررة.
وأفاد بأن المحاكم سجلت خلال سنة 2020 مليونين و738 ألف و107 قضية جديدة، بانخفاض يوازي 10.83 في المائة عن سنة 2019، كما تمكنت من إصدار أحكام في مليونين و600 ألف و240 قضية وهو رقم يقل عن سنة 2019 بـ 16 في المائة، مشيرا إلى أن نسبة المحكوم بالنسبة للقضايا المسجلة ناهزت 95 في المائة، أي ناقص 6 نقط فقط عن سنة 2019 التي عرفت نسبة أحكام تجاوزت 101 في المائة من المسجل.
وخلص إلى أن افتتاح السنة القضائية هذا العام يأتي في ظل ظرفية صحية صعبة فرضتها إكراهات جائحة «كوفيد 19» وهو ما يجعل التواصل مع المحيط متوقفا على إجراءات الحماية والتباعد.
وعلى مستوى آخر، أشار الوكيل العام، إن غرف محكمة النقض استطاعت البت في 40 ألف و561 قضية، متجاوزة العدد المسجل في القضايا بها. وأوضح عبد النباوي، في كلمة له خلال افتتاح هذه السنة القضائية، أن المحكوم زاد عن المسجل بـ 22 بالمائة، مشيرا إلى أن ظروف الجائحة أدت إلى انخفاض عدد القضايا المسجلة من 51 ألف و591 في سنة 2019 إلى 31 ألف و448 قضية، أي بنسبة انخفاض توازي 38 في المائة، ومضيفا أن عدد القضايا المحكومة بلغ 40 ألف و561 قضية، أي بنسبة انخفاض 12 في المائة.
وأكد أنه نظرا لتوقف الجلسات بمحكمة النقض خلال فترة الحجر الصحي، فإن عدد قضايا المعتقلين الاحتياطيين قد ارتفع من ألف و156 قضية مخلفة عن سنة 2019 إلى 1.381 قضية لم يبت فيها خلال سنة 2020، أي بزيادة 19 في المائة، مسجلا أنه رغم أن المحكمة استطاعت أن تبت في ألفين و577 قضية وهو رقم يقترب من العدد المسجل الذي ناهز ألفين و650 قضية تخص معتقلين احتياطيين.
■ حسن عربي