فقط للتوضيح

بات واضحا اليوم أن «جماعة العدل والإحسان» تدفع بعناصرها للمشاركة بقوة وحماس في الاحتجاجات التي انبثقت من مسيرة «20 فبراير»، خصوصا في الدار البيضاء، وعلى صعيد بعض الكليات، كما أن تمرير شعارات من داخل منظومتها الفكرية والسياسية صار جليا في المشهد العام للخطاب الرفضوي لهذه الأيام، وهذا المعطى يستدعي من كل الديمقراطيين اليوم كثير تأمل وانتباه. للأسف، كان من اللازم أن يؤسس الخطاب الملكي لحوار سياسي وفكري عميق بشأن الإصلاحات الدستورية والسياسية المطلوبة، لكن يبدو أن البعض في الشارع صار ينجر نحو الهدف الحقيقي للجماعة، والمتمثل في الابتعاد كليا عن هكذا نقاش، والتيه في عبثيات المزايدة.
كيف لجماعة تدافع عن «دولة الخلافة»، وعن الحاكم الفرد المستبد اهتداء بالسلف الغابر، وترفض حقوق الإنسان والديمقراطية لكونها غربية ودخيلة، أن تقود اليوم قوافل السقوف العالية للمطالب و…للمزايدات؟؟؟
إن الجماعة التي هددتنا ب»القومة» وقبلها ب»الطوفان»، وتجعل من رفض الاعتراف بشرعية الملك وبإمارة المؤمنين محور «تميزها»، هي التي تصر اليوم على رفض أي شيء، والبقاء في الشارع مطالبة بشيء لا تفصح عنه في اللافتات وفي التصريحات لوسائل الإعلام، أي إسقاط النظام وإقامة الحكم الذي يتخيله شيخها المسكين.
هنا عمق الحديث مع الجماعة الظلامية، ومع كل الذين يقبلون اليوم الانسياق خلفها في شوارعنا.
في 20 فبراير، وبعدها أيضا، لم يشهد المغرب ثورة شعبية من أجل «إسقاط النظام» كما جرى في تونس أو في مصر، أو في اليمن اليوم، ولم يحمل أحد السلاح ضد النظام كما يحصل في المأساة الليبية، وإذا كان هناك من لديه حنين ما لمثل هذه الإسقاطات المرضية، فليعلنها صراحة، وآنذاك ننتقل إلى مستوى آخر من النقاش.
لقد عبر شباب 20 فبراير عن مطالب إصلاحية تتعلق بالدستور وبمحاربة الفساد وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ونادوا ب»إسقاط الفساد» وبرفض «الاستبداد»، وهي منظومة مطالب رفعتها دائما القوى الديمقراطية التقدمية في هذه البلاد، وأعلى سقوف الكلام تجسدت في «الملكية البرلمانية»، وعندما خاطب الملك الشعب في تاسع مارس، أجمع الكل أنه أسس لتحول تاريخي لم يتوقعه الكثيرون، وبدا أن البلاد بصدد الإعداد لمرحلة جديدة في مسارها الديمقراطي، ما يعني، بالضرورة، النقيض لما تهددنا به الجماعة إياها، وبالتالي فمن الطبيعي أن ترفض ترك الدينامية تنطلق.
اليوم، الدفاع عن جيل جديد من الإصلاحات في بلادنا يبدأ من الدفاع عن أفق حداثي ديمقراطي لمغرب اليوم ومغرب المستقبل.
ولتعزيز بنائنا الديمقراطي والتنموي، لا بد من الدفاع عن دولة مستقرة وقوية وموحدة، أي لا نخجل في رفع الصوت عاليا دفاعا عن المغرب المستقر، والمختلف عن جواره العربي والمغاربي بديناميته الديمقراطية وبالتطلعات الحداثية لشعبه ولشبابه.
[email protected]

Top