في ندوة المهرجان: باحثون يحاكمون الإعلام في علاقته بأبي الفنون..!!

شكل موضوع «الإعلام و المسرح» محور الندوة الفكرية المنظمة في إطار المهرجان الوطني للمسرح في دورته الثانية عشر، حيث أجمع المتدخلون، كل من موقعه، على ضرورة إعادة ترتيب العلاقة بين هذين الوسيطين. وفي هذا الإطار اعتبر الإعلامي والمسرحي عبد الله شقرون أن المسرح في علاقة مع الإعلام السمعي البصري تحديدا، غير منصفة، على اعتبار، يؤكد الأستاذ شقرون الذي كان يتحدث انطلاقا من انتاجاته الفكرية، أن نهضة هذا الوسيط قامت على المسرح وانطلاقا من ذلك كان من الضروري أن يقابل هذا الفعل بفعل أحسن، من خلال أن يضمن في كناش التحملات المرتبطة بالسمعي البصري شروطا تفرض عرض عشر مسرحيات سنويا في كل قناة على حدة (الأولى و الثانية).
من جانبه ركز القاص والناقد عبد النبي داشين في مداخلته على جانب آخر من جوانب العلاقة المتداخلة والمتشعبة بين هذين الوسيطين. علاقة ميزتها تأثيرية وتأثرية نابعة من طلبات السوق وما يرتبط بذلك من أداء أدوار ومهام معينة قد لا تتناسب والدور الاعتباري لأبي الفنون، أو كما وصفها داشين بخدعة الدعاية. داعيا في الآن ذاته، الأكاديميين إلى تطوير هذه العلاقة  وتنشيطها وإخراجها من هذه النمطية.
وأكد داشين أن العلاقة بين المسرح والإعلام علاقة «متداخلة ملتبسة»، وتخضع في بعض الأحيان لمنطق التوجيه، ولكن في أحايين كثيرة لمنطق «التأثير والتأثر».
وأشار دشين إلى أن التعامل الإعلامي مع المسرح كوسيط تواصلي، يخضع لعدة معايير، منها المعايير النمطية، كما أن الإعلام «يكيف علاقته مع المسرح وفق وظائف معينة»
وفي تحليله للعلاقة بين المسرح والإعلام الالكتروني، اعتبر الباحث والمخرج عبد المجيد شكير أن المسرح لم يسلم، كغيره من الفنون، من التأثر بالشبكة العنكبوتية؛ هذا التأثير، يقول الأستاذ شكير، تجلى في تعداد المواقع الالكترونية التي عنت بهذا الفن، والتي قسمها المتدخل إلى مواقع تعنى بالمسرح من جهة أكاديمية، أوعبر ترصد أخبار الفرق المسرحية عبر العالم، وأخرى متخصصة في المسارح كبنايات ومعمار، بينما هناك مواقع لا تهتم إلا بالجوانب التقنية. مؤكدا في ذات الوقت أن هذه العلاقة التي حددها في أربع تجليات، استفاد منها المسرح الغربي أكثر على اعتبار، يقول الأستاذ شكير، الحصار الإعلامي الذي فرض على المسرح العربي مقارنة مع المسرح في الغرب. خالصا في معرض حديثه عن هذه العلاقة إلى ضرورة وضع رقابة على الإعلام الالكتروني، نظرا لأن الأنترنيت «بوابة مفتوحة بدون بواب» ، تستدعي مزيدا من الحذر والحيطة على عكس الإعلام الورقي .
من جانبه أكد الكاتب المسرحي والصحفي، الحسين الشعبي، على أن التاريخ المغربي لم يسجل أي سجالات ولا خصومات بين المسرح والصحافة المكتوبة، على عكس قطاعات أخرى كالسياسة والرياضة حيث ثمة توتر يلوح بين الفينة والأخرى، بل أكثر من ذلك، يقول الشعبي، فإن علاقة الصحافة بالمسرح ظلت على الدوام علاقة صداقة تكاملية وحميمية. مشددا في ذات الوقت، على أن جميع الأجناس الصحفية استوعبت المادة المسرحية من خلال المادة الخبرية والمقالة والبورتريه الفني والتحقيق والحوار، وهي أجناس متعارف عليها مهنيا، وينجزها صحفيون مهنيون. كما أن الصحافة المكتوبة انفتحت على أقلام وأسماء ساهمت في توطيد العلاقة بين المسرح والصحافة.. بل إننا ـ يقول الشعبي ـ تعرفنا على باحثين وأكادميين ونقاد مسرحيين على صفحات الجرائد اليومية وملاحقها الثقافية، مستشهدا في هذا الصدد ببعض الأسماء التي لمعت في مجال النقد المسرحي من خلال مقالاتهم على أعمدة الجرائد الوطنية، كحسن المنيعي وعبد الرحمان بن زيدان ومحمد أديب السلاوي ومحمد علي الهواري ومحمد دراعو وإدريس الخوري ومحمد بهجاجي والطاهر الطويل وسعيد الناجي وآخرين..
وأبرز الشعبي أن هذه العلاقة سجلت في الوقت الحاضر بعض التراجع وخاصة بعد «طغيان المادة الخبرية»أمام تراجع المادة النقدية بسبب التطور الحاصل في علاقة الكاتب بالناشر وما يستتبع ذلك من حقوق ومستحقات…وبسبب أيضا غياب صحافة ثقافية بارزة ومجلات ثقافية أو مسرحية متخصصة.

*

*

Top