تحية صمود الشعب الفلسطيني ونداء إلى وحدة الصَّف
في بداية اجتماعه، ليوم الثلاثاء 21 يناير 2025، جدَّدَ حزبُ التقدم والاشتراكية التعبير عن مشاركته الشعبَ الفلسطيني فرحته باتفاقِ وقف إطلاق النار بغزة. كما يُحيّي صمودهُ البطولي ومقاومته الباسلة لما يزيدُ عن 15 شهراً إزاءَ حرب الإبادة الصهيونية. ويأمل الحزبُ في أن يتمَّ الالتزامُ بهذا الاتفاق واحترامه، وفي أن يكون هذا الأخيرُ مدخلاً لينعمَ الشعبُ الفلسطيني بالأمن والسلام.
كما يتطلعُ الحزبُ إلى أن يتم البناءُ على هذا الاتفاق والارتكازُ عليه، لفتح الآفاق أمام مسلسلٍ حقيقي لإقرار سلامٍ عادلٍ وشاملٍ ومستدام، على أساس تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الوطنية المشروعة، كما عبَّرَ عن ذلك المغربُ رسميًّا.
في الوقت نفسه، يَعتبرُ حزبُ التقدم والاشتراكية أنَّ المدخل الأول من أجل تحقيق الشعب الفلسطيني أهدافَهُ الوطنية هو وحدةُ الصف الفلسطيني. وذلك ما يستلزم من الفصائل الفلسطينية الخروج من وضعية التشرذم والانقسام الـمُسيئة والــمُضِرَّةٌ بالقضية الفلسطينية. كما يجدد النداءَ إلى الدول العربية ليكون لها موقفٌ حازمٌ وضاغطٌ يساهم في تحريك المنتظم الدولي، بأفق فرض حلٍّ سلميٍّ وعادلٍ لقضية الشعب الفلسطيني، يُفضي إلى إقرار جميع حقوقه الوطنية المشروعة.
إلى ذلك، وأمام هَوْلِ الدمار والخراب والموتِ الذي تَكَشَّفَ للعالَم بصورة أوضح في غزة، بعد وقف العدوان، وبالنظر إلى استمرار الكيان الصهيوني في اقترافه جرائمه، كما هو الشأنُ بالنسبة للحملة العسكرية الواسعة والـــمُدانة التي يشنُّـــــها على جنين بالضفة الغربية المحتلة، فإن حزبَ التقدم والاشتراكية يؤكد على أن كل ذلك يستوجبُ تحريك المساءلة القانونية وتفعيل المحاسبة القضائية لــــمـــُجربي الحرب الصهاينة من طرف المحكمة الجنائية الدولية.
إنَّ بناء السلام في الشرق الأوسط، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه، وتحقيق العدالة لضحايا حرب الإبادة في فلسطين، هي غاياتٌ لن تتحقق سوى بالتزام القوى العظمى والمؤثِّـــــرة على الساحة الدولية.
الإدارة الأمريكية الجديدة: مواقف مقلقة عموماً إزاء عدد من القضايا العالَمية
غير أنَّ هذه الغايات صارت تبدو صعبَة المنال في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة/القديمة، لا سيما بالنظر إلى المواقف المنحازة بشكلٍ كامل ومُطلق إلى إسرائيل وسياساتها المغرقة في العدوانية، والتي أعرب عنها الرئيسُ الأمريكي الـــمُنَصَّبُ حديثاً، دونالد ترامب.
أكثر من ذلك، فإنَّ المواقفَ والتصريحاتِ والقراراتِ الأولى التي اتخذتها الإدارةُ الأمريكيةُ الجديدة، إزاء قضايا أساسية، تُثيرُ مخاوفَ جديةً لدى أوساطَ واسعةٍ، تُجاهَ حاضر ومستقبل العالَم والبشرية، كما هو الشأن بالنسبة للمواقف التَّــــراجعية بخصوص قضايا الهجرة، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومن المنظمة العالمية للصحة، والإعلان عن نية السطو على تراب بلدان أخرى، والإعلان عن اعتماد سياسة حمائية منغلقة وغارقة في اليمينية.
أمام ذلك، فإنه من اللازم على كل القوى الديموقراطية والــمُحِبَّة للسلام والمناصِرة للعدالة والاستقرار والمدافِعة عن البيئة والمؤمِنة بقيم التضامن والتعاون بين الشعوب، عبر كل العالم، وبالتالي في بلادنا أيضاً، أن تتحلى بأعلى درجاتِ اليقظة والحذر تُجاه ما يمكن أن ينبثقَ من تداعياتٍ وخيمةٍ لسياسات ومقاربات الإدارة الأمريكية الجديدة.
إلى جانب كل ذلك، يُـــعربُ حزبُ التقدم والاشتراكية عن أمله في أن يتم الارتكازُ على الموقف الأمريكي الإيجابي والداعم لوحدتنا الترابية، الذي اعتمدته الإدارة الأمريكية في نهاية الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى جانب مواقف دول كبرى أخرى، من أجل الذهابِ بخُطىً أسرع نحو الطيِّ النهائي للنزاع المفتعَل حول صحرائنا المغربية، في إطار التوجُّهات المستقلة والمبادئ العادلة التي دافع عنها المغربُ دائماً على صعيد العلاقات الدولية.
الأوضاع على الصعيد الوطني: الأغلبية تبدأ في التحضير للانتخابات عوض الاستجابة الفعلية لانتظارات المواطنين
وتداول المكتبُ السياسي في الأوضاع على الصعيد الوطني. وسجَّلَ شُروعَ المكونات المشكِّلة للأغلبية الحكومية الحالية، منذ الآن، في تسخير معظم عملها للانتخابات المقبلة، مع مؤشراتٍ على اندلاعِ تطاحُنٍ داخليٍّ حول مَنْ سيتصدَّرُ نتائجَـــهَــا، وذلك عوض الانكبابِ على معالجة قضايا الوطن والمواطنين.
لذلك، يُــــحذِّرُ حزبُ التقدم والاشتراكية الحكومةَ من تداعياتِ تجاهُلِها للغلاء المتصاعد للمعيشة؛ ولتفاقُم البطالة؛ وللأوضاع الصعبة للعالَم القروي في ظل الجفاف؛ ولصعوبات المقاولات الصغرى والصغرى جدا والمتوسطة؛ وللاختلالات العميقة التي تشوبُ تفعيلَ ورش الحماية الاجتماعية، وخاصة إقصاء ملايين المواطنات والمواطنين من الاستفادة من التغطية الصحية ومن الدعم الاجتماعي المباشر بمبررات إدارية واهية وخلفيات محاسباتية تقشُّفية.
في ظل هذه الأجواء، يُسجل حزبُ التقدم والاشتراكية إطلاقَ الحكومة، في المرحلة الأخيرة من ولايتها، لعددٍ من البرامج، ظاهرُها اجتماعيٌّ لا يمكنُ سوى مساندته، ولكن باطِنَها انتخابويُّ صِرف. كما هو الحال بالنسبة للإعلان عن برنامج دعم صغار مربِّي الماشية وتمويل الفلاحة التضامنية، وبرامج أخرى تَهُمُّ التشغيل ودعم المشاريع المقاولاتية الصغرى.
إنها هذه البرامج، التي نتساءل عن سِرِّ توقيتها، والتي لا يسعُنا مبدئيا سوى تشجيعُها، يتعين ألاَّ تشكِّــــلَ منبعاً لاستمالة المستضعفين، من خلال استغلال أموال الدعم العمومي لأهداف انتخابوية.
ولذلك، يؤكد حزب التقدم والاشتراكية على ضرورة أن يحاط تفعيل جميع البرامج الاجتماعية بأقصى درجاتِ الشفافية والحياد والموضوعية والوضوح، حتى يستفيد كلُّ من يستحقُّ الدعم العمومي، دون أي اعتباراتٍ مرتبطة باستحقاقات 2026. وسيعمل الحزبُ على تتبع هذا الموضوع عن كثب في أدقِّ تفاصيله، أولاً دفاعاً عن نجاعة الإنفاق العمومي وحكامته الجيدة، وثانيا دفاعاً عن الديموقراطية التي من مستلزماتها ضمانُ الشفافية والتنافس الشريف.
مدونة الأسرة: ضرورة مواصلة التعبئة من أجل مشروع قانون متقدم
على صعيدٍ آخر، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أهمية مواصلة الحملة السياسية، الترافعية والتعبوية، من أجل ضمان الوصول إلى قانونٍ متقدم لمدونة الأسرة. وفي هذا الإطار، يُحيّي المكتبُ السياسي اللقاءات الهامة التي تنظمها مختلفُ هياكل الحزب حول مضامين وتوجُّهات مُراجعة مدونة الأسرة. كما يُحيي مشاركة قياديَّات من الحزب في لقاءاتٍ تنظمها هيئاتٌ مجتمعية أخرى حول نفس الموضوع.
في هذا السياق، يُعيد حزبُ التقدم والاشتراكية التأكيد على ضرورة أن تتكثَّف وتتوحَّدَ الجهودُ النضالية الترافعية لمختلف القوى والفعاليات الديموقراطية والتقدمية، وللحركة النسائية والحقوقية والمدنية، خلال هذه الفترة التي تفصلنا عن بلورة مشروع قانون مدونة الأسرة، وذلك بغاية تفسير التحديات الحقيقية التي تُواجِهُ السعي نحو تمتين الأسرة المغربية وإقرار المساواة بين النساء والرجال.
بهذا الصدد، يؤكد الحزبُ على أهمية تعميق النقاش العمومي حول مدونة الأسرة، في إطارٍ من الترافع الهادئ والمتزن والرزين حول المقاربات والمواقف المتباينة بشكل طبيعي، دون السقوط لا في التحوير ولا في المغالطة.
قانون الاضراب: نجاح المسيرة المنظمة دفاعا عن الحق في ممارسة في الاضراب
من جهة أخرى، وجه المكتب السياسي تحيته النضالية العالية إلى الهيئات السياسية والنقابية والمدنية التي تشكل جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب، على مبادرتها إلى تنظيم المسيرة الناجحة دفاعا عن الحق في ممارسة الإضراب، بمساهمة وازنة لمناضلات ومناضلي الحزب، دفاعا عن تشريع وطني يكرس حق الإضراب، بعيدا عن أي مقتضيات للتضييق والتكبيل.
ويؤكد حزب التقدم والاشتراكية على الأهمية البالغة التي يكتسيها استمرار هذه الدينامية النضالية الوحدوية، في أفق تشكيل جبهة نضالية مواطنة واسعة، على أساس الترافع والدفاع المشترك عن كافة القضايا الأساسية المطروحة ببلادنا.
الحياة الداخلية للحزب: لقاءان هامان نهاية هذا الأسبوع في تزنيت والصويرة
أما على صعيد الحياة الداخلية، فقد اطلع المكتب السياسي على الترتيبات المتعلقة بالاحتفاء الذي ينظمه الحزب برأس السنة الأمازيغية، في تزنيت يوم السبت 25 يناير 2025، بالموازاة مع حفل تكريم رمز من رموز الحزب، الرفيق عبد اللطيف أوعمو؛ وأيضاً بتلك المرتبطة بتنظيم اللقاء التأبيني لفقيد الحزب، النائب البرلماني سعيد إدبعلي، في الصويرة يوم الأحد 26 يناير 2025؛ وذلك بحضور وفد هامٍّ من قيادة الحزب برئاسة الأمين العام.
أيضاً، قدمت تقاريرَها مجموعاتُ العمل التي تمَّ تشكيلها للإشراف على تنفيذ مخطط عمل 2025. ونوَّهَ المكتبُ السياسي بالندوة التي نظمها مؤخراً مركزُ الدراسات والأبحاث عزيز بلال حول “البطالة بين الخطاب والواقع”؛ وبمشاركة الحزب في المؤتمر الثالث لحزب الصواب الموريتاني؛ وبمشاركة منظمة الكشاف الجوال التابعة للحزب في مخيمٍ نظمته هيئةُ فوج مارث للكشافة التونسية.
وفي ختام اجتماعه، توجَّهَ المكتبُ السياسي إلى منظمة الشبيبة الاشتراكية بالتهنئة بمناسبة الذكرى 49 لتأسيسها، موجِّهًا التحية لكافة مناضلات ومناضلي هذه المنظمة الحزبية العتيدة ذات التاريخ النضالي المشرق، ومعرباً عن تطلعه إلى أن تُواصل وتطوِرَ نضالاتها على كافة الواجهات إلى جانب الشباب المغربي في جميع الفضاءات حيثُ يتواجد، من أجل الارتقاء بمكانتها في الفضاء الشبابي المغربي والدولي.