قصيدة من وحي لوحة

إذا كان لسحر الألوان قوة جاذبة تدعونا للتأمل والغوص عبر جغرافيتها واستراتيجياتها البصرية وإيقاعاتها ورمزيتها المتفاعلة، التي تتسلل إلى مسالك الروح ودواخل الذات البشرية على اختلاف تفاعلاتها، فللقصيدة سحر خاص يعج بالمفردات والكلمات التي تنبثق منها الصورة الشعرية بكل دلالاتها ورمزيتها التي تشعرنا بذواتنا وبالآخرين أيضا، وبالتالي فهي ثنائية وثيقة الصلة فيما بينها، فألوان اللوحة قصيدة مرئية، وأبيات وبحور القصيدة لوحة شعرية. وتعتبر سلسلتنا هذه “قصيدة من وحي لوحة ” جسر تواصل وتلاقح بين الفن التشكيلي والقصيدة الشعرية من خلال باقة فريدة من اللوحات على اختلاف مستوياتها ومدارسها الفنية لمجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة، ومجموعة قصائد شعرية لنخبة من الشاعرات و الشعراء الذين اجتهدوا لتأكيد هذه الثنائية التي تجمع بين فن الرسم وفن الشعر من خلال قصائد نظمت من وحي هذه اللوحات.

< إعداد: محمد الصفى

الحلقة 14

الشاعر أحمد شرقي والتشكيلي أحمد الأمين

أحمد الأمين الفنان التشكيلي المغربي أحمد الأمين من مواليد مدينة الدار البيضاء سنة 1966خريج مدرسة الفنون التشكيلية بالدار البيضاء فوج 1988 لينخرط في سلك التعليم كأستاذ للمادة بالبيضاء ثم منها لمراكش الحمراء و أخيرا بمدينة آزمور حيث كان الاستقرار، فنان يحيى داخل الإبداع ويمارسه بلذة وشغف، استعذب ممارسة الفن التشكيلي، فخلق لنفسه أسلوباً خاصا به، تميز به على الساحة التشكيلية على المستوى الوطني أو العربي أو الدولي.

“قَبْلَ الْخُلُودِ بِقَلِيلٍ”

اسْتَغْرَبْتُ:
مَا الَّذِي أَصَابَ قُلُوبَ الْأَغْصَانِ
ذَاتَ خَرِيفٍ
حَتَّى تَبَرَّأَتْ مِنْ أَوْرَاقِهَا الْبُنِّيَةِ الْكَئِيبَة؟ !
***
اسْتَغْرَبْتُ:
مَا الَّذِي أَصَابَ عَقْلَ عَقَارِبِ سَاعَتِي الْيَدَوِيَّةِ
ذَاتَ ضَيْقٍ
حَتَّى امْتَنَعَتْ عَنْ هَذَيَانِهَا الطَّبِيعِيّ؟ !
***
تَسَاءَلْتُ:
هَلْ لِلْأَغْصَانِ وَالْعَقَارِبِ رُوحٌ
تَضْجَرُ مِنَ الْحُزْنِ وَالْأَلمْ؟
هَلْ لِلرُّوحِ صَدًى
تَتَعَانَقُ فِيهِ الضَّحَكَاتُ وَالصَّرَخَاتُ وَالْهَمَسَاتُ
وَتُمْلِي عَلَى الْعَقْل الْخَلْقَ مِنَ الْعَدَمْ؟ !
***
امْتَشَقْتُ رٍيشَتِي وَأَلْوَانِي
تَوَهَّمْتُ أَنَّنِي آخِرُ رَسَّامَةٍ سَعِيدَة !
لَوْحَتِي لَنْ تَقْتُلْ..
سَأَشَاءُ لِأَلْغَازِهَا أَنْ تَكُونَ إِكْسِيرًا
عَقِبَ كُلِّ تَأَمُّلْ!
***
سَتَكُونُ لَهَا فُوَّهَةٌ
تُطْلِقُ نَشْوَةَ الْوُجُودِ فِي النُّفُوسْ.
فَرَاغُها اسْتِرَاحَةٌ لِلْأَعْيُنِ الْمُتْعَبَة
لَونُ الْفَرَاغِ رَمَادِيّ
يُحَارِبُهُ مُعْتَنِقُو ثُنَائِيَّةِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدْ !
***
مِنْ رَحِمِ الْأَلْوَانِ
يُولَدُ الْحُبُّ
الْحُرِّيَةُ وَالتَّمَرُد.
وَمِنْ هَلْوَسَاتِ الْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَض
اسْتَخْلَصْتُ مَلَامِحِي الْمُبْهَمَة
رَكَنْتُهَا فِي فُوَّهَةِ الْإِطَارِ
وَغَادَرْتُ اللَّوْحَةَ
بَعْدَ دَفْنِهَا !…

 

الوسوم , , ,

Related posts

Top