قمة التنوع البيولوجي (كوب 15).. اتفاق “تاريخي” لحماية أراضي العالم دون قرارات للتمويل

أشادت الولايات المتحدة بالاتفاق “التاريخي” الذي تم اعتماده في مؤتمر كوب 15 في مونريال، واصفة إياه بأنه “نقطة تحول” في مسار التصدي لأزمة التنوع البيولوجي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في بيان صحفي، إن “هذا الاتفاق حول التنوع البيولوجي يعد نقطة التحول التي نعتقد أننا بحاجة إليها للتصدي لأزمة التنوع البيولوجي”.
ووصف الاتفاق بأنه “جذري وطموح”، معربا عن أمله في أن “تتم ترجمة العمل الجاد في هذا الاتفاق إلى نتائج ملموسة”.
كما أعرب المتحدث باسم الدبلوماسية الأمريكية في أمله في أن يؤدي هذا الاتفاق “إلى تعزيز التعاون مع الصين لمواجهة التحديات المشتركة”.
وعلى الرغم من كون الولايات المتحدة الدولة العضو الوحيدة في الأمم المتحدة التي لم تصدق على اتفاقية التنوع البيولوجي، إلا أنها تضطلع بدور مراقب خاص وتساهم في صندوق البيئة العالمي للبلدان النامية.
وبعد أكثر من أربع سنوات من المفاوضات الصعبة و10 أيام وليلة ماراثون دبلوماسي، توصلت أكثر من 190 دولة إلى اتفاق طموح، الاثنين الماضي، لوقف التدهور السريع للتنوع البيولوجي حول العالم.
وترمي “معاهدة السلام مع الطبيعة” هذه المعروفة رسميا باسم “اتفاق كونمينغ – مونريال” إلى حماية الأراضي والمحيطات والأصناف من التلوث والتدهور والأزمة المناخية.
واتفقت البلدان خصوصا على خارطة طريق تضم في جملة أهدافها حماية 30 في المائة من الكوكب بحلول عام 2030 وتخصيص 30 مليار دولار من المساعدات السنوية للبلدان النامية في جهودها لصون الطبيعة.
وقال هوانغ رونتشيو الرئيس الصيني للمؤتمر خلال الجلسة العامة التي أقيمت ليلا بتوقيت مونتريال “اعتم د الاتفاق” قبل أن يعلن رفع الاجتماع وسط تصفيق حار من المندوبين الذين بدت عليهم ملامح التعب.

وصرح ستيفن غيلبو وزير البيئة في كندا التي استضافت المؤتمر “خطونا معا خطوة تاريخية”.
وقدم أشهر إجراء اعتمده المؤتمر في جملة إجراءاته العشرين والقاضي بإنشاء مواقع محمية على 30% من مساحة الكوكب على أنه يضاهي بأهميته في مجال التنوع البيولوجي هدف اتفاق باريس الرامي إلى حصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية. وتعد راهنا 17% من الأراضي و8% من البحار مناطق محمية.
وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين من جانبها بـ”النتيجة التاريخية” لهذا الاتفاق الذي “يكمل” اتفاق باريس المناخي.
وصر حت أنه “بات للعالم مسارا عمل للسير نحو اقتصاد مستدام بحلول 2050”.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالاتفاق قائلا “بدأنا أخيرا بإبرام معاهدة سلام مع الطبيعة”.
ويوفر أيضا الاتفاق الذي تم التوصل إليه ضمانات للسكان الأصليين الذين هم أوصياء على 80% من التنوع البيولوجي المتبقي على الأرض. وتوصي الوثيقة بترميم 30% من الأراضي المتدهورة والحد إلى النصف من المخاطر المرتبطة بمبيدات الآفات.

جدل التمويل يستمر

وفي مسعى إلى حل المسألة المالية التي ما زالت محط جدل بين بلدان الشمال والجنوب، اقترحت الصين أن تصل المساعدة الدولية السنوية المخصصة للتنوع البيولوجي إلى “20 مليار دولار على الأقل ” بحلول 2025 و”30 مليار دولار على الأقل بحلول 2030″.
ورغم الاتفاق الدولي على تأسيس صندوق ائتماني للتنوع الحيوي تشرف عليه أمانة مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي، إلا أن النقاشات حول الآلية التمويلية الواجب اعتمادها أرجئت إلى قمة التنوع الحيوي (كوب 16) التي ستعقد أواخر العام المقبل.
ومن أجل تلك الغاية أعلن خلال القمة، عن تشكيل فريق، يتولى مهام وضع التصور والنظام المتعلق بالآلية التمويلية، وإرساله إلى أمانة القمة المقبلة.
وقال لي وايت وزير البيئة في الغابون في تصريحات لوكالة فرانس برس “إن أغلبية الناس يعتبرون أنه أفضل مما كان متوقعا من الطرفين، سواء للبلدان الغنية أو لتلك النامية. وهذا ينم عن اتفاق جيد”.
وأردف براين أودونيل من منظمة “كامباين فور نايتشر” غير الحكومية إن “الأيائل وسلاحف البحر والببغاوات وحيوانات وحيد القرن والسرخسيات هي من بين ملايين الأصناف التي ستتحسن آفاقها المستقبلية تحسنا كبيرا” بفضل هذا الاتفاق.
وتشكل هذه الوثيقة “خطوة كبيرة إلى الأمام في النضال من أجل حماية الحياة على الأرض، لكن ذلك غير كاف”، بحسب بيرت واندر من منظمة “آفاز” غير الحكومية.
وأضاف أنه “ينبغي للحكومات أن تستمع لما يقوله العلماء وترفع سقف الطموحات بسرعة لحماية نصف الأرض بحلول 2030”.
فالوقت بات يداهمنا، بحسب تحذيرات العلماء. و75% من النظم الإيكولوجية العالمية تأثرت بفعل الأنشطة البشرية وأكثر من مليون صنف بات مهددا بالانقراض وازدهار العالم بات على المحك، فأكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي على الصعيد العالمي يعتمد على الطبيعة وخدماتها.
وبالإضافة إلى ذلك، لم تحقق الخطة العشرية السابقة المبرمة في اليابان أيا من أهدافها تقريبا، خصوصا بسبب غياب آليات تطبيق فعلية.
غير أن المحادثات كادت تتعثر بسبب مسألة التمويل التي بقيت في قلب النقاشات حتى الجلسة العامة الأخيرة التي أجريت في الليل بعد ساعات من المداولات التي لم تكن كافية لرد اعتراضات جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وفي مقابل جهود إيكولوجية مكلفة مطلوبة من بلدان الجنوب، طلبت الأخيرة من البلدن الغنية 100 مليار دولار في السنة، وهو مبلغ أكبر بسبع إلى عشر مرات من ذاك المخصص للمساعدة الدولية الموجهة راهنا إلى التنوع البيولوجي.
وبالإضافة إلى المساعدات، دفعت بلدن الجنوب بشدة أيضا باتجاه إنشاء صندوق عالمي للتنوع البيولوجي، على شاكلة ذاك الذي تم الاتفاق عليه في نوفمبر لمساعدتها على مواجهة الأضرار المناخية.
وتوصلت الصين إلى مساومة في هذا الشأن تقوم على إنشاء فرع مخصص للتنوع البيولوجي في كنف الصندوق العالمي للبيئة، وذلك اعتبارا من 2023.

Related posts

Top