ضمن سلسلة لقاءات في الثقافة والفكر والإبداع عرفت المكتبة الوسائطية محمد المنوني بمكناس مؤخرا حفل تقديم وتوقيع كتاب الناقد الدكتور مصطفى الشاوي “التجلي الإنساني في شعر حسن الأمراني” بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.
سير اللقاء الناقد والقاص محمد إدارغة، وبعد كلمة الشكر في حق مديرة المركز نعمة بن حلام، والجهود المبدولة من أجل رفع الشأن الثقافي بالمدينة، وفي حق المشاركين في هذه الجلسة والحضور الكريم، وقف المسير على أهمية موضوع اللقاء وأهمية العمل النقدي المقروء، ومكانة كاتبه، وفتح الباب للتدخلات على التوالي..
وتحت عنوان “التجلي الإنساني” بين المنهج العلمي والذات العاشقة، تجول الناقد لحسن بنيعيش في فصول الكتاب السبعة، كاشفا عن خصوصية كل فصل منها، وخصوصيات شعر الأمراني من خلال عينة الدواوين التي استحضرها الناقد مصطفى الشاوي في كتابه، قصد الكشف عن أهم ملامح نسيجها الفني والفكري والجمالي، في سياقها العام والخاص؛ الزمن الشعري وتجلياته في “الحزن يزهر مرتين”. مستويات التنغيم وجماليته في “مملكة الرماد”. والرسالي والْجَمالي في “أشجان النيل الأزرق”. وفي ظِلال “نَخْلَة الْمَحْبُوبِ”. والإنساني والجمالي في “جسر على نهر درينا”. ومنطق القول والحكمة في “مَا أقُولُ لَكُمْ. ومظاهر النص الشعري العرفاني في “يَوْمِياتُ امْرَأة عاشِقَةٍ وتليها قَصائِدُ حُبّ يابانية”. وأنهى الناقد لحسن بنيعيش ورقته بخلاصات وبقراءة قصيدة من شعر الأمراني.
وجاءت قراءة الدكتور عمرو كناوي تحت عنوان: كتاب “التجلي الإنساني في شعر حسن الأمراني من منظور جمالية التلقي”. وبعد العتبات الأولية وقف عند منهجية الدراسة، وعبر عن إكراهات النظر إلى الكتاب من منظور نقد النقد، وصعوبة أجرأته على العمل المقروء لعدة اعتبارات، طارحا عدة أسئلة عن علاقة النص بالقارئ وإشكالاتها، ثم وقف عند أهم مؤشرات اعتماد الناقد مصطفى الشاوي على المنهج الجمالي، محللا أمثلة دالة، ليخلص قائلا: “يمكن أن نستجمع هذه التجليات في ضربين اثنين من ضروب التجلي: ضرب جمالي فني، وضرب فكري تقييمي نقدي. والضربان أو التجليان معا، تحكمهما دائرة ثلاثية الاستفهامات؛ لمن نكتب الشعر؟ وكيف؟ ولماذا؟ لينتهي عمرو كناوي إلى الإقرار بأهمية الكتاب في مجال النقد الأدبي. مع دعوة القراء إلى الارتواء من مفاهيمه وقضاياه.
وكان الناقد محمد إدارغة ثالث المتدخلين بقراءة مستفيضة ودقيقة تحت عنوان “المنطوق النقدي الثاوي لدى الناقد مصطفى الشاوي – قراءة وصفية استقصائية – التجلي الإنساني في شعر حسن الأمراني نموذجا”، انطلق فيها من مجموعة من التوصيفات الأولية والتنقيبات الحفرية الخاصة، وأهم التشاكلات المرتبطة باسم كل من القارئ/ الناقد والمقروء له/الشاعر حسن الأمراني. وانخرط بعد ذلك في تحليل الكتاب بالكشف عن أهم مميزات فصوله المختلفة والمتداخلة وفق منظور وصفي وتصنيفي وإحصائي واستقصائي، ليقف عند الجزئيات التي تضمر في رأي الناقد محمد إدارغة الكثير من المميزات الدالة الكاشفة عن منهجية الكتابة لدى مصطفى الشاوي، وخصوصية النص الشعري لدى الشاعر الكبير حسن الأمراني الذي يبقى شعره متفلتا وإن تعددت قراءاته.
وأُعطيت الكلمة للناقد مصطفى الشاوي في آخر اللقاء ليجيب عن جملة قضايا طرحها المتدخلون في قراءاتهم النقدية وأسئلة الحضور الكريم؛ وبعد أن أثنى على تفاعل النقاد مع المؤلف بين أن “التجلي الإنساني في شعر حسن الأمراني” وليد فترة زمنية ليست بالقصيرة، تربو على عقدين من الزمن من الاشتغال، وتعكس تتبعا مستمرا لتجربة الشاعر الكبير حسن الأمراني الممتدة والغنية، وأكد الناقد أنه سلك في الكتاب مسلكا مغايرا لمختلف الدراسات التي تفاعلت مع شعر الأمراني، كما تلاقى التصنيف القبلي للتجربة الشعرية وهو ما سقط فيه الكثير من الدارسين، وأن الكتاب انتصر للجانب التطبيقي وتجنب التنظير الذي يهيمن على جل الكتب النقدية، معلنا أننا في حاجة في الوقت الراهن إلى تحقيق تراكم تفاعلي مع الشعر المغربي المعاصر بمختلف أطيافه وأشكاله، كما أشار إلى أن الكتاب يأتي ضمن نسق عام يشغل في ضوئه الناقد وينخرط في مدونة الشعر المغربي والعربي المعاصر..